أديان و أساطير الهند
سامي المنصوري
الحوار المتمدن
-
العدد: 4414 - 2014 / 4 / 4 - 08:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
خلال التصفح نرى الكثير من المواضيع و الأشرطة تتكلم عن الأديان الإبراهيمية الثلاثة بشكل مفصل و رئيسي و لم يرد إلا بعض المواضيع اليتيمة التي تتكلم عن الأديان الأخرى
و عند التكلم عن أديان غير الأديان الإبراهيمية فسيظهر اسم قوي على الساحة ألا و هو الهند و ما تتضمنه من تنوع في الأديان و اللغات
الهند بلاد الأسرار و الأساطير , مجتمع شعوب و طبقات , بل مجتمع مجتمعات , و تعدد اللغات و الألوان فالحديث عن الهند طويل و ذو شجون ....
سأورد تعريفا للهند قبل الحديث عن أصل الى الحديث عن أديانها و لابد للإشارة أن أن الحديث عن الهند يشمل أيضا ما يسمى بـ ( الباكستان ) و ( بنجلاديش (
لمحة عن جغرافية الهند :
تبلغ مساحة الهند 1221072 ميلا مربعا أو ما يعادل مساحة دول أوربا مجتمعة باستثناء روسيا و الهند ذات موقع مهم على خريطة العالم فهي شبه جزيرة أو ما يشبه مثلث غير منتظم الأضلاع قاعدته الى أعلى و رأسه الى الأسفل و قاعدته هي سلسلة جبال الهملايا
و رأسه رأس كوماري ( Cape Comarian ) و ضلعا المثلث في الشرق و الغرب يدور حولهما البحر أما قاعدة المثلث في الشمال فتحيط بها سلسلة جبال الهملايا و جبال سليمان و يحتضنها نهران عظيمان أحدهما نهر الأندوس ( السند ) ينبع من جبال الهملايا و يصب في خليج العرب بعد ان يتصل بأنهار البنجاب ( الأنهار الخمسة ) و الآخر نهر كلكتا أو نهر الغانج و هو ينبع أيضا من الهملايا و يصب في خليج البنغال بعد أن يتصل بنهر براهما بوترا المقدس (1)
و من نهر الأندوس ( السند ) اشتُق اسم الهند و ظهرت كلمة اند و هند و معناها الأرض التي تقع فيما واء الأندوس و سمي سكان هذه البلاد : الهنود أو الهندوس (2)
و عن تسمية الهند يقول غوستاف لوبون : يرى الغربيون أن نهر السند ( إندوس ) أعار من اسمه اسما للبلاد الحافلة بالأسرار الواقعة فيما ورائه و أيضا يقال أن كلمة النهد هو اشتقاق من اسم الإله ( اندرا )
و حضارة الهند قديمة جدا و قد أنتجت تربة الهند فلاسفة و علماء عظاما حتى قبل أن يولد سقراط و انتشرت في الهند معاهد العلم و أوجدت المباني الضخمة في عهد كانت فيه الجزر البريطانية تعيش في بربرية و فوضى ( 3 )
و عن مفارقات الهند يقول G.H.Rylands ( 4 ) : في الهند الحديثة يتقابل وجها لوجه الشرق في عصور بدائيته مع الغرب في عصور حضاراته و تطوره و من مظاهر ذلك الطائرات النفاثة التي تشق الجو لقتقيم شبكة مواصلات بين مدن الهند بعضها و البعض الآخر في حين لا تزال المواصلات داخل المدن عبارة عن ( الركشة ) و هي مركب ذي ثلاث عجلات يركبه شخص أو شخصان و يدفعه شخص آخر ....
لمحة عن سكان الهند :
الهند مركز من مراكز الحضارة القديمة في العلم و هي في هذا تضارع مصر و الصين و آشور و بابل و لكن حضارة الهند قد سبقت العهد الآري و ظلت غير معروفة حتى أظهرت الإكتشافات الحديثة مدى الرقي الذي عرفته الهند في الشؤون المعمارية و الزراعية و الإجنماعية و الإقتصادية قبل الميلاد بحوالي ثلاثة آلاف عام أي قبل الغزو الآري بحوالي ألف و خمسمائة سنة .
طيبعة الهند الجغرافية جعلت من وصول الغرباء اليها صعبا جدا و لكن كان هناك معبرين كان كل منهما منفذا سلكته أجناس مختلفة من البشر حيث تكون سكان الهند أحد هذين المعبرين في شرقي جبال الهملايا عند وادي نهر برهما بوترا و يسمى بالباب الشرقي و الثاني غربي هذه الجبال و يسمى الباب الغربي و من هذين البابين اقتحمت الهند عدة مرات أجناس مختلفة و لهذا أصبح سكن الهند - كما يوق فوستاف لوبون - - ذوي أمثلة متباينة و فيهم شعوبا بيضاء بياض الأوربيين و شعوب سوداء و زنوج مثل الأفارقة و تجد بين هؤلاء و هؤلاء ألوان و ألوان .......
هناك جماعتين رئيسيتيين : الأولى يغلب عليها الدم التوراني نسبة الى التورانيين و هم الشعوب الصفراء التي دخلت من الباب الشرقي و الثانية يغلب عليها الدم الهندي و هم السكان الأصليون أما الذين آووا الى قمم الجبال فقد أطلق عليهم ( زنوج الهند )
أما من الباب الغربي فقد اقتحم الآريون بلاد الهند و بهم ارتبط تاريخ الهند القديم و ما زال هناك اختلاف بين الباحثين بأن الآريون هم شعب أوربي الأصل أو آسيوي الأصل و قد زحفت أفواج ضخمة من هذا الجنس في أزمنة غير واضحة نحو ايران متجهة الى الهند ....(5)
و بالتقاء الآريين و التورانيين مع السكان الأصليين بدأت الطبقات في الهندج و أصبحت ذات أهمية كبرى في تاريخ هذه البلاد فمن الآريين كانت طبقة رجال الدين ( البراهمة ) و طبقة المحاربين أما من التورانيين تكونت طبقة التجار و الصناع ....
و قد أوجد الآريون طبقة الخدم و العبيد و هم سكان الهند الأصليون و بقيت شريحة من السكان الأصليين لم تصلهم الحضارة و ظلوا طريدي المجتمع أو منبوذين ........
اللغات في الهند
كانت اللغات في اهند أشد اختلافا و تنوعا من اختلاف السكان و الحياة القبلية في الهند هي من أهم انتشار و تنوع اللغات فتكاد تكون كل قبيلة تختلف بلغتها عن قبيلة أخرى و قد وصل تعداد اللغات في الهند الى 240 لغة و 300 لهجة مختلفة بالإضافة الى الفارسية التي كانت لغة رسمية للقصور و المجتمعات الراقية و البلهوية و هي لغة المجوس ....
و هناك لغة أخرى تكونت في القرن الخامس للميلاد و هي اللغة الهندوستانية و أصلها آري دخلت عليها كلمات كثيرة من الفارسية و الهندية و التركية و تسمى الآن اللغة الأوردية نسبة الى الآورد و هو معسكر اذ كانت لغة معسكرات المغول أولا و انتشرت هذه اللغة بين المسلمين و غير المسلمين و شجعها الملوك و السلاطين و أصبحت لغة رسمية الى جانب اللغة الإنكليزية و لما تم تقسيم الهند اعتبرت هذه اللغة لغة اسلامية في كثير من الولايات الهندية فاحتضنتها الباكستان أما في الهند فقد عانت الأوردية صورا من لاإضطهاد و لكن اعترف بها من قبل بعض الولايات مثل بومباي و اندرو و مدراسش و الذين كانوا يهاجمون اللغة الأوردية جماعة يقال لهم ( التانديت نهرو ) ( 6)
و هذا الإختلاف مهد للغة الإنجليزية لتكون لغة عامة بجوار اللغات المحلية و هذا ما تم لاحقا في أيامنا هذه .......
و قد أقر الدستور الهندي في أيامنا هذه ثلاث عشرة لغة في مختلف الولايات و كل منها لغة حية و لها أدب و أدباء و كتّاب .
1 , 3 , 4 ...... Weeh and Raylands : people and Riligions of India
2 , 5 ,6 ...... غوستاف لوبون : حضارة الهند الكبرى
كانت هذه مقدمة لابد منها للدخول الى عالم الأديان في الهند لذلك عذرا على الإطالة و سنتابع في أقرب وقت ممكن .......
الى ذلك الحين لكم مني كل الود
التدين و الآلهة في الهند
يرى مجموعة من علماء مقارنو الأديان أن الغريزة الدينية مشتركة بين كل كل الأجناس البشرية و أن الإهتمام بالمعنى الإلهي و بما فوق الطبيعة هو أحدى التزعات العالمية الخالدة للإنسانية و هناك عوامل تقوي هذه الغريزة من أهمها اختلاف قوى الطبيعة و مواجهة الإنسان لهذه القوى وجها لوجه و احساسه بالضعف اتجاهها ......1
و الهند حقل رائق لتطبيق هذه المبادئ فقد نشطت قوى الطبيعة و واجهها الإنسان الهندي وجها لوجه و أحس بالضعف اتجاهها فأصبح متدينا بطبيعته و يشغف بالروحانيات و يسعى دائبا الى معرفة الإله و يتخذ من الزهد وسيلة ليتخلص من دنيا المادة و ينتظم في دنيا الروح .......2
فمن الصعب أن تجد هنوسيا لا يعبد عددا من الآلهة فالعالم عنده زاخر بها حتى أنه يصلي للنمر الذي يفترس أنعامه و لجسر الحديد الذي يصنعه الأوربي و للأوربي نفسه عند الحاجة لذلك .........3
لقد عرف الهنود القدماء عبادة الحيوانات و بخاصة البقرة كما عرفوا عبادة قوى الطبيعة و عرفوا كذلك عبادة العضو التناسلي
الذكري معتقدين أنه سبب الخلق و كان هذا الإله يسمى عندهم (Linga) و هي اشتقاق من الكلمة الإنكليزية Link أي صلة و رابط و في العصور الآرية اندمج هذا الإله في الإله الذي تكون منه الثالوث الهندي .......4
و عبدة الهنود للحيونات نشأت عن الفكر الطوطمي أو عن اعتقادهم بأن الله يتجلى في بعض الأحياء فيحل فيها - فيُحتمل حلوله في هذا الإنسان أو ذاك - أو لأنهم آمنوا بالتناسخ فجاز عندهم أم يكون الحيوان جدّا قديما أو صديقا عائدا الى الحياة ..........5
و كان للبقرة قدسية خاصة من بين الحيوانات لذلك سأخصها بالذكر في هذا البحث ثم سأتكلم عن آلهة الهنود من الظواهر الطبيعية
عبادة البقرة
جظيت البقرة في الهند بأسمى مكانة و هي من المعبودات الهندية التي لم تضعف قداستها مع مرور الزمن ففي الأدب المنسوب للمهاتما غاندي تفسير لما حظيت به البقرة قديما و حديثا من نفوذ ديني .
في مجلة تصدر في بومباي اسمها ( Bhavan s Journal ) العدد نوفمبر 1963 نقتبس ما يلي عن عبادة البقرة
نشيد نشرته المجلة في صفحة مستقلة كُتب داخل رسم تخطيطي لبقرة و الترجمة الى العربية كما يلي
صــــــــلاة الى البقرة
أيتها البقرة المقدسة , لك التمجيد و الدعاء , في كل مظهر تظهرين به , انثى تدرين الحليب في الفجر و عند الغسق
أو عجلا صغيرا , أو ثورا كبيرا , فلنُعد لك مكانا واسعا نظيفا يليق بك , و ماء نقيا تشربينه , لعلك تنعمين بيننا بالسعادة .
و هناك أسطورة تُروى كمحادثة تم اقتباسها من مجلة ( Sumani Sinanda ) و هي محادثة بين ملك و خنزير كما يلي :
ذهب الخنزير يوما الى ملك و هو يصلي أما البقرة و يعلن لها أنها معبودُه الأوحد
قال الخنزير للملك : أيها الملك متى ستعبدني ؟
فثار الملك و نهر الخنزير قائلا : أخرج و إلا قتلتك
بكى الخنزير و انتحب و قال : نعم أنا أعرف أنك تحب فقط لحمي فأنا أموت لأقدم لك ما تحب و مع هذا فإنك تعبد البقرة و لا تعبدني
فأجاب الملك : انك أحمق أيها الخنزير انني آخذ لحمك بعد موتك أي بعد أم تكون في حال لا تستطيع أن تمنح و لا أن تمنع و سرعان ما ينتهي لحمك , أما البقرة فإنها تقدم لي طعامي طائعة و هي حية و كذلك تستمر في في تقديمه يوما بعد يوم بلا نهاية
انها رمز للإثيثار و لذلك أنا أعبدها .
و قد قال المهاتما غاندي في مقالة له بعنوان ( أمي البقرة ) في نفس المجلة ما يلي إن حماية البقرة التي فرضتها الهندوسية هي هدية الهند الى العالم و هي احساس برباط الأخوة بين الإنسان و الحيوان و الفكر الهندي يعتقد أن البقرة أم الإنسان و هي كذلك في الحقيقة , إن البقرة خير رفيق للمواطن الهندي و هي خير حماية للهند " عندما أرى البقرة لا أحسبني أرى حيوانا لأني أعبد البقرة و سأدافع عن عبادتها أمام العالم أجمع ......."
" و أمي البقرة تفضل أمي الحقيقية من عدة أوجه فالأم الحقيقة ترضعنا لمدة عام أو عامين و تتطلب منا خدمات طول العمر نظير هذا و لكن أمنا البقرة تمنحنا اللبن دائما و لا تتطلب منا شيئا مقابل ذلك سوى الطعام العادي , و عندما تمرض الأم الحقيقة تكلفنا نفقات باهظة و لكن أمنا البقرة لا تخسرنا شيئا ذي بال و عندما تموت أمنا الحقيقة تتكلف جنازتها مبالغ طائلة و عندما تموت أمنا البقرة تعود علينا بالنفع كما كانت تفعل و هي حية لأننا ننتفع بكل جزء من جسمها حتى العظام و الجلد و القرون
الآلهة من الظواهر الطبيعية :
و من آلهة الآريين التي وردت في كتبهم المقدسة مجموعة من الظواهر الطبيعية مثل :
وارونا : إله السماء
إندرا : إله الرعد الذي يسبب الأمطار
الشمس : و كانت تُعبد في خمسة أشكال فتُعبد لذاتها باسم ( سورية ) و تُعبد كمصدر انتعاش باسم ( ساوتري ) و تُعبد اتأثيرها في نمو الأعشاب و الحشائش باسم ( بوشان ) و تُعبد كبنت للسماء باسم ( مترا ) و أخيرا باسم ( وشنو ) أي النائب عن الشمس ثم استقل وشنو فعُبد لذاته .
أغني : إله النار
أوشا : إله الصبح
رودرا : إله العواصف
بارجانيا : إله المطر و المياه و الأنهار
وايو , واتو : إلها الرياح ...........6
و يُعلق كتاب Hindusim على كثرة الآلهة بقوله : ان هذه الديانة توزع الآله حسب المناطق و حسب الأعمال التي تناط بهذه الآله فلكل منطقة إله و لكل عمل أو ظاهرة إله ........7
المراجع
1 ........... محي الدين الألواني : الأدب الهندي المعاصر
2 ........... أحمد الشلبي : أديان الهند الكبرى
3............. غوستاف لوبون : حضارة الهند
4............ Weeh and Raylands : people and Riligions of India
5............ عباس العقاد : الله
6.............. الآريون في الهند
7.............. Rene Sodillot : History of the world
كانت هذه المداخلة مدخلا للتعرف على بعض آلهة و طواطم الهند ثم سندخل للمعالم الكبرى للفكر الديني الهندي ممثلا في الديانات الثلاث الرئيسية : الهندوسية _ الجينية _ البوذية مع دراسات عن الكتب المقدسة لدى الهنود
الهندوسية
الهندوسية هي ديانة السواد الأعظم لسكان الهند و قد قامت على أنقاض الويدية و تشربت أفكارها و تسلمت عن طريقها الملامح الهندية القديمة و الأساطير الروحانية التي نمت في شبه الجزيرة قبل دخول الآريين و من أجل هذا عدها الباحثون امتداد للويدية و تطورا لها
و تسمى الهندوسية أو الهندوكية اذ تمثلت تمثلت فيها تقاليد الهنود و عاداتهم و صور حياتهم و أطلق عليها البَرهميِّة ابتداء من القرن الثامن عشر قبل الميلاد نسبة الى براهما Brahma و هو القوة العظيمة السحرية الكامنة التي تطلب كثيرا من العبادات كقراءة الأدعية و انشاد الأناشيد و تقديم القرابين و من براهما اشتقت كلمة ( البراهمة ) لتكون علما على رجال الدين الذين كان يُعتقد أنهم يتصلون في طبائعهم بالعنصر الآلهي و هم لذها كانوا كهنة الأمة , لا تجوز الذبائح إلا في حضرتهم و على أيديهم
مؤسس الهندوسية
من الذي أسس الهندوسية ؟ و من الذي وضع كتابها المقدس الويدا ؟
في الحقيقة ليس هناك مؤسس للهندوسية يمكن الرجوع اليه كمصدر للتعاليم فالهندوسية دين متطور و مجموعة من التقاليد و الأوضاع تولدت من تنظيم الآريين لحياتهم جيلا بعد جيل بعدما وفدوا على الهند و تغلبوا على سكانها الأصليين و استأثروا دونهم بتنظيم المجتمع و قد تولد من استعلاء الآريين الفاتحين على سكان الهند الأصليين و من احتكاكهم بهم تلك التقاليد الهندوسية و اعتبرت على مر التاريخ دينا يدين به الهنود و يلتزمون بآدابه
و يمكن القول بأن الهندوسية هي عقائد الآريين بعد أن تطورت بسبب اختلاطهم بشعوب كثيرة و خاصة الإيرانيين ثم تأثرت هذه العقائد بعد احتلال الآريين للهند و من كثرة الإحتكاك الآري بالشعوب الأخرى أصبحت الهندوسية بعيدة عن العقائد الآرية الأصلية
و الهندوسية أسلوب في الحياة أكثر مما هي مجموعة من العقائد و المعتقدات و تاريخها يوضح مدى استيعابها لشتى المعتقدات و الفرائض و السنن و ليست لها صيغ محدودة العوالم و لذا تشمل من العقائد ما يهبط الى عبادة الأحجار و ما يرتفع الى التجريدات الفلسفية الدقيقة
و اذا كانت الهندوسية ليس لها مؤسس فإن الويدا أيضا كذلك و هو الكتاب االذي جمع العقائد و العادات و القوانين بين دفتيه و ليس له واضع معين لذلك يعتقد الهندوس بأنه أزل لا بداية له - و نرى هنا التشابه بين هذه الفكرة و الفكرة الإسلامية التي تقول بأن القرآن كلام أزلي - و يرى الباحثون أنه قد نشأ في قرون عديدة متوالية لا تقل عن عشرين قرنا بدأت قبل الميلاد بكثير و قد أنشأه أجيال من الشعراء - لاحظوا وجه الشبه و كيف أن القرآن كان يشابه شعرا الجاهلية - و الزعماء الدينيين و الحكماء الصوفيين سنة بعد سنة و قرنا بعد قرن وفق تطورات الظروف و تقلبات الشؤون و ينسب Berry كتابة الويدا الى الآريين و سأعطي فيما بعد معلومات كثيرة عن هذا الكتاب .
و الموضوعات الجديرة بالذكر عند دراسة الهندوسية هي :
1- الويدا.
2- الله في الفكر الهندوسي .
3- نظام الطبقات.
4- أهم العقائد الهندوسية : الكارما , تناسخ الأرواح , وحدة الوجود , الانطلاق .
5- من صور الأخلاق عند الهندوس : مراحل الحياة , التسول , محاربة الملاذ , تعذيب الجسم .
6- نماذج من الفقه الهندوسي .
7- تعريف بالكتب المقدسة لدى الهندوس ( بعد الويدا ).
8- لمحة تاريخية عن الديانة الهندوسية .
مصادر :
Hindusim
فلسفة الهند القديمة : محمد عبد السلام
أديان العالم الكبرى : حبيب سعيد
Beery : Religions of the world
Hindusim by Lewis Renou
Religion of the world
الهند و الغرب : عبد المنعم النمر
فلسفة الهند : محمد عبد السلام
ذكرنا فيما سبق أن الويدا - الكتاب المقدس لدى الهندوس - لم يُعرف له واضع معين و لوضع صورة أقرب الى الدقة فإن الويدا يعتبر بحق دائرة معارف عن الهندوس و في بحث قيم للدكتور هندي قدير كتب عن الويدا في كتابه ( فلسفة الهند القديمة )
للويدا قيمة تاريخية اذ تنعكس في هذا الأدب الديني حياة الآريين في الهند في عهدهم القديم و مقرهم الجديد ففيه أخبار محلهم و ترحالهم , دينهم و سياساتهم , حضارتهم و ثقافتهم , معيشتهم و معاشرتهم و ترى فيه مدارج الإرتقاء للحياة العقلية من سذاجة البدو الى شعور الفلاسفة فتوججد فيه أدعية ابتدائية تنتهي بالارتياب و أهلوهية ترتقي الى وحدة الوجود .
و الويدات عبارة عن أربع كتب دينية هي :
1- الريج ويدا ( Rig Veda ) و هو أشهر الأربعة و أهمها و أشملها و يقال ان تأليفه يرجع الى 3000 ق.م و يشمل 1071 أنشودة دينية وُضِعت لُتضرع بها الى الآلهة و أشهر الآلهة التي تم ذكرها فيه هو الإله أندرا إله الآلهة ثم يجيئ بعده الإله أغنى إله النار و راعي الأسرة فالإله فارونا فالإله سورية ( الشمس ) و غيرهم
و لا يزال الهنود يتغنون بأناشيد من الريج ويدا و يرتلونها في صلواتهم صباحا و مساء و يتيمنون بتلاوتها في حفلات زواجهم كما كانوا يفعلون منذ ثلاثة آلاف عام و حتى يومنا هذا
2- ياجور ويدا ( Yajur Veda ) و تشمل العبادات النثرية التي يتلوها الرهبان أثناء تقديم القرابين
3- ساما ويدا ( Sama Veda ) و تشمل الأغاني التي ينشدها المنشدون أثناء إقامة الصلاة و تلاوة الأدعية
4- آثار ويدا ( Athar Veda ) و تشمل مقالات في السحر و الرُقي و التوهمات الخرافية المصبوغة بالصبغة الهندية القديمة فالحياة الهندية كما يصورها آثار ويدا مملوءة بالآثام و الكون حافل بالشياطين و الأغوال التي تخوف الناس كما أن الآلهة كفت يدها عن الخير و لم تعد تدفع الشر و يروي آثار فيدا لجوء الناس الى الخرافات و الرقي و السحر ليحموا أنفسهم .
و كل من هذه الويدات الأربعة يشمل على أربعة أجزاء هي سمَهتا و برَهمن و أرنيك و أبانيشاد و هي بهذا الترتيب من حيث قدمها التاريخي و سنتحدث عن كل منها في ما يلي :
1- سمَهتا ( Samhita ) أو مجموعة المنظومات لكثرة المنظوم فيها و منظومات الريج ويدا أهمها و قدج تكرر أكثرها في ساما ويدا و هذه المنظومات يُتغنى بها عند تقديم القرابين و يشمل سمهتا من ياجور ويدا بعض تلك الأدعية كذلك أما منظومات آثار ويدا فهي أدعية قدمها سكان الهند القدماء لآلهتهم قبل زحف الآريين على الهند و بهذا لها قيمة تاريخية و دينية عظيمة و تمثل السمهتا مذهب الفطرة في لتفكير الهندوسي .
2- البرَاهمن ( Barahman ) أو الهدايات التي يقدمها البراهمة للمقيمين في بلداهم و بين أهلهم و تشمل بيان أنواع القرابين و تفاصيلها و مواسمها و تبيان أن ارضاء البراهمة ضروري لقبول القرابين و يمثل البراهمن مرحلة أقرب الى التحضر في التفكير الهندوسي .
3- أرَنَيك ( Aranyaka ) أو الغابيات أو الهدايا و الإرشادات التي تقدم للشيوخ المعمرين الذين يتركون أهلهم في الربع الرابعم من أعمارهم ليقيموا في الكهوف و الغابات - كما سيأتي - و الأرنيك تهدي مثل هؤلاء الى أعمال سهلة يقومون بها بدل القرابين التي أصبحوا يعجزون عن تقديمها .
4- أبانيشّادات ( Upanishad ) و هي الأسرار و المشاهدات النفسية للعرفاء في الصوفية و تدون هذه الإرشادات للرهبان و المتنسكين الذين مالوا الى باطن الحياة و تركوا ظاهرها و يمثل الأبانيشادات مذهب الروح الذي هو المرتبة العليا في سلسلة الإرتقاء الديني .
و يُعتبر الأبانيشادات خطوة جريئة في سبيل الحرية الدينية و تخليص الدين من الرسوم البرهمية و بها أُبعدت الآلهة أو قل الإهتمام بها و هدأت الأدعية و ندرت القرابين و انحطت المراقبات اللاهوتية و حل العلم و العرفان محل ذلك و لولا بقايا من الشعور الديني لكانت الأبانيشادات فلسفة محضة .
و الناظر في هذه الأقسام الأربعة يلاحظ أن السمهتا تمثل دين الفطرة أو الفكر الطوطمي البدائي أما البراهمن فيمثل مذهب القانون و دين الأمة التي تركت البداوة و لم تتعمق بعد في الحضارة أما الأرنيك فينقل الفكر من القانون الى الروح فهو معبر تأريخي و يأتي بعده الأبانيشادات حيث مذهب الروح الذي هو المرتبة العليا في سلسلة الإرتقاء الديني و قد وضعت الأبانيشادات في المدة من 800 الى 600 ق.م .
سنورد لاحقا نصوصنا متفرقة من الويدا مترجمة عن اللغة السنسكريتية .
مراجع
ثقافة الهند
Hinduism
Edward Thomas : the history of Buddhist
Weeh and Raylands : people and Riligions of India
Beery : Religions of the world