هيئات حقوقية: مئات القتلى في اشتباكات بسوريا ضمن أسوإ أعمال عنف منذ الإطاحة بنظام الأسد


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8275 - 2025 / 3 / 8 - 11:51
المحور: الارهاب, الحرب والسلام     

في أسوأ اندلاع للاضطرابات منذ تولت الحكومة الانتقالية السورية السلطة، قُتل أو جُرح مئات الأشخاص في اشتباكات بين قوات الأمن وأنصار الرئيس السابق بشار الأسد هذا الأسبوع، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
اندلعت الاشتباكات الخميس في محافظتي اللاذقية وطرطوس على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهما المنطقتان اللتان تمتع فيهما العلويون السوريون بدعم قوي من الأسد ، وشهدتا اندلاع أعمال عنف طائفية على مدى الأشهر الثلاثة الماضية.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يوم الجمعة، إن أكثر من 225 شخصاً قتلوا منذ يوم الخميس في الاشتباكات.
وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان المستقل والكائن مقره بالمملكة المتحدة أن عدد القتلى بلغ 100 على الأقل من "أفراد الأمن" التابعين للحكومة السورية، بينما قُتل 125 مدنياً عندما أطلقت قوات مشتركة من وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين "عملية أمنية واسعة النطاق في عشرات القرى في ريف اللاذقية وطرطوس وحماة".
وعندما تعدر على مبعوثي الجرائد الدولية من التحقق بشكل مستقل من أرقام الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تواصلت مع الحكومة السورية للحصول على تعليق بشأن عدد القتلى.
للتذكير، حكمت عائلة الأسد، التي تنتمي إلى الطائفة العلوية، سوريا لأكثر من نصف قرن حتى أطاح مسلحون إسلاميون سنة بالأسد في أواخر العام الماضي، سعيا لإعادة تشكيل النظام السياسي والطائفي في البلاد.
كان العلويون السوريون ــ الذين يشكلون نحو 10% من السكان ــ من الشخصيات البارزة في نظام الأسد، وإذا سلم العديد من العلويين أسلحتهم منذ ديسمبر، فإن كثيرين آخرين لم يفعلوا ذلك.
ويسلط الارتفاع الأخير في وتيرة العنف الضوء على التحديات التي يواجهها النظام الجديد في سوريا في استرضاء المجموعات المهمشة، وخاصة تلك التي لا تزال مسلحة بشكل كبير.
في خطاب تلفزيوني ألقاه يوم الجمعة، تعهد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع بملاحقة المسؤولين عن قتل العشرات من أفراد الأمن السوري. كما حث قوات الأمن على "ضمان عدم حدوث ردود فعل مفرطة أو غير مبررة" في أعقاب تقارير عن سقوط العديد من الضحايا المدنيين خلال الاشتباكات.
وقالت وزارة الداخلية السورية في وقت سابق الجمعة إنهم "على أعتاب مرحلة حرجة تتطلب الوعي والانضباط".
وكتبت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن "حشوداً كبيرة وغير منظمة تحركت باتجاه الساحل بعد مقتل عدد من رجال الشرطة والأمن"، نقلاً عن مسؤول بوزارة الداخلية السورية.
وقال أنس خطاب رئيس المخابرات السورية إن "قيادات عسكرية وأمنية سابقة تابعة للنظام البائد تقف وراء التخطيط وتنفيذ هذه الجرائم"، مضيفا أن "العملية الغادرة" أودت بحياة "العشرات من خيرة رجالنا في الجيش والأمن والشرطة".
واردف خطاب: "إلى أولئك الذين لم يستمعوا إلى تحذيراتنا السابقة: لقد خدعتكم أيادي خبيثة لتفعلوا ما تفعلونه اليوم"، محملاً اللوم لأفراد خارج سوريا.
تُظهر مقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منذ يوم الخميس، خسائر بشرية كبيرة في صفوف قوات الأمن السورية والشباب بملابس مدنية. كما أظهر أحد مقاطع الفيديو عدداً من الرجال وهم يضعون جثثاً بجوار سيارة للشرطة. وأظهر مقطع فيديو آخر نساء يبكين بين جثث ما لا يقل عن عشرين رجلاً بملابس مدنية يبدو أنهم قُتلوا بالرصاص في قرية بالقرب من بلدة الجنديرية. وأظهر مقطع آخر قوات الأمن وهي تطلق النار بكثافة ليلاً باتجاه مصدر إطلاق نار مقابل.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع العقيد حسن عبد الغني الجمعة إن "كبار مجرمي الحرب" "متفرقون في الجبال ولا ملجأ لهم سوى المحاكم حيث سيواجهون العدالة".
واضاف مخاطبا مؤيدي الأسد: "لا تصبحوا وقودا لحرب خاسرة.. الخيار واضح: سلموا أسلحتكم أو واجهوا مصيركم المحتوم".
هذا، وأظهرت لقطات أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الجمعة تعزيزات عسكرية كبيرة تتجه إلى المنطقة. وتم فرض حظر تجول على مدينة طرطوس حتى يوم السبت.
وأشارت المقاطع المصورة إلى وصول قوات الأمن إلى مدينة جبلة الساحلية القريبة من قاعدة حميميم الجوية الروسية، كما أظهرت اشتباكات وأعمدة دخان تتصاعد من قرب القاعدة.
كما أظهرت مقاطع فيديو أخرى دخول قوات حكومية إلى القرداحة، مسقط رأس عائلة الأسد، وسط انفجارات وأعمدة من الدخان. وأكد مسؤول في وزارة الدفاع في وقت لاحق من يوم الجمعة أن قوات الأمن نفذت عمليات "ضد فلول النظام السابق" في القرداحة، وفقا لوكالة سانا. وأظهر مقطع فيديو تم تحديد موقعه على الساحل بالقرب من جبلة قنابل بدائية الصنع يتم إسقاطها من مروحية عسكرية.
وفي خبر ذي صلة، أصدرت وزارة الداخلية السورية بوم الجمعة بيانا حثت فيه "جميع المدنيين على الابتعاد عن مناطق العمليات العسكرية والأمنية"، مشيرة إلى إن جميع الوحدات العسكرية والأمنية صدرت لها الأوامر "بالالتزام الصارم بالإجراءات والقوانين المعمول بها لحماية المدنيين".
من جهتها، قالت وزارة الصحة السورية إن ستة مستشفيات في ريفي اللاذقية وطرطوس تعرضت ليلة الخميس/الجمعة لهجوم من قبل عناصر موالية للأسد، مما أسفر عن سقوط عدة قتلى.
وقال عبد الرحمن طالب، وهو ناشط وصحفي مقيم في اللاذقية، إنه تعرض بوم الخميس لاعتداء من قبل موالين للأسد، أثناء تغطيته للاشتباكات مع قوات الأمن السورية.
وشهد طالب فائلا: "حوصرنا لمدة 12 ساعة تقريباً في أحد أحياء اللاذقية، وكانت بقايا المسلحين تنتشر في كل مكان حولنا. لم أتوقع أن نخرج أحياءً". وأضاف أنه كان يحتمي لدى علويين آخرين في المنطقة "حتى وصلت التعزيزات الأولى وأجلتنا".
أثارت أعمال العنف مظاهرات مؤيدة ومعارضة للحكومة في العديد من المدن السورية.
وأدانت المملكة العربية السعودية، الداعم القوي للحكومة الجديدة، ما وصفته بـ "الجرائم التي ارتكبتها مجموعات خارجة عن القانون" في سوريا.