عن : ( تبصير العباد بانواع وعواقب الأستبداد ).


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 8142 - 2024 / 10 / 26 - 16:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

عن : ( تبصير العباد بانواع وعواقب الأستبداد ).
السؤال :
فى الحقيقة كان لى فيك رأى سىء متأثر بالسطوة الاعلامية ، أنا علمانى ولا دينى مصرى أمريكى . تكلمنا عنك انا وصديق فقال لى إن لك ندوة مهمة جدا فى مركز هيدسون فى واشنطن ، قلت ده يؤكد رأيى فيه لأن مركز هيدسون يمينى متطرف وموالى لاسرائيل وضد الاسلام على طول الخط . صديقى قال بس المركز مع الحرية الدينية وده قاسم مشترك بين أحمد منصور والناس بتوع هيدسون . لم أتصور ان فيه واحد إسلامى يؤمن بالحرية الدينية . أعطانى صديقى هذا الرابط لندوتك فى مركز هيدسون لاشاهده . وفى الحقيقة لم أهتم . لكن فى جلسة تانية كان فيها الكلام عنك وعن د سعد الدين ابراهيم واشتراكك معاه ضد مبارك فى مصر ثم فى أنشطة ضده فى واشنطن . طلعت على جوجل وقرأت عن سيرتك وتغيرت فكرتى عنك تماما ، وخصوصا إيمانك بأن الاسلام دين علمانى ودولته علمانية . لكن اللى أثّر فىّ جدا هو ندوتك فى مركز هيدسون . كان ذكاء شديد منك تتكلم هناك وتقدم نفسك والجروب بتاعك . الرابط هنا لمن يريد مشاهدته :
https://www.youtube.com/watch?v=26ZsXWxo8QY
لكن لى سؤال : فى منطقة الشرق الأوسط أنواع مختلفة من النظم الاستبدادية . متشابهة ومختلفة من ايران الى افغانستان الى السعودية ومصر . أريد معرفة الفوارق والتشابه بينها . وأوعدك سأواصل القراءة فى موقعك .
الاجابة
شكرا جزيلا ، وسأجعل لهذه الفتوى عنوانا هو : ( تبصير العباد بانواع وعواقب الأستبداد ).
وأقول :
أولا :
1 ـ هناك دولة دينية محضة تمثلها ايران التى يحكمها الملالى وفق ولاية الفقيه . وهناك دولة مستبدة تستغل أيدلوجية دينية تتوسع بها ، وهى الدولة السعودية ودينها الوهابى الحنبلى السُنّى . ثم هناك نظم إستبدادية عسكرية او حزبية تستخدم الدين تبعا لمصلحتها .
2 ـ تتفق كل النُّظُم الاستبدادية فى قهر المواطن وتملك الوطن وما فيه ومن فيه ، والفساد وحكم الأقلية التى تستأثر بالسلطة والثروة . وبالتالى فلا حرية فى التعبير ولا حرية فى الدين . ولكن الأسوأ هى الدولة الدينية المحضة ، لأنها تزعم إمتلاك الدنيا والآخرة . فمن يخالفها تقتله وتحكم عليه بالخلود فى النار وفق مزاعمها عن اليوم الآخر ، وما فيه من شفاعات . ليس الأمر بهذه الدرجة من السوء فى النظم الاستبدادية الأخرى . منها من لا يؤمن بالأخرة أصلا ، ويكتفى بالقتل للمعارض .
3 ـ نتوقف مع دولة الملالى فى إيران .
3 / 1 : كانت هناك دول شيعية فى القرون الوسطى ، أهمها الدولة الفاطمية التى تأسّست فى تونس ، ثم زحفت الى مصر فاسّست فيها القاهرة والأزهر ، وتوسعت منها شرقا على حساب الدولة العباسية السُنّيّة وضمت الحجاز . ونتجت عنها حركات شيعية كالحشاشين والدروز و( أغا خان ).!. قامت الدولة الفاطمية على التبرى والتولى ( التبرى من أبى بكر وعمر وعثمان وعائشة ) وموالاة وتقديس على وبنيه ممّن جعلوهم آل البيت . وكان عدوهم الأول والأخيرة هو الخلافة العباسية السنية .
3 / 2 : الدولة الشيعية الراهنة فى إيران لها مذهب شيعى مختلف عن الفاطميين ، وليس هذا مهما ، المهم هو إن عدوهم الأول والوحيد هم العرب ، حتى لوكانوا شيعة . وفى شغبهم مع أمريكا وإسرائيل يستخدمون العرب الشيعة والسُنّة على السّواء . ومن أجلهم يجتهدون فى التصنيع الحربى والنووى ، لإرهاب العرب أولا . بالنسبة لهم فالعرب هم الذين حطموا دولة الأكاسرة الفارسية ، وعاملوا الفرس خلال قرن ونصف القرن بإحتقار . تجذّر هذا فى وجدانهم ، وعبرت عنه عقيدتهم الشيعية . من عام 1979 وهم أساس البلاء فى الشرق الأوسط سابقا ، الشرق الأتعس حاليا .
4 ـ قامت الدولة السعودية ثلاث مرات وسقطت مرتين .
4 / 1 : الدولة السعودية الأولى قامت بتحالف بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأمير الدرعية محمد بن سعود . إبن عبد الوهاب أعطى التشريع الدينى لابن سعود ليتوسع ، فتوسع ، وإحتلت الدولة السعودية الأولى الحجاز وهددت الدولة العثمانية فإستعانت بوالى مصر محمد على الذى تمكن من تدمير الدرعية ودولتها عام 1818 .
4 / 2 : ثم عادت الدولة السعودية الثانية ثم سقطت ، ثم أعاد تأسيسها عبد العزيز ( والد الملك سلمان )، مستعينا بالاخوان ( الأعراب الوهابيين ) ، والذين كانوا غاية فى الشراسة والوحشية والتزمت ، وبسيوفهم وصلت حدود الدولة السعودية الى ما هى عليه الآن ( تقريبا ). إختلفوا مع عبد العزيز ووصل الخلاف الى الحرب فقضى عليهم وأعطى دولته إسم أسرته ( السعودية ) عام 1932 . وأخضع لسلطته شيوخ الوهابية ، وظلت أسرة ابن عبد الوهاب ( آل الشيخ ) مسيطرين على الحياة الدينية . تحالف عبد العزيز مع أمريكا ليضمن بقاء دولته ، ونشر الوهابية فى مصر لتكون عُمقا له وليست تهديدا له .
4 / 3 : حاليا ، بدأ ولى العهد الحفيد ( محمد بن سلمان بن عبد العزيز) تغييرا جذريا ، تخلّى عن التزمت السعودى وجعل تركى ( آل الشيخ ) مهندس الانتقال من التزمت الى الانحلال ، وبعد أن كانت الدولة السعودية تتأفّف من تكالب الزوار على التبرك بالقبر المنسوب للنبى فى المدينة تحول الآن الى بيزينيس يشجع الزوار على المجىء وبأجر مالى ، وتحولت الكعبة والحرم الى نقطة ضئيلة وسط ناطحات سحاب ، وجىء بكل مباهج أمريكا والغرب اليها . وإستبقى ولى العهد ما يعزّز سلطته الاستبدادية، ومنها إعدام من يريد بتهمة ( التعزير ) . أى يقترب من الاستبداد العلمانى الذى كان عليه صدام والقذافى .
5 ـ مصر تقزّمت تحت حكم العسكر .
5 / 1 : بدأ مُبهرا بعبد الناصر ، ولكن سُرعان ما توالت الهزائم ( الطوعية ) فى 1956 ، 1957 . وإضطر للتحالف مع السعودية فتخلصت منه بالسم ليحكم عميلها السادات ، وأفسح السادات للإخوان ( الوهابيين ) فقتلوه . وجىء بحسنى مبارك فوعى الدرس ، وتخصّص فى النهب ، وفى النهاية بعد فشل ثورة 2011 والاطاحة بالاخوان وحكم المجلس العسكرى وصل للحكم السيسى الذى لا مثيل له فى الطغيان والفساد .
5 / 1 : فى هذا كله تحالف العسكر مع الأزهر الذى جعلوه حكوميا يركبونه ويركبون به الشعب .
6 ـ ثم جاء ما يسمى بطوفان الأقصى تقوم به حماس ، وتساعدها إيران بحزب الله والحوثيين . أدمنت حماس تطبيق عقيدة ( التّترُّس ) التراثية ، أى الاحتماء بالمدنيين ، فإحترفت أن تضرب وتختفى بينهم ، ثم كانت القاصمة ( فى طوفانها ) لأن تتخفى وسط غابة من الأنفاق ، تترك الأطفال والنساء والشيوخ والبيوت والمستشفيات للتدمير والاهلاك . وانتهى الأمر بتدمير غزّة وهزيمة حماس وقتل زعمائها وزعماء حزب ( الله ). هذا التدمير وتلك المذابح تحدث وتتوالى وسط تأييد من حكام المنطقة فى مصر والأردن والامارات والسعودية ، مما شجع نيتينياهو على إعلان هدفه بتغيير خريطة الشرق الأوسط وتأسيس اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات .
أخيرا :
وتعجبون من سقمى ؟؟ صحتى هى العجب .!!