سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 6190 - 2019 / 4 / 3 - 19:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
- مائة تناقض فى القرآن - جزء أول من 1 إلى 20 .
- الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت (113) .
هذا البحث يعتنى بالتناقضات فى القرآن من تجميعاتى لسلسلة مقالاتى السابقة المعنونة " زهايمر - تناقضات فى الكتابات المقدسة" ليقتصر هذا البحث على التناقضات فى القرآن فقط ..لأمهد بهذا التجميع إلى إصداره فى كتاب إنترنتى , وكدلائل قوية على بشرية الأديان , ولكنى لا أقصره على هذه الرؤية فقط , فالمائة تناقض فى القرآن يضم كتاباتى السابقة فى نقد القرآن وما سيستجد من كتابات لتكون موسوعة كاملة لأهديها للمدعو بشاراة أحمد عرمان ذاك السلفى الذى يتوهم أنه يرد على كتاباتى فلا تكون ردوده سوى محاولات مستمرة من السب والإساءة والإزدراء مصحوباَ بتلفيقات ومرواغات , لتصل به البجاحة والكلاحة حداً أن يعلن عليّا صفقة بأن أتخلى عن نقد الإسلام فى سبيل الكف عن إساءاته وسبه لشخصى .!
لقد إنصرفت من فترة عن نقد الإسلام لأعتنى بمواضيعى الفلسفية ونقد فكرة الإله ليكون تطرقى للأديان فى مدى إنتهاك شرائعها وثقافتها لكرامة وحرية الإنسان فقط .. إذن هذه الموسوعة من تناقضات القرآن هى لتحدى المدعو بشاراة احمد وإيلامه وليعلم أنه لن يفلح بسبابه وإساءاته أن يوقفنى تاركاً له الألم والحسرة ولأدعه يضرب أخماس فى أسادس مع نصوصه المهترئة .
1 - هل يبدل الله كلامه أم لا يبدل ؟.
يُفترض أن كلام الله لا يتغير ولا يتبدل بحكم أن الإله كلى القداسة والحكمة والمعرفة المنزهة عن الخطأ , وهذا ما أقر به القرآن فى عدة مواضع بقوله فى الأنعام6 ( لا مبدل لكلمات الله) وفى يونس 10( لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ) وفى الكهف18 (لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا ) وفى ق50( ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ) . ولكنه فى النحل16 يقول أنه يُمكن أن يبدل ( إذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر) كما يذكر فى البقرة 2 ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ) والنسخ هو الإلغاء والتغيير والتبديل .
يمكن تفسير هذا التناقض أن آية لا تبديل لكلمات الله جاءت فى سياق فهم متماسك للاهوت الإله , فهكذا يجب أن تكون الآلهة لا تتبدل كلماتهم ولا تتغير لتتكلل الذات الإلهية بالعظمة والجلال والحكمة والكياسة , بينما جاءت آية النسخ للخروج من أزمة تناقض الآيات مع بعضها وهو ما أثاره جدالات الكفار واليهود وما سنفضحه فى هذه الموسوعة , فجاءت آية النسخ لتقول أن هذا التناقض هو رغبة الله أو كما نقول باللهجة العامية " هوا كده " بالرغم أن " هوا كده " تنال من عظمة وحكمة ومعرفة الله المطلقة .!
2 - هل الله يَضره شئ أم لا يُضار .؟!
الله لا يضره شئ فيُفترض أنه إله عظيم لن يناله الضرر من عبيده لذا جاءت سورة التوبة فى هذا السياق ( إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )التوبة , ولكن نفس الإله يتعرض للضرر والأذى من عبيده ليغضب من هذا الأذى ويلعنهم فى الدنيا والآخرة ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا) الأحزاب 57 . فهل الله لا يُضار فى شئ أم يُضار ويتأذى لدرجة أنه يفقد أعصابه ويلعن .؟!
3- هل الله يعلم كل شئ أم لا يعلم .؟!
من المُفترض أن الله يعلم فهذه من صفاته التى يتغنون بها دوما كعالم الغيب وكلى المعرفة (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) الحشر . وهناك العديد من الآيات التى تؤكد علم الله للغيب ولكن توجد آيات لا يعلم فيها كما فى المائدة 94( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) . وفى العنكبوت 11 (وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ )- وفى العنكبوت 3(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) وفى آلعمران 140 (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) .
فلنتوقف أمام " لِيَعْلَمَ اللَّهُ " , ولتؤكد سورة الحجر هذا فى أن الله لا يعلم الغيب ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) فالله فى هذه الآية غير متأكد والأمور لديه فى موضع الإحتمالية بالقول " ربـما " فلو كان الله متأكد ماقالها.. فهل الله يعلم أم لا يعلم .؟!
4 - هل نتقى الله حق تقاته أو ما إستطعنا .؟!
يطل علينا التناقض والتردد بشكل فج فى آيتين أحدهما يأمر فيها الله المؤمنين أن يتقوه حق تقاته ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِوَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون) 102ال عمران . وآية أخرى يأمر بتقوته بقدر ما نستطيع ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفْلمُِحُونَ) التغابن 16. فهل يتقى المؤمنون الله حق تقاته أم بقدر إستطاعتهم !
شئ غريب بالفعل , فالمُفترض أن الله له رؤية ونهج ومنهج وحكم يريده وهذا مُحدد منذ الأزل فرضاً , فيعلم جيداً ما يريده كما يعلم بإمكانيات البشر كونه عالم الغيب وحده , فإما يريد من المؤمنين أن يتقوه حق تقاته أو ما إستطاعوا فإذا كان يُريد حق تقاته فلا داعى لما إستطعتم , كذلك لو يرضى بما إستطاعوا تقواه فلا معنى أن يأمر بحق تقاته , وهذا يعطينا معنى واضح لبشرية النص لن يسعفها فكرة النسخ لأنه ستصيب الله بالتردد والغفلة والعجز والجهل عن معرفة الغيب وتحديد مشيئته وإرادته ولكن الحدث الذى صاحب الآية سيمنحنا رؤية واضحة بأننا أمام نصوص بشرية لحماً ودماً وإنفعالاً يتم صياغتها وفقا لإرادة ومزاج الجمهور وبشكل ساذج فيذكر لنا الطبرى: حدثني يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته " آل عمران : 102 قال : جاء أمر شديد , قالوا : ومن يعرف قدر هذا أو يبلغه ؟ فلما عرف الله أنه قد اشتد ذلك عليهم نسخها عنهم وجاء بالآية الأخرى : " اتقوا الله ما استطعتم" .!
وفى أسباب التنزيل للسيوطى : روى أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال: لما أورد محمد قوله وإنْ تُبْدوا ما في أنفسِكم أو تُخْفوه يحاسِبْكم بهِ اللهُ اشتدّ ذلك على أصحابه، فأتوا محمداً ثم جثوا على الرُّكب فقالوا: قد أنزل عليك هذه الآية ولا نطيقها. فقال: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا، بل قولوا سمعنا وأطعنا. غفرانك ربنا وإليك المصير . فلما فعلوا ذلك نسخها الله بقوله: لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها , فمن هنا ترى أن محمد كان يتقلّب مع قومه ويدور معهم حسب ميولهم وأهوائهم ليرضيهم وهذا من السياسة . !!.. آية تنزل فلا تجد قبول من الجمهور فيتم حذفها وإستبدالها بآية أخرى فألسنا أمام كتابات بشرية لم تعتنى بأى درجة من الكياسة .
5 - هل الله يقسم أم لا يقسم .!
من المُفترض أن الإله لا يُقسم فهذا إمتهان لألوهيته , كون القسم يعنى أن هناك شئ أعظم منه أو يماثله ليتخذه وسيلة لإثبات مدى مصداقيته أمام سامعيه كما يعنى أنه يتوسم من سامعيه الثقة فى كلامه بقسمه ,علاوة أن قسم الله بمخلوقاته لا يجوز له كإله هو خالقها لتأتى آية ( لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا البَلَدِ ) سورة البلد 90: 1 محققة لهذا الإدراك بالذات الإلهية , ولكن سرعان ما نجد الله يُقسم لتتبدد ألوهيته والغريب أنه يقسم بذات البلد "مكه " الذى تعهد بعدم القسم به (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ . وَطُورِ سِينِينَ . وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ . لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ . ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ . فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) التين:1-8 . فالله فى الآية السابقة يقسم بأربعة التين , والزيتون ,وطور سنين ,وهذا البلد الأمين فماذا نقول عن الذى نفى عن نفسه القسم ثم نجده يُقسم فهل نقول غفوة إله أم غفوة إنسان أم فكر عفوى طلب القسم بدون أن يَدرك مغزاه . الغريب والطريف فى الإيمان الإسلامى أن العلماء يقرون بأن الله "يقسم" بالرغم من "لا أقسم بهذا البلد " فقد حذفوا ال"لا".!
6 - هل الله ينسى أم لا ؟ .
بحكم أن الله كلى المعرفة وعالم الغيب وما تخفيه الأنفس فيكون منطقياً ألا ينسى , فالنسيان حالة إنسانية تعنى الضعف والوهن لذا يقول فى مريم 64 ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً) وفى طه: 52 ( فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى) ولكن نفس القرآن يجعل الله ينسى كما فى التوبة: 67 ( نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ ) و فى البقرة2: 106 (وما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها )
فهل ينسى أم لا ينسى ؟!.. يمكن تفسير الآية الأخيرة أنها جاءت كإنفعال بشرى يشوبه العصبية تجاه المخالفين فكما جعل صاحب النص الإله يضل ولا هاد له ولا سبيل نجاة من ضلاله ليختم البشر بختم الضلال كرد فعل ضد الناقدين والمعارضين الذى عجز عن مواجهتهم ليسوق أن نقدهم لم يأتى لقوة حجتهم بل جاء كنتيجة قدرية لتضليل الله لهم رغماً عنهم لتقترب آية " نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ" من هذا النهج الفكرى كنهج عناد , ولتبقى فى النهاية تناقض أمام من يرفضون بشرية النص فعليهم ان يتوقفوا عنده .
7 - هل الله ينهى عن الفتنه أم يصنع الفتنه .؟
الله ينهى عن الفتنة فى مواضع عدة بالقرآن (يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْـزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ )الأعراف 27- (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ )البقرة 193 - (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ)البقرة 191,
ولكن نفس الإله الذى يُحذر من الفتنه وينهى عنها نراه يعمل الفتنه ففى الأعراف 155 (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ "هِيَ إِلا فِتْنَتُكَ " تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ) – وفى العنكبوت 3(وَلَقَد " فَتَنَّا" الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) – وفى الأنعام 53( وَكَذَلِك "فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ " لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) – وفى الفرقان 20( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَ"جَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً" أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا)
هنا الله يقول " فتنا "و"جعلنا بعضهم لبعض فتنة" ولتلاحظ أنه لم يقل أن الناس هم الفتنة بل هو من يُفتنون , بينما قال سابقا "الفتنة أشد من القتل" و"قاتلوهم حتى لا تكون فتنة "كما حذر من فتنة الشيطان .!
8 - هل الله لا يأمر بالفحشاء أم يأمر بالفسق ؟
الله لا يأمر بالفحشاء ولا يهلك القرى بظلم وأهلها غافلون كما جاء فى الأعراف 7: 28 ( إنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ) وفي سورة الأنعام6 ( ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْم وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ) ولكنه يهلك القرى ويأمر بالفسق فيقول في سورة الإسراء17 ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً ) . فالأمر بالفسق هو أمر بالفحشاء, وإهلاك أهل القرية من أجل مُترَفيها ..لنسأل أليس الله ليس آمر بالفسق , وما معنى قوله لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ . وإذا كانت فاسدة فهل الله يحتاج مبرر وذريعة وحجة لهذا السيناريو .!
9 - هل السيئة من الله أم لا ؟.
فى سورة النساء لدينا آيتان متتاليتين متناقضتين والغريب أنهما متجاورتين هذه المرة ففى النساء 78:4 (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِب ْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ). وفى النساء 79:4 ( مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولا) .
فالآية الأولى تقر بشكل واضح أن الحسنه والسيئة من عند الله , أما الآية الثانية تجعل الحسنه فقط من الله أما السيئة فمن البشر لتشكل هاتان الآيتان إشكالية كبيرة أدت لظهور مذهب القدرية كفصيل فكرى إسلامى , فهل السيئة من الله أم من أنفسنا .
فى الحقيقة ان كثير من الآيات القرآنية تجعل السيئة من الله كونه يفتن ويضل مثل القول ( قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ ) طه 20: 85 .و العنكبوت 3:29 ( وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) .
10 - هل الله ليس كمثله شئ أم مثله ؟.
يُعتبر القرآن اكثر الكتب الدينية تعظيماً وتبجيلاً للإله بآية (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ونجد هذا فى مواضع عدة ( سبحان الله عما يصفون ) المؤمنون 91 - (سبحان الله رب العرش عما يصفون ) الانبياء 2- وفى الشورى 11 ( فاطر السموات والارض.. ليس كمثلة شى وهو السميع البصير) . وهذا يعنى ان الله لا مثيل له , لأراه شئ ينزه الإله ويبعده عن أى تشبيه أو تمثيل فمهما حاولنا أن نجد له شبه أو مثيل فسيكون الله مخالفاً لذلك , ولكن القرآن يعج بعشرات الآيات التى تغرق الله فى المثل والشبه وذلك بالأفراط فى تناول الصفات البشرية كالغضب والإنتقام .. الخ , كما تغرقه فى التشبيه الإنسانى كون له وجه ويد وساق وقد تناولنا تلك الآيات سابقا ولنضيف هنا مشهد جديد عن الإله الذى يشارك الملائكة الصلاة على النبى ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الأحزاب:56 فإذا كان لنا أن نندهش من إله يصلى على عبده ومدى تهافت هذا المشهد الذى ينال من الألوهية , فلنا أن نتوقف أيضا عن فعل مشاركته للملائكة ومدى انسجامها مع ليس كمثله شئ .
11- هل الله لا يغفر لمن قتل مؤمنا متعمداً أم يغفر له ؟
فى النساء 4: 92 أيه حادة قاطعة عن حكم الله فيمن يقتل مؤمنا متعمدا ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن يقتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) ولكن فى سورة الفرقان25 فتح المجال للتوبة بدلاً من العذاب الأليم لقاتل مؤمن فإن الله سيبدل سيئاته حسنات ( الذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة .. إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) . ففى الأولى لن يرحم الله قاتل المؤمن ومصيره جهنم خالداً فيها , وفى الثانية نجد كلمة إلا من تاب بل يبدل الله سيئاتهم حسنات وبذلك يمكن لمن قتل النفس التي حرم الله قتلها أن يتوب ويبدل الله سيئاته حسنات .!
كذلك فى الحجرات9 سمح الله بقتل المؤمن عمداً ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فإن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُواإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
واضح ان التناقض بَيْن فهو ينهى عن القتل العمد ولكن يأمر ويحلل القتل العمد من خلال " فقاتلوا التي تبغي" , أما الحديث فجاب ضلفها كما يقولون فقد جعل القاتل والمقتول فى النار وضاعت قصة من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم فجاء قول محمد ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه) .
إذا كان لنا ألا نكتفى بإبراز التناقض فقط لنطرح تفسيرا وتحليلا فنقول أن النص الإسلامى نص إنفعالى يتعامل مع الأحداث بإنفعالية وعصبية وليس بمبدأ وفكر ونهج ثابت .. هناك خربشة اخرى فى هذه الرؤية الإلهية تبدد أمل المظلومين والمقهورين فى أن يقتص الإله من ظالميهم , فأتصور أن من الأسباب الرئيسية للإيمان بوجود إله هو أن يقتص وينتقم من الظالم ولكن سيخيب ظنهم عندما يجدوا ظالميهم فى الجنه , فقد بدل الإله سيئاتهم حسنات ولا عزاء للمظلومين . !
12 - هل شِركهم بإرادتهم أم بإرادة الله ؟.
يخبرنا القرآن عن سؤال الله للمشركين يوم القيامة عن سبب إشراكهم به فيقولون ان الله هو السبب في ذلك إذ لو شاء لهم عدم الشرك لما أشركوا. وهذا منطق متسق مع المنطق القرآنى القائل بأن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ، ولكن الله يعيب عليهم هذا القول ويتهمهم بالكذب ففى الانعام 148(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آَبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) . ولكن يبدو أنه نسي ما قاله في نفس هذه السورة فنراه يقرر بكل ثقة في آية أخرى ماعابه عليهم فيقول ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ) الانعام107 . فهو يقر هنا صراحة بأنه السبب في إشراكهم !! ، نحن هنا أمام أحد أمرين: إما أن تكون مشيئة الله سبباً في إشراكهم كما قالوا ويكونون بهذا صادقين في كلامهم , أو أن يكونوا كاذبين بهذا الزعم ويكون القرآن مخطأ بتكذيبهم أو أننا أمام حالة شيزوفرانيا وزهايمر إلهى .!
13 - هل الصفح والغفران أم الجهاد وإغلظ عليهم ؟.
فى سورة الحِجر 15: 85 آية جميلة ( إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الجَمِيلَ ) فهى دعوة طيبة للصفح والتسامح ولكن ما تلبث أن تبددها وتناقضها آية سورة التوبة 9: 73 ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ) ..فهل التعاطى مع الكفار والمشركين يكون بالصفح أم بالجهاد وقتلهم والإغلاظ عليهم .!
أتصور سبب التناقض أن الآية الأولى جاءت فى مرحلة تكوين الإسلام الذى لم يطلب التصادم , أما الآية الثانية فجاءت فى مرحلة التمكن والقوة والسيادة للحضور المحمدي , ولكن وفقا للمنطق الإلهى فمن المفترض إن الله يرسل رسالة محددة غير ملتبسة للعالم أجمع فى كل زمان ومكان , فهل يريد الصفح الجميل أم الجهاد والإغلاظ عليهم .
14 - هل يحاسب الله على ما فى أنفسنا أم لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ؟.
فى سورة البقرة آية 284 ( لِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ) تعنى ان الله سيحاسب البشر بما يخفون في صدورهم وما لا يعلنون عنه أى على نواياهم حتى ولو لم يفعلوا فهكذا حُكم ونظام إلهى فى الحساب , ولكن هناك آية أخرى مخالفة تماماً لهذا التوجه فى نفس سورة البقرة:286 والتالية للإية السابقة ! . ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) فكل نفس بوسعها وما اقترفت وليس بما يدور فى ضميرها ونواياها . فما هو الحكم الإلهى هل يحاسب على النوايا وما يخفيه الإنسان فى صدره وضميره أم التكليف وفق السعة والمقدرة والإقتراف ؟
من هنا يحق لنا السؤال : بما أن الله عالم الغيب فألم يكن يعلم بصعوبة ذلك الطلب مسبقا ؟ وهل الحديث يبطل آية قرانية ؟! ولماذا تتنزل آية قرانية ليبطلها حديث ثم يليها آية أخرى بعد عدة ساعات تؤكد الحديث , ولتلاحظ أن الآية الأولى 284 من سورة البقرة والآية الثانية 286 من نفس السورة أى مدادها لم يجف بعد .!!
سنحاول إيجاد تفسير لهذا التناقض حتى لا يقال أننا نتصيد الأخطاء فقط ولكن هذا التفسير سيكون مؤلماً لأنه سيثبت بشرية النص ومزاجيته .. فعندما تلى محمد آية " وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخفوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله " وجد الصحابة هذه الآية مرهقة صعبة التنفيذ لتشكل مشقة فى الإمتثال لها فإحتجوا للرسول بعد سماعهم تلك الآية , فجثوا على ركبهم وبكا منهم البعض وأقروا بعدم مقدرتهم على ذلك المطلب أن يوقفوا حديث النفس , فقال لهم الرسول بعد أن طلب منهم ان يقولوا سمعنا واطعنا قال : ( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) ثم نزلت آية اخرى لاحقا تبطل سابقتها ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ).
أراه تفسير منطقى وفقا لسرد أسباب التنزيل والسيناريو الذى تم , ولكن هذا يعنى أن محمد يؤلف الآيات , فالآية التى لا تجد صدى لدى الجمهور يتم إيطالها وإستبدالها بآية أخرى لينة ترضى مزاج الصحابة , ولتلاحظ أن الحديث جاء سريعاً ناسخاً لآية البقرة 284 ليعقبها بآية . !
15 - هل يريد الله أمة واحدة أم لا ؟.
فى سورة المؤمنون 51-52( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فإتقون ) ويؤكد أن البشر أمة واحدة فى موضع آخر بالأنبياء 92-93 ( إنّ هذه أمتكم أمةٌ واحدة وأنا ربكم فاعبدون فتقطعوا أمرهم بينهم كلٌ إلينا راجعون ) ثم يفاجئنا القرآن بقوله ( ولو شاء الله لجعلكم أمةً واحدةً ولكن يُضل من يشاء ويهدي من يشاء ) النحل 93.
16 - هل يحرض المؤمنين على قتال الكفار أم يدعهم لشأنهم ؟.
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مَائَتَيْن ) سورة الأنفال 8: 65- ليناقضها ( وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَّكَلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً ) سورة الأحزاب 33: 48
فى الآية الأولى دعوة صريحة للنبى على تحريض المؤمنين على القتال , وفى الآية الثانية دعوة إلى عدم طاعة الكافرين والإنصراف عن أذاهم بسلام وليتوكل المؤمنين على الله ويكفيهم هذا فالله الوكيل .! أفسر هذا التناقض بأنه يعتمد على حال الإسلام والكفار فإذا كان حال المسلمين قوياً فليحرض على قتال الكفار وإذا كان ضعيفاً فدع أذاهم .!
17 - هل الإيمان والضلال قدر مكتوب أم خيار إنسانى ؟.
تناولت فى مقالات عديدة آيات وأحاديث تؤكد أن إيمان الإنسان وكفره وهدايته وضلاله هى أمور بيد الله بتفرد , فمن يريد الله غوايته وتضليله وإفتانه ليكون مصيره النار وليملأ به الجحيم فسيتم هذا رغماً عن أنف الإنسان ولأقدم هنا بعض الآيات التى لم أعرضها فى مقالاتى السابقة ففى التغابن64: 2 (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير) . وفى المائدة5 ( ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ) . وفى الأنعام6: (لو شاء الله ماأشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا ) . وفى هود11: ( لا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون) . وفى البقرة 284 (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاء ).
لأمانة البحث علينا أن نذكر بعض الآيات التى صدرت مفهوم أن الهداية والإيمان والضلال كخيار إنسانى ففى الكهف18: 29 ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وفى يونس10: 108 ( قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ) . ولكن النصوص هكذا تقع فى التناقض والتخبط بين إرادة الله فى التضليل والإغواء وإرادة الإنسان , فما الحل أمام تلك المعضلة .
18 - هل يشارك الشيطان فى سرد الآيات أم لا ؟.
يقول القرآن فى البقرة 2: 106 ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ) وهذا يعنى أن الله ينزل آيات من القران ثم ينسخها ويلغيها ويأتي بأحسن منها أو مثلها وبالرغم من تحفظنا على فكرة النسخ التى تعنى أن الله متردد لا يعلم الغيب فيغير من آياته حسب الظروف , وبالرغم من تحفظنا أيضا على " ننسها" وعلى " نأتى بمثلها" , لكن سنعتنى بفكرة أن الآيات سواء ناسخة أو منسوخة هي من فعل الله لا يشاركه احد , ولكن فى سورة الحج 22: 52 نجد قوله ( فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض ) وهذا يعنى أن الشيطان يلقي على محمد آيات ثم يلغي الله وينسخ تلك الآيات الشيطانية التي ألقاها الشيطان , وهذا يعنى أن الشيطان يتلو أيضاً آيات كقصة الغرانيق العلى , فهل يشارك الشيطان فى سرد الآيات أم لا ؟!
19 - هل الإيمان إطمئنان أم وجل ؟.
يقول القرآن في وصف المؤمنين (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) الرعد . وهذا وصف جميل يجد صداه لدى أهل الإيمان وكثيراً ما يتم ترديده بأن القرآن وذكر الله يمنح الطمأنينة والأمان , ونرى هذه الدعاية والتوصيف تجد سبيلها أيضا عند كل أصحاب الإيمان , فالمسيحى واليهودى يجد طمأنينة وسلام عند تعاطيه مع الكتاب المقدس , فالانسان رهين أوهامه ليطوع عقله وعواطفه لتقبل ما يريد تقبله , ولكن القرآن لا يحافظ على هذه البشارة التى قدمها بأن القرآن وذكر الله يجلب الطمأنينة لنجده فى آية أخرى في سورة الأنفال تقول ( انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وَجلت قلوبهم ) ، ثم يقول فى الزمر 23 ( الله نزّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ). فالمؤمن تنتابه عدة حالات عندما يّذكر الله : يخاف قلبه ويصيبه الوجل وفى موضع آخر يقشعر جلده , فلا نعرف هل المؤمن هو من يطمئن قلبه بذكر الله أم من يصيبه الخوف والوجل ويقشعر جلده .. نحن هنا أمام معضلة فالفعل هو ذات الفعل وهو ذكر الله , والفاعل هو نفس الفاعل وهو المؤمن , ولكن الله يقرر في الآية الأولى أن ذكر الله تُطمئن القلوب ثم يذكر في الثانية أنه يُصيب القلوب بالوجل وهو الخوف والاضطراب .!
20 - هل شفاء الصدور من كلام الله أم من القتل ؟.
كلام ومواعظ الله تشفى الصدور ففى يونس10: 57 ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة ) فإذا كان مقبولاً أن يكون كلام الله لشفاء الصدور , فمن الغريب أن قتال الكفار والمشركين وتعذيبهم شفاءاً لصدورالمؤمنين وصرف غيظهم ففى التوبة9: 14 ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم...) فكيف يتم الجمع بين النقيضين فهل كلام الله لإشفاء الصدور أم من قتل الكفار وكيف تستقيم المقارنة إذا إعتبرنا أن الإثنين هما السبيل لشفاء صدور المؤمنين , فهل كلام الله فى نفس الكفة مع القتل والتعذيب !.. يمكن القول أن آية سورة يونس تميل للمثالية فى تعظيم الإله , وأن آية التوبة أطلقها محمد ليمنح مقاتليه لذة الإنتقام والقسوة وتنفيس رغباتهم الوحشية .
دمتم بخير وإلى لقاءات أخرى مع مائة تناقض فى القرآن .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟