الطيب حمضي: سبعة من كل عشرة مغاربة مصابون بجرثومة المعدة
أحمد رباص
الحوار المتمدن
-
العدد: 8272 - 2025 / 3 / 5 - 08:18
المحور:
الطب , والعلوم
غالبا ما تكون عدوى البكتيريا الحلزونية صامتة وبدون أعراض، وتشكل مشكلة صحية حقيقية، ومن المحتمل أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل قرحة المعدة أو حتى سرطان المعدة. وما يزال انتقالها، الذي تيسره ظروف النظافة غير الكافية، يشكل تحديا كبيرا، لا سيما في مناطق وأسر معينة. وبحسب الدكتور حمدي، الباحث الطبي في السياسات والأنظمة الصحية، تؤثر هذه العدوى على “ما يقرب من 7 من كل 10 أشخاص في المغرب”، ومن هنا ضرورة اعتماد مقاربة جماعية لرفع مستوى الوعي لدى السكان ووضع تدابير وقائية.
كشفت دراسة حديثة نشرت في المجلة العلمية “Cureus” عن ارتفاع معدل انتشار عدوى بكتيريا المعدة هيليكوباكتر بيلوري (H. pylori) بين الأطفال دون سن 16 عاما في شرق المملكة.
وبطبيعة الحال، أثارت هذه النتائج المخاوف وأطلقت نقاشات على شبكات التواصل الاجتماعي. حول هذا الموضوع، يوضح الدكتور الطيب حمضي، الباحث الطبي في السياسات والأنظمة الصحية، أن الأرقام الواردة في الدراسة، على الرغم من أنها مثيرة للاهتمام، إلا أنها لا تحمل معنى حقيقيًا إلا إذا تم وضعها في منظورها الصحيح على المستوى الوطني والدولي، ومقارنتها بين الفئات العمرية المختلفة.
مع أخذ ذلك في الاعتبار، يشير الدكتور حمدي إلى أن دراسة أجريت بين عامي 2008 و2011 كشفت بالفعل عن معدل انتشار يصل إلى 70% على المستوى الوطني مع إصابة أكثر من 50% من الأطفال. ووفقا له، تظل هذه الأرقام صالحة حتى اليوم في ظل غياب البيانات الرسمية، مما يعكس الوضع الذي لم يتطور بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس عشرة الماضية.
ويؤكد الدكتور حمضي أيضا أن معدل انتشار بكتيريا الملوية البوابية في المغرب، والذي يقدر بـ 70٪، مرتفع نسبيا، ويمكن مقارنته بتلك التي لوحظت في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ومن ناحية أخرى، يكون هذا المعدل أقل بكثير في البلدان المتقدمة، إذ يتراوح بين 20 و30%، أو حتى 35%.
ويرى الدكتور حمضي أنه من الضروري تعزيز جهود التوعية من أجل إعلام المواطنين بشكل أفضل واتخاذ التدابير المناسبة لمعالجة هذا الوضع.
المخاطر الجسيمة المرتبطة بالبكتيريا الحلزونية
هذا مرض صامت، ولكنه يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل التهاب المعدة، وقرحة المعدة أو الاثني عشر، وفي الحالات الأكثر خطورة، سرطان المعدة. في الواقع، كما يوضح الدكتور حمضي، بكتيريا الملوية البوابية قادرة على البقاء في البيئة الحمضية للمعدة وهي مقاومة بشكل خاص بفضل الإنزيم الذي يحميها. ويشير الدكتور حمضي إلى أن "المرض ينتقل بشكل رئيسي عن طريق الفم، والذي يحدث بشكل رئيسي في البيئات التي لا تكون فيها النظافة كافية، كما هو الحال في المنازل الكبيرة أو المناطق التي يتم فيها إهمال نظافة الفم".
ويحدد حمضي أيضا أن البكتيريا يمكن أن تنتقل عن طريق مشاركة الأشياء الملوثة، مثل أدوات المائدة أو أدوات المطبخ أو حلمات زجاجات الأطفال. وبحسب الخبير، فإن بعض ممارسات الأمهات، مثل مضغ طعام أطفالهن أو تنظيف اللهايات بلعابهن، تعزز انتقال العدوى. وهذا يمكن أن يفسر أيضا الزيادة في الحالات بين الأطفال. في بعض الأحيان تظهر أعراض غير مرئية، ولكنها تنطوي على مخاطر طويلة المدى.
وبحسب الدكتور حمضي، يمكن أن تسبب بكتيريا هيليكوباكتر بيلوري آلامًا في المعدة أو انتفاخا أو عسر هضم أو تقرحات، لكن هذه الأعراض قد تكون سرية أو لا تظهر على الفور، ومن هنا تكمن خطورة هذا المرض على المدى الطويل. ويضيف الطبيب أن البحث عن هذه البكتيريا لا يتم إلا لدواعي طبية مقننة بشكل جيد حسب التوصيات العلمية العالمية، مثل أعراض الجهاز الهضمي المتكررة.
يقول الخبير: "يمكن تشخيص الإصابة عن طريق الفحص الليفي أو تحليل البراز أو اختبار التنفس. يحدد الطبيب أن اختبارات الدم مخصصة لحالات أكثر تحديدا. ويضيف أنه بمجرد اكتشاف بكتيريا الملوية البوابية، من الضروري المضي قدما في العلاج لتجنب المضاعفات المستقبلية. ويرى حمضي أن "العلاج القياسي يتكون من مزيج من المضادات الحيوية والأدوية للقضاء على البكتيريا لمدة أسبوعين. ويوضح قائلا: "يتم إجراء فحص بعد شهر من انتهاء العلاج للتأكد من القضاء على العدوى". إذا استمرت البكتيريا، يتم تقديم علاج إضافي، وفقا لبروتوكول دقيق.
تدابير وقائية بسيطة ولكنها فعالة
ويؤكد الدكتور حمضي أن الوقاية تعتمد على إجراءات النظافة: تجنب مشاركة أدوات المائدة، وغسل يديك بشكل متكرر، والتأكد من نظافة الأدوات التي يستخدمها الأطفال، وخاصة زجاجات الأطفال واللهايات. ويصر على أن "النظافة الغذائية والاهتمام الخاص بنظافة أدوات المطبخ أمر ضروري للحد من انتشار بكتيريا الملوية البوابية". وفي البيئات المجتمعية، تعد إدارة النظافة الأكثر صرامة أمرا بالغ الأهمية أيضا للحد من مخاطر انتقال العدوى. والطبيب مقتنع بأن انتشار المرض، وإن كان واسعا في المغرب، يمكن السيطرة عليه من خلال تدابير وقائية بسيطة ورعاية طبية مناسبة.
علاوة على ذلك، فإن زيادة الوعي بالنظافة من شأنه أن يقلل بشكل كبير من تأثير هذه العدوى على الصحة العامة.