عن ( الضنك هوالاكتئاب / القرآن الكريم وما سبقه / الخشوع فى الصلاة / لا حلقات جديدة / لا شاعر ولا كاهن )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 8136 - 2024 / 10 / 20 - 16:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

عن ( الضنك هوالاكتئاب / القرآن الكريم وما سبقه / الخشوع فى الصلاة / لا حلقات جديدة / لا شاعر ولا كاهن )
السؤال الأول :
نقول فلان عايش عيشة ضنك . هل الضنك هو شدة الفقر ؟
إجابة السؤال الأول :
1 ـ جاءت كلمة ( ضنكا ) مرة وحيدة فى القرآن الكريم . قال جل وعلا : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) طه ) .
2 ـ الضنك هنا ليس الفقر الشديد أو الفقر العادى ، بل هو الألم النفسى ، وهو ما يقال عنه الاكتئاب . ومبعثه التنافس على الدنيا والتكالب عليها والإنشغال بها الى درجة عدم الراحة فى النوم أو اليقظة ، وما يسببه هذا من أوجاع جسدية مثل قُرحة المعدة وأمراض القلب وغيرها . ترى المضنوك ينام بحبوب المنوم ويستقظ بحبوب المهدىء ، ولا يشعر بمتاع الطعام مهما تنوعت أصنافه . وتتعاظم مشكلته حين يلجأ لطبيب نفسى فيعطيه أدوية تؤثر على المخ ، ويصبح لها مدمنا وقد تغيرت كيمياء المخ عنده ، ويبدا طريق اللاعودة ، بتدمير المخ والنفس والجسد .
3 ـ الايات الكريمة السابقة تصف السبب وتضيف عذابا أشنع .
3 / 1 : السبب هو الإعراض عن القرآن الكريم وعن ذكر الرحمن جل وعلا . إذ أنه بذكر الرحمن جل وعلا تطمئن القلوب وترتاح الأنفس ثم مصيرهم الى الجنة . قال جل وعلا : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29) الرعد ) . هنا تكون الحياة الحقيقية للمتقين الذين يعيشون بنور التقوى ـ بغض النظر عن الثروة ، بينما غيرهم يتخبّط فى ظلمات نفسه أو ( إكتئابها ). قال جل وعلا : ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) الأنعام )
3 / 2 : أما العذاب الشنيع فهو ( وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) .
4 ـ ما نقوله هنا لا علاقة له بالمرض العقلى ، أو الجنون .
السؤال الثانى :
الايمان بالكتب الالهية هل يتعارض مع الايمان بالقرآن وحده حديثا ؟
إجابة السؤال الثانى :
لا .
لأن القرآن الكريم نزل مصدقا للكتب الالهية التى سبقته ومهيمنا عليها . قال جل وعلا : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) (48)المائدة). بإيمانك بحديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم وحده تكون قد آمنت بكل الكتب الالهية .
السؤال الثالث :
فى صلاتى أحاول الخشوع ، ولكن لا أستطيع ، عقلى يشرد منى ، أعيد التركيز فى الصلاة فيهرب تفكيرى فى أشياء مختلفة . ماذا أفعل للسيطرة على نفسى وأخشع ؟
إجابة السؤال الثالث :
فى نظرى مستحيل أن تخشع 100% فى صلاتك . ولهذا تتعدد ركعات الصلاة فى مواقيتها الخمس ، حتى إذا فاتك الخشوع فى ركعة أو سجدة أو قراءة للفاتحة أو تسبيح يمكنك أن تعوّض هذا بخشوع فى التالى من الركعات والسجدات والتسبيح . ( الكمّ ) يعوّض ( الكيف ) ، أى من الممكن أن تعيد قراءة الفاتحة إذا قرأتها غافلا . ونفس الموضوع فى تسبيحك ساجدا وراكعا . لك أن تستكثر من التسبيح لعل الكثرة تجبر الغفلة . ولا تنس أن الدعاء فى الصلاة يستلزم خشوعا وحضورا للقلب .
السؤال الرابع :
الاستاذ صابر ابو رشدى :
لم تظهر لك حلقات جديدة فى برنامج ( إسألوا أحمد صبحى منصور ) . لعل المانع خير .
إجابة السؤال الرابع :
اكرمك الله جل وعلا . كنت اسجل مقدما من ثلاث سنوات مضت وتوقفت بعدها وما سجلته تتم إذاعته تباعا . وتقترب الحلقات على الانتهاء ، ولا استطيع التسجيل بسبب ظروفي الصحية. واقتصر على الكتابة بقدر المستطاع . والله جل وعلا هو المستعان .
السؤال الخامس :
قال سبحانه وتعالى : ( فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) الحاقة ) . السؤال : لماذا عن الشاعر قال ( قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ ) وعن الكاهن ( قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ )؟
إجابة السؤال الخامس :
1 ـ ( قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ ) تردد نفس المعنى كثيرا فى القرآن الكريم وصفا للكافرين ، ومنه قوله جل وعلا : ( بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ (88) البقرة ) ( وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46) النساء ). الكفار المشركون يؤمنون بالله جل وعلا ويؤمنون بآلهة ويقدسون أولياء مع الله جل وعلا الولى الحميد . وهذا إيمان ناقص يستحق اللعن الإلاهى . من هنا نفهم أن إتهامهم للنبى بأنه شاعر ينبع من إيمانهم القليل . والرسول محمد عليه السلام لا ينبغى أن يكون شاعرا ، والقرآن الكريم ليس شعرا . نرجو تدبر الآيتين الكريمتين : ( وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70) يس )، ( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ (226) الشعراء ).
2 ـ أما كلمة ( كاهن ) فقد أتت مرة وحيدة فى القرآن الكريم : ( وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ). والمشهور عند العرب أن الكهنة الذين يتكهنون بقول الغيبيات يخطئون ، وتأتى الأحداث بغير ما يقولون . لذا فأولئك القوم ( قليلا ما يتذكرون ) ، فالغيبيات التى أتت فى القرآن حقيقية وقعت فعلا وستقع فعلا .