(ساغان) ورحلته لتضليل الإنسان


كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن - العدد: 8165 - 2024 / 11 / 18 - 16:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

قبل البدء بتصفح دفاتر (كارل ساغان) ومخططاته لتغيير الأديان. ينبغي ان نؤكد حقيقة لا يختلف عليها اثنان، وهي ان العالم العربي لا شغل له منذ عقود سوى الخوض في التراشقات الطائفية، التي أعادتهم إلى عصور الجاهلية الاولى، من دون ان ينتبهوا إلى ضراوة الهجمات التي سوف تنسف دينهم ومبادئهم وثقافاتهم. . .
بدأت المرحلة الأولى في هجمات (ساغان) بتقليل شأن الأمم فوق سطح كوكب الأرض، بقوله: [ان الإنسان اشبه بحشرة متطفلة على بقعة متعفنة فوق قشرة ثمرة الخوخ. . وحبة الخوخ هي (الأرض) الكوكب الصغير الذي يحوم حول نجم محلي لا قيمة له هو الشمس، وهذا النجم (الشمس) يقبع في مكان مظلم يقع على أطراف مجرة مهمشة من مجرات درب التبانة، التي تحتوي على 400 مليار مجموعة نجمية، وفي الكون 100 مليار مجرة اخرى تشكل الكون]. .
هذا ما يراه (ساغان) باعتباره من المتخصصين في علم الاحياء الفلكي، وهو هنا لا يعترف بعجزه وفشله في سبر أغوار الكون، ومع ذلك يواصل مزاعمه في توصيف الشعوب والأمم بلغة التصغير والتقزيم، فيتهجم على الديانات السماوية من دون ان يمتلك دليلا واحدا يدعم مزاعمه. .
كان من المتوقع ان يقف (ساغان) مندهشا مبهورا امام هذا الكون الفسيح الذي يشهد بعظمة الخالق الذي خاطب العقول كلها في كل الأزمان، وحثها على التفكير والتعمق والتأمل في ملكوته، فكل آيات الكون ناطقة بوحدانيته، وما العلم إلا كاشف لقدرته، قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ). .
عاش كارل ساغان للمدة (1934 - 1996)، وهو من اعضاء الجمعية الأمريكية للفلسفة، والأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، وله عدة مؤلفات في مجال الخيال العلمي، نذكر منها: (عالم تسكنه الشياطين)، و (كوكب الأرض نقطة زرقاء باهتة)، و (الكون كتاب)، و (الكون: رحلة شخصية). وبنظرة عابرة لعناوين مؤلفاته تشعر انه اقرب الى المشعوذين والواهمين منه إلى العلماء والمفكرين. .
لا ندري كيف يتجرَّأ هذا المعاند المستكبر على خالق الكون ؟، وكيف ينكر فضله ووجوده ؟، وكيف يتحدى الثوابت العلمية ؟. وكيف يجحد آلاء الرحمن القادر على إهلاك الكون كله ؟. وكيف تجاهل (ساغان) المظاهر الكونية القريبة منه، والتي تدل على عظمة الله ؟. كيف لم يتأمل البناء الكوني للسماء وجمال تنظيمها ؟. لقد خلقها الله سبحانه وتعالى بتصميم بديع. فقال عنها: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون). في إشارة إلى تمدد الكون كله بنحو 105 كيلومترات في الثانية. .
وكيف تجاهل (ساغان) اتزان الجاذبية الكونية، وتماسك أجزائها من غير تماس، وهذا الأمر العجيب ادركه العلماء المحدثون ولا يعرفون سره ؟، لأنه نوع من القوى المجالية التي لا تُرى بالعين المجردة ولا حتى بالتلسكوبات. لكن واقع الحآل يجعلنا نسلم بحقيقة وجودها رغم طبيعتها غير المرئية التي لا يعلم بها إلا الله جلّ شأنه. .