لقاء نتنياهو بترامب: مفاوضات دبلوماسية مع إيران وتركيا


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8306 - 2025 / 4 / 8 - 22:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

وصل نتنياهو إلى واشنطن مساء الأحد قادما من المجر، بعد زيارة رسمية استمرت أربعة أيام، وكانت أول زيارة يقوم بها الزعيم الإسرائيلي إلى الأراضي الأوروبية منذ أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.
التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع دونالد ترامب يوم الاثنين للمرة الثانية منذ عودة الرئيس الأمريكي إلى منصبه، في أول محاولة من جانب زعيم أجنبي للتفاوض على اتفاق بعد أن أعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية شاملة الأسبوع الماضي.
وعد بالقضاء على العجز التجاري
في حديثه إلى جانب ترامب في المكتب البيضاوي، قال نتنياهو الصحافيين إن إسرائيل ستقضي على العجز التجاري مع الولايات المتحدة، مؤكدا أنها تعتزم "تحقيق ذلك بسرعة كبيرة"، مضيفا أنه يعتقد أن إسرائيل يمكن أن "تكون نموذجا يُحتذى به للعديد من الدول التي ينبغي أن تحذو حذوها".
من جانبه، قال ترامب إنهما أجريا "نقاشا رائعا"، لكنه لم يُشر إلى ما إذا كان سيُخفّض الرسوم الجمركية على البضائع الإسرائيلية. وقال: "ربما لا. لا تنسوا أننا نساعد إسرائيل كثيرا. نمنحها 4 مليارات دولار سنويا. هذا مبلغ كبير".
ونفى ترامب التقارير التي تفيد بأنه يدرس تعليق فرض الرسوم الجمركية لمدة 90 يوما. وقال للصحفيين: "لا نفكر في ذلك. لدينا العديد من الدول التي ستتفاوض معنا على صفقات، وستكون هناك صفقات عادلة".
"محادثات مباشرة" مع إيران
كما صرح ترامب بأن الولايات المتحدة تجري "محادثات مباشرة" مع إيران بشأن الاتفاق النووي، وأن البلدين بدآ محادثات بشأن برنامج طهران النووي. وقال للصحفيين: "نجري محادثات مباشرة مع إيران، وقد بدأت بالفعل. ستبدأ يوم السبت. لدينا اجتماع مهم للغاية، وسنرى ما يمكن أن يحدث". وحذر من أن طهران ستكون "في خطر كبير" إذا انهارت المحادثات.
وأعرب نتنياهو عن دعمه الحذر للمحادثات الأمريكية الإيرانية، لكنه أصرّ على ضرورة ألا تمتلك طهران أسلحة نووية. وقال: "إذا أمكن تحقيق ذلك دبلوماسيا... أعتقد أن ذلك سيكون أمرا جيدا. لكن مهما حدث، يجب أن نضمن عدم امتلاك إيران أسلحة نووية".
ترامب يشيد بما فعله اردوغان في سوريا
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الدور المهم الذي تلعبه تركيا في سوريا، مركزا في الوقت نفسه على علاقاته الممتازة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال الرئيس الأمريكي: "تربطني علاقة جيدة جدا برجل يُدعى أردوغان. وسائل الإعلام غير سعيدة بإعجابي بأردوغان، لكنني أحبه، وهو يحبني. لا مشكلة بيننا".
وأشاد بعد ذلك بأفعال تركيا في سوريا، قائلاً إن "أردوغان فعل في سوريا شيئاً لم يفعله أحد آخر. ويجب الاعتراف بذلك". وأضاف ترامب: "أردوغان رجل قوي وذكي".
وفي ما يتعلق بتصريحات نتنياهو بشأن الصعوبات التي تواجهها إسرائيل مع تركيا في سوريا، أعرب ترامب عن استعداده للعب دور الوسيط.
وقال: "أعتقد أنني قادر على حل جميع المشاكل التي لديك مع تركيا بشأن سوريا، طالما أنك (في إشارة إلى نتنياهو) معقول".
واختتم الرئيس الأمريكي حديثه قائلاً: "لديّ علاقات ممتازة مع تركيا وزعيمها، وأعتقد أننا قادرون على حل هذه المشكلة. ولا أعتقد أنها تُشكّل عائقا في هذه المرحلة".
جاءت هذه التعليقات في المكتب البيضاوي بعد محادثات خاصة بين ترامب ونتنياهو.
ما الغاية من هذا اللقاء؟
قال نتنياهو، الذي أعلن عن الاجتماع في اللحظة الأخيرة يوم الأحد، إنه كان في زيارة بدعوة من ترامب للحديث عن الجهود المبذولة لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة، وكذلك الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة.
ويأتي الاجتماع بعد أن أعلنت إدارة ترامب الأربعاء الماضي عن حربها التجارية بفرض رسوم جمركية على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، بما في ذلك رسوم جمركية بنسبة 17% على السلع الإسرائيلية.
الولايات المتحدة هي أقرب حليف لإسرائيل وأكبر شريك تجاري لها. وكانت إسرائيل تأمل في تجنب الرسوم الجمركية الجديدة بإلغاء رسومها الجمركية المتبقية على الواردات الأمريكية قبل يوم من إعلان ترامب.
ما قبل اللقاء
قبل لقائه بترامب، التقى نتنياهو بالمبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف. كما التقى مساء الأحد في واشنطن بوزير التجارة الأمريكي، هوارد لوتنيك، والممثل التجاري الأمريكي، جيميسون غرير. ووصفت الحكومة الإسرائيلية اللقاء الأخير بأنه "دافئ وودود ومثمر".
عودة إلى الزيارة الأولى لنتنياهو
خلال زيارة نتنياهو الأخيرة في فبراير، صدم ترامب العالم باقتراحه الاستيلاء على قطاع غزة، وإزالة أكثر من مليوني فلسطيني وإعادة تأهيل الأراضي المحتلة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وهو ما يعني في الواقع تأييد التطهير العرقي لشعب غزة.
ومنذ ذلك الحين، استأنفت إسرائيل قصفها على غزة، مما أدى إلى انهيار ما يقرب من شهرين من وقف إطلاق النار مع حماس الذي تم التوصل إليه بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر.
قُتل ما يقرب من 1400 فلسطيني في العمليات الإسرائيلية المتجددة في غزة، وفقا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، مما رفع إجمالي عدد القتلى منذ بداية الحرب إلى أكثر من 50 ألفا. كما أوقفت إسرائيل جميع إمدادات الغذاء والوقود والمساعدات الإنسانية إلى غزة.
وتأتي زيارة نتنياهو للولايات المتحدة في الوقت الذي يواجه فيه ضغوطا في الداخل للعودة إلى مفاوضات وقف إطلاق النار وتأمين إطلاق سراح الرهائن المتبقين في غزة.
صرح نتنياهو للصحفيين عقب هذه الزيارة بأنه ناقش مع ترامب رؤية الرئيس الأمريكي "الجريئة" لإخراج الفلسطينيين من غزة، وأنه يعمل مع الولايات المتحدة على صفقة أخرى لتأمين إطلاق سراح المزيد من الرهائن. وقال: "نعمل الآن على صفقة أخرى، ونأمل أن تنجح".
كما زعم نتنياهو أن إسرائيل ملتزمة "بتمكين سكان غزة من حرية اختيار الذهاب إلى أي مكان يرغبون فيه". وفي الأسبوع الماضي، صرّح بأن إسرائيل "تستولي على الأراضي" وتعتزم "تقسيم" قطاع غزة من خلال بناء ممر أمني جديد، مما أثار مخاوف من نية إسرائيل السيطرة الدائمة على القطاع بعد انتهاء الحرب.
أدى الصراع في الشرق الأوسط إلى تدمير حياة عدد لا يحصى من الناس، كما أن المشاهد المروعة التي وقعت منذ 7 أكتوبر 2023 في غزة وإسرائيل ظلت تطارد ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
وتتعرض إسرائيل أيضًا للملاحقة القضائية بتهمة "جريمة الإبادة الجماعية" أمام محكمة العدل الدولية بسبب حربها ضد القطاع الفلسطيني.
إلغاء الندوة الصحفية
قبل وصول نتنياهو بقليل، أعلن البيت الأبيض، اليوم الاثنين، إلغاء الندوة الصحفية المقرر أن تعقد عقب اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
لم يتم تقديم أي سبب رسمي لهذا الإلغاء في اللحظة الأخيرة. ومع ذلك، وبحسب الرئاسة الأميركية، من المتوقع أن يجيب الزعيمان على بعض أسئلة الصحافة في المكتب البيضاوي.