أرضيّة منظّمة نساء مساواة (1)


إبراهيم العثماني
الحوار المتمدن - العدد: 7540 - 2023 / 3 / 4 - 00:15
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات     

إبراهيم العثماني (تعريب)
[ يستمدّ النّضال النّسوي خصائصه من الواقع الموضوعي الّذي يتنزّل فيه، ومن مقاومته العقليّة الذّكوريّة الّتي تكرّس دونيّة المرأة ماضيا وحاضرا، ومن تعقيدات الحياة اليوميّة شرقا وغربا، ومن التّناقضات الّتي تشقّ المجتمعات الطّبقيّة. وقد تنضاف أعباء أخرى تُلقى على كاهل المنظّمات النّسائيّة في المجتمعات العربيّة والبلدان الإسلاميّة من قبيل الإرث الثّقافي الّذي حدّد صورة المرأة السّلبيّة، والتّشريعات السّائدة الّتي تكبّل تحرّرها (منع المرأة من السّياقة في المملكة العربية السّعودية، فرض الحجاب في إيران وأفغانستان ومنطقة الخليج والبلدان المتأسلمة..) وأطروحات التيارات الدّينيّة الماضوية النّافية لإنسانيّتها والمناهضة لدورها في المجتمع (حرمان المرأة من الشّغل في أفغانستان...).
وبما أنّ التّطوّر الّذي حققته المجتمعات غير متكافئ لذا كان وضع المرأة متأثرا بهذه التباينات. والأرضيّة الّتي صاغتها منظّمة نساء الفرنسية (PlateForme de l’orgation de Femmes Egalité ) تعكس خصوصية النضال النسوي في فرنسا والمهام الخصوصيّة المطروحة عليها، والّتي تختلف، في جانب كبير منها، عن مشاغل الحركات النسائيّة العربيّة على سبيل المثال وليس الحصر. إ.ع.]
شهد وضعنا كنساء في المجتمع تقدّما، كما تعرّض لجملة من التّهديدات، وعرف انتكاسات. وقد ظللنا عُرضة للتّمييز على مرّ العصور. وليست المساواة الّتي طالما نادى بها القانون حقيقة مكرّسة في الحياة الخاصّة، وفي الحياة الاجتماعيّة أكانت هذه الحياة سياسيّة أم اقتصاديّة.
* لقد بعثنا منظّمتنا، نحن النّساء، لافتكاك تحرّرنا، وكذلك لصياغة طموحاتنا ومطالبنا والاضطلاع بها معا لفرضها وإسماع صوتنا. إنّ نضالنا مرتبط شديد الارتباط بنضال جميع نساء الشّعب ورجاله في سبيل التّقدّم الاجتماعي. إنّ نضالنا عامل وحدة لأنّه يجسّد آمال كلّ اللاّتي والّذين يتوقون إلى بناء مجتمع سيكفّ عن إفراز أيّ شكل من أشكال التّفاوت الطّبقي، وهو نضال يدعّم النّضال المشترك لمن يستغلّهم النّظام الرّأسمالي ويضطهدهم رجالا ونساء.
* أيتّها الأجيرات، والمتقاعدات والعاطلات عن العمل أو الملازمات بيوتكن، أكنتن فرنسيّات أم مهاجرات، أتحملن وثائق أم ليست لكنّ وثائق، نحن ندافع عن مصالح النّساء العاملات وطموحاتهن، ونساء الأوساط الشّعبيّة، واللّواتي يعشن أقسى تبعات التّفاوت الطّبقي الّتي يسلّطها المجتمع الرّأسمالي عليهنّ، واللّواتي يتعرّضن للاستغلال وتنهشهنّ آفة البطالة، ويتقاضين أجورا زهيدة ويتعاطين أعمالا هشّة.
* ينقسم المجتمع الحالي إلى معسكرين: معسكر المالكين وأصحاب المصارف وأصحاب الأسهم الكبيرة الّذين يستغلّون الأغلبيّة السّاحقة من الشّعب ويغتنون على حسابها، والّذين تدعمهم حكومات تكرّس، فوق أرض الواقع، سياسات لاشعبيّة. والمعسكر الشّعبي الّذي يضمّ بدوره النّساء والرّجال الّذين يخضعون للاستغلال ويكابدون مضار الحيف الاجتماعي، ويدفعون فاتورة عواقب مخطّطات التّقشّف الباهظة. تتموقع منظّمتنا، وكلّها عزم وإصرار، في صفّ هذا المعسكر الّذي يواجه المستغِلّين أكانوا أرباب عمل أم ربات عمل. نحن نقاوم كلّ السّياسات الّتي تدافع عن مصالحهم أكانت هذه السّياسات من إعداد الرّجال واعتمادهم أم من إعداد النّساء واعتمادهن.
* إنّ نضالنا في سبيل تحرّرنا قائم على ركيزتين هما استقلاليّتنا الماليّة وتحكّمنا في أمومتنا. وعماد تحرّرنا هو أن يكون لنا مورد مستقلّ وأن تكون لنا الوسائل لأن نختار الإنجاب أو عدم الإنجاب. نحن نطالب إذن بحقّنا في شغل وأجر لائقين، وكذلك بحقنا في أن نستعمل منع الحمل والإجهاض مجانا وبكلّ حريّة.
* نحن نرفض كلّ العلاقات القائمة على العنف والهيمنة المسلّطة على النّساء في الحياة المهنيّة، وفي الحياة الخاصّة أو العامّة من نحو الاغتصاب والعنف الزّوجي، والهرسلة الجنسيّة في مواقع الشّغل، كما نرفض صورة المرأة المتدهورة الّتي يقدّمها الإشهار والمشاهد الإباحيّة في شكل مادّة أعدّت لمآرب تجاريّة، ونمتهن الخطابات القائمة على تفضيل الذّكر على الأنثى. كما نرفض البغاء هذه الممارسة السّائدة والمتمثّلة في استغلال النّساء واستعبادهن الجنسي.
* تقاوم النّساء اضطهادهنّ منذ قرون، في فرنسا وفي كلّ أصقاع العالم لتحسين موقعهنّ في المجتمع. والطّريق الّتي قطعناها لافتكاك الحقوق الّتي نتمتّع بها الآن كانت مرصّعة بمعارك شاركت فيها نساء شهيرات أو مغمورات، ونحن نستند إلى التّجربة الثريّة لهذه النّضالات، ودورنا يتمثّل في معرفة هذا التّاريخ والتّعريف به.
* إنّ النّظام الرّأسمالي المأزوم ينفث سمومه المتمثّلة في الأفكار الرّجعيّة، والعنصريّة والمعادية للأجانب والّتي تمثّل تهديدا حقيقيّا لحقوق النّساء وحرية الجميع، وتقسّم النّساء و تدفع فئات الشّعب الّتي لها مصلحة في الوحدة إلى المواجهة. نحن نقاوم العنصريّة وكراهيّة الأجانب، والظّلاميّة والتّطرّف الدّيني وكراهيّة المثليّة، والشّوفينيّة والنّزعة العسكريّة. وسنظلّ متحفّزين لفرض احترام اللائكيّة أي الفصل بين الكنائس والدّولة.
* نحن ندين علاقات الهيمنة المسلّطة على الشّعوب والّتي تفرضها القوى الإمبرياليّة وشّركاتها متعدّدة الجنسيّات الّتي تنهب الثّروات وتلوّث كوكب الأرض وتنشر المجاعة وتثير الحرب، وسياسة الهيمنة هذه تدفع تدريجيّا النّساء والرّجال إلى الهجرة بحثا عن مستقبل أفضل.
* نحن ندين بشدّة الإجراءات اللاّشعبيّة والرّجعيّة الّتي يتّخذها الاتّحاد الأروبي ونقاومها، كما ندين مؤسّساته المناهضة للدّيمقراطية والمسخّرة، على الدّوام، لخدمة الطّغمة الماليّة، وندين أروبا – الحصن الّتي تنظّم مطاردة الأجانب، أروبا المفعمة بالرّوح العسكريّة والسّاعية إلى الهيمنة. نحن ننحاز إلى صفّ نساء أروبا وشعوبها الّذين يتصدّون مثلنا لنفس الأضرار.
* نحن متضامنات مع نساء شعوب العالم أجمع الّلاتي يناضلن لتطوير حقوقهن وافتكاك حرّيتهنّ وتحقيق التّطوّر الاجتماعي، ونحن متضامنات، بالخصوص، مع نساء بلدان إفريقيا. إنّ سياسة الهيمنة الّتي تمارسها فرنسا الإمبرياليّة، القوّة الهيمنيّة، والقوّة الاستعماريّة القديمة ظلّت ثابتة على الدّوام، كما أنّنا متضامنات بالخصوص مع الشّعب الفلسطيني ونسائه الّذي حرم من حقّه الأساسي في الوجود بوصفه دولة مستقلّة.
* من الضّروري إحداث تغيير للعلاقات الاجتماعيّة جذريّ لافتكاك تحرّرنا. فالتّوق إلى تغيير للمجتمع عميق يترجمه الحراك الاجتماعي بشكل مطّرد. نحن نطمح إلى العيش في مجتمع آخرلن يُقصى منه النّساء والرّجال ولن ينهكهم النّظام وتقام فيه العلاقات الاجتماعيّة على أساس المساواة، والاحترام [المتبادل] والتساوي في الحقوق، مجتمع يتمّ فيه إنتاج الثّروات لفائدة الأغلبيّة المطلقة من الشّعب، مجتمع متضامن مع الشّعوب الأخرى.
* ولبلوغ شأونا، علينا تحقيق بديل سياسيّ قوامه التّحوّل الاجتماعي الجذري، الموحّد والجريء. إن مثل هذا البديل لن يُكتب له النّجاح دون مشاركة نساء الأوساط الشّعبيّة. ومنظّمتنا مستعدّة للإسهام في إعداد هذا البديل والعمل على فرضه في الحياة وذلك بإدماج طموحات نساء الأوساط الشّعبيّة ومطالبهن ضمن المطالب الّتي ترفعها منظّمتنا

ديسمبر 2012.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
(1) منظّمة نساء مساواة هي منظّمة نسائيّة فرنسيّة مرتبطة بحزب العمّال الشيوعي الفرنسي، تناضل في سبيل تكريس برنامجها الّذي بلورته في هذه الأرضيّة، وتصدر مجلّة شهريّة تُسمّى "مساواة" تحيل إلى الصّحيفة الّتي أصدرتها، سنة 1891، المناضلة الألمانيّة، النسوية والشيوعيّة والأمميّة كلارازتكين (1857-1933-Clara-Zetkin) والّتي كرّست حياتها لرفع الوعي السّياسي والطّبقي لدى مئات العاملات الألمانيات وحقّ المرأة في الانتخاب والمساواة مع الرّجل، واقترحت على" السكرتارية الدّولية للنّساء لاشتراكيّات" الاحتفال بالمرأة المناضلة من أجل حقوقها السّياسية والاجتماعيّة يوم 8 مارس من كلّ سنة.