خمس سنوات على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي.. خيبة أمل تعم البلاد
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8246 - 2025 / 2 / 7 - 22:48
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
تحدث العديد من وسائل الاعلام عن حماس عظيم، عندما دعا رئيس الوزراء البريطاني الأسبق المحافظ بوريس جونسون في يوم 11 آذار 2016 إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي واعدا البريطانيين، إن بريطانيا سوف "تحرر نفسها من قيود بروكسل"، وسوف يكون هناك "نمو وفرص جديدة"، وسوف يكون البريطانيون قادرين أخيرا على استعادة "السيطرة على أموالنا وحدودنا".
بعد ثلاثة أشهر صوتت الأكثرية لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الحدث الذي ادخل البلاد في سنوات من عدم الاستقرار السياسي وأدى إلى صعود اليمين الشعبوي. في الحادي والثلاثين من كانون الثاني 2020، أصبحت بريطانيا "الدولة المستقلة" التي أرادها أنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي. بعد مرور خمس سنوات على الخروج، يبدو أن الحماس قد تبخر.
حنين إلى الاتحاد الأوربي
وجود المحافظين على رأس الحكومة، وصعود اليمين المتطرف، دفع أحزاب الوسط إلى الصمت، عندما يتعلق الأمر بالحديث عن صحة أو خطأ قرار الخروج من الاتحاد الأوربي، لقد تحلحل هذا الصمت، منذ عودة حزب العمال في تموز الفائت إلى السلطة، حيث أصبح تهديد هجمات المحافظين والصحافة المحافظة اليمينية أقل كثيراً على الأحزاب المؤيدة لأوروبا. بعد أسابيع من توليه مهام منصبه، أعلن رئيس الوزراء الجديد، وزعيم حزب العمال ستارمر عزمه على تحقيق "بداية جديدة" في العلاقات وتعميق التعاون بين أوروبا وبريطانيا.
وستكون الخطوة الأولى هي تعزيز التعاون في القضايا الأمنية. ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أصبحت هذه المسألة أكثر إلحاحاً؛ ويدعو الديمقراطيون الليبراليون إلى جعل الاقتصاد البريطاني "محصنًا ضد ترامب". وسيتوجه ستارمر إلى بروكسل للقاء زعماء الاتحاد الأوروبي؛ وسيكون التعاون الأمني على رأس جدول اولوياته.
ويسيطر اليوم مزاج سيئ على الأكثرية عند سؤالهم عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فلم يتغير شيء على الإطلاق خلال السنوات الخمس الماضية؛ وليس هناك أي تحسن حقيقي في ظروف المعيشة. وفقًا لاستطلاعات الرأي، يشعر حوالي 60 في المائة من البريطانيين، أن الأمور سارت بشكل سيئ حتى الآن؛ ويعتقد 12 في المائة فقط أن الأمر كان ناجحًا.
معطيات جديدة
وتكمن اسباب هذا التحول في العواقب الاقتصادية المترتبة على الخروج من الاتحاد الأوروبي. لم يحدث الانهيار الكبير الذي توقعه بعض خبراء الاقتصاد؛ ولكن الخروج تسبب في انكماش اقتصادي بطيء، كما يشير مركز أبحاث المملكة المتحدة في أوروبا المتغيرة. وتشير تقديرات مكتب حسابات الميزانية إلى أن الناتج الاقتصادي البريطاني سوف يكون أقل بنسبة أربعة في المائة على المدى الطويل مما كان سيكون عليه لو ظلت البلاد جزءا من الاتحاد الأوروبي.
في السنوات التي أعقبت الخروج، اشتكت الشركات من نقص العمال بسبب مغادرة العديد من مواطني بلدان الاتحاد الأوروبي العاملين في بريطانيا. بالإضافة إلى ذلك، تواجه شركات الاستيراد والتصدير صعوبات في التعامل مع الإجراءات الإضافية. هناك شركات استطاعت فتح فروع لها في بلدان الاتحاد الأوروبي للالتفاف على الحواجز التجارية. لكن العديد من الشركات الصغيرة لا تملك هذا الخيار. وفي كانون الأول الفائت، توصل تحليل نشره مركز الأداء الاقتصادي في كلية لندن للاقتصاد إلى أن اتفاقية التجارة الخاصة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أثرت، بشكل خاص، على شركات التصدير الصغيرة، حيث انخفضت قيمة صادراتها بنسبة 30 في المائة، منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ. وبعد الخروج فرضت الحكومة تخفيضات إضافية على دولة الرفاه، والخروج من الاتحاد الأوروبي لم يوقف الارتفاع الحاد في التضخم، والخدمات الصحية أصبحت أكثر سوءا. ولهذا، هناك عدد متزايد من مؤيدي الخروج السابقين غيروا آراءهم، بعد مواجهة الصعوبات فرضها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتشير استطلاعات الرأي في الأشهر الأخيرة إلى أغلبية واضحة تبلغ قرابة 54 في المائة تؤيد الآن عضوية الاتحاد الأوروبي، مقابل 44 في المائة متمسكين بصحة الخروج البريطاني. وبالتالي يرى بعض أنصار الخروج من الاتحاد الأوربي، أن المشكلة تكمن في طريقة الإدارة، وليس في القرار، وان المشكلة تكمن في الهجرة، ويريد هؤلاء، في الانتخابات المقبلة، التصويت للفاشيين الجدد.
وأظهرت دراسة أجراها مركز أبحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في كانون الأول الفائت، أن أغلبية الأوروبيين يرحبون بعلاقات أفضل بين بريطانيا وأوروبا. وقال الناخبون البريطانيون إن العلاقة مع دول الاتحاد الأوروبي أكثر أهمية من العلاقة مع الولايات المتحدة، سواء في القضايا الاقتصادية أو الأمنية. وكتب مركز ابحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "بينما تتحرك الحكومة البريطانية والمفوضية الأوروبية ببطء نحو تعاون أوثق، فإن الرأي العام يتقدم عليهما كثيراً".