متحف الخمول والركود والبلادة


كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن - العدد: 8197 - 2024 / 12 / 20 - 10:59
المحور: المجتمع المدني     

لو كانت لديك باقة من اقلام الرصاص، فسوف يبدو لك القلم الأطول هو الأكثر شموخاً وأناقة، لكنه في حقيقة الأمر لم يفعل شيئا، ولم يقل كلمة، ولم يكتب حرفاً، هكذا بعض السياسيين فلا تخدعك مظاهرهم المزيفة. .
أبلغ ما قالته العرب في التعبير عن النشاط والقوة والانفعال والحركة: قول امرئ القيس:
مكرٍ مفرٍ مقبلٍ مدبرٍ معا
كجلمود صخر حطه السيل من علِ
هكذا ينبغي أن يكون السياسي فاعلاً متفجراً بالعطاء، يمتلك قوة التّأثير في النّاس بكلامٍ بليغ مؤثّر، يبعث فيهم الحماس، يدغدغ مشاعرهم، يثير اهتمامهم بالقضايا الراهنة، فالنّاس مهما بلغت قوة مشاعرهم الوطنية يحتاجون إلى من يستطيع بحنكته وحكمته أن يخرج تلك المشاعر لتترجم أفعالاً على أرض الواقع. جاء في الحديث (إنّ في البيان لسحراً). .
مشكلتنا في العراق ان معظم الذين يمثلون الكتل السياسية الكبرى، والذين ينتمون اليها، لا تسمع لهم همساً ولا ركزاً، ولا تقرأ لهم مقالة، ولا تشهد لهم مشاركة في ندوة أو حلقة دراسية لمناقشة القضايا الحساسة، وبخاصة في هذه المرحلة الملتهبة، التي شهدت فيها المنطقة تغيرات وتهديدات عنيفة غير مسبوقة، لن يكون العراق بمنأى عنها . .
اللافت للنظر ان بعضهم يظهر مهاراته في الخفاء عندما ينشغل بتوجيه ذبابه الإلكتروني لتشويه صورة خصومه والنيل منهم بأسلحة التلفيق والتشهير. بمعنى انهم يعملون فقط في الظلام وخلف الكواليس. حتى عندما تسنح لك فرصة اللقاء بهم والتحاور معهم تجدهم يلوذون بالصمت المطبق، كأن على رؤوسهم الطير، لا تفهم منهم شيئا، تشعر انك تقف في ركن بارد داخل متحف مهجور تتكدس فيه مجسمات رخامية لآلهة الخمول والبلادة، فالقوم مصابون بثقل الفهم وركود الذهن، ومع ذلك تراهم يتسابقون فيما بينهم في التعالي والتكبر على الناس. تجتمع فيهم الخصال البورجوازية الذميمة. في حين اصبحت الساحة مفتوحة للمفكرين المستقلين الذين نرفع لهم القبعة لدورهم المشهود في توعية الجماهير وتثقيفهم. .
آخذين بعين الاعتبار ان عقلية الجمهور غالبا ما تكون عاطفية، سهلة التأثر خاصة في وقت الانفعالات والأزمات. لذلك لا نتفاجأ إذا وجدنا احد اصنام متحف الشمع قد وقع في المصيدة، وجاء بأفعال بدائية تنم عن جهله وتخلفه. .
كلمة اخيرة: الشعب الذي ينتخب السياسيين الخاملين والمتحجرين لا يعد ضحية بل يُعد شريكاً في التقهقر والانهيار. .