الهجمات الإلكترونية: جبهة جديدة في التنافس بين المغرب والجزائر


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 17:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

امتد التنافس المستمر بين المغرب والجزائر إلى الفضاء الإلكتروني، حيث استهدف قراصنة من كلا البلدين مواقع إلكترونية حكومية، ومنافذ إعلامية، وبيانات حساسة. نستعرض في ما يلي قائمة الحوادث السيبرانية بين القراصنة المغاربة ونظرائهم الجزائريين خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، والتي كان معظمها نتيجة لذروة التوترات السياسية.
تجاوز التنافس بين المغرب والجزائر الخلافات على وسائل التواصل الاجتماعي حول التراث الثقافي والمطبخي والأزياء ليشمل الهجمات الإلكترونية. وانتقلت التوترات بين البلدين إلى الفضاء الإلكتروني، حيث استهدف قراصنة مغاربة وجزائريون مواقع إلكترونية حكومية وحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي ومؤسسات إعلامية.
في الآونة الأخيرة، نفذ قراصنة جزائريون هجوما كبيرا كشفوا من خلاله عن كمية كبيرة من البيانات الحساسة. نفذت مجموعة حاباروت DZ الجزائرية سلسلة من الهجمات الإلكترونية ضد مواقع وزارة الإدماج الاقتصادي المغربية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي .
يعد هذا الهجوم هو الأكثر أهمية في سلسلة طويلة من الهجمات الإلكترونية المتبادلة بين قراصنة من البلدين، وهي حرب إلكترونية متصاعدة تغذيها التوترات السياسية. في السطور التالية، نستعرض الحوادث الإلكترونية بين القراصنة المغاربة والجزائريين خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، والتي غالبا ما ترتبط بالتطورات السياسية أو نقاط التوتر، مثل قضية الصحراء الغربية ودعم الجزائر لجبهة البوليساريو.
الهجمات الإلكترونية المسيسة
في عام 2010 ، بعد الأحداث المأساوية التي وقعت في أكديم إيزيك والتي قتل فيها 11 عنصرا من الأمن المغربي، استهدف قراصنة مغاربة مواقع وزارة الداخلية الجزائرية والمكتب الوطني للسياحة الجزائري. ووصفت هذه الهجمات بأنها أعمال "انتقامية" ورد على أعمال العنف التي شهدتها العيون.
وفي نفس شهر نونبر من 2010، اخترق قراصنة مغاربة موقع السفارة الجزائرية في الولايات المتحدة، تاركين العلم المغربي والنشيد الوطني كتوقيع.
استمرت هذه الهجمات الإلكترونية في عام 2011، حيث هاجم قراصنة مغاربة العديد من المواقع الإلكترونية الحكومية الجزائرية، بما فيها موقع إدارة الضرائب. وتركوا رسالة تحد على الصفحة الرئيسية: "قوات الردع المغربية تدافع عن المصالح العليا للمملكة". وتضمنت الصفحة أيضا شعار المغرب الوطني "الله، الوطن، الملك"، بالإضافة إلى خريطة المغرب مزينة بالعلم الوطني.
وبحسب صحيفة "TSA" الجزائرية، فإن قراصنة مغاربة تمكنوا أيضا من اختراق مواقع مالية وحكومية أخرى، من بينها بورصة الجزائر. وسارع قراصنة جزائريون إلى الرد باختراق 174 موقعا إلكترونيا لشركات ومؤسسة مغربية، تاركين رسالة "ردا على مجموعة من البلهاء المغاربة". وتزامنت هذه الهجمات مع خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين للمسيرة الخضراء، والذي دعا فيه الجزائر إلى المساهمة في بناء مغرب عربي قوي وموحد.
في عام 2013، استهدف قراصنة مغاربة الموقع الإلكتروني لقناة التلفزيون الجزائرية العمومية، وتركوا رسائل تؤكد سيادة المغرب على الصحراء. وفي اليوم نفسه، قيل إنهم تمكنوا أيضًا من التسلل إلى موقع البورصة الجزائرية. كما استهدف قراصنة مغاربة الصحف الجزائرية بشكل متكرر.
في عام 2014، قامت مجموعات القراصنة الجزائرية بالرد. أفاد تقرير صادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن مواقع إلكترونية، على رأسها موقع وزارة الخارجية المغربية وبوابات حكومية أخرى، تعرضت لهجوم من قبل قراصنة جزائريين.
"لا سلام بين الأنظمة"
في عام 2020، اشتدت الحرب السيبرانية بين البلدين بشكل أكبر. وفي ذلك العام، اخترق قراصنة مغاربة موقع وزارة الصحة الجزائرية، وكذلك مواقع الوكالة الوطنية لتنمية موارد المحروقات، واليونسكو الجزائر، وبرنامج دعم سياسات القطاع البيئي، والمكتب الوطني للتنمية، وفندق مزافران.
في نوفمبر 2021، رد قراصنة جزائريون باختراق موقع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، واستبدلوا محتواه بعلم الجزائر ورسالة تقول: "لا سلام بين الأنظمة". ردا على ذلك، استهدف فريق الهاكر المغربي موقع وزارة المالية الجزائرية.
في وقت سابق من ذلك العام، اخترق قراصنة مغاربة 280 موقعا إلكترونيا جزائريا، منها العديد من المواقع التابعة للحكومة. وذكرت التقارير أن الهجوم جاء ردا على تعليقات اعتبرتها قناة الشروق التلفزيونية "مهينة" للملك محمد السادس.
استمرت الحرب الإلكترونية حتى عام 2022. في مارس، اتهمت وزارة العدل الجزائرية قراصنة مغاربة باختراق حسابها الرسمي على تويتر، والذي نشر لفترة وجيزة رسائل مؤيدة لروسيا واتهامات تحريضية ضد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل حذف التغريدات.
في شهر غشت من نفس العام، تم اختراق الموقع الإلكتروني لجامعة دار المهراز للعلوم بفاس من قبل هاكر جزائري شاب. في يناير 2023، تم اختراق الموقع الإلكتروني للمكتبة الوطنية للمملكة المغربية. وترك القراصنة رسالة مفادها: "نرسل رسالة إلى القراصنة المغاربة: توقفوا عن تسريب البيانات الجزائرية وسوف نتوقف".
وبعد فترة وجيزة، تم نشر بيانات سرية من وزارة التربية الوطنية المغربية، تكشف عن معلومات تخص ما يقرب من مليون طالب. وردا على ذلك، تم تسريب آلاف الملفات الخاصة بالطلاب الجزائريين عبر الإنترنت، بحسب تقارير إعلامية.
ساحة معركة بديلة
يستمر الصراع السيبراني المستمر في تعريض البيانات الحساسة للخطر وتعطيل البنية التحتية الرقمية في كلا البلدين. ويصف الخبراء هذه الحوادث بأنها شكل جديد من المواجهة.
وفي مقال بعنوان "حرب الظل السيبرانية بين الجزائر والمغرب"، يرى الباحث في الشؤون الأفريقية حمدي بشير أن هذه الموجة المتنامية من الهجمات السيبرانية تمثل مرحلة جديدة من العداء غير التقليدي. وحذر من أن هذه الهجمات من المرجح أن تتصاعد، لتستهدف الأنظمة الحكومية والبنية التحتية والمرافق والمنشآت العسكرية والقطاعات الاقتصادية، بما فيها النفط والغاز.
وتوصلت شركة الاستخبارات السيبرانية "سيفريما"، المتخصصة في تدبير مشهد التهديدات الخارجية، إلى استنتاج مماثل، وقالت في تقرير صدر عام 2024 عن الهجمات السيبرانية في المغرب، إن الهجمات الأخيرة في البلاد "أصبحت أداة قوية لإلحاق الضرر وتأكيد النفوذ".
وبعيدا عن الاعتبارات الجيوسياسية، تسلط هذه الهجمات الضوء على مدى ضعف المغرب. ويشير تحليل معهد المغرب للتحليلات السياسية لإنجازات وتحديات الأمن السيبراني في المغرب إلى أن الطبيعة المتطورة للهجمات السيبرانية "تتطلب التكيف المستمر والامتثال للسياق الدولي والاستثمار في الحلول التكنولوجية والموارد البشرية والتعاون الوطني والدولي لضمان وضع قوي للأمن.
عن: yabiladi