التقاليد القديمة الخاصة
سامي المنصوري
الحوار المتمدن
-
العدد: 4405 - 2014 / 3 / 26 - 20:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
توارثت البشرية هذه القصة وقدمتها الشعوب بصور مختلفة متباينة، انحرفت عن هدفها الحقيقي، وشابها الكثير من الأساطير. وفيما يلي صورة موجزة عن بعض التقاليد القديمة الخاصة بالقصة:
أ. آثار بابل:
جاء في آثار بابل عن الكاهن المصري بيروسوس من رجال القرن الثالث ق.م أنه في عهد الملك أكسيسوثروس Xisuthras حدث طوفان، حيث بني الملك فلكًا أخذ فيه عائلته وأصدقاءه المقربين إليه، وجمع فيه من الطيور والحيوانات والمؤن حتى إذا انقطع المطر أرسل بعض الطيور فجاءته وأرجلها بها طين، وهكذا في المرة الثانية، وفي الثالثة لم ترجع، وقد رسى الفلك في أريدينا.
أما أقدم رواية عن الطوفان في بابل فهي "ملحمة جلكامش Gilgamesh" التي جاء فيها أن جلكامش سأل أثنافيشتيم عن سبب بلوغه الحياة اللانهائية، فروي له قصة الطوفان، كيف أن أربعة آلهة قرروا إهلاك العالم بالطوفان، لكن إله الحكمة "أيا" أمره أن يضع فلكًا ليدخل فيه مع أسرته. وأنه أرسل بعض الطيور ليتفقد أحوال الأرض فعاد بعضها يحمل غصنا من الزيتون. بعد خروجه قدّم ذبائح شكر فجاء إله الحكمة يباركه هو وزوجته ويهبهما الحياة الخالدة.
ب. آثار الهند:
وُجدت صورة في هيكل للبوذيين لنوح داخل الفلك، والآلهة كوانين تتطلع إليه بشفقة، كما رُسمت حمامة تطير إلي الفلك ومعها زيتون.
ومن القصص الهندية أن الإله براهما ظهر لمانو في هيئة سمكة، وأمره أن يصنع له فلكًا يدخله مع سبعة من الأبرار. ثم ربط الفلك بقرني السمكة، فسبحت به في الطوفان أجيالاً طويلة، ولما خرج أمرته أن يخلق العالم من جديد.
ج. الآثار اليونانية:
جاء أن الإله جوبتر أمر ديوكاليون البار أن يدخل الفلك مع امرأته وبقية عائلته. ولما رسا الفلك علي جبل بارتاسوس أرشدته الحمامة إلي نهاية الطوفان، فخرج يقدم ذبائح شكر.
د. آثار فريجية بآسيا الصغرى:
قيل أن "أباخوس"، وهي كلمة يحتمل أن تكون محرفة عن "نوح"، عرف بأمر الطوفان فبكي من أجل الناس. وقد وجدت في أباميا بفريجية قطع من العملة عليها صورة الفلك بداخله أناس، وخارجه طيور يحمل أحدها غصن زيتون. وبجانبه صورة لنفس الأشخاص يقدمون ذبائح شكر لأجل نجاتهم. وقد نقش عليها اسم نوح، وكان اسم المدينة القديم "كبوتوش" أي (الفلك)، إذ كان أهلها يعتقدون أن الفلك استقر في مدينتهم.
ه. وجدت قصص مشابهة لدي شعوب الفرس والصين والفينيقيين والسريان والأرمن وقبائل هنود المكسيك الخ...
هذه التقاليد القديمة وإن حملت أساطير لكنها تكشف عن وجود قصة حقيقية واقعية تسلمتها البشرية، انحرفت بها خلال عبادتها الوثنية.
أهل الكهف عند السريانيين
في عهد الأمبراطور الأثيم (هادريان) الامبراطور الروماني (117م -138 م) عندما زار مدينة افسس، أصدر أمره على أمراؤها ونبلائها بنحر ذبائح أصنام، وأمر بقتل المسيحيين الذين لم يخضعوا لأمره، فقتل عدد كبير منهم وألقيت بجثثهم للغربان والنسور والعقبان وسائر الجوارح، وحاول حاكم مدينة افسس الملك دقيانوس بالوعد والوعيد إقناع سبعة شبان من أبناء النبلاء، وشى بهم إليه، أن ينكروا مسيحيتهم، ويقدموا الذبائح للأوثان فرفضوا، فنزع من على أكتافهم شارات الحرير (أي رتبهم في الجيش - وفصلهم من العمل في الجيش) وطردهم من امامه، وأعطاهم فرصة ليفكروا حتى يعدلوا عن
ولما لم يعثر عليهم الملك في المدينة أستقدم ذويهم، فأخبروه بأن الفتية السبعة قد هربوا إلى كهف في جبل (أنكيليوس) فأمر الملك بسد باب الكهف بالحجارة ليموتوا، فيصير الكهف قبراً لهم، غير عالم أن الرب الإله فصل أرواحهم عن جسدهم لقصد ربانى أعلن بعد سنين بأعجوبة باهرة.
وكان أنتودورس وأريوس خادما الملك مسيحيين تقيين، وقد اخفيا عقيدتهما خوفاً منه فتشاوروا معاً وكتبا صورة هؤلاء المعترفين بصحائف من رصاص، ووضعا في صندوق من نحاس، وختمت ودست في البنيان عند مدخل الكهف.
وهلك هادريان ودقيانوس وخلفه على العرش الرومانى اباطرة كثيرون، حتى جلس في دست الحكم الامبراطور المؤمن ثيودسيوس الصغير (408 م - 450 م) وظهرت في عهده ردع عديدة حتى بعضهم أنكر قيامة الموتى، وتبلبلت افكار الملك، وشقه الحزن، فإتشح بالمسوح، وأفترش الرماد، وطلب من الرب أن يضئ أمامه سبيل الإيمان.
وألقى الرب الإله في نفس أدونيس صاحب المرعى الذي يقع فيه الكهف حيث رقد المعترفون وبدأ في أن يشيد حظيرة هناك، فنزع العمال الحجارة عن باب الكهف (لينتفعوا بحجارته في بناء الحظيرة كما نزعوا مداخل قبور أخرى في المنطقة) ولما انفتح، أمر الإله أن يبعث الفتية السبعة الراقدون أحياء، فعادت ارواحهم إلى اجسادهم وأستيقضوا، وسلم بعضهم على بعض كعادتهم صباح كل يوم ولم تظهر عليهم علامات الموت، ولم تتغير هيئتهم ولا ألبستهم التي كانوا متشحين بها منذ رقادهم، فظنوا وكأنما ناموا مساء وأستيقظوا صباحاً.
ونهض تمليخا كعادته صباح كل يوم، وأخذ فضة وخرج من الكهف متجهاً نحو المدينة ليشترى طعاماً، وعندما أقترب من بابها دهش حين رأى علامة الصليب منحوته في أعلاه، فتحول إلى باب آخر من أبوابها فرأى المنظر ذاته، ودخل المدينة فلم يعرفها إذ شاهد فيها أبنية جديدة تنكرت له، وسمع الناس تقسم باسم السيد المسيح وبمريم العذراء، فسأل أحد المارين عن اسم المدينة، فأجابه اسمها افسس فزاد مليخا حيرة وقال في نفسه : لعمرى لا أعلم ما جرى لى، ألعلى فقدت عقلى وغاب عنى صوابى ؟ الأفضل أن اسرع بالخروج من هذه المدينة قبل أن يمسنى الجنون فأهلك.
وإذ بتمليخا مسرعا ليترك المدينة، تقدم بزيه كشحاذ لأحد الخبازين وأخرج دراهم من جيبه وأعطاه إياها فأخذ هذا يتأملها فرآها كبيرة الحجم، وتختلف ضرب طابعها عن طابع الدراهم المتداولة في عصرهم، فتعجب جداً، وناولها لزملائه، فتطلعوا إلى تمليخا وقالوا : " أنه عثر على كنز من زمن طويل، فألقوا القبض عليه وأخذوا يسألونه قائلين : من اين انت يا هذا ؟ لقد اصبت كنزاً من كنوز الملوك الأولين، وتألب الناس حوله، ،اتهمه البعض بالجنون.
وأخيراً جائوا به إلى اسقف المدينة، وكان يزوره وقتئذ والى أفسس فقد شائت العناية الإلهية الربانية أن يجمعهما في ساعة واحدة معا ليظهر على ايديهما للشعوب كلها كنز بعث الموتى، فأصر يمليخا أمامهما بأنه رجل من أهل أفسس، وأنه لم يعثر على كنز، وقد اشترى بمثلها قبل يوم واحد فقط خبزاً، فقال له الوالى : أن صورة الدراهم تشير إلى أنها ضربت قبل عهد هادريان الامبراطور بسنين، فهل وجدت يا هذا قبل أجيال عديدة ووأنت لا تزال شاباً ؟
فعندما سمع تمليخا ذلك ذلك سجد امامهم وقال : اجيبونى أيها السادة عن سؤال وأنا أكشف لكم عن مكنون قلبى، أنبؤونى عن الملك دقيانوس الذي كان عشية امس في هذه المدينة، اين هو الآن ؟ أجابه ألسقف قائلاً : ان الملك دقيانوس مات قبل أجيال، فقال تمليخا : أن خبرى أصعب من أن يصدقه أحد من الناس، هلم معى إلى الكهف في جبل (أنكليوس) لأريكم اصحابى، وسنعرف منهم جميعاً الأمر الأكيد، أما أنا فأعرف أمراً واحداً هو أننا هربنا منذ ايام من الملك دقيانوس، وعشية أمس رايت دقيانوس يدخل مدينة افسس ولا اعلم الآن إذا كانت المدينة افسس أم لا.
فإنشغل بال الأسقف عند سماعه قول تمليخا، وبعد تفكير عميق قال : أنها لرؤيا يظهرا الرب الإله لنا اليوم على يد هذا الشاب، فهلم بنا ننطلق معه لنرى واقع ألمر : قال هذا ونهض الوالى وجمهور الناس معه، وعندما بلغوا الكهف عثروا في الجهة اليمنى من بابه على صندوق من نحاس عليه ختمان من فضة، فتناول السقف، ووقف أمام مدخل الكهف، ودعا رجال المدينة وفى مقدمة الوالى، ورفع أمامهم الختام، وفتح الصندوق، فوجد لوحين من رصاص، وقرأ ما كتب عليهما : " لقد هرب إلى هذا الكهف من أمام وجه دقيانوس الملك المعترفون مكسيمليانوس أبن الوالى وتمليخا ومرتينيانوس ويونيسيوس، ويؤنس، وسرافيوس، وقسطنطنوس، وأنطونيوس، وقد سد الكهف عليهم بالحجارة، وكتب أيضاً في سطور اللوحين الأخيرة صورة إيمان المعترفين وعندما قرئت هذه الكتابة، تعجب السامعون، ودخلوا الكهف فشاهدوا المعترفين جالسين بجلال ووجوههم مشرقه كالورد النضر، فكلموهم، وسمعوا منهم أخبار الحوادث الذي جرت على عهد دقيانوس.
وأرسل فوراً الامبراطور ثيودوسيوس يريد مكتوب، مضمونه تتسرع جلالتك وتأتى لترى ما اظهره العلى على عهدك الميمون من العجائب الباهرات، فقد أشرق من الرتاب نور موعد الحياة وسطعت من ظلمات القبور آشعة قيامة الموتى وإنبعاث أجساد القديسين الطاهرة.
ولما بلغ ثيودوسيوس الملك هذا النبأ، وهو في القسطنطينية، نهض عن الرماد الذي كان قد أفترشه وشكر الرب الإله، وجاء والأساقفة وعظماء الشعب، إلى أفسس وصعدوا جميعاً إلى الكهف الذي ضم المعترفين في جبل أنكيليوس فرآهم، وعانقهم الملك، وجلس معهم على التراب، وحدثهم.
ثم ودع المعترفون الملك، والأساقفة والشعب، وأسلموا الروح إلى يد القدير، فأمر الملك أن يصنع لهم توابيت من ذهب، فإتركنا في كهفنا على التراب.
وأقر مجمع الأساقفة عيداً لهؤلاء المعترفين، وأطلق سراح الأساقفة المأسورين في المنفى وعاد ومعه الأساقفة إلى القسطنطينية مغمورين بفرحة إيمان الملك ممجدين الرب على ما جرى...
وقد ظهرت قصة أصحاب الكهف الأول مرة في الشرق في كتاب سرياني يرجع تاريخه إلى القرن الخامس، ذكرها دنيس. ووردت عند الغربيين في كتاب تيودسيوس عن الأرض المقدسة. وأسماء الفتية في هذه المصادر أسماء يونانية لأنها تنتهى بمقاطع (وس) التي ينتهى بها أسماء اليونانيون حتى هذا اليوم، وليس هناك اتفاق على ما إذا كانت الرواية التي ذكرها دنيس قد نقلت عن اليونانية أم أنها كتبت بالسريانية من أول الأمر.
اقتباس و تلخيص وتجميع المواضيع من بطون الكتب والابحاث والمدونات بحياديه لا تنتمي لدين او مذهب لكوني ليست يهودياً ولا مسيحياً ولا مسلماً ولا ديني