الحوار الاجتماعي: الاتحاد المغربي للشغل يشعر بخيبة الأمل، ودورة أبريل تبدو صعبة


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8304 - 2025 / 4 / 6 - 00:35
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

من المقرر استئناف الحوار الاجتماعي بعد عيد الفطر، كما أعلن رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال اجتماع عقده مؤخرا مع الأمناء العامين للنقابات الأكثر تمثيلا. ومع ذلك، ونظراً للمناخ المتوتر الذي يميز العلاقات بين الأطراف الرئيسية، لا يبدو أن هذه الجولة الجديدة ستكون في أفضل الظروف. إن عدم انعقاد دورة سبتمبر، كما هو منصوص عليه في ميثاق الحوار الاجتماعي، واعتماد القانون التنظيمي المتعلق بالحق في الإضراب، والخلافات حول ملف التقاعد، كلها تشير إلى مناقشات صعبة. وهذا على أية حال ما يؤكده ميلودي مخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، والذي يبدو أنه لا يعلق الكثير من الآمال على هذه المحادثات.
تستعد الحكومة لجولة جديدة من الحوار الاجتماعي ومن المتوقع أن تستمر طيلة شهر أبريل الحالي. وفي اتصال مع إحدى الجرائد الوطنية، أكد الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، ميلودي موخاريق ، هذه المعلومات. وقال الأمين العام لأكبر نقابة في البلاد، إنه تلقى اتصالا من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، حيث قال: "قبل أيام اتصل بي رئيس الحكومة ليبلغني بنيته إعادة إطلاق الحوار الاجتماعي بعد عيد الفطر". بخصوص هذا الإعلان، صرح زعيم النقابة بأنه قام على الفور بسؤال رئيس الجهاز التنفيذي عن جدول أعمال هذا الاجتماع المُقبل. لكن رد أخنوش كان دبلوماسيا ولكنه غامض. أجاب بأننا سنُطوّر هذا الجدول معا". وختم السيد موخاريق كلامه بحذر قائلاً: "نحن لا نزال ننتظر هذه الدعوة الرسمية".
- المصادقة على قانون الإضراب خطوة جديدة للحوار الاجتماعي
بعد سنوات من المفاوضات والمناقشات، صادقت المحكمة الدستورية أخيرا في 13 مارس 2025 على القانون التنظيمي رقم 97.15 الذي ينظم الحق في الإضراب. وقد قدمته الحكومة كخطوة ضرورية إلى الأمام، حيث يضع هذا النص حدا للفراغ القانوني الذي استمر منذ اعتماد دستور 2011. وقد وضع الدستور الآن قواعد واضحة لحقوق أساسية، مع السعي إلى الحفاظ على التوازن بين الحريات النقابية والاستمرارية الاقتصادية.
ترحب السلطة التنفيذية بالإصلاح "البنيوي" و"المتوقع"، في حين لا تزال العديد من النقابات تندد ببعض القيود التي، حسب قولها، تحد من نطاق الحركة الاجتماعية.
- مأسسة الحوار الاجتماعي التي ما زال تحقيقها محتاجا إلى مزيد من الكفاح
يأتي الإعلان عن استئناف الحوار الاجتماعي في سياق خاص. منذ توقيع ميثاق الحوار الاجتماعي في 30 أبريل 2022، انتقدت النقابات العمالية الحكومة لعدم احترام التزاماتها. وينص الميثاق بوضوح على عقد اجتماعين سنويين (في أبريل وسبتمبر) ولكنهما لم يتما. "من المؤسف أن الحكومة لم تدع الشركاء الاجتماعيين إلى اجتماعات الحوار الاجتماعي المقررة، رغم وجود الميثاق الذي ينص بوضوح على عقد اجتماعين سنويين"، هذا ما أعرب عنه السيد موخاريق، الذي لم يتردد في التعبير عن رأيه في مواجهة ما اعتبره "انتهاكا" من جانب الحكومة "التي فشلت في الوفاء بالتزاماتها".
إلى جانب هذه الاجتماعات الدورية، ينص الميثاق أيضا على إنشاء هيئة عليا للحوار الاجتماعي، وهي هيئة يجب أن يرأسها رئيس الحكومة وتضم الأمناء العامين للنقابات العمالية وممثلين عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب. وكان من المقرر أن تتعامل هذه اللجنة مع "القضايا والملفات الوطنية الكبرى"، حسب تعبير الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل. وأضاف المسؤول النقابي: "من المؤسف أيضا أن هذه اللجنة لم تجتمع أبدا، رغم أنه كان ينبغي التشاور معها ودعم العديد من القضايا المهمة". بالنسبة إليه، الملاحظة واضحة: "هذه المأسسة التي تتحدث عنها الحكومة لم تُطبّق قط. لقد فُصلت ببساطة دون أي تفسير".
- إصلاح نظام التقاعد، قضية متفجرة
ومن بين المواضيع التي ينبغي أن تكون على جدول أعمال المفاوضات المقبلة، يحتل إصلاح نظام التقاعد مكانة مركزية. وفي هذه النقطة، كان موقف الاتحاد المغربي للشغل واضحا وحاسما، في مواجهة مقترحات وزيرة المالية نادية فتاح. وأكد السيد موخاريق أن "الإصلاح المعياري الذي أعده وزير المالية قبل حوالي عامين - والذي يقترح رفع سن التقاعد وخفض المعاشات وزيادة المساهمات - غير مقبول على الإطلاق".
يرفض زعيم النقابة بشكل جذري تشخيص الحكومة لحالة صناديق التقاعد. وأكد بثقة تامة: "يقال لنا، ومعنا العاملون في القطاعين العام والخاص، إن الصناديق ستواجه صعوبات مالية بحلول عام 2028. ونكرر بإصرار: هذا الكلام كاذب". لدعم وجهة نظره، يقدم أمثلة ملموسة: "بعض الصناديق لن تواجه صعوبات أبدا. أستشهد دائما بمثال نظام التقاعد الجماعي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، اللذين يحققان اليوم فوائض، وتُودع أموالهما في صندوق الإيداع والتدبير بأسعار فائدة منخفضة جدا".
- مسألة حكامة وليس تمويل
بالنسبة للاتحاد المغربي للشغل، تتعلق مشكلة صندوق التقاعد المغربي بالحكامة اكثر مما تتعلق بنقص الموارد. "وفي ما يتعلق بصندوق التقاعد المغربي، الذي يزعمون أنه يواجه صعوبات، لا تكمن المشكلة في نقص الاحتياطيات، بل في مشكلة الحكامة والتدبير"، حسب قول السيد موخاريق.
ثم طرح الأخير سؤالاً يُجسّد، في رأيه، هذه المفارقة بجلاء: "كيف يُمكن لصندوق يدّعي أنه يمرّ بضائقة مالية أن يشتري مستشفيات جامعية بسعر 6.5 مليار درهم، وبإيجار يُحدَّد لاحقًا؟" وصرخ قائلا: "هذا غير منطقي". ومن هنا جاء موقف الاتحاد المغربي للشغل الثابت: "إذا كانوا بحاجة إلى سيولة، فعليهم البحث عن مصادر أخرى، وليس على حساب الموظفين والعمال الذين يعملون في ظروف صعبة، سواء في الحقول أو في قطاعات أخرى صعبة".
- النقابات العمالية مستعدة لخوض معركة النضال
من المتوقع أن تكون الدورة الجديدة للحوار الاجتماعي حساسة، ويبدو أن النقابات العمالية تستعد لها بشكل جدي. وبحسب مصادر نقابية متطابقة، فإن المنظمات العمالية الأكثر تمثيلا تخطط لعقد مجالسها الوطنية في الأيام المقبلة لمناقشة القضايا التي تنوي طرحها على طاولة المفاوضات. ورغم أن جدول الأعمال النهائي لم يتم الانتهاء منه بعد، تفرض بعض المواضيع نفسها على طاولة المفاوضات. وتشمل هذه المواضيع "الزيادات العامة في الأجور وتنفيذ الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال الدورات السابقة"، بحسب المصادر ذاتها.
بالنسبة إلى نقابة الاتحاد المغربي للشغل، لا يزال من المبكر جدا الكشف عن أوراقها. من السابق لأوانه أن يُعلّق الاتحاد المغربي للشغل على جدول الأعمال أو مطالبنا. وقال مخاريق: "من السابق لأوانه تحديد القضايا التي من المحتمل أن تُناقش - وأُشدّد على من المحتمل "، مُشيرا إلى أن الاتحاد ينتظر رؤية مقترحات ملموسة من الحكومة قبل تحديد موقفه النهائي. هذا الحذر ليس عبثا. فبعد إلغاء جلسة سبتمبر "دون سابق إنذار"، كما تُشير النقابات، لم تعد الثقة في أفضل حالاتها. لذا، يُتوقع أن يكون استئناف الحوار الاجتماعي صعبا، مع وجود مواقف تبدو، في الوقت الراهن، صعبة التوافق، لا سيما بشأن قضية إصلاح نظام التقاعد المُستعصية.
عن جريدة le matin