اصحاب الأخدود وأصحاب الفيل
سامي المنصوري
الحوار المتمدن
-
العدد: 4403 - 2014 / 3 / 24 - 17:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اصحاب الأخدود وأصحاب الفيل
اقتباس و تلخيص وتجميع المواضيع من بطون الكتب والابحاث والمدونات بحياديه لا تنتمي لدين او مذهب لكوني ليست يهودياً ولا مسيحياً ولا مسلماً ولا ديني
يدور في ذهني تساؤلات عديدة حول الأحداث التاريخية المرتبطة بمن يدعوهم القرآن ب(أصحاب الأخدود) و (أصحاب الفيل)، حيث يبدو أن هناك إرتباطا تاريخيا بين الحادثتين بحسب العديد من المفسرين الإسلاميين من جهة وبحسب الباحثين في أركيولوجية جنوب الجزيرة العربيه (اليمن) من جهة أخرى
و لنستعرض الموقف سريعا، يذكر القرآن ما يلي:
سورة البروج
وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ( الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (16) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ (22)
سورة الفيل
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ {1} أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ {2} وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ{3}تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ {4} فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ {5}
أولا: من جهة المفسرين الإسلاميين
تتناول قصة أصحاب الأخدود أحداث مرتبطة بملك عربي (متهود) يدعى ذو النواس قام بإضطهاد جماعة من المسيحيين (يدعوهم القرآن بالمؤمنين) في منطقة نجران بسبب ديانتهم، ونلاحظ كيف يقوم القرآن بالدفاع عن أولئك (المؤمنين) ويقوم بذم مضطهديهم (ذو النواس وجماعته من اليهود)
وفي نفس الوقت، يقوم القرآن، بذم أصحاب الفيل، وهم بحسب المفسرين الإسلاميين هو جماعة أبرهة الأشرم وهو معروف بمسيحيته أيضا
ثانيا: من جهة المؤرخين
يتفق المؤرخين مع قصة الأخدود مع القرآن وذلك إستنادا إلى نقوش تاريخية في منطقة نجران، وإلى رسائل تاريخيه، تؤكد ظهور قصة إضطهاد المسيحيين في تلك المنطقة وانتشار خبرهم في كافة المناطق في العالم (يلاحظ أن التاريخ المقترح لعملية اللإضطهاد هو 518 - 523 ميلادية)
ولكن عند هذا الحد يقف إتفاق المؤرخين مع المفسرين
لأنهم، وفي قصة أصحاب الفيل بالذات، لا يجدون أي سند تاريخي يؤيد وصول أبرهة الأشرم إلى مكة أو محاولة إزالة الكعبة!!!
ولكنهم يجدون نقوش عديدة ودلائل تاريخية مختلفة تؤكد على أن
- أبرهة كان موجودا كشخصية تاريخية حقيقيه
- أبرهة حكم منطقة جنوب الجزيرة العربية واليمن (يلاحظ أن التواريخ المقترحة لحكمة هي 520 - 550 ميلادية)
- أبرهة قام بغزوات (ناجحة) ضد العرب في شمال منطقة حكمة (التفسير الأفضل لتلك الغزوات هي أنها كانت حملات ضد "مضطهدي المسيحية" )
- أبرهة كان يستخدم إسم (الرحمن) للإشارة إلى إلهه المعبود (مع المسيح طبعا )
- هذا بالإضافة إلى عدم سماعي شخصيا بأي دليل تاريخي على أن الأحباش قاموا بإستخدام الفيلة في حروبهم (وأتمنى من من يجد سندا تاريخيا بهذا أن يزودني به)
ماذا أريد أن أقول؟
في الحقيقة، فأنا لدي شك كبير في طبيعة قصة أصحاب الفيل عند المفسرين:
فبينما يؤكد المفسرون أنهم هم الأحباش، يراودني شك كبير أنهم ليسوا الأحباش!!!!!!!!!!!
وأعتقد أنني عندما أقول أن شكوكي تتجة ناحية الفرس
فمن المعروف أن الفرس قاموا بغزو جنوب الجزيرة العربية في عام 570 ميلادية لطرد الأحباش من جنوب الجزيرة العربية، والفرس معروفون تماما بتكتيك إستخدام الفيلة في حروبهم
أيضا، فإن تاريخ غزو الفرس لجنوب الجزير العربية (570 ميلادية) مطابق تماما للتاريخ المشهور للسنة المقترحه لميلاد محمد ويصلح تماما لأن يكون مشهورا لدى العرب بعام الفيل (هذا إن صح إستخدام الفرس للفيلة في تلك الغزوة) - في تاريخ جنوب الجزيرة العربية ( تحديدا 520-570 ميلادية)
ملاحظة: سنة 662 سبئية = 552 ميلادية)
أصحاب الفيل
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ(1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ(2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ(3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ(4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ(5)
السورة تخبرنا عن جيش أبرهة يوم دخلوا لغزو أم القرى في عام الفيل (571 م)، وكيف أنّ اللهَ قام بإرسال طيور الأبابيل لترميهم بأحجارٍ من سجيل، ومع هذا الجيش الرباني إنتهى أمر جيش أبرهة وسلمت الكعبة من الخراب.
تجدر الإشارة هنا إلى بضعة نقاط:
أولاً،
أن جيش أبرهة كان من المؤمنين المسيحيين، بينما العرب كانوا من الكفار.
كيف قام الله بحماية الكفار من جند عباده، واِنتصر للكفرة وسحق رأس المؤمنين؟
ألم يقل الله في محكم كتابه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿-;---;--التحريم: ٩-;---;--﴾-;---;--
و وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴿-;---;--التوبة: ٦-;---;--٨-;---;--﴾-;---;--
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴿-;---;--التوبة: ١-;---;--٢-;---;--٣-;---;--﴾-;---;--
ألم يكن من المنطقي أن تقوم طيور الأبابيل بسحق كفار أم القرى العرب وتسهيل الطريق أمام عباد الله الصالحين ورافعي كلمته؟
ثانياً،
لقد تم هدم الكعبة مراتٍ عديدة، فيذكر التاريخ هدم يزيد بن معاوية للكعبة بالمنجنيق؛ ففي مروج الذهب للمسعودي يذكر حصار الكعبة فيقول:
“ونصب الحصينُ فيمن معه من أهل الشام المجانيق والعرادات على مكة والمسجد من الجبال والفِجَاج، وابنُ الزبير في المسجد، ومعه المختار بن أبي عُبَيد الثقفي. داخلاً في جملته، منضافاً إلى بيعته، منقاد اً إلى إمامته، على، شرائط شَرَطها عليه لا يخالف له رأياً، ولا يعصي له أمراً، فتواردت أحجار المجانيق والعرادات على البيت، ورمي مع الأحجار بالناروالنفط ومشاقات الكتان وغير ذلك من المحرقات، وانهدمت الكعبة، واحترقت البنية.”
وفي الكامل في التاريخ لإبن الأثير، في أحداث سنة 64 للهجرة التالي:
“فلما فرغ مسلم من قتال أهل المدينة ونهبها شخص بمن معه نحو مكة يريد ابن الزبير ومن معه، واستخلف على المدينة روح بن زنباع الجذامي، وقيل: استخلف عمرو بن مخرمة الأشجعي، فلما انتهى إلى المشلل نزل به الموت، وقيل: مات بثنية هرشى، فلما حضره الموت أحضر الحصين بن النمير وقال له: يابن برذعة الحمار! لو كان الأمر إلي ما وليتك هذا الجند، ولكن أمير المؤمنين ولاك. خذ عني أربعاً: أسرع السير، وعجل المناجزة، وعم الأخبار، ولا تمكن قرشياً من أذنك. ثم قال: اللهم إني لم أعمل قط بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله عملاً أحب إلي من قتلي أهل المدينة ولا أرجى عندي في الآخرة.
فلما مات سار الحصين بالناس فقدم مكة لأربع بقين من المحرم سنة أربع وستين وقد بايع أهلها وأهل الحجاز عبد الله بن الزبير واجتمعوا عليه، ولحق به المنهزمون من أهل المدينة، وقدم عليه نجدة بن عامر الحنفي في الناس من الخوارج يمنعون البيت، وخرج ابن الزبير إلى لقاء أهل الشام ومعه أخوه المنذر، فبارز المنذر رجلاً من أهل الشام فضرب كل واحد منهما صاحبه ضربةً مات منها، ثم حمل أهل الشام عليهم حملةً انكشف منها أصحاب عبد الله، وعثرت بغلة عبد الله فقال: تعساً! ثم نزل فصاح بأصحابه، فأقبل إليه المسور بن مخرمة ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف فقاتلا حتى قتلا جميعاً، وضاربهم ابن الزبير إلى الليل ثم انصرفوا عنه. هذا في الحصر الأول.
ثم أقاموا عليه يقاتلونه بقية المحرم وصفر كله حتى إذا مضت ثلاثة أيام من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين يوم السبت رموا البيت بالمجانيق وحرقوه بالنار-
أما الحادث الجلل والأخطر فهو أخذ الكعبة والحجر الأسود من مكة ونقلهما إلى البحرين من قبل القرامطة وبالتالي منع الحج لسنوات عشرين واثنين، يخبرنا ابن كثير في البداية والنهاية:
“خرج ركب العراق وأميرهم منصور الديلمي فوصلوا إلى مكة سالمين، وتوافت الركوب هناك من كل مكان وجانب وفج، فما شعروا إلا بالقرمطي قد خرج عليهم في جماعته يوم التروية، فانتهب أموالهم واستباح قتالهم، فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقا كثيرا، وجلس أميرهم أبو طاهر لعنه الله على باب الكعبة، والرجال تصرع حوله، والسيوف تعمل في الناس في المسجد الحرام في الشهر الحرام في يوم التروية، الذي هو من أشرف الأيام، وهو يقول: أنا الله وبالله أنا، أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا.
فكان الناس يفرون منهم فيتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئا، بل يقتلون وهم كذلك، ويطوفون فيقتلون في الطواف، وقد كان بعض أهل الحديث يومئذ يطوف، فلما قضى طوافه أخذته السيوف -
فلما قضى القرمطي لعنه الله أمره وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة، أمر أن تدفن القتلى في بئر زمزم، ودفن كثيرا منهم في أماكنهم من الحرم، وفي المسجد الحرام، ويا حبذا تلك القتلة وتلك الضجعة، وذلك المدفن والمكان، ومع هذا لم يغسلوا ولم يكفنوا ولم يصلِّ عليهم لأنهم محرمون شهداء في نفس الأمر.
وهدم قبة زمزم وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها، وشققها بين أصحابه، وأمر رجلا أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه، فسقط على أم رأسه فمات إلى النار.
فعند ذلك انكف الخبيث عن الميزاب، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، فجاءه رجل فضربه بمثقل في يده وقال: أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟
ثم قلع الحجر الأسود وأخذوه حين راحوا معهم إلى بلادهم، فمكث عندهم ثنتين وعشرين سنة حتى ردوه”
أمام كل هذه الأحداث يجدر بنا التساؤل، لماذا قام الله بحماية الكفار من المؤمنين الأول الحبشيين المسيحيين؟ فإن كان الجواب هو حماية الكعبة، فلماذا لم يحمها من رجم مناجق يزيد، ومن ضربات القرمطي؟
ألا يجب علينا هنا أن نجلس مع القرمطي ونسأل نفس أسئلته: “أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟”