3 ديسمبر : تاريخ خالد وأزمة خانقة


جيلاني الهمامي
الحوار المتمدن - العدد: 8181 - 2024 / 12 / 4 - 00:47
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

اليوم 3 ديسمبر 2024، مرت 100 عام بالتمام والكمال على تاريخ المؤتمر التأسيسي لأول نقابة عمالية تونسية، لحما ودما، بأيادي عمال وناشطين تونسيين. إنها ذكرى من الذكريات المجيدة التي خطّت فيها الطبقة العاملة التونسية، وهي لا تزال فتية، واحدة من أبرز ملاحم النضال النقابي والاجتماعي والسياسي في تونس. 3 ديسمبر هو تاريخ الإعلان عن ميلاد جامعة عموم العملة التونسيين.
يقول الطاهر الحداد في كتابه "العمال التونسيون وظهور الحركة النقابية" في باب إعلان الجامعة ( ص 159) :
" بعد الحصول على رأي متحد في تقرير مبادئ الجامعة وخطتها التنفيذية، رأى المؤسسون وجب الإعلان بها وبأعضائها الذين سيعينون بعضهم بعضا وقتيا ريثما تتهيأ المؤسسات النقابية لمباشرة أعمال الانتخاب طبق قانون أساسي تدونه هذه اللجنة الوقتية ويصادق عليه مؤتمر العمال فيما بعد. فوقع الاجتماع في محل أحد العمال في مساء اليوم الثالث من شهر ديسمبر 1924، وقد قصد الاجتماع كاتب هذه الاسطر بصفة حبيب للأعضاء مساند للحركة عن بعد لا عن مباشرة، فكان من الغريب الفجائي أنهم ألزموني بقبول العضوية في دائرة الدعاية للجامعة، فكان لي من ذلك أعظم شرف عساني أن أقوم له ببعض الواجب. وقد وقع الاجماع على تعيين اللجنة كما يلي:
...............
1 – المكتب: الكاتب العام محمد – الكاتب المعاون إبراهيم بن عمر – أمين المال محمد قدور – أمين مال معاون البشير الجودي.
2 – بث الدعوى: مختار العياري – محمود الكبادي – محمد الغنوشي – الطاهر الحداد – البشير الفالح.
3 – المراقبة: أحمد الدرعي – محمد الخياري – الطاهر عجم – محمد الدخلاوي.
وتقرر المكتب الوقتي بنهج سيدي منصور عدد 31"
تحية إكبار واحترام وتقدير وفخر واعتزاز لكل هؤلاء ولكل المناضلين الذين واكبوا حركة نضال الطبقة العاملة طيلة تلك الأيام والاشهر والسنين ومنهم إلى جانب ممن ذكرهم الطاهر الحداد أعلاه – على سبيل الذكر – قادة إضراب الرصيف في تونس وبنزرت البشير بودمغة وحمودة خليفة وصالح بن صالح ومحمد الخميري والطاهر بن سالم وحمودة الزغواني وأحمد المؤدب ومحمد صالح بلحسن وغيرهم.
نحيي هؤلاء ونحن في حيرة من أمر منظمتنا، الاتحاد العام التونسي للشغل الذي بعثه حشاد وثلة من المناضلين وتعاقبت على قيادته أجيال وأفواج من النقابيين ناضلوا بهذا القدر أو ذاك من أجل منظمة قوية وممثلة ومستقلة، تسير في سياق التوجه الذي ارساه محمد علي ورفاقه وسار عليه حشاد.
نحيي هؤلاء جميعا لقاء ما قدموا للحركة النقابية التونسية وبذات الوقت نشهر جام غضبنا مما يأتيه جيل القيادة الحالية التي وللأسف تردى على أيديها الاتحاد في أزمة خانقة باتت تنذر بانقسامه إن لم يكن باندثاره. لقد تحولت منظمة حشاد "العتيدة" على أيدي هذا الجيل من البيروقراطية النقابية إلى مجرد "عملاق بأرجل من طين" كما تقول الأسطورة البابلية القديمة. ولا يبدو بحسب المعطيات الراهنة أن الصراع الذي يقابل شطري المكتب التنفيذي الوطني أن هناك أمل في تجاوز "المأزق" الذي سقط فيه الاتحاد في الوقت الذي تتكالب عليه نوايا الاجتثاث والتصفية.
أفلا يدرك هؤلاء أن ما قد يؤول إليه وضع الاتحاد سيظل وصمة عار مقرونة بأسمائهم ولعنة تلاحقهم مائة عام قادمة، من الآن حتى 3 ديسمبر 2124 وما بعده.