الحرب في سوريا وخطط إعادة تشكيل الشرق الأوسط
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8184 - 2024 / 12 / 7 - 22:47
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
هز الهجوم الذي شنته المنظمات الإرهابية المدعومة بشكل أساسي كما يبدو من تركيا وحكومة حزب العدالة والتنمية الاسلامي الحاكم فيها، على أركان النظام السياسي السوري، الذي حافظ على وجود هش بعد المفاوضات التي نتجت عنها اتفاقية أستانا حول توازن القوى في سوريا، والتي شاركت فيها روسيا كطرف أساسي داعم لحكومة الرئيس بشار الأسد، وتركيا كشريك أساسي للقوى الساعية لأسقاط النظام.
وقد عملت موسكو وأنقرة على تحقيق "استقرار"، يكفي لأنهاء العنف. وفي آذار 2020، تمكنت روسيا وتركيا من وقف آخر تصعيد في الحرب، دون مشاركة الولايات المتحدة والبلدان الأوربية. وكان هذا ممكناً لأن البلدين كانا قادرين على فرض الامتثال للتسوية على أطراف الصراع.
وعلى الرغم من دعم روسيا وإيران جهود الحكومة السورية في حربها ضد الإرهاب، الا ان التباين بين الحليفين من حيث الأولويات، وتنافسهما على حجم النفوذ المتحقق لكل منهما في دمشق، بدا واضحا من التعامل الروسي مع القصف الاسرائيلي المستمر داخل الأراضي السورية.
الأهداف الحقيقية
إن التقدم السريع لقوات المنظمات الارهابية واحتلالها لحلب وحماة واستمرار التقدم باتجاه دمشق يجعل هدف العملية أكبر من الحديث عن إضعاف النفوذ الايراني، ليصبح محاولة لأسقاط النظام السوري، وتنفيذ مشروع تفتيت الدولة الوطنية، بعيدا عن طبيعة النظام الحاكم. ويتماشى هذا الهجوم مع خطط الغرب لإعادة هيكلة الشرق الأوسط وخطط إسرائيل لتفكيك المحور الايراني. وإذا ما مضت الخطة إلى نهاياتها فنحن إزاء سيناريو لقيام نظام المكونات الطائفية والقومية، على غرار نظام المحاصصة السائد في العراق تحت يافطة إسقاط الدكتاتورية، وإقامة بديل "ديمقراطي"، او تقسيم سوريا إلى ثلاثة اجزاء: جزء كردي، وجزء سني تحت سيطرة قوى الإرهاب، وجزء علوي تحت سيطرة الأسد.
توقيت استثنائي
وغني عن القول إن ما يجري لم يكن وليد الصدفة، وانما تنفيذا لخطة وصفقة قد تتضح معالمها لاحقا قائمة غلى انخراط سوريا المقسمة في عملية تطبيع مباشرة مع اسرائيل. الجديد هو اختيار الرئيس التركي توقيت العملية، التي جاءت امتداد لنتائج حرب الإبادة ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، وتغير التوازن لصالح تركيا وحلفائها، بعد تحجيم قوى المحور الإيراني المعيق لتحقيق التطبيع الواسع مع إسرائيل وفقا لأولوياته.
وبالتأكيد تجري الاستفادة من خلو البلدان العربية من بديل تحرري قادر على إيقاف عملية غزو واستباحة بلدان المنطقة، إلى حد سعي بات الكثيرون معه يرون توظيف الطبيعة غير الديمقراطية للأنظمة الحاكمة، لتبرير ما يجري أمراً منطقيا.
لقد شنت إسرائيل قرابة 160 غارة على مواقع سورية خلال العام الحالي فقط. وتعمل إسرائيل مع الجماعات الإرهابية في سوريا منذ سنوات، حيث تزودها بالأسلحة وتعالج أفراد الميليشيات المصابين في المستشفيات الإسرائيلية. ومعروفة الخطط الصهيونية للاستيلاء على "مساحة المعيشة" للسكان اليهود وإنشاء "إسرائيل الكبرى" التي تشمل، وفق رؤيتها أجزاءً من سوريا أيضا.
الدور التركي
ما كان لهجوم الإرهابيين ان ينجح دون دعم تركيا، الذي يشمل تقديم كل شيء: المعلومات والتدريب والأسلحة، والغذاء والمستلزمات العينية، على الرغم من تصنيف أنقرة لهذه المنظمات رسميا بـ "الارهابية".. ويرى أردوغان فرصة لتوجيه رصاصة الرحمة إلى سوريا لإنهاء الصراع المستمر منذ فترة طويلة بشروط أفضل لتركيا، وهو ما حاول الوصول اليه عبر مفاوضات مع حكومة الرئيس الاسد.
ولم تتخل الدولة التركية عن هدفها المتمثل في احتلال وضم شمال وشرق سوريا بشكل كامل. فهي تريد تحقيق خططـ "تركيا الكبرى"، بما في ذلك حلب، ويمتد حلم السلطان العثماني الجديد إلى محافظتي الموصل وكركوك ولكن بعد حين.