للفلسطينيات المفرج عنهن وجوه وأسماء أيضاً


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 8244 - 2025 / 2 / 5 - 22:11
المحور: القضية الفلسطينية     

اهتمت وسائل الاعلام السائدة في المراكز الرأسمالية، بأسماء الاسرائيليات الثلاثة التي أطلقت حركة حماس سراحهن 19 كانون الثاني الفائت، بموجب الاتفاق الذي تم التوصل اليه. وأصبحت أسماء: رومي جونين، وإميلي داماري، ودورون شتاينبريشر معروفة في جميع أنحاء العالم.
وفي المقابل، تم إطلاق سراح 90 من الأسرى الفلسطينيين، الذين ظلوا بالنسبة لتقارير وسائل الاعلام الغربية، بلا أسماء ولا وجوه. وتصفهم الصحفية سوزان غلاس في القناة الأولى للتلفزيون الألماني بأنهم "سجناء" يشكلون "احتياطي للإرهابيين".
في أول عملية تبادل أسرى بين حماس ودولة الفصل العنصري الإسرائيلية منذ تشرين الثاني 2023، تم إطلاق سراح 69 امرأة و21 مراهقًا، بعضهم لا يتجاوز عمره 12 عامًا، من سكان الضفة الغربية والقدس المحتلتين. وهؤلاء هم رهائن مختطفون تم اختطافهم دون أي أساس قانوني ومعظمهم لم يخضعوا لمحاكمة بل تم احتجازهم بموجب "اعتقال إداري".
وفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين ورابطة الأسرى الفلسطينيين، هناك 10400 فلسطيني في السجون الإسرائيلية، بالإضافة إلى الذين تم اعتقالهم خلال حرب الإبادة الجماعية على غزة التي استمرت 15 شهراً. ويقضي معظم هؤلاء المعتقلين فترة "الاعتقال الإداري"، وهو أسلوب تستخدمه سلطات الاحتلال لإبقاء الناس في السجون لأجل غير مسمى، دون توجيه تُهم إليهم. كما يتم سجن الأطفال والشباب لعدة أشهر بسبب إلقائهم الحجارة على جنود الاحتلال أو المستوطنين اليهود المتطرفين.
أسماء عصية على التغييب
خالدة جرار (61 عاماً) هي أبرز أسيرة فلسطينية تم الإفراج عنها، في جولة التبادل الأولى، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. وأمضت عضوة المجلس التشريعي الفلسطيني، عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أكثر من ست سنوات في السجن خلال العقد الفائت، معظمها في الاعتقال الإداري ودون تهمة. وطوال السنوات العديدة التي قضتها خالدة جرار خلف القضبان، لم تتم إدانتها رسميًا من قبل المحكمة إلا مرة واحدة. في عام 2021، وحُكم عليها بالسجن لمدة عامين بتهمة "عضوية جمعية غير شرعية"، رغم أن المحكمة العسكرية الإسرائيلية اعترفت بأنها لم تكن "متورطة" في العمل التنظيمي أو العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وفي كانون الأول 2023، ألقي القبض عليها مرة أخرى بتهمة "دعم الإرهاب" ووضعت قيد الاعتقال الإداري دون تهمة. وطيلة الأشهر الستة الماضية، تم احتجازها في الحبس الانفرادي في زنزانة مساحتها 2 متر × 1.5 متر. وفي رسالة إلى محاميها، كتبت أن الزنزانة التي كانت فيها بدون نوافذ ومعزولة عن الضوء والصوت. وأنها استلقت على الأرض ووضعت أنفها تحت الباب لتتنفس.
وبعد نيل حريتها، قالت جرار: "لم تكن ظروف السجن صعبة فحسب، بل كانت لا تُطاق. مثل غيري من السجناء، كان عليّ أن أتحمل معاملة وحشية. لقد تعرضنا للتعذيب والقمع والإساءة بشكل يومي وحُرمنا من كل شيء. لكن هذا هو ثمن الحرية التي نتوق إليها".
وفي الضفة الغربية المحتلة، اختطفت قوات الاحتلال بتاريخ 19/3/2024، الصحفية رولا حسنين، رئيس تحرير شبكة وطن الإعلامية في رام الله، ووجهت لها تهمة "التحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي" وتم فصلها عن طفلها البالغ من العمر 9 أشهر. قالت حسنين بعد الإفراج عنها " لقد تضاعفت آلامي في السجن بسبب سوء الأوضاع المعيشية والجوع والإهمال الطبي والتعذيب، فضلاً عن الشعور الدائم بالألم والمرارة تجاه ابنتي إيليا التي كان من المفترض أن أرضعها وأعتني بها".
أما زميلتها أسيل أسامة فتقول: " لقد أذلونا حتى لحظة إطلاق سراحنا. انظر إلى يداي تحملان آثار القيود. لقد أجبرونا على وضع رؤوسنا على الأرض، وأذلونا بطرق بشعة".
وتؤكد زميلتها عبلة سعدات: " لقد قضيت أربعة أشهر في الاعتقال الإداري دون محاكمة أو تهمة. الظروف في السجون غير إنسانية تماما. لقد عاملونا كما لو كنا حيوانات. إنهم يحاولون كسر أرادتنا حتى نشعر بأننا أدنى منهم".