سوريا: إعادة النظر في المناهج الدراسية من قبل النظام الجديد تثير الجدل


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8230 - 2025 / 1 / 22 - 08:04
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي     

قدم وزير التربية السوري الجديد، في الأول من يناير الجاري، إصلاحاً شاملاً للمناهج الدراسية. ويتعلق الأمر بمقررات التلاميذ من الصف الأول الابتدائي حتى الصف الثالث الثانوي. انتفض المنتقدون بسرعة. وفي قلب الجدل، هناك تغييرات جذرية، خاصة في التاريخ والعلوم.
في الثامن من دجنبر الماضي، سيطر المتمردون السوريون، المتحدون حول منظمة هيئة تحرير الشام، على العاصمة دمشق. وبعد مرور شهر واحد فقط، قدمت الحكومة الجديدة إصلاحاً للمناهج الدراسية. اعتبارا من الأول من يناير الحالي، تم حذف كل ما يشير من قريب أو بعيد إلى نظام الأسد السابق. لكن التغييرات الأخرى هي التي أثارت ضجة حقيقية، وأجبرت وزير التربية السوري الجديد على المماطلة.
في الواقع، تخضع بعض "التعديلات" في العلوم والتاريخ باسم أو تحت ذريعة"المصلحة العامة" لانتقادات عديدة. تشير العديد من هذه التغييرات إلى تعاليم متأثرة بشدة بالصرامة الإسلامية.
قصة أعيد تشكيلها
تمت إزالة جميع رموز نظام الأسد من الكتب المدرسية. من بينها، هناك بشكل خاص حذف "التربية الوطنية"، وهي مادة جمعت بين التربية المدنية والتاريخ كانت تمجد حافظ الأسد وابنه بشار. ومع ذلك، لم تكن هذه التغييرات هي التي أثارت ردود فعل قوية.
تمت إعادة كتابة بعض الأحداث التاريخية. ومن أجل الدفاع عن مصالح تركيا ودعم متمردي هيئة تحرير الشام الذين أطاحوا ببشار الأسد، تم إجراء بعض التعديلات. على سبيل المثال، يتم الآن تقديم الإمبراطورية العثمانية التي حكمت سوريا لفترة طويلة على أنها "قوة" وليست "محتلاً".
صرامة في كل مكان
وحاول وزير التربية السوري وضع حد للجدل في اليوم التالي لنشر الإصلاح، موضحا أن جميع التغييرات تهدف إلى “إزالة رموز وتمجيد النظام القديم”. ومع ذلك، فقد تم أيضا إعادة تفسير العديد من الآيات القرآنية.
كان أحد التعديلات على وجه الخصوص موضع انتقادات شديدة. لقد خضعت الآية التي تتحدث عن الذين "باءوا بغضب من الله" لإعادة تفسير، مشيرة بهذا الصدد بأصابع الاتهام إلى الطائفتين اليهودية والمسيحية، محملة إياهما المسؤولية في ذلك. وهكذا يتم الآن الحكم على هذه المجتمعات بأنها "ضالة".
إن وجود الله في كل مكان هو أيضا أحد الانتقادات الموجهة لهذا البرنامج الجديد. لم يعد من الممكن القول إن شيئا ما أو شخصا ما "محكوم بشريعة العدالة" بل "محكوم بشريعة الله".
طريقة جديدة للتعامل مع العلم
أخيرا، في ما يتعلق بتدريس العلوم، هناك أيضا العديد من التغييرات التي منها إقصاء نظرية التطور على وجه الخصوص من جميع المقررات الدراسية المتعلقة بأصل الحياة وتطورها. في هذا الإطار، تم حذف جميع الاكتشافات المنجزة في علم الأعصاب. مثال آخر، وهو أن الآلهة والأساطير القديمة اختفت أيضا من المناهج الدراسية.
أدى هذا الجدل حول إصلاح المناهج الدراسية إلى إضعاف مصداقية السلطة السورية الجديدة، التي سعت إلى طمأنة المجتمع الدولي منذ استيلائها على السلطة في الثامن من دجنبر.
مطاردة الساحرات
في الحقيقة، ليست هذه التعديلات التي طالت المنهاج الدراسي العام إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد المجسد في محاربة العلوم الحقة التي تعتمد على العقل والتجربة. الشاهد على ما اقول هو الفيديو الرائج حاليا عبر وسائل التواصل الاجتماعي والذي تظهر فيه عناصر مسلحة اجتاحت مؤسسة تعليمية قبل أن تعتقل أستاذا وتقتاده ببذلته المهنية البيضاء نحو الشارع من أجل إركابه في عربة رسمية والتوجه به إلى مكان مجهول. وفي أحد التعاليق على هامش الفيديو، أشار مستعمل إلى اختطاف أستاذة سورية في العلوم. وهكذا بدأ يتأكد للمتتبعين أن السياسة التي شرعت السلطات الجديدة في دمشق في تطبيقها ليست بعيدة عن سياسة الدولة الإسلامية سيئة الذكر والتي تزعمها البغدادي الأب الروحي لأحمد الشرع حاليا والجولاني سابقا.