القاضي والحمار


حسين علوان حسين
الحوار المتمدن - العدد: 8078 - 2024 / 8 / 23 - 02:50
المحور: الادب والفن     

حار القاضي في كيفية حسم القضية التي أمامه حول تنازع كل من الراعي "حسون" والسمسار "سلمان" على ملكية حمار. قدّم حسون شاهدين اثنين أكدا للقاضي – بعد أدائهما للقسم على الكتاب المقدس بقول الحق ولا شيء غير الحق – بكون الحمار المتنازع عليه يعود للراعي "حسون".
ثم قدم سلمان شاهدين اثنين أكدا للقاضي – بعد أدائهما للقسم على الكتاب المقدس بقول الحق ولا شيء غير الحق – بكون الحمار المتنازع عليه يعود للسمسار "سلمان" . وإزاء تكافؤ أدلة المتنازعَين، فقد أمر القاضي بإحضار الحمار إلى قاعة المحكمة ليرى بنفسه لأيٍ من المتنازعين يَميل.
بعد إحضار الحمار لقاعة المحكمة، أمر القاضي حسوناً بالوقوف أمام الحمار أولاً، ثم السير إلى جانبه، والوقوف خلفه، كي يتبيَّن ردود فعل الحمار ازاءه.
توجه حسون نحو الحمار، فوقف أمامه، ثم سار إلى جانبه حتى وقف خلفه. هنا هزَّ له الحمار ذيله كما لو كان يطرد الذباب عنه.
بعدها، أمر القاضي سلماناً بالوقوف أمام الحمار أولاً، ثم السير إلى جانبه، والوقوف خلفه، ليتبين ردود فعل الحمار تجاهه.
توجه سلمان نحو الحمار، فوقف أمامه، ثم سار إلى جانبه حتى وقف خلفه. هنا هزَّ له الحمار ذيله كما لو كان يطرد الذباب عنه، أيضاً.
اعتاص الأمر على القاضي، في ضوء كون الحمار قد تصرف إزاء الرجلين المتنازعين على ملكيته بنفس الشكل، دون أن يُظهر أي تفضيل لأحدهما على الآخر.
وللتخلص من الحرج، لم يبق للقاضي مخرج سوى تأجيل الحكم في تلك القضية إلى الشهر التالي ليتسنى له الوقت الكافي للتفكير ملياً بكيفية البت فيها. ولكون مثل هذا القرار كان سيكلف خزينة الولاية المفلسة مصاريف إضافية لإيواء وإطعام الحمار، فقد عنّت للقاضي فكرة مخاطبة الحمار نفسه.
سأل القاضي الحمار: قل لي أيها الحمار، من هو مالكك الصحيح: حسون الراعي، أم سلمان السمسار؟
- الحق أقول لك هو أن برذعتي تعود لحسون الراعي، ولكن لجامي يعود لسلمان السمسار. رد الحمار.