كولومبيا وبقية بلدان أمريكا اللاتينية ترفض غطرسة ترامب


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 8237 - 2025 / 1 / 29 - 22:47
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة     

أثارت عمليات الترحيل الجماعي القسري الأولى لجاليات بلدان أميركا اللاتينية من الولايات المتحدة إلى ردود فعل غاضبة من حكومات البلدان المستهدفة.

رفضت كولومبيا خلال نهاية الأسبوع الفائت استقبال طائرتين عسكريتين أمريكيتين تقل على متنهما 160 مواطنا مطرودين. ولم تقبل حكومة الرئيس اليساري غوستافو بيترو نقل المرحلين بالطائرات العسكرية أو تكبيلهم بالأغلال.

وأعلن وزير الخارجية الكولومبي غيلبرتو موريلو، الاثنين الفائت، أن مواطنيه الذين كان من المقرر ترحيلهم من الولايات المتحدة سيتم نقلهم الآن على متن الطائرة الرئاسية بيتروس. وستستقبل كولومبيا مواطنيها "في ظروف كريمة". وفي الوقت نفسه، أعلن موريلو أنه والسفير دانييل غارسيا بينيا سيسافران إلى واشنطن "في الساعات القليلة المقبلة" لإجراء "محادثات رفيعة المستوى" والتوصل إلى اتفاقات بشأن الإجراءات الإضافية للترحيل.

تباين واضح
في أعقاب التهديدات الامريكية بعقوبات فورية، وجه الرئيس الكولومبي بيترو رسالة مفصلة مفتوحة إلى دونالد ترامب عرض فيها موقف بلاده من القضايا الخلافية. وكانت واشنطن قد اتهمت كولومبيا في وقت سابق بعدم الوفاء بالتزاماتها. وفي حين تزعم واشنطن أنها فرضت بالتهديد الوحشي ما تريد، ترسم للإشارات المتعلقة بالصراع، والواردة من كولومبيا والبرازيل والمكسيك وهندوراس صورة مختلفة.

بعد رفض استقبال طائراته العسكرية، أعلن ترامب على الفور عن إجراءات انتقامية قاسية. وشملت هذه التدابير فرض رسوم كمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكولومبية وتعليق التأشيرات لأعضاء الحكومة والمسؤولين الكولومبيين. ورد الرئيس الكولومبي بيترو بفرض رسوم كمركية مماثلة على صادرات الولايات المتحدة وأكد: "يجب استبدال المنتجات الأمريكية، التي سترتفع أسعارها، بإنتاج محلي، وستساعد الحكومة في ذلك".

وأضاف ترامب أن "هذه الإجراءات مجرد بداية. ولن نسمح للحكومة الكولومبية بانتهاك التزاماتها القانونية باستقبال المجرمين وإعادتهم.

وفي الوقت نفسه، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفات: "وافقت الحكومة الكولومبية على جميع شروط الرئيس ترامب، بما في ذلك القبول الكامل باستقبال جميع المهاجرين غير الشرعيين المرحلين إلى كولومبيا، بما في ذلك الذين على متن الطائرات العسكرية الأمريكية، دون قيود أو تأخير".

وأشار ليفات إلى أن أوامر التعريفات الجمركية سوف "تُحفظ احتياطيًا ولن يتم توقيعها". وان العمل سيستمر بفرض قيود على منح التأشيرات لمسؤولي الحكومة الكولومبية وزيادة الضوابط الكمركية، "حتى تهبط أول طائرة تحمل المرحلين الكولومبيين بنجاح.

ردّ كولومبي جريء
وقالت مصادر مقربة من حكومة كولومبيا، إن الولايات المتحدة لم تتبع "الإجراءات القانونية الواجبة" في عمليات الترحيل. وأكد الرئيس الكولومبي في تغريدة على موقع "أكس" أن المهاجرين "هم بشر ورعايا قانونيون ويجب التعامل معهم على هذا الأساس". لم يكن بإمكانه أن يسمح لمواطنيه بالبقاء في بلد لا يريدهم. ولكن إذا تمت إعادتهم، فيجب "معاملتهم بكرامة واحترام، سواء تجاههم أو تجاه بلدنا".

وفيما يتعلق بالانتقادات الموجهة لمعاملة الكولومبيين المرحلين، أشار الرئيس في تغريده أخرى إلى أن هناك أكثر من 15 ألف أمريكي بلا وثائق في كولومبيا يجب أن يتواصلوا مع سلطات الهجرة لتسوية وضعهم.

وانتقد بيترو بشدة الرئيس الأمريكي، وأكد أنه لن يسمح لأحد بترهيبه. وأكد على تاريخ وثقافة كولومبيا الغنيين، واستذكر نضال البلاد من أجل الاستقلال والحرية. وان كولومبيا هي قلب العالم وان "مقاتلي المقاومة السود الذين جعلتهم عبيدًا لك"، جزء من هذا التاريخ. وقال الرئيس: " لن نستسلم أبدا". نحن بناة الحرية والحياة والإنسانية". وأعلن "أن كولومبيا ستفتح أبوابها على مصراعيها للعالم ولن تسمح لنفسها بالعزلة".

وذكّر الرئيس الكولومبي ترامب بكفاح شعوب أميركا اللاتينية من أجل الحرية والعدالة، واشار إلى رموزه مثل سيمون بوليفار وخورخي إلييسير غايتان.

وأضاف بيترو أنه يفضل الحل المبني على الاحترام والكرامة الإنسانية لحل الخلافات بين البلدان على المواجهة. وخاطب الرئيس الكولومبي بلدان المنطقة بالقول: "إذا كانوا لا يريدوننا في الشمال، فيجب على الجنوب أن يتحد". ودعا إلى عقد اجتماع استثنائي لدول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي لدراسة الوضع.

استجابة سريعة
وفي استجابة سريعة، أعلنت رئيسة جمهورية الهندوراس، والرئيسة المؤقتة لمجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، زومارا كاسترو، عن عقد اجتماع طارئ لرؤساء دول وحكومات أمريكا اللاتينية اليوم الخميس لمناقشة القضايا المتعلقة بالهجرة ووحدة أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. وأكدت كاسترو أنها ستفكر في إغلاق القواعد العسكرية الأميركية في هندوراس إذا واصل الرئيس الأميركي خطط الترحيل الجماعي.

وحتى قبل تنصيب ترامب، أعربت البرازيل والمكسيك ودول أخرى متضررة عن "قلقها البالغ" إزاء الإعلان عن عمليات الترحيل الجماعي من الولايات المتحدة، والتي اعتبروها غير متوافقة مع حقوق الإنسان.

وأعلنت حكومة الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أنها ستطلب من إدارة ترامب توضيحا بشأن ترحيل لاجئين برازيليين مقيدين على متن طائرة بدون تكييف، ودون تزويدهم بالمياه أو السماح لهم باستخدام الحمامات.

والتقى ممثلو تسع حكومات ومنظمات دولية في مدينة مكسيكو يومي 16 و17 كانون الثاني لمناقشة تحديات الهجرة في المنطقة. وأكد المشاركون، وبضمنهم وفود من غواتيمالا وهندوراس والسلفادور وكولومبيا وفنزويلا، على الحاجة إلى نهج إنساني يرتكز على حقوق الإنسان والتعاون الدولي. وفي ختام الاجتماع، اعتمد الحاضرون خطة عمل مشتركة، مما يشكل سابقة للتعاون والتعددية لتعزيز الاستقرار والأمن على المدى الطويل.