تنبؤات ستالين عن روسيا، وراهنيتها في سياق الأحداث الجارية


مشعل يسار
الحوار المتمدن - العدد: 7414 - 2022 / 10 / 27 - 21:24
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

نافذة على التاريخ

يعتبر معظم الروس وكثيرون في العالم، وبينهم شخصيات مرموقة كبرنارد شو وتشرشل وآخرون، يوسف ستالين أبرز رجل سياسة ودولة، والزعيم الحكيم البعيد النظر، ليس فقط في تاريخ الاتحاد السوفيتي، بل في التاريخ الروسي بأكمله، بل تاريخ العالم كله.

في هذا الصدد، تبدو ذات أهمية تنبئية كلمات وأفكار ستالين حول حاضر ومستقبل روسيا، تلك التي قالها في سبتمبر 1939 للثورية الشهيرة ألكسندرا كولونتاي، التي كانت في ذلك الوقت سفيرة مفوضة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية فى السويد (1930-1945)، حين جاءت إلى الكرملين بدعوة منه. فقد تم في وقت من الأوقات العثور على تسجيل لهذه المحادثة ضمن مذكرات ألكسندرا كولونتاي، والتي احتفظت بها طوال حياتها.

وقد تم نشر هذه المقتطفات الأرشيفية لأول مرة من قبل مؤرخ وكاتب سيرة حياة كولونتاي، الدكتور في التاريخ ميخائيل تروش، بالتعاون مع أستاذ جامعة موسكو الحكومية ريتشارد كوسولابوف في مجلة "الحوار" عام 1998. كما ضُمت هذه المحادثة بين ستالين وكولونتاي إلى صفحات المجلد 18 من الأعمال الكاملة لستالين.

والآن، لنذهب مباشرة إلى تنبؤات ستالين من يوميات كولونتاي هذه.

العداء للنظام الاشتراكي السوفياتي

توقع ستالين أن تصبح معاداة النظام السوفييتي أساس أيديولوجية "قادة" روسيا الجديدة.
".. العديد من أفعال حزبنا وشعبنا سوف يتم تشويهها والتشهير بها، في الخارج بالدرجة الأولى، وفي بلادنا أيضًا ..."
والآن، على مدار الثلاثين عامًا الماضية، لاحظنا حقًا وحقيقة أن التصريحات المعادية للسوفييت بترداد يُحسد عليه مطلقوها صادرة عن كبار المسؤولين الروس ممن يسمون بـ "النخبة" الحالية بأسرها، ولا سيما عن الهاربين منهم حاليا إلى إسرائيل وغيرها كتشوبايص وباقي أقحاح الليبرالية الروسية الموالية للغرب، في محاولة للتشهير بكل ما يتعلق بالحقبة السوفييتية. بينما يشيدون ويستشهدون في الوقت نفسه (الرئيس الروسي بوتين، على سبيل المثال) بـ"الفيلسوف" إيفان إيليين الذي امتدح ذات مرة بينيتو موسوليني وهتلر، وكذلك بالكاتب المناهض للشيوعية والنظام السوفياتي وبوق الغرب في هذه المهمة ألكسندر سولجينتسين، الذي برر خيانة جماعة الجنرال فلاصوف.

ونلاحظ أن هذه "النخب" والقيادات الحالية تقطع خطابها المناهض للسوفييت فقط عندما يكون مفيدا لها استخدام بعض الأحداث والحقائق من التاريخ السوفيتي لأغراضها الخاصة، على سبيل المثال، انتصار الشعب السوفيتي في الحرب الوطنية العظمى التي أنهت الحرب العالمية الثانية لصالح السوفيات والاشتراكية.

التشهير بستالين والستالينية

تنبأ ستالين أيضا بأن اسمه سوف يتم الافتراء عليه. فقال: ".. سيتم أيضًا الافتراء على اسمي وتشويهه. وسينسب إلي العديد من الفظائع .."
وهكذا، حصل أن بين القوى الحالية الموجودة في روسيا الكثير ممن يشير إلى البلشفي ستالين وكأنه مجرد "طاغية"، ارتكب العديد من الفظائع وشن حربًا على شعبه.

هذا "الطاغية" انتصر تحت قيادته الشعب السوفييتي وجيشه الأحمر الباسل نصراً عظيماً عام 1945 على أعتى فاشية عنصرية مجرمة اغتالت من السوفيات فقط 27 مليوناً. وهل من المقبول تلطيخ اسم من أُنشئت تحت قيادته القوة العظمى الثانية في العالم، والتي ما زال الروس يعيشون على إرثها من نواح كثيرة، والتي من دونها باتت البشرية تخشى على مصيرها من احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة نووية هذه المرة، أي مدمرة لكل الحضارة البشرية ولكل وجود حي على الأرض.

المفارقة هي أن الافتراء على ستالين يتم من قبل أولئك الذين، من حيث صفاتهم الأخلاقية والتجارية والمهنية، لا تمكن مقارنتهم به. فيتم الافتراء عليه من قبل أولئك الذين يخشون، مجازاً،ً عودته من أجل استعادة العدالة الاجتماعية في روسيا، وإنهاء الصراع بين الكوخ والقصر مجددا لصالح العدالة بين البشر ومنع استغلال بعضهم لبعض.

العدو الرئيسي – الصهيونية

ثمة كلمات تنبئية ليوسف فيساريونوفيتش دجوغاشفيلي - ستالين أيضا حول تدمير الاتحاد السوفياتي، وهذا يعنينا أيضا نحن العرب لأنه يطاول عدونا وعدو وحدتنا الأول إسرائيل.
ففي يوميات ألكسندرا كولونتاي، يخبرنا ستالين أنه يتوقع تدمير الاتحاد السوفيتي على يد القوى المهتمة بهذا التدمير، الحريصة كل الحرص عليه:

".. ستسعى الصهيونية العالمية بكل قوتها لتدمير اتحادنا، حتى لا تتمكن روسيا من النهوض مرة أخرى ... إن قوة الاتحاد السوفياتي تكمن في صداقة الشعوب. وسوف يكافحون خصوصا من أجل قطع عرى هذه الصداقة، من أجل فصل أطراف روسيا عنها ... "
لقد كانت تصرفات القوى المعادية الخارجية و"الطابور الخامس" داخل الاتحاد السوفيتي نفسه هي التي أدت إلى تمزيق عرى الصداقة بين شعوب الاتحاد السوفيتي وفصل الأطراف عن روسيا.، وليس على الإطلاق ... "قنبلة لينين الموقوتة"، كما صرح الرئيس الروسي خاصة إثر الانقلاب الفاشي في أوكرانيا الذي فجر بقوة لم يسبق لها مثيل قنبلة العداء المستفحل بين الشعوب السوفياتية المتآخية المتضامنة ذات يوم. ومعلوم أن الصراعات في أراضي الاتحاد السوفياتي سابقا بين هذه الجمهورية وتلك رافقت انتصار الرأسمالية فيها.
كلام ستالين كأنه عن يومنا الحاضر والأحداث الجارية في العالم.
".. بشكل عام، ستتخذ التنمية مستقبلا مسارات أكثر تعقيدًا بل محمومة حتى الجنون، وستكون المنعطفات حادة للغاية. النقطة المهمة هي أن الشرق سينهض بشكل خاص إلى تناقض حاد مع الغرب". وها نحن اليوم نشهد تناقضات حادة مع هذا الغرب تجلت بكل عنفها في الحرب الدائرة بين روسيا وحلف الناتو في أراضي أوكرانيا، وفي وقوف الصين والهند ومعظم الشرق، وصولا إلى قسم كبير من بلداننا العربية التي كانت ولا تزال حليفة للغرب أو تابعة له، ضد العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.

مستقبل روسيا هو الاشتراكية

في مذكرات ألكسندرا كولونتاي، تحدث ستالين أيضًا عما ينتظر روسيا بعد أن تكون قد نجت من كل الهجمات الخارجية. وهنا، بالطبع، نلتقي مرة أخرى بالنبوءة المألوفة حول مستقبل روسيا. تنقل ألكسندرا كولونتاي في مذكراتها كلمات يوسف فيساريونوفيتش على النحو التالي:


".. بغض النظر عن كيفية سير الأحداث، سيمر الوقت، وستتحول أعين الأجيال الجديدة إلى أعمال وانتصارات وطننا الاشتراكي. عاما بعد عام، ستأتي أجيال جديدة. سيرفعون مرة أخرى راية الآباء والأجداد ويعطوننا حقنا كاملاً من جديد. سوف يبنون مستقبلهم على ماضينا ".
إن مسار الأحداث اليوم يوضح للكثيرين الحاجة الملحة لتغيير جذري في مسار تطور البلاد من الرأسمالية إلى الاشتراكية من أجل بناء مجتمع العدالة الاجتماعية. ويثبت تاريخ القرن العشرين أن روسيا السوفيتية، كجزء من الاتحاد السوفيتي، حققت أعلى إنجازات لها في كل تاريخها البالغ ألف عام.