عندما تتحول وزارة التربية التونسية إلى شركة مناولة: حكاية المعلمين والأساتذة النواب في تونس
بشير الحامدي
الحوار المتمدن
-
العدد: 7905 - 2024 / 3 / 3 - 16:16
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
عندما تتحول وزارة التربية التونسية إلى شركة مناولة حكاية المعلمين والأساتذة النواب في تونس
الكل يعلم أن التعليم في تونس قطاع صار كالزائدة الدودية على الدولة. والكل يعرف أن هذا القطاع في الحقيقية يرمي بمئات الالاف من الخرجين للشارع لينضموا لجحافل المعطلين، وأن السياسة التعليمية في تونس كفت على أن تكون سياسة منذ عشريات، وأصبح الترقي الاجتماعي مشغل آخر بعيد عن قطاع التعليم يُبحث عنه في التهريب مثلا ولا يشمل غير قلة فليلة من المحظوظين.
عندما تتحول الدولة عبر وزارتها للتربية إلى شركة مناولة في قطاع مهم كقطاع التعليم فتأكد أن أزمة النظام مستفحلة ولا علاج لها إلا بتغيير جذري في السياسات على كل الأصعدة.
ما الفرق بين شركة مناولة منتصبة في القطاع الخاص تسمسر بقوة العمل تبيعها لنفسها بأبخس الأثمان ووزارة تنتدب لقطاع حساس كالتعليم أساتذة ومعلمين بالآلاف وتسميهم نواب ولا تصرف لهم مستحقاتهم المالية الزهيدة التي لا ندري على أساس ماذا وقع تحديدها ولا تحتسب لهم سوى الأيام التي اشتغلوا فيها.
وضعيه المعلمين والأساتذة النواب الكل يعرفها وأعتقد أنه لا تخلو أسرة من أن من بين أفرادها من هو معطل بشهائده أو منتدب من وزارة التربية بوصفه نائبا سواء بالتعليم الابتدائي أو بالتعليم الثانوي.
في ماي 2018 ابرمت بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي آخر اتفاقية بينهما وقع على إثرها انتداب المعلمين النواب الذين تشملهم قاعدة البيانات التابعة لوزارة التربية والذين استوفوا شرط الادماج والدي هو 6 أشهر وبمرور الوقت تراجعت عن بقية الاتفاق. فمن 2018 لم يقع انتداب أي معلم أو أستاذ وقد قام المعلمون ولأساتذة النواب بالعديد من التحركات ومطالبة الوزارة بالإيفاء بتعهداتها ولكن لا حياة لمن تنادي. فالوزارة تملصت من كل اتفاقية والى اليوم لا توجد اي مؤشرات عن امكانية القيام بجلسات أخرى على الأقل حول موضوع واحد هو انتداب المعلمين والأساتذة النواب.
المعلم والاستاذ النائب يتنقّل على حسابه من دون تقاضي أجر شهري وأغلبهم يعمل في مناطق نائية ويضطرّ للتنقل عبر وسائل نقل مختلفة تاكسي نقل ريفي ويكمل ما تبقى من الطريق على قدميه وهو ما يعرضه للعديد من المخاطر
المعلم والاستاذ النائب لا يملك دفتر علاج وهو ليس تابعا لأي جهة من جهات الصحة بالرغم من أن الدولة تقطع له من أجرته 150د بحجة ضمان اجتماعي.
تراجعت وزارة التربية على انتداب ما يعرف بدفعة الالف وهي اتفاقية ابرمت مع محمد الحامدي وزير التربية في حكومة الفخفاخ تلك الاتفاقية التي تقضي بانتداب ألف أستاذ تعليم ثانوي نائب كل سنة.
المعلم والاستاذ النائب في بلادنا "تونسنا" يقع تعنيفه والتنكيل به من قبل قوات البوليس أثناء الاحتجاجات وقد سجل هذا سواء في عهد السلاوتي أو حتى في عهد محمد علي البوغديري حاليا.
أخيرا يمكن القول أن وضعية التعليم في تونس أصبحت وضعية لا يمكن السكوت عنها ولا تختلف كثيرا عن باقي القطاعات المدمرة تدميرا ممنهجا وكيف لها أن تختلف ونسبة كبيرة من القائمين بعملية التعليم هم نواب تعاملهم وزارة التربية على أساس شبيه جدا بما يقوم به أصحاب شركات المناولة في القطاع الخاص.
03 مارس 2024