ارتفاع نسبة الطلاق خطر حقيقي يهدد الأسرة المغربية
أحمد رباص
الحوار المتمدن
-
العدد: 8315 - 2025 / 4 / 17 - 02:23
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
بعد مرور أكثر من 20:سنة على دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ ما زالت نسبة الطلاق في المغرب مرتفعة.
اذا صدقنا الخطاب الرسمي لوزارة العدل والحريات، تكون لمدونة الأسرة، التي دخلت حيز التنفيذ ابتداء من 2004، بعض الايجابيات، نذكر منها أن الزواج عرف منحى تصاعديا منذ ذلك التاريخ. فبالمقارنة بين عدد عقود الزواج التي أبرمت خلال سنة 2012 وبين تلك المسجلة في 2013 يتضح أنها عرفت تزايدا مستمرا سنة بعد أخرى حيث زاد عددها من 236 الف و574 حالة سنة 2012 306 ألف و533 زيجة أبرمت سنة 2013. هذا التحسن – من وجهة نظر الخطاب الرسمي – راجع بالأساس إلى ما تم القيام به من توعية وتحسيس بمقتضيات مدونة الأسرة، ووعي بأهمية توثيق عقود الزواج ودوره في ضبط وحفظ حقوق الزوجين والأطفال، بالإضافة إلى تسهيل الإجراءات ومرونة المسطرة وتقريب القضاء من المواطنين.
ومن الإيجابيات التي تحسب لمدونة الأسرة المراد إنهاء ولايتها التقليص من نسبة الزواج المتعدد. فبمناسبة اليوم الدراسي الذي نظمته وزارة العدل والحريات في ماي 2014 بشراكة مع وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، صرح مصطفى الرميد، وزير العدل آنذاك، بأن الزواج المتعدد عرف خلال سنتي 2012 و2013 أدنى مستوى له إذ بلغ نسبته 0,26 % من مجموع الزيجات في المغرب. كما أشار الوزير بهذا الصدد إلى أن سنة 2011 لوحدها شهدت أقوى نسبة ارتفاع خلال عشر سنوات (0,34 %).
وماذا عن نسبة الطلاق بعد العمل بمقتضيات مدونة 2004؟
يستمد هذا السؤال أهميته من كون هذه الوثيقة تراهن في ثناياها على “الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة”. ودائما حسب الأرقام التي أعلن عنها الوزير الوصي على قطاع العدل سابقا في اليوم الدراسي المشار إليه آنفا، فقد عرفت نسبة الطلاق نوعا من الاستقرار خلال السنوات العشر الأخيرة. أدنى معدل سجل خلال سنة 2010 بمجموع بلغ 22 ألف و452 حالة، وأعلى معدل سجل سنة 2005 بمجموع بلغ 29 ألفو668 طلاق. ويورد الوزير ملاحظة اعتبرها على درجة من الأهمية وهي انخفاض حالات الطلاق الرجعي مقابل ارتفاع حالات الطلاق الاتفاقي (الطلاق الودي بين الطرفين)، حيث سجلت سنة 2013 نحو 14 ألف و992 حالة طلاق اتفاقي، بما يناهز 59,46 % من مجموع حالات الطلاق مقابل 1877 حالة طلاق رجعي، أي بما نسبته 7,44 % من مجموع حالات الطلاق.
فسر فقهاء قانون الأسرة أن هذا الارتفاع في نسبة الطلاق راجع بالأساس إلى استغلال الأزواج والزوجات الثغرات الموجودة في مسطرة التطليق للشقاق التي يكفي لسلوكها أن يقدم الزوج أو الزوجة الراغبة في الطلاق مقالا بسيطا للمحكمة، وقد حددت في ستة أشهر المدة الزمنية التي يقع فيها الحسم في ملف طلب الشقاق. وباعتراف مسؤولين في وزارة العدل أثناء تقديمهم للحصيلة، تتسبب هذه المسطرة في الرفع من نسبة الطلاق والتطليق بالمغرب . ويبقى الزوجات أكثر إقبالا على سلك هذه المسطرة رغم أن قانون الأسرة وضعها بين الزوجين معا. وهكذا سجل التطليق للشقاق في مختلف أقسام الأسرة 58 ألف و238 حالة. وبالنسبة لسنة 2013، بلغت حالات الطلاق من هذاا النوع 40 ألف و850 مقابل 7213 حالة سنة 2004، طبقا للمعطيات الرقمية التي أدلى بها وزير العدل والحريات.
وماذا عن نسبة الطلاق في الفترة الأخيرة؟
يبدوا أن حالات الطلاق بالمغرب وصلت إلى مستوى توجب فيه دق ناقوس الخطر، فحسب تقرير أصدره المجلس الأعلى للسلطة القضائية حول القضاء الأسري بالمغرب، سجلت المحاكم الابتدائية خلال الفترة ما بين سنتي 2017 و2021، ما مجموعه 588.769 حالة، تنقسم إلى حالات طلاق وتطليق.
وبلغ عدد حالات الطلاق 164.477 حالة، أي نسبة 27.94 بالمئة، في حين بلغ عدد حالات التطليق 424.292 حالة أي نسبة 72.06 بالمئة.
ويعد طلاق الشقاق النوع الأكثر عرضا على المحكمة، إذ بلغ عدد الحالات خلال هذه الفترة إلى 421.036 حالة، أي بنسبة 71.51 بالمائة في حين بلغ عدد حالات الطلاق الاتفاقي 123.221 حالة، أي بنسبة 20.93 بالمئة.
ما الحل؟ وما العمل؟
أفاد مصطفى صادقي محامي بهيئة الدار البيضاء لأحد المواقع الإخبارية بأنه من الضروري أن يكون هناك تدخل تشريعي من أجل تعديل مدونة الأسرة، بشكل يجعل من الصعب على الأزواج اللجوء إلى مسطرة التطليق أو الطلاق اللذين يؤديان إلى تشتيت شمل الأسرة، لاسيما في المساطر التي تتقدم بها المرأة، إذ أنها ليست ملزمة بدفع أي مبلغ، عكس الرجل الذي يكون مطالبا بدفع المتعة، الشيء الذي يجعله بالتالي يتراجع عن المسطرة. وأردف قائلا إن من الواجب خلق مؤسسة دورها الأساسي هو الإشراف على عملية الصلح، كما يجب أن تكون هناك توعية اجتماعية بأهمية الأسرة، والتحسيس بخطورة الطلاق عن طريق البرامج التعليمية سواء على المجتمع أو الأطفال.