سامان كريم سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي في حوار مفتوح حول: الطبقة العاملة من يقرر مصير الثورات في العالم العربي والعالم لصالح المجتمع.


سامان كريم
الحوار المتمدن - العدد: 3552 - 2011 / 11 / 20 - 11:19
المحور: مقابلات و حوارات     

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا - 67 - سيكون مع الرفيق سامان كريم سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي حول : الطبقة العاملة من يقرر مصير الثورات في العالم العربي والعالم لصالح المجتمع!.

ان تحرير المجتمع من براثن الرجعية والديكتاتورية الطبقية البرجوازية، سواء أكان عبر الفرد او عبر تمثيل الطبقة، مرهون بإقتدار الطبقة العاملة وتحزبها السياسي، ليس هذا فحسب، بل ان تحقيق اصلاحات جذرية في المجتمع مرهون بهذا الاقتدار والتنظيم. حقوق المراة ومساواتها التامة مع الرجل، الحقوق السياسية والمدنية والفردية للمجتمع بما فيها حقوق الشباب، توفير ضمان البطالة، حل الصراعات السياسية وفق مبدأ الحوار السياسي، ومنع اللجوء الى السلاح، حرية الاضراب والتنظيم والتظاهر، السلم العالمي، مناهضة الحروب والامبريالية ومساوئها... كلها مرهونة ومرتبطة بنزول الطبقة العاملة الميدان كحركة سياسية مستقلة عن كافة الحركات البرجوازية، ولها افقها واستراتجيتها الخاصة بها، الغاء الملكية الخاصة والعمل المأجور. تلك المفاهيم التي استرشد بها ماركس في البيان الشيوعي، وقبله في الايديولوجية الالمانية. ان الخطوة الاولى بهذا الاتجاه هي تحزبها الطبقي. ان اول امر على الطبقة العاملة ان تخطوه نحو الظفر بالسلطة السياسية، كحزب طبقي له رؤية سياسية واستراتيجية واضحة، هي فصل حركتها عن الحركات البرجوازية الرئيسية في عالمنا المعاصر وهي : الاسلام السياسي، القومية العربية، الديمقراطية بمختلف مشاربها، الاصلاحية.... وغيرها.
هكذا تحدث ماركس في اول خطواته باتجاه بناء نظريته الثورية لتغيير العالم، مستنداً الى منهج العنصر الفعال ودوره وموقعه وفق حقبة تاريخية محددة. العنصر الفعال في عصرنا هي الطبقة العاملة، وبالتحديد قسمها الطليعي، وتحزب هذا القسم في خضم النضال الطبقي في اي بلد كان. اذا ننظر للثورات في العالم العربي خلال الاشهر العشرة المنصرمة، بدءاً من تونس و أنتهاءً بسوريا و اليمن، نرى بوضوح ان التجارب التي تراكمت عبر هذه الفترة التاريخية القصيرة، هي كبيرة للغاية و مرشدة لنا الى درجة كبيرة، حتى نستلهم منها الدروس والنتائج التي تضاهي تاريخ ستة عقود سابقة من حيث اغناء دروسها و سرعة تحولاتها وتغيراتها المستمرة بصورة مستمرة.
حين ننظر الى تونس وهي رائدة في انطلاق الثورات في العالم العربي، نرى هناك، ان الطبقة العاملة هي التي اشعلت نيران الثورة، ولكن دون ان يكون لها رؤية سياسية واضحة، وبدون ان يكون لها حزبها الطبقي، دون ان تكون لها سياسة مستقلة عن باقي الحركات البرجوازية واحزابها وتياراتها المختلفة، عن الاسلام السياسي و الحركة القومية العربية التي انشقت الى عدة فروع مختلفة وتحت مسميات مختلفة، من يسار هذه الحركة الى يمينها. الطبقة العاملة وقسمها الطليعي كانا ولحد الان اسرى هذه الحركات، وبالتحديد الحركة القومية العربية وجناحها اليساري، اي الشيوعية البرجوازية بالتحديد. على اثرها اجهضت الثورة في مشهدها الاول، بفعل سياسات و ممارسات البرجوازية المحلية المدعومة من امريكا والغرب، وبالتحديد امريكا وفرنسا، عبر الانتخابات الاخيرة، وبالتالي إنعكست نتائج الثورة سلباً على الطبقة العاملة و الكادحين واالاغلبية الساحقة من الجماهير المتعطشة للحرية و المطالبة بالخبز، وحتى انعكست بصورة سلبية قاتمة على موقع المراة ومكانتها في المجتمع التونسي.
واذ ننظر الى مصر، استمرت الاوضاع الثورية لحد الان جراء اقتدار وقوة الطبقة العاملة. ولكن، وعلى رغم ذلك، ولحد اللحظة ان القسم الطليعي للطبقة العاملة اسير لتقاليد و افكار وتصورات وسياسات واساليب عمل القومية العربية، بيسارها ويمينها... اسير لمفاهيم القومية والوطنية، " مصر" و" دور الجيش"، واصبحت قوتها وحركاتها و سواعدها، رافعة للقوى البرجوازية، التي توحدت صفوفها ضد الطبقة العاملة على الرغم من الاختلافات العميقة بين تياراتها واحزابها المختلفة، ومدعومة بقوة من قبل البرجوازية العالمية، أمريكا و الغرب و الخليج. ان البرجوازية العالمية والمحلية تهدفان الى اجهاض و احتواء الثورة عبر العملية الانتخابية، وعبر اختلاق الصراع الديني مع القبطيین وتعميق هذا الصراع، وعبر ابراز عدوانية اسرائيل و الهجوم على سفارتها، علماً ان كل الأحزاب البرجوازية في مصر بيسارها و يمينها مشتركة في ابقاء العلاقة مع اسرائيل. ان البرجوازية في مصر، كما في تونس، بمختلف مشاربها السياسية متفقة و مشتركة في صد الطبقة العاملة ونضالاتها وارغام العمال على العودة الى بيوتهم، كلها مشتركة في الدفاع عن الملكية الخاصة والعمل الماجور. من هنا، على القسم الطليعي للطبقة العاملة ان يعي جيداً وان ترى الوجه والمحتوى المشترك بين تلك الاحزاب والحركات والمجلس العسكري، وخصوصا في المرحلة الثورية الراهنة...
في ليبيا و سوريا واليمين.... اجهضت الثورة من بدايتها عبر سياسات وممارسات مختلفة مدعومة من قبل الدول الكبرى، بمعنى اخر تم تأطير الثورة في اطار افق حركات برجوازية المختلفة والصراع الدائر بينها حول السلطة السياسية او بديل المرتقب. في ليبيا، اجهضت الثورة في بدايتها على اثر تدخل الناتو، حيث اصبح الناتو قائد للثورة!! وبذلك سلب من الحركة الجماهيرية المتعطشة للحرية في ليبيا القرار والارادة الثورية، حيث اتحدت كل افواج الرجعية في ليبيا في سبيل اجهاض الثورة، حيث اتحد الديمقراطيين ودعاة حقوق الانسان، والقوميين العرب والاسلاميين لاجهاض الثورة ووصلت الى مشهدها الاخير بقتل قذافى، وبعكس ما ترنو اليه الجماهير في ليبيا. وهكذا الحال في سوريا، اذ تحولت الحركات الاحتجاجية المطلبية والثورية الى عنف مسلح، لحلحلة الصراعات بين دول الكبرى، حيث روسيا ترى نفسها صاحبة الحق في هذه البقعة من الارض، تنافس بها امريكا والغرب، وعليه ترفع الفيتو بوجه اي قرار لاسقاط حليفها، بعكس حالة الليبية. وهكذا نرى اليمن قد اجهضت بفعل البرجوازية المحلية والعالمية، بفعل البرجوازية المعارضة، التي لا تهدف الى تطوير الثورة واتساع مطلبها خوفاً من انفلات الامر من ايادي البرجوازية، وهكذا تحالف قوى الشر من آل سعود وامريكا وبريطانيا مع المعارضة البرجوازية اليمنية و على عبدالله صالح ليتسنى للبرجوازية ان تدفع المركب الى بر الامان.
في العراق كان هناك وضع ثوري وضع الذي في شباط الماضي، وبالتحديد في 25 منه، بدأ اثر الثورات في تونس و مصر من جانب، وحالة التذمر والسخط والاستياء الجماهيري ضد الفساد و البطالة و في سبيل تحسين الامور المعاشية... تراجع هذا الوضع في العراق ايضا نتجية لسياسات وممارسات البرجوازية انفة الذكر على صعيد العالم العربي و نتيجة لضعف التحزب الشيوعي للطبقة العاملة في العراق، ناهيك عن اسباب تاريخية متراكمة في العراق نتيجة لثلاثة عقود من الحروب المتتالية والحصار الاقتصادي والاستبداد المفرط، وهي التي ادت الى قلة الخبرة الجماهيرية والعمالية للنضال الجماهيري والتنظيمي، ناهيك عن استخدام عنف مفرط ضد المتظاهرين من قبل ميليشيات كتلة القانون في بغداد والاحزاب البرجوازية المشاركة معها في السلطة.
كانت نتائج هذه الثورات في العالم العربي او اي مكان اخر في كوكبنا طبيعية، لان في زمن العولمة، اي زمن الذي اصبح التاريخ تاريخا عالميا بمعنى الكلمة، حيث السوق العالمي والاقتصاد الراسمالي العالمي موحداً الى اقصى درجات التوحد، سواء عبر الشركات العالمية التي تدير العالم برمته، او عبر الدول الرأسمالية الكبرى التي توحدت في سبيل ادارة العالم وابقاء اوضاعه وايجاد طرق مختلفة لتجاوز ازمتها الاقتصادية الخانقة، حيث بات تشكيل الدول و قرارها السيادي عالمياً وليس محلياً اطلاقا، انظروا الى جنوب السودان وكوسوفو، والقرارات العالمية المختلفة حول "خطة الانقاذ الاقتصادي"، وايضا انتاج السلع وتصديرها واستيرادها، كلها اصبحت عالمية، في هذه المرحلة من التاريخ التي وصل راس المال الى اقصى درجات تراكم للثورات وراس المال، ليس امامه الا الهجوم المباشر واشهار سيوفه المختلفة من القومية والاسلامية والديمقراطية والتعددية والبرلمانية، على الطبقة العاملة و اغلبية المجتمع البشري، حيث جربت البشرية حكم راس المال عبر حركاته البرجوازية المختلفة خلال قرنين او اكثر من الزمن كل ما لديه من الايديولوجيات المختلفة، واشكال مختلفة للسلطة، و ثقافات وتقاليد مختلفة لتحمیق العالم وبالتحديد العامل الماجور، لادامة سلطانه على الارض. ان الازمة الراسمالية العالمية الراهنة تتعدى بكثير الاقتصاد، حيث تشمل كل بنيتها الايدولوجية والسياسية والفكرية والاخلاقية....
ان كل تلك الايدولوجيات و الاشكال المختلفة للدولة إسدل عليها الستار بفعل تناقضات في رحم اسلوب الانتاح الراسمالي. مع هذا ان البرجوازية العالمية والمحلية الحاكمة والمعارضة مثلا في المصر او في تونس و العراق، يلوحون بالتعددية او البرلمانية، او الانتخابات.. متناسين ان هذه الايدولوجية قد شاخت منذ زمن في مهدها في امريكا او الغرب. اليوم، في امريكا الديمقراطية وداعية حقوق الانسان يعيش 43 مليون فقير وتهاجم المتظاهرين بقوة عبر رشهم بالفلفل الحار ناهيك عن رميهم في سجون الديمقراطية، في اليونان وفرنسا و ايطاليا و بريطانيا، نرى التعددية والبرلمانية و الانتخابات. نرى كل ذلك، ولكن ومع هذا نرى الفقر والبطالة و القمع و الفجوة العميقة بين راس المال و العامل، بين الطبقة الراسمالية والاغلبية الساحقة من مجتمعاته... كل هذا الامور تدلنا ان الحرية التي اطرت في اطار الديمقراطية هي حريات كاذبة وخادعة وفارغة من المحتوى... ليس هناك حرية في الارض بدون الخبز. الديمقراطية والتعددية هي فقط للبرجوازية واحزابها والراسماليين الكبار، هي حرية لنخبة الطبقة الراسمالية عبر ممثليها المختلفين، "التعددية السياسية". اما على بقية المجتمع ان ينتظر كل اربعة سنوات لادامة عبوديته تحت اسم الحرية الكاذبة الديمقراطية... بدون الخبز، اي بدون المساواة الاقتصادية التامة لا وجود للحرية. تحضر الحرية عبر القضاء على اسلوب الانتاج الراسمالي، واسقاط نظامه فقط.
ان التحولات العالمية الكبرى اتية لا محال خلال هذا العقد من الزمن، تحولات وتغيرات عظيمة وجبارة سواء أكانت في الغرب او في العالم العربي... القضية الاهم هي استلهام الدروس من تلك الثورات التي نعيشها في العالم العربي.. والدرس الاهم هو رفع استعداد وتنظيم الطبقة العاملة و"قسمها الطليعي" في حزب سياسي ماركسي مقتدر، رفع استعدادها سياسيا و تنظيميا كحركة سياسية مستقلة عن كل تيارات و حركات واحزاب البرجوازية من يمينية او يسارية، وبالتحديد الحركة القومية العربية و الشيوعية البرجوازية الدارجة في العالم العربي، التي تهدف الى رأسمال عطوف عبر رأسمال الدولة و تقسم بالارض والوطن والاقتصاد الوطني اغلظ اشكال القسم لترويض العمال سياسيا مع اعطائهم وجبات غذاء بالجرعة، رفع استعداد للقيام بثورتها العمالية وبناء نظامها السياسي واستكمال ثورتها السياسية، "الحكومة العمالية" عبر التحول الى الغاء العمل الماجور، الغاء الملكية الخاصة للراسمال، اي ارساء النظام الاشتراكي .