فليأخذ حبات عيونهم .. مش مشكلتي
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن
-
العدد: 8236 - 2025 / 1 / 28 - 08:04
المحور:
سيرة ذاتية
في كثير من الأحيان أشعر بأنني شخص خيبان ..أضاع عمرة يطارد خيط دخان كما قال نزار القباني ..لقد تغيرت .. في فترة قصيرة .. من 2011 حتي 2025 .. اصبحت شخصا أخر ..عدمي Nihilistic أشبه أبطال قصص إيفان تورجنيف و ديستيوفسكي ..و عماد حمدى في ثرثرة علي النيل.. لا أهتم بما يحدث حولي ..و لا أنظر للمستقبل بأمل..و حين التفت خلفي ابصق بغضب مثل جون أوزبرون .. و العن لحظة ميلادى مثل كامل الشناوى .
في هذه الايام المحبطة أصبح لدى يقين بأن كل القيم التي حافظت عليها لسنين لم تعد قائمة (valid ) أو تحمل قدرا من الصحة لقد تخطاها العالم ..ولا يمكن الوثوق بفاعليتها .. أو إحتمال صمودها أمام المد الساحق .. من الفتونه والعنف ..و ما يقابلهما .. من خضوع و إستسلام .
متشائم ..شكاك ..أدين الناس. مثل نيتشة ..لا أؤمن بأي شيء فعدم اليقين أكبر .. أعاني من الفشل المعرفي و المهني و الإجتماعي ، ولا يعنيني ما الحظه من تدمير يجرى حولي ..وتقلص لقيم البشر الإيجابية...و ما تجلبه القواعد السلوكية المستجدة من الإضرار بالأخرين و إستغلالهم ...
ليس لي ولاءات ( قومية أو دينية أو إنسانية )..أو إهتمامات أسعي لتحقيقها ولا مطالب سوى المغادرة و الهروب من هذا الكوكب ... الذى تسكنه الضوارى (الكبيرة و الصغيرة ) المتعطشة للقتل ..و التدمير و السرقة و النهب .
الغريب أنني لم أتعرض لسحر ..و لم أعتنق الفلسفة العدمية .. ليحدث لي هذا الإنقلاب .. لقد وجدت نفسي أنزلق ..كما لو كان ثقبا أسود في العاصمة الإدارية الجديدة ..يبتلعني .. منذ إنفصام الحكومة عن الناس و إنفرادها بإتخاذ قرارات.الإصلاح الإقتصادى و بناء مباني مكلفة بواسطة الديون ...و توهان الناس بدون قيادة و تحولهم لقطيع منفلت غاضب .. ينضبط مع عصا الراعي .
أبتعد تدريجيا عن هموم المجتمع ..و أتقوقع في مساحة شقتنا التي لا تزيد عن مائة متر ..و أقلق من التليفونات الغريبة و الزوار .. لقد كانت صدمة تبخر مدخراتي بسبب سقوط قيمة الجنية ..و عدم قدرتي حتي علي الصراخ .. هي العامل الحاسم لسقوطي في خية عدم المبالاة ..و(.... )أمها عيشة .
لم يحدث لي هذا في زمن التغييرات التي فرضها السادات في السبعينيات .. فلقد كنت شابا ..و شاطر ..و مطلوب للعمل في أكثر من مكان .. فرفعت أجرى .. بحيث لم أهتز إقتصاديا أو إجتماعيا .. أما اليوم فإنني عاطل أعيش علي معاش ثابت تتناقص قيمته كل يوم بزيادة الاسعار ..و لا استطيع معالجة هذا الأمر إلا بالإستغناء عن أشياء كنت أتصورها أساسيات ..قاومت الموج لفترة ثم إستسلمت تدريجيا لاصبح هذا النمط اللا منتمي الذى وصفه كولن ولسون
لاول مرة منذ سنين لا أهتم بتحليل أو توصيف ما حدث في يناير 2011 .. و أبكي علي الشهداء.. لقد كان حظهم أفضل .. من المصابين و العجزة والمساجين و المعتقلين ..و من التائهين ..الذين لا يعرفون موعد الضربة التالية. .و من أين ستصوب الصواريخ و المسيرات .
كذلك لم تعد أحداث ليبيا و السودان و فلسطين ..و سوريا تزعجني ...كما إنزعجت من قبل مع غزو العراق و أفغانستان .. و حزنت و إنفعلت من أعمال داعش و القاعدة و طلبان و بوكوحرام .
هذه المواضيع (الإنسانية ) إنكمشت درجة أهميتها لدى حتي اصبحت لا تعنيني ..طظ كبيرة في هذا العالم ..كما قال مرشد الأخوان عن أهل مصر .
فضلا عن تلاعب البعض بالمعلومات ليأتي الخبر من طرف وحيد يحيطه صراخ الهتيفة كما لو كنا في فرح شعبي و الناس تتسابق علي مجاملة صاحب الليلة بيتقيط الرقاصة تهتف بحماس و هي تمسك ورقة النقد (( العريس .. العروسة .. المعلمين بتوع السلاح .. المعلمين بتوع المخدرات .. الناس الذوق ..و أنا و إنت )).
فليأخذ رئيس أمريكا حبات عيون الخلايجة و السعوديين حتي يفتقروا .. (يا رب يا قادر ) إن اذى غناهم منذ أن وجد لهم الخواجات البترول أكثر من فائدتهم
نشروا السلفية ..و شوهوا القيم المعاصرة ..و ضربوا المسالمين بالمجاهدين والطيران و القنابل ..و مولوا سد النهضة الحبشي و زرعوا القمح في ارضنا ثم باعوه لنا بالدولار ..وهم عندما حاولوا مساعدة حكام مصرعلي فرض سيطرتهم علينا .. أعطوهم ما يقارب المائة مليار دولار خلال 14 سنة .. لم يصل منها مليم للناس و ضاعوا في بلاعة الإسراف ..و مع ذلك يطالبوننا نحن بإظهار الحمد و عدم نكران الجميل
.
في نفس الوقت لا تزعجني تصريحات الرئيس الامريكي أن علي الأردن و مصر إخلاء قطاع غزة من سكانها .. و أنه سيتكلم مع الرئيس السيسي ليستقبل مليون غزاوى حتي تزال بقايا الدمار و يعاد تعميرها .
مليون بس .. علشان خاطر عيونك مليونين .. مش حتدفع يا راجل .. خلاص .. زود .. زود .. إحنا ناقصنا حاجة .. أهو بدل م نبيع الأرض و المنشئات ..و نجرى ورا صندوق الدين ياجل لنا الاقساط .. تحب تاخد قناع توت عنخ أمون اللي كله ذهب كمان ..دة رخيص جدا وحنديك علية تمثال خفرع هدية .
ولن أندهش لو بنوا لهم مستعمرات و أماكن إقامة في سيناء ..أو الوادى ..فشركات الجيش جاهزة ..و الإيد البطالة نجسة .. أو لو حتي سكنوهم في العاصمة الجديدة .. ليه لا ... م دام المعلم حيدفع ..
في نفس الوقت لن يختلف أذاهم عن العرجاني و مليشيات إتحاد القبائل ..أو نخنوخ و شركات الأمن ..او أسيادنا البعدا .المتحكمين في أرزاق الناس . كومت ينزل علي دماغهم يفرتكهم أجمعين .
فليحدث ما يحدث باكر حتي لو صاحبة ما يدعيه البعض من خلل ايكولوجى.. يتسبب في صراع لا يبقي أو يذر..إنها ليست مشكلتي سأكون في قبر .. جثة لا تدرى بالجرافات التي تهده فوق عظامي لتبني مكان المدافن قصر لثرى معاه دنانير .
لقد توقفت تماما .. عن الإحساس بالولاء .. لهؤلاء الناس ..و لم أعد الشاب المتحمس الذى لا يمل من التفكير و التدبير .. و العمل .. لصالح الوطن .. فالوطن في زمن فرد الصدر و الخضوع لن يرتفع .. مهما صرخنا ..و طالبنا ..و حاولنا ... لقد سقط منذ 1952 في هوة لا خروج منها .. و يتطلب عودته لمسار المعاصرة و الديموقراطية و حقوق الإنسان أجيال و أجيال .. أفضل منا
كل ما ارجوه اليوم .. أن أجد الطعام ( القليل ) و الدواء متوفرا بسعر استطيع دفعة ..و شوية النس كافية بتوع الصبح ..و سرير أنام عليه ثماني ساعات .. غير مهتما .. حتي لو كان بيضربوا النار تحت شباكي .
لقد فشلنا أن ننمي هذا المكان أو نقاوم الإستعمار ولم يصبح في مقدورنا أن نقول مع عبد الناصر ((نحن لا نبيع استقلالنا من أجل القمح وأن المساعدات الأمريكية لا تعطى الحق لأمريكا لتفرض سياستها على مصر واللى مش عاجبه كلامنا يشرب من البحر وإذا كان البحر الأبيض لا يكفيه قدامه البحر الأحمر)) .. الله يا دكر ..لقد ضحكت و صفقت يومها كثيرا ..
أنا اسف للطاقة السلبية التي أنشرها حولي فإذا أردت أن تحافظ علي سلامك النفسي .. مثل اختي و بنتي و أولادى ..و اقاربي ..فإفعل مثلهم .. لا تقرأ لي ولا تسمع كلام رجل مسن بيهجص ( لكنة طيب )