لكي نصمد في زماننا الصعب
مشعل يسار
الحوار المتمدن
-
العدد: 7490 - 2023 / 1 / 13 - 22:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من أجل الصمود والبقاء في ظل الحرب العالمية الجارية دون اعتراف رسمي بها، والتي نحنا جزء خائر القوى من ساحتها، تجب تعبئة مجتمعنا شعبيا. التعبئة الشعبية لا تعني بالضرورة تعبئة عسكرية فقط. يجب أن تردفها تعبئة اجتماعية وإدارية للصراع بغية التخلص من نتائج الفوضى التي ينشرها اليانكي وحليفه الصهيوني من خلال التلاعب باقتصادنا الهش منذ عشرات السنين. علينا أن نفهم أن صراعنا مع الغرب طويل. وهو لن يوفر أي حليف له بيننا ليضحي به على مذبح مصالحه هو. نموذج أوكرانيا ماثل للعيان. كوندوليزا رايس لا تخفي ابتهاجها بجاهزية الأوكرانيين للقتال نيابة عنها ومن أجل مصالحها هي.
الحقيقة هي أن قادة الأنجلو ساكسون، وجزئيا شعوبهم، باتوا مفطورين منذ الحروب الصليبية وحربهم على شعب أميركا الأصلي على أخلاقية الذئب: إذا تشبثوا بك بأسنانهم، فلا يمكنك فكها عنك إلا بطريقة واحدة فقط لا غير هي خلع فكهم. يجب أن نفهم أننا ساحة ضعيفة متخلفة متشرذمة يستخدمونها ويطأونها بجزماتهم في حربهم العالمية من أجل الهيمنة العالمية.
حتى لو اعترف الغرب بهزيمة مؤقتة، فلن تكون هذه هزيمته الأبدية. إنه يتحايل ويخرج من حرب عسكرية خسرها لينتصر في حرب اقتصادية يخوضها ضدك رغم أن اقتصاده هو بات مبنيا على البطش كمافيا نهب عالمية أكثر مما على القدرة الحقيقية لاقتصاده أو القيمة الحقيقية لعملته. لعل الهزيمة الرئيسية للغرب ستأتي من أزمته الاقتصادية، من أزمته الداخلية.
كيف تتجلى التعبئة الاجتماعية الشعبية في الممارسة؟ كيف تقاوم الاتجاهات السلبية للعالم الحديث؟ لعل الإجابة بسيطة. لا تثق، لا تخف، لا تترجَّ! لا تثق في السلطة ثقة عمياء. أي سلطة، سياسية كانت أم حزبية أم دينية، مهما ادعت أنها تعمل من أجلك، أنها تقاوم. أنها لا تساوم!!! لا تثق بالسلطات الدولية ولا بالسلطات المحلية. سنتان عشناهما من التعذيب، من الاضطهاد الكوفيدي الذي قادته منظمة الصحة العالمية السيئة الذكر والتي يعمل موظفوها المرتشون في خدمة كبار القوم في الدولة العميقة وأعمالهم الاستثمارية الإجرامية ترهيباً من فيروسات اعتادتها البشرية ونجحت في مقاومتها حتى عندما لم تكن لديها الوسائل التي لدينا اليوم، وتلقيحاً ملغوماً بأكثر من هدف خفي إجرامي، ودعوة إلى الاعتزال والارتياب بالآخرين لمنع تضامنها ضدهم. وقد دعمتهم حكوماتنا في استعمال القمع لتسيير أمور هذه النخبة العالمية الشنعاء. من الضروري عدم تصديق السلطة، بل مراقبة ما تفعله وتقييمه. يجب الالتفات إلى ما الذي تعد به وما الذي تفعله. وماذا تحقق منه. لا يمكنك الوثوق بالأصل. لا يمكنك أن ترجو أي شيء. لا يليق بك أن تسترحم السلطة، أن تجاملها، بل يجب عليك أن تطالبها وأن تنتقد تجاوزاتها وأن تقاوم نزواتها. لا تخف. بأي حال من الأحوال. أولاً، لأن الخوف عديم الفائدة، وثانيًا، لأنه محرج لك.
المطلوب أولا في زمن "الفوضى الهدامة" هو مقاومة هذه الفوضى. الفوضى أخطر الدكتاتوريات. الشيء الرئيسي الذي يجب أن يقاومه الشخص في هذا العالم الحديث هو الفوضى. لأن ما يحدث في العالم على مختلف المستويات هو ثورة الفوضى. كل هذه الثورات المخملية الملونة تندرج ضمن ثورة الفوضى الهدامة هذه. وفي معمعان هذه الثورة تعربد البيروقراطية ويستشري فسادها. لا يكفي الشعب استغلال رأس المال وخاصة المالي البنكي له، بل ينضم إلى رأس المال هذا سارقو قوته من الخزينة المتكونة من جناه، من تعبه، من الضرائب والرسوم التي يدفعها.
لكي نصمد في عالمنا المعاصر، والأهم من ذلك، لكي نخدم بلادنا، يجب أن نحاول اتخاذ خيار أخلاقي حتى في الظروف الحالية الصعبة. الأمر صعب، خاصة في مواجهة عدد كبير من الإغراءات، في مواجهة الأزمة الأخلاقية الحالية. لكن الطريقة الوحيدة للعيش حياة كريمة هي العيش وفقًا لمبادئ العدالة الاجتماعية. العيش مع الحفاظ على الصدق والاستقامة.
ما يجعل المرء إنسانًا هو المقاومة والقدرة على أن يقول "لا". وليس كل من يدعي المقاومة مقاوم حقا. لقد تدنت المتطلبات في زمننا وتشوشت المفاهيم. المقاومة هي أن تعرف كيف تواجه عدوك بالسلاح وبالفكر الاقتصادي السليم لأنه حين يفشل في مواجهتك بالسلاح قادر على أن يستخدم الاقتصاد ضدك. والاقتصاد بات أفعل من أي سلاح. حين يحرمك اليانكي من الكهرباء بإيعاز من سفيرته، كما يحصل في لبنان، فهو يحرمك من الماء والضوء والإنتاج والعيش العصري. ساعتئذ لن تنفع لا صواريخك ولا تصاريحك النارية. سيُسقَط في يدك! وستصبح عاجزا عن فعل شيء مهما كانت نواياك طيبة.