من القوى الوطنية والديمقراطية إلى القوى الحية او نرسيسية الكم


أحمد بيان
الحوار المتمدن - العدد: 7944 - 2024 / 4 / 11 - 23:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

لا يجادل مناضل في أهمية التحالفات النظيفة في الحياة السياسية. والمقصود ب"النظيفة" الايادي المناضلة (افراد او إطارات غير متورطة الى جانب النظام والقوى الرجعية وازلامها). وكلما ازدادت حدة الصراع الطبقي تزداد الحاجة إلى التحالفات، وخاصة في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية. بدون شك، لكل طرف سياسي خلفياته واهدافه من التحالف، لكن ليس لحد التناقض؛ كما ان بعض نقط الالتقاء والتلاقي وحدها لا تصنع التحالف. والخطير في اي تحالف هو وجود انهار من دم الشهداء بين مكوناته، بالإضافة إلى اعتماد هذه الاخيرة التحالف كآلية مرحلية (قنطرة) لتحقيق اهدافها وبالتالي استئصال من "يكفر" بمشروعها الرجعي الذي لا يختلف في جوهره عن مشروع النظام الرجعي القائم.
ومن تجارب واقعنا المريرة، نشير إلى المحاولات الفاشلة في صفوف "اليسار"، باستثناء التجربة الرائدة للحركة الماركسية اللينينية التي تكسرت بيد الحديد والنار للنظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي.
واقرب إلى التحالف بالمعنى الدقيق للكلمة، عشنا المآسي تلو الأخرى. وكلنا يتذكر فترة التشبث بما كان يسمى "القوى الوطنية والديمقراطية". فلم تكن بيانات القوى السياسية المحسوبة حينذاك على "اليسار" تخلو من دعوة "القوى الوطنية والديمقراطية" إلى الانخراط في كافة اشكال فعلها وتظاهراتها. وكان المقصود بتلك القوى "الساحرة" كل من احزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي والاستقلال، نعم حزب الاستقلال. نعم، لم تكن هذه الاحزاب بهذا "السوء" من الانبطاح والفظاعة في ظل مرحلة سياسية "ساخنة"، لكنها لم تكن ايضا مؤهلة للانخراط في دينامية التغيير الجذري. وكان "عشقها" قائما على الاحتماء بها وبجنودها. وهو ما قد نسميه ب"نرسيسية الكم".
واليوم يتكرر نفس "السيناريو" بعد ان أفل نجم "القوى الوطنية والديمقراطية". نعيش الآن "عشق" القوى الظلامية، وبالضبط جماعة العدل والإحسان، ومن طرف نفس القوى السياسية، مع استبدال "القوى الوطنية والديمقراطية" ب"القوى الحية".
لا يخفى الوزن السياسي لجماعة العدل والاحسان، خاصة من حيث العدد والامكانيات واستعراض العضلات في مناسبات دون أخرى، ومنها مسيرات التضامن مع غزة. وقد زاد من ارتفاع اسهم الجماعة بروز اسم حماس ومحاولات طمس ادوار فصائل المقاومة الفلسطينية الاخرى.
ويتناسى "عشاق" القوى الظلامية وضربا لمخزون الذاكرة "الحية" ان هذه الاخيرة قوى رجعية متورطة في اغتيال المناضلين وضد اي مشروع سياسي تقدمي بقيادة الطبقة العاملة يتوخى إنجاز التغيير الجذري المنشود، لان مصيرها في آخر المطاف مرتبط بمصير النظام القائم. ولنا العبرة في تجارب شعوب اخرى.
وسيسجل التاريخ ان القوى السياسية التي تدعي التغيير بشعارات تضليلية وممارسة انتهازية ومهادنة، وبالضبط التغيير الجذري، تقتل التغيير، وبالضبط التغيير الجذري...