جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن
-
العدد: 8168 - 2024 / 11 / 21 - 01:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مقدمة :
لمجرد التذكير والتأكيد :
نحن :
1 ـ تمسّكا بالقرآن الكريم : نحن ضد أكابر المجرمين فى كل زمان ومكان ، ومع المستضعفين فى كل زمان ومكان .
2 ـ نؤمن أن السلام هو الحل ، وان الحرب إستثناء ، وإنها ليست الحل فى كل الأوقات ، بل فى الأغلب هى مشكلة ، خصوصا إذا أدارها أكابر المجرمين ، كما يحدث الآن بين نيتنياهو وحماس .
وفى هذا الاطار نتكلم عن بعض المسكوت عنه فى الابادة الجماعية بين إسرائيل من جهة والعرب والمحمديين من وجهة أخرى ، مع ملاحظتين : إن إسرائيل لم تقتل فردا من أبنائها اليهود بل هى ترتكب المجازر ضد أعدائهم دفاعا عن مواطنيها ، بينما يقوم أكابر المجرمين من العرب والمحمديين بقتل المستصعفين من أبناء قومهم .
ولأن الموضوع طويل وحزين فإننا نقتصر على بعض الشواهد من قيام دولة إسرائيل وحتى الآن .
أولا : بين إسرائيل والفلسطينيين :
قامت إسرائيل قبيل تأسيسها وحتى الآن بمذابح ضد الفلسطينيين ، وهى الآن تقوم بإبادة جماعية ، والمحصلة النهائية لا تصل حتى الآن الى مائة ألف . بينما يصل العدد الى هذا تقريبا فيما قتله الفلسطينيون من بعضهم فى الحروب بين الفصائل الفلسطينية ، وفى قتل حماس للفلسطينيين مباشرة ، والأهم من ذلك أن حماس ورفيقاتها هم السبب الرئيس فى قتل عشرات الألوف منذ ( إنفجار الأقصى ) ، إذ إتّخذت من سكان غزة دروعا بشرية تحتمى بهم وتتخفّى بينهم . حفرت أنفاقا لتختفى فيها ، وتركت المدنيين العُزّل فى العراء تنتقم منهم إسرائيل . إسرائيل تبنى الخنادق لتحمى مواطنيها ، وحماس تنشىء أنفاقا معقدة لتحمى نفسها ، تضرب وتختفى . من أجل القضاء على هذه الأنفاق تم تدمير غزة ، ومن أجل ملاحقة حماس ورفيقاتها يتم قتل عشرات الألوف من أبناء غزة ، فى قتل مجرم عشوائى مجنون . وانهزمت حماس وتدمرت غزة ، ولا يزال التدمير والقتل سائرا .
ثانيا : حزب الله
وجوده كان ولا يزال نكبة على لبنان ، تسبب فى قتل حوالى عشرات الألوف من اللبنانيين فى صراعه مع إسرائيل نتفيذا لأجندة إيرانية ، ثم قيامه بمذابح ضد السنيين السوريين تأييدا للسفاح بشار الأسد . حزب الله الآن فى طور الانكسار . وراح دم الأبرياء هدرا . والمحصّلة بمئات الألوف . والمنتصر إسرائيل وإيران .
ثالثا : فى سوريا :
مجازر حافظ الأسد ، ثم مجازر إبنه بشار ضد السنيين . والآن سوريا تحولت لساحة حرب بين أطراف إقليمية ودولية ( تركيا ، إيران ، أمريكا وروسيا ) ، لكل منها فصيل عسكرى . والمحصّلة قتلى بمئات الألوف .
رابعا : تركيا :
تقتل الأكراد فى الداخل ، وتقتل غيرهم فى تدخلاتها فى العراق وسوريا وليبيا ، والمحصّلة قتلى بمئات الألوف .
خامسا : العراق :
1 ـ صدام حسين قتل عشرات الألوف من الأكراد بالغازات السامة ( مثل ماساة حلبجة ) وقتل عشرات الألوف من الشيعة فى مذابح متعددة ، هذا عدا مئات الألوف فى حربه مع إيران ثم فى إحتلاله الكويت ، ثم :
2 ـ بإسقاطه كان قتل عشرات الألوف بالغزو الأمريكى ، ثم أصبح الشيعة والايرانيون متحكمين فى العراق ينهبون ثرواته ويقيمون مذابح للسنيين ، والمحصّلة قتلى بمئات الألوف . نتج عنها تهجير ملايين العراقيين لخارج العراق ، وجرى ويجرى إحلال شيعة من الخارج لتغيير البنية الديموجرافية للعراق لصالح إيران والشيعة .
سادسا : اليمن :
قام ابن سلمان وابن زايد ب ( عاصفة الحزم ) وتوابعها ضد الحوثيين . المحصلة قتلى بالملايين معظمهم من الأطفال والنساء ، بالقصف الجوى والتجويع والتهجير . وانتهت المأساة بالفشل لابن سلمان وابن زايد والكومبارس الذين إتبعوهم بغير إحسان . ولا ننسى مذابح قام بها الحوثيون ضد خصومهم السنيين فى اليمن . وهذا ضمن المسكوت عنه أيضا .
سابعا : مصر :
منذ حكم العسكر مصر :
1 ـ إستأصل عبد الناصر الناشطين والمثقفين ومنهم شيوعيون وإخوان ، قضى عليهم بالتعذيب ليحكم مستبدا .
2 ـ عبد الناصر صنعته المخبرات الأمريكية لإقامة حكم عسكرى يدمّر مصر لصالح إسرائيل ، وكتبنا فى هذا من قبل . وبأوامر خارجية إنهزم عبد الناصر مرتين فى حرب 1956 ، 1967 ، وبنفس الطريقة ، حشد الجيش ثم الانسحاب العشوائى بعد تلقّى الضربة الأولى وتدمير سلاح الطيران ، وترك الجيش المصرى تلتهمه الطائرات الاسرائيلية . المحصلة ضياع سيناء ، وقتل مئات الألوف .
3 ـ قتل عبد الناصر مئات الألوف من اليمنيين والمصريين فى حربه الخاسرة فى اليمن ، وربما كان أول مستبد عربى يستعمل الغازات السامة فى اليمن .
4 ـ بفضله تغيرت عقيدة الجيش المصرى بعد أن أصبح سلاحا فى يد الحاكم العسكرى ، لا ينتصر إلا على المستضعفين المصريين العُزّل . إنتصر الجيش المصرى علي المصريين الغلابة فى العصور اللاحقة ، وتأكّد إنتصاره عليهم فى أواخر حكم مبارك ، ولولا تدخل باراك أوباما لأقام مبارك مذبحة لعشرات الالوف المتظاهرين فى الانتفاضة المصرية . تراجع مبارك خوفا من أمريكا ، وسقط ، وجاء الحكم العسكرى فأقام مذابح للمصريين ، وإستمرت فى عهد السيسى الذى مهّد لحكمه بمذبحة رابعة ورفيقاتها ، وأطلق يد الجيش فى السلب والنهب ، وزرع مصر بالقهر والخوف والتعذيب والسجون والقتل خارج القانون والاختفاء القسرى . جرائم لا يمكن أن يقوم بها نيتينياهو لو إحتلّ مصر بجيشه .
ثامنا : ليبيا
ضاع السلام الذى عاشته ليبيا فى عهد الملك السنوسى ، بتدخل عبد الناصر أسّس القذافى نظامه العسكرى ، فأقام مذابح معلنة وأخرى مسكوتا عنها ، وكأى مستبد عسكرى يرى نفسها يملك الأرض ومن عليها ــ تتبع القذافى خصومه فى الخارج ، واضاع الثروة الليبية فى مغامرات عقيمة حول العالم ،وبسببه تعرّض الشعب الليبى للحصار ، وبإساقطه وقتله كان قد هرّب للخارج البلايين ذهبا وعُملات ورقية ، وضاعت . وأصبحت ليبيا بعده منقسمة بين زعماء عصابات فى شرقها وغربها ، يتنافسون فى قتل الليبيين وسرقة أموالهم . والمحصّلة بعد موته قتلى بمئات الألوف . ولا يزال المسلسل مستمرا .
تاسعا : ايران
سفك ( السافاك ) البوليس السياسى للشاه محمد رضا بهلوى آلاف الدماء من الايرانيين ، مما أدى الى ثورة عارمة من المظاهرات قابلها الشاه بوحشية فإستمرت وتطورت وتوقف الجيش والبوليس والسافاك عن القتل فسقط الشاه وهرب ، ومات فى المنفى . جاء الخومينى ونظام حكمه الذى لا يأبه بحُرمة الدماء . تجلى هذا فى الحرب الايرانية العراقية حيث كان ـ توفيرا للنفقات ـ يدفع بألاف الشباب ليسيروا فوق الألغام فتنفجر فيهم ، وبذلك يتمهد الطريق للجيش الايرانى بآلاف المؤلفة من الجثث الايرانية ، والذين تم إقناع اصحابها بالجنة . ويواصل نظام الملالى إضطهاد الشباب الايرانى والأقليات العرقية والدينية المذهبية ، وأغلبهم فى عربستان التى كانت عربية واستولت عليها إيران ، وفيها البترول وأكبر تجمع سنى عربى .
عاشرا : الحرب الأهلية فى لبنان :
الضحايا أكثر من 120 ألفا قتلى وحوالى 76 الفا من المشردين ، وهذا خلال أعوام 1975 : 1989 وعقد إتّفاق الطائف فى 1991 . وتم حلّ الميليشيات ما عدا ( حزب الله ) ، وهو الذى تكفّل بخراب لبنان فيما بعدُ .!
الحادى عشر : العشرية السوداء فى الجزائر
كانت حربا أهلية بين النظام الحاكم والتيار الوهابى ، وهذا التيار هو الذى فاز بانتخابات 1991 ، فألغاها الجيش ، وإندلع الصراع الحربى بينهم على مستوى المدن والريف . وصل عدد الضحايا لأكثر من 200 ألف قتيل، وفقا للإحصائيات شبه الرسمية، وبعض المذابح كانت لا تميز بين ذكر أو انثى أو بين طفل رضيع أو شيخ طاعن في السن وكانت طرق القتل في غاية الوحشية.
حادى عشر : الإبادة الجماعية فى باكستان الشرقية فى حكم الجنرال أيوب خان :
تولى أيوب خان رئاسة الجمهورية إثر انقلاب عسكري قام به. سلم الحكم سنة 1969 إلى الجيش بعد اضطرابات داخلية دامية أدت إلى تفتيت وحدة البلاد وقيام دولة بنغلاديش سنة 1971 ، حيث حدث ما يسمى بحرب الإبادة الجماعية فى بنجلاديش . وهى جريمة قام بها الجيش الباكستانى عام 1971 ، خلال فترة الحرب التي دامت 9 أشهرقتلوا أكثر من 3 مليون شخص وتشريد ملايين آخرين . وصاحبها إغتصاب الجيش للفتيات وقتل الكوادر المثقفة فى باكستان الشرقية . كانت باكستان جزئين : الشرقية ( البنغال ) والغربية ( البنجاب ) . كانت المسافة بينهما شاسعة ( ألف ميل )، والأكثر هو الاختلاف العرقى والمذهبى ، والعدد الأكبر فى السكان كان فى باكستان الشرقية وهى الأشد فقرا . كانت الوهابية هى المسيطرة على باكستان الغربية ، بينما كانت باكستان الشرقية تدين بالتصوف . تركزت السلطة فى باكستان الغربية مما أدى الى قلاقل فى باكستان الشرقية ، وتسبب هذا فى تلك المذابح ، وانتهت بتدخل الهند وهزيمة باكستان الغربية وإستقلال باكستان الشرقية ( البنغال ) تحت إسم ( بنغالاديش ) .
أخيرا
المذابح فى كل زمان ومكان وفى مختلف العصور . لا فارق بين إبادة الهنود الحُمر فى أمريكا والإبادة الجماعية التى قام بها هتلر وستالين والخمير الحمر وحروب أمريكا فى فيتنام وحروب اليابان فى الصين والهند الصينية ..الخ . وهناك المثيل فى تاريخ العرب والمحمديين منذ الفتوحات الشيطانية والفتنة الكبرى فى القرن الأول الهجرى . الفارق أن الاسلام وشريعته فى التعامل بين البشر هو دين السلام والحرية الدينية والعدل والاحسان . وهذا هو الذى يقرره القرآن الكريم لو قرأناه بمصطلحاته وآمنّا به وحده حديثا . بدأ صحابة الفتوحات الكفر العملى بالقرآن الكريم بالفتوحات والفتنة الكبرى ، وعلى هامشها حدثت مذابح ، وتأسّست أديان أرضية ، وفيها صنعوا إلاها أسموه محمدا ، وضعوا عليه أحاديث تُشرّع أديانهم من تشيع وتصوف وسُنّة . وقد تحوّل أكابر الصحابة الى كائنات إلاهية ، يحفظون بها أديانهم ، ويسيرون بها فى نفس النفق . نفق الفتنة الكبرى الذى هم فيه يسيرون ـ ولا يزالون .
أحسن الحديث
قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمْ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209) البقرة ).
ودائما : صدق الله العظيم .