المشهد ... والمشهد الآخر أو واقعة -أبو شجاعة-
جيلاني الهمامي
الحوار المتمدن
-
العدد: 8053 - 2024 / 7 / 29 - 04:35
المحور:
القضية الفلسطينية
المشهد ... والمشهد الآخر
أو واقعة "أبو شجاعة"
تنصبّ الأنظار، كل الأنظار على حرب التدمير الكامل في غزة. ورغم مرور ما يقارب 300 يوم من القتل والفتك والخراب والتدمير لم تدخل الحرب أبدا دائرة الروتين. فكل يوم بجديد.
معلوم أن ما يجري يسترعي الاهتمام والمتابعة ولكن تحت جناح ذلك تجري جرائم أخرى في حق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية. هناك الجيش الصهيوني وقطعان المستوطنين وميليشيات سموتريتش وبن غفير ونتنياهو يقترفون كل يوم جرائم جديدة في حق فلسطين تنفيذا عنيفا لمقتضيات "صفقة القرن" التي جاءت معركة طوفان الأقصى لتقطع عليها وعلى الامبريالية الامريكية والكيان الصهيوني والأنظمة العربية المطبعة الطريق.
المشهد المؤلم تجاوز ما يقترفه مجرمو الحرب في حق المدن والبلدات الفلسطينية ومخيمات جينين وطولكرم وقلقيلية ونابلس ورام الله وغيرها، ألم المشهد مأتاه في ما يقترفه بوليس عباس، "قوات السلطة الفلسطينية" من جرائم في حق أبناء جلدتهم تطبيقا لالتزامات الخيانة والعار في ما يسمى بـ"التنسيق الأمني".
الخيانة لها جذورها وتعود إلى اتفاقية التسوية في أوسلو التي نصصت صراحة على التنسيق بين "السلطة الفلسطينية" والكيان المحتل دون أن تدخل في التفاصيل "لمنع الإرهاب وتعقب الإرهابيين". ثم جاءت اتفاقية طابا لسنة 1995 لتوضح معنى "التنسيق الأمني" وهو منع الإرهاب والإرهابيين واتخاذ الإجراءات المناسبة فيهم كما نصت الاتفاقية على عدم تعرض سلطة عباس للعناصر العميلة والجواسيس الذين قدموا خدمات ومعلومات للعدو.
بعد ذلك اتخذ "التنسيق الأمني" ابعادا فظيعة في قمع الفلسطينيين وخدمة أوامر الشرطة والجيش الصهيوني والمستوطنين. وللاطلاع على التفاصيل يمكن العودة للكثير من المواد المنشورة حول الموضوع. (1).
فقط أردت أن اشير هنا إلى آخر ما جاء في هذا المشهد البائس، مشهد يتولى فيه ذوي القربى كل أعمال القمع والعسف في حق إخوتهم من بني وطنهم فلسطين، تحت أنظار العدو الصهيوني. ذلك ما حصل هذه الأيام في مخيم جينين وطولكرم. وكما قال مدون فلسطيني "حدث في تاريخ الثورات أن استطاع المحتل أن يجند ثائرا لخدمته ولكنها المرة الأولى في التاريخ التي يستطيع فيها محتل أن يجند ثورة كاملة. الاحتلال حول الثورة من مشروع إلى وظيفة وهي حمايته وربط بقاءها ببقائه وهي في الحقيقة تدافع عن خبزها أكثر مما تقف ضد المقاومة.
ولكنه رغيف معجون بالذل والعمالة".
المشهد الآخر
المقاومة تتحدى وترسم صورا من الشجاعة والبسالة. إذ اشتبك رجال المقاومة مع بوليس عباس عملاء الصهيونية في مخيم جينين لمنعه من ملاحقة المقاومين الذين تطلب قوات الاحتلال عبر "التنسيق الأمني" اعتقالهم. وفي كل اشتباك يتجدد المشهد ذلك المشهد الأليم حيث يتخندق الفلسطيني مع الصهيوني ضد الفلسطيني، نعم يتخندق الفلسطيني الذي يحمل البندقية في إطار وظيفة كلف بها وهي "حماية الكيان" والتنسيق مع في محاربة أخيه الفلسطيني ابن أمه وأبيه.
ولكن في الضفة الأخرى من المشهد، الفلسطيني المقاوم الذي عجزت وتعجز كل قوى العالم عن كسر شوكته. فرغم الحصار برا وجوا وعبر الأقمار الصناعية والتجهيزات الالكترونية وشبكات التجسس والحصار العسكري والبوليسي والاقتصادي والغذائي تبني المقاومة نفسها وتتمدد في الضفة الغربية لا فقط في معاقل المقاومة التقليدية وعلى رأسها جينين ومخيمها وإنما أيضا في البلدة الصغير طولكرم التي قفزت هذه المرة لتفتح أمام المقاومة مسلكا جديدا. فقد خطّ مخيم نور شمس أبهى صور المقاومة والانتصار حتى وإن كان الثمن شلال دم وشلال شهداء لكن مقابل عدد غير قليل من جنود الاحتلال وضباطه بين قتلى وجرحى.
وعلامة النور القوية في طولكرم هي خروج الأهالي ليطوقوا المستشفى ويمنعوا بوليس عباس من دخوله وإلقاء القبض على قادة المقاومة لتسليمهم إلى الكيان الصهيوني.
كتبت مدونة فلسطينية في موقع "سنبلة" (2)
"بالأمس افتتحت طولكرم طريقا جديدة حيث خرج الأهالي والشباب بكثافة وطوقوا المستشفى الذي حاصرت فيه أجهزة السلطة أحد قادة مجموعات المقاومة "أبو شجاعة" واخترقوا حصار الأجهزة ودخلوا المستشفى وأمنوا طريق الخروج نحو مخيم نور شمس للمقاوم الملاحق وخرج في المخيم محمولا على الأكتاف يهتف بمواصلة المسيرة".
إنها واقعة "أبو شجاعة" صورة حية من حياة شعب يرسم معالم الطريق إلى الوطن، نحو المستقبل، نحو التحرر.
جيلاني الهمامي
الهوامش
1 – أنظر مثلا عبد الستار قاسم : التنسيق الأمني دفاع عن أمن الصهاينة، على الرابط التالي
التنسيق الأمني دفاع عن أمن الصهاينة | الجزيرة نت (aljazeera.net)
2 – صفحة فايسبوك "سنبلة"