عرّابون أكس لارج


كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن - العدد: 8182 - 2024 / 12 / 5 - 09:29
المحور: كتابات ساخرة     

قد يطير الفيل في العراق إذا خفف وزنه قليلاً، وتعلم الطفر العالي فوق موانع الطرق الخارجية، وقد يتحول التمساح إلى سنجاب صغير يأكل البندق ويقفز من شجرة إلى أخرى، وقد يقرر شط العرب تغيير مجراه نحو جبل سنام ليصب في منخفضات (حفر الباطن). كل شيء جائز ومحتمل وضمن التوقعات، ولكن لن يستفيق الشعب العراقي أبدا من غفلته ليكتشف طبقة القادة الأكس لارج، الذين لا يظهرون في المقابلات المتلفزة، ولا يرشحون انفسهم في الانتخابات، وليست لديهم علاقات اجتماعية واسعة ولا روابط معمقة. لكنهم يسكنون المنطقة الخضراء، ويرتبطون بمعظم المكونات السياسية، وكلامهم مسموع، ولهم أوزان ثقيلة وسلطات خفية استثنائية في صناعة القرار، وأدوارهم فاعلة ومؤثرة في إبرام الصفقات، وفي حسم التسويات التعاقدية، وفي تزكية المرشحين للدرجات الخاصة، ذلك على الرغم من انهم لا يتكلمون إلا نادراً. .
لا يقيمون الندوات، ولا يشاركون في المؤتمرات، ولا يحضرون المجالس. ليست لديهم مؤلفات، ولا مقالات منشورة، ولا احد يعرف شيئا عن مؤهلاتهم العلمية أو الادبية، لكنهم من المساهمين الكبار في توجيه سفن السلطات التنفيذية. .
بعضهم يقيم خارج العراق ويحمل اكثر من جواز سفر، ولهم مقار وفلل يسكنونها في اماكن متفرقة من العالم. تغلب عليهم صفة التعالي والتكبر والغرور. اشعر احيانا انهم لا يتنفسون مثلنا، ولا يأكلون من أطباقنا. إذا سلمت عليهم لا يردون عليك السلام. يرفضون التقاط الصور، ويستخدمون الهواتف القديمة (غير الذكية). متعجرفون متبطرون متجهمون يتظاهرون بالتدين الشكلي، يغلب عليهم طابع الصمت والسكوت ربما بسبب نزعاتهم السايكوباثية، وربما بسبب اصابتهم بفيروسات الغمامية. .
دخلت في يوم الايام عن طريق الصدفة إلى مكان كان يتصدره احدهم، فحييتهم بصوت عال، لكنهم لم يحييوني، ولم يردوا التحية، فاقتربت من كبيرهم، وكان من صنف الأكس لارج قياس 41 بدون قيطان، فبصفت في وجهه. لكنه لم يحرك ساكنا، ذلك لأنه كان يدرك انه سينال سلسلة من الركلات. .
اغرب ما شاهدته منذ بضعة ايام ظهور احدهم على شاشة التلفاز. كان يتحدث عن احتمالات اندلاع الحرب مضيق تايوان، فاستغربت من ظهوره بهذا الشكل العلني. لكنني عندما تابعت المقابلة اكتشفت ان الاسئلة متفق عليها، وانه كان يقرأ حديثه المكتوب على شاشة مثبتة أمامه داخل الاستوديو. .
ليست لهؤلاء قواسم كثيرة مشتركة. بعضهم بالزي التقليدي، وبعضهم يرتدي القمصان المشجرة. وبعضهم بلحية وبعضهم من غير شوارب. فالقاسم المشترك الوحيد: انهم بلا ضمير وبلا مبادئ وطنية. .
حاولوا البحث عنهم خارج مدنكم في المزابل (أعزكم الله)، وفي مكبات النفايات ومناطق الطمر الصحي، سوف تجدونهم هناك في حاوية من تلك الحاويات العفنة. . .