عن ( لم تكن شيئا / ورق / الاسلام دين العلمانية فى تعامل البشر / ربما )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 8166 - 2024 / 11 / 19 - 19:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

السؤال الأول :
قبل أن يتزوج ابى من أمى ..أين أنا كنت ؟
إجابة السؤال الأول :
أولا :
أنت وقتها لم تكن ( شيئا مذكورا )
قال جل وعلا عن الانسان عموما :
1ـ ( أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْئاً )مريم:67 )
2 ـ ( هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1) إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً (2) الانسان )
وعن زكريا عليه السلام : ( قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً)مريم: 9
ثانيا :
مرحلة ال ( لاشىء ) تعنى الموت .
1 ـ خلق الله جل وعلا الأنفس أولا فى عالم البرزخ الغيبى وصوّرها ، ثم كان خلق آدم . قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (11)الأعراف ). بعدها تلتحم كل نفس بالجنين المخصّص لها ، ويتخذ الجنين الشكل الذى يطابق ( نفسه ) . ويولد وبهذا يكون إنسانا وشيئا مذكورا . عن مرحلة الخلق فى الارحام قال جل وعلا بتعبير المضارع :( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) آل عمران ).
2 ـ بالتالى فإن لنا موتتين وحياتين :
2 / 1 : الموتة الأولى حين كانت أنفسنا فى البرزخ قبل أن تدخل فى الجنين ، وبالتالى لم نكن شيئا مذكورا ، والحياة الأولى حين تدخل النفس فى جنينها فى الرحم ، وتخرج منه إنسانا وشيئا مذكورا . ثم الموتة الثانية ، وهى بعد أن تقضى النفس العُمر المحدد لها سلفا فتموت ، ولا تصبح شيئا مذكورا ، ثم البعث والخياة الأبدية فى الجنة أو فى النار طبقا للتقوى أو الكفر والعصيان . عن الموتتين والحياتين قال جل وعلا :
2 / 1 / 1 : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) البقرة )
2 / 1 / 2 : عن أهل النار : ( قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11) ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ غافر ).
3 ـ معنى ذلك إنه يوجد فى البرزخ نوعان من الأنفس :
3 / 1 : الأنفس التى لم تأخذ دورها بعدُ فى الحياة . وهذا ينطبق على أحفادك فى البرزخ وعلم الغيب .
3 / 2 : الأنفس التى ماتت وعادت للبرزخ الذى أتت منه ، وهذا ينطبق على أجدادك حتى آدم .
ولا إتّصال بين النوعين فى البرزخ ، فهم أموات .
السؤال الثانى :
ما معنى كلمة ( ورق ) فى قصة أهل الكهف فى هذه الآية : ( فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ) 19 الكهف )
إجابة السؤال الثانى :
كلمة ( ورق )
1 ـ جاءت ب ( الرّاء المكسورة ) ومعناها الفضّة ، وهذا فى قول الله جل وعلا فى قصة أهل الكهف : ( وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (19) الكهف ).
2 ـ ب ( الرّاء المفتوحة ) وتعنى الورق فى الشجر .
قال جل وعلا فى قصة آدم وزوجه حيث الورق والشجر فى الجنة البرزخية والتى أخرجهما منها الشيطان :
2 / 1 / 1 : ( فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) الاعراف )
2 / 1 / 2 : ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى (120) فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) طه )
2 / 2 : فى ورق الشجر فى هذه الدنيا : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59) الانعام )
السؤال الثالث :
من الاستاذة كريمة إدريس : هناك حديث يكرره اهل السنه ... احسنكم خلقا اقربكم مني مجلسا يوم القيامه ....لو كان الموضوع ده صح فلقد رأيت في الملحدين اخلاقا والا دينين اخلاقا عظيمه وتعاطف جميل فهل لو اخذنا بهذا الحديث سوف يكونون الاكثر جوارا لرسول الله في الجنه ...طب ازززاي الكلام ده ؟
إجابة السؤال الثالث :
1 ـ كتبنا كثيرا إن الاسلام فى التعامل بين البشر هو العلمانية ، من حيث السلام وحقوق الانسان وكرامته والديمقراطية المباشرة والحرية الدينية المطلقة والمواطنة المتساوية للجميع فى إطار السلام الاجتماعى ، ثم يكون الحكم مؤجلا لرب العزة جل وعلا فى الدين : ( يوم الدين ).
2 ـ تخلّص الغرب من سيطرة الكنيسة ومنع تجولها فى دنيا السياسة والتشريع ، وقام بسنّ قوانين وفق العقل والمصلحة فإقترب كثيرا من جوهر الاسلام العلمانى . هذا بينما لا تزال الأديان الأرضية متحكمة فى حياة المحمديين ، تضعهم فى الحضيض ، وتعطيهم إعتقادا زائفا بأنهم وحدهم أصحاب الجنة وإن ( يا بختهم بالنبى ) ، وطالما ضمنوا الجنة فلا حاجة للأخلاق الحميدة ، ووداعا يا ست ( حميدة )!!.
3 ـ كم رأينا سموا أخلاقيا فى أمريكا لم نجده فى مصر . حتى الكنيسة فى أمريكا متفرّغة للعمل الاجتماعى الخيرى وللجميع بلا تفرقة ، بل تساعد فى إطعام الفقراء المحمديين وكسوتهم وسداد فواتير علاجهم . ومعظم تبرعاتها تصل الى المساجد ، حتى إن بعض المساجد كانت كنائس فتحولت الى مساجد . ويتفرغ أئمة مساجد المحمديين لجمع الصدقات والتبرعات العينية من الكنائس وغيرها ويرسلونها لتُباع لحسابهم فى مصر وغيرها . هذا من واقع المشاهدة . ومع هذا يواصلون دعوتهم فى أن غيرهم أصحاب النار ، لأنهم يؤمنون أنهم أصحاب الجنة مهما أجرموا .
4 ـ بالمناسبة : النبى محمد عليه السلام لم يكن يعلم الغيب ، ولم يكن له أن يتكلم فيها ، وقد تعبنا من كثرة الـتأكيد على هذا .
السؤال الرابع :
( ربما ) معناها لا يفيد التأكيد ، بل مجرد الإحتمال . وهذا هو المفهوم من الآية الثانية من سورة الحجر : ( رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ). هذا واضح ومفهوم . أليس كذلك ؟
إجابة السؤال الرابع :
للقرآن الكريم مصطلحاته الخاصة ومفاهيمها الخاصة ، والتى نفهمها من خلال السياق القرآنى المحلى والخاص بالآية والسياق العام للمعنى فى القرآن الكريم . وعليه نقول :
1 ـ جاءت كلمة ( ربما ) مرة وحيدة فى القرآن الكريم فى سورة الحجر . والسياق المحلى الخاص بالآية يؤكد أن ( ربما ) هى للتأكيد وليس الاحتمال . نرجو تدبر الآيات الكريمة الآتية وهى ردُّ على تكذيبهم للقرآن الكريم وطلبهم آية حسية وإتهامهم الرسول محمد عليه السلام بالجنون : ( الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (13) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنْ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) الحجر). لاحظ ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3))، ( كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12)
2 ـ السياق العام للمعنى فى القرآن الكريم يتجلى فى عشرات الآيات التى تعبّر عن ندم أصحاب النار وإلحاحهم بالخروج منها والعودة للدنيا ليعملوا صالحا . نكتفى منها بقوله جل وعلا :
2 / 1 : ( وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنْ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11) المُلك )
2 / 2 : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) فاطر )
2 / 3 : ( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ (108) المؤمنون )