|
التاريخ وهم أم حقيقة: مقبرة توت غنج أمون مثالا
رويدة سالم
الحوار المتمدن-العدد: 5235 - 2016 / 7 / 26 - 21:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أهدي هذا النص للأديب المصري المبدع الأستاذ "سعد القرش" إذ أنه من أوحى لي بفكرته في تعليق في الفيس بوك.
نحو تجديد وتعديل التاريخ البشري:
التاريخ الحقيقي الذي يمكن الوثوق به يحتاج إلى وثائق تحمل تواريخ محددة وبكميات هامة حتى يمكن مقارنتها واستخلاص الحقيقة التاريخية الفعلية لكن في الواقع من بين كل ما يوجد اليوم بين أيدي الباحثين والمؤرخين لا يوجد إلا النزر القليل من هذه الوثائق الموثوق بها والتي يمكن الاعتماد عليها لكتابة التاريخ الفعلي للحضارات البشرية. نحن لا نقدر أن تسبر أغوار المستقبل إلا عبر تخمينات وحسابات يمكن أن يتحقق بعضها لكنها غير أكيدة تماما بصفة قطيعة فالعالم الإنساني المتغير المعطيات إلى جانب الظروف البيئية الغير متوقعة على المدى البعيد يمكن أن تغير النتائج الالاستشرافية المتوقعة الحصول بشكل شبه كلي. نفس الشيء ينطبق على الماضي فالتاريخ الفعلي الموثوق به هو اقصر بكثير مما نعتقد إذ من الممكن تتبع الأحداث السابقة إلى حد معين لا يمكن أن يتجاوز بعض الماءات من السنوات التي تعد على أصابع اليد الواحدة فلإن اعتبرنا الثورة الفرنسية أحدى الأحداث التاريخية التي يمكن الوثوق بها بشكل نسبي لا يمكن بأي حال الجزم بأننا نمتلك كل المعلومات الدقيقة التي تعود الى 1700 مثلا والادعاء بمعرفة حقيقية لما حدث خلالها ثم ما هو التاريخ الشبه مؤكد من بين كل الأحداث السابقة لها بقرن او قرنين؟ هل حقا حدثت حرب الثلاثين سنة وهي سلسلة صراعات دامية مزقت أوروبا بين عامي 1618 و1648 م وهل حرب المائة سنة وهي بدورها صراع طويل بين فرنسا وإنجلترا، وقد دام 116 سنةَ مِنْ 1337 إلى 1453. تخللته عِدّة فترات طويلة مِنْ السلامِ قَبْلَ أَنْ تنتهي بطردِ الإنجليزِ مِنْ فرنسا، حقيقية؟ قبل ذلك بزمن طويل فيما يتعلق بالحروب الفارسية ضد أثينا وحرب روما ضد قرطاج أليست قصصا أدبية جميلة ولكن هل يمكن اعتبارها تاريخا؟ أعتقد ان الجزم بأنها تاريخ هو مخالفة للمنطق إذ أن الثنائيات في التاريخ الرسمي سواء على مستوى الأشخاص التي تحمل أسماء متقاربة وقامت بأحداث متشابهة أو الأحداث التي تتطابق أحيانا بشكل تام والمناطق الجغرافية يضرب يقيننا في مقتل لأنها بكل بساطة يمكن ان تكون حدث واحد تكرر ذكره بصيغ مختلفة نظرا لإختلاف لغة وثقافة من نقله. على سبيل المثال 1- سيرة يوليوس قيصر 100 سنة قبل ميلاد المسيح والتي هي نسخة من سيرة أوتو الثالث ملك ألمانيا منذ 983 أيهما الحقيقة وأيهما المصطنعة؟ 2- حرب طروادة والتي هي نسخة عن الحروب الصليبية تثير سؤالا حول أسباب تشابه الاحداث وتقارب اسماء الابطال وتشابه الجمل التي يقولها البطل في كلا النصين فهل أن محاربا يرفع سيفه ليقاتل عدوه يتوقف ليسرد نصا أدبيا قرأه يوما؟ 3- احتلال بيزنطة في -350 والتي هي أيضا نسخة عن احتلال القسطنطينية عام 1453 فأيهما الاصل وايهما التقليد؟ 4- الآثار اليونانية القديمة والتي تمثل في حقيقتها بقايا الحروب الصليبية المسيحية 5- البارثينون الذي هو كنيسة مريمية قبل أن يتحول في النصوص التي تدعي انها قديمة تاريخية معبدا مخصصا للربة أثينا 6- أفلاطون النسخة عن جيمستوس بليطون البيزنطي Gémiste Pléthon الأديب والفيلسوف اليوناني المولود في سنة 1355 في مدينة القسطنطينية، والمعروف بكونه واحد من رموز النهضة اليونانية في أواخر العصور الوسطى 7- قرطاج (قَرْط حَدَشْتْ) Qartihadasti والتي تعني العاصمة الجديدة بما ان كلمة "كارت" Qart تعني عاصمة والاله "ملقرت" أهم الهة صور معناه رب العاصمة هل هي "كيليون-لارنكا" Kilion-Larnaca التي توجد في الجهة الجنوبية من جزيرة قبرص أو قرطاج الموجودة في تونس والتي تلفظ في لغة صور القديمة "قَرْط حَدَشْتْ" أيضا أو قرطاجنة التي تحمل ذات الاسم والموجوده في اسبانيا والتي نشأ فيها حنبعل ومنها انطلق في حربه ضد الرومان ثم ضد أي من القرطاجين الاخيرين يمكن الجزم ان روما قد شنت حروبها الثلاث بما أن قرطاج الاولى خرجت سريعا من سيطرة الصوريين وخضعت للإغريقيين؟ 8- "أليسا" و"ديدون" التين جعل منها افلاطون في احدى محاوراته التي تحمل اسم "طِيمَاوُس" شخصا واحدا هما حسب "ايميل اورجيتوريكس جوستاف فورير" Emil Orgetorix Gustav Forrer مؤسستين لعاصمتين جديدتين Qartihadasti ويفصلها قرن ونصف . الاولى أخت الملك بيغماليون Pygmalion والثانية ابنة الملك باليس Ba alu-Belus الذي ذكره فرجيل والتي اسست عاصمة جديدة مع اختها آنا في افريقيا ثم انتحرت لأن أنياس الذي تعشقه هجرها؟ في ثقافتا العربية السلامية أيضا نجد الكثير من الثنائيات إذ في اطار ميتا تاريخ مقدس قدم لنا كتبة التاريخ الاسلامي سواء كانوا مسلمين حقا أو أنهم من أتباع سكاليجار ترسيمات تاريخية مسرفة في الخيال فكان للشخصيات المقدمة فيها أكثر من وجود و اكثر من وجه مثل: 1- محمد الرسول والذي يتكرر في نسخ متطابقة مع محمد بن الحنيفية ابو القاسم واب فاطمة ام ابيها ومع محمد بن عبد الله النفس الزكية الذي ولد بالمدينة سنة 100 هـ ويكنى أبا عبد الله و وقيل : أبا القاسم وهو أيضا اب فاطمة وابراهيم الى جانب 13 ابنا وبنتا اخرين، ظهر بعد أن مكث دهرا يدعو لنفسه سرا وقاد حربا ضد ابو جعفر المنصور العباسي ومنحه الشرعية فقهاء المدينة كالشافعي وابو حنيفة والمالكي 2- اعمال عمر بن الخطاب الذي نجد تجديده العقيدي والاداري عند مروان بن الحكم موحد الدوله العربيه (الصلاة - الامر بجمع/تنقيط القرآن - تدويين الدواوين – بناء واعادة بناء الجامع القبلي كنواة للمسجد الأقصى و بناء قبة الصخرة التي تحمل كتابات من عهد عبد الملك بن مروان محيت وأعيد الكتابة فوقها) لنسأل هنا لماذا محيت كتابات عبد الملك ان كانت فعلا آيات قرآنية ورموزا اسلامية لا كتابات مسيحية تثبت ان الاسلام كهرطقة مسيحية لم يكن قد أتخذ شكله النهائي بعد ثم ما مدى صحة الرواية المنقولة عن الحاكم في كتاب الفتن والملاحم عن كتاب المحاسن والمساوي للبيهقي ما نصه قال الكسائي: دخلت على الرشيد...فقال الرشيد: سأخبرك.. كانت القراطيس للروم. قال: وكان أكثر من بمصر نصرانياً على دين ملك الروم، وكانت تلك القراطيس تطرز بالرومية، وكان طرازها:" باسم الأب، والابن، وروح القدس "- حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري- لنسأل اين ذهبت اثار الفتح العمري الاسلامي لمصر والتي تعمقت اكثر حسب الرواية الاسلامية في مواضع كثيرة في عهد عثمان لو كانت حقيقة تاريخية اذا؟ 3- خلع عثمان بن عفان الذي نجد له وجه ثاني ممثلا في عثمان بن محمد بن ابي سفيان عامل يزيد على المدينة والذي اخرجه اهلها لما أظهروا خلعهم ليزيد بن معاوية "ومن بالمدينة من بني أمية ومواليهم ومن رأى رأيهم من قريش، فكانوا نحوا من ألف رجل، فخرجوا بجماعتهم حتى نزلوا دار مروان بن الحكم، فحاصرهم الناس فيها" فقامت معركة الحرة بسبب ذلك وفيها خندق الثائرون على يزيد على المدينة 4- قصة الخندق حول المدينة التي تتكرر اذ نجد - "فرام مسلم بن عقبة ناحية من نواحي الخندق، فتعذر ذلك عليه، فخدع مروان بعضهم، فدخل ومعه مائة فارس، فاتبعه الخيل حتى دخلت المدينة، فلم يبق بها كثير أحد إلا قتل، وأباح حرم رسول الله، حتى ولدت الأبكار لا يعرف من أولدهن" الطبري واليعقوبي - احداث سنة ثلاث وستين - يزيد الفارسي وكَانَ رأس الموالي يوم الحرة وهو والد عَبْد اللَّهِ بْن يزيد بْن هرمز معلم مالك بْن أَنَس ذكره مُحَمَّد بْن سعد فِي الطبقة الثانية من أهل المدينة ، وقال : كَانَ علي الموالي يوم الحرة ، ومات بعد ذلك ، وكان ثقة - سلمان الفارسي في قصة الخندق اذ تذكر المصادر انه من نصح الرسول بإقامته لحماية اهل المدينة .
لتبسيط الأمر نأخذ استراليا كمثال : اكتشفها ملاحة هولنديون في عام 1606 ثم استولت بريطانيا على النصف الشرقي منها في 1770 فهل يمكن أن نتحدث عن تاريخها والحضارات التي قامت على أرضها قبل هذا التاريخ وإن صادف ووجدت شخصيات واماكن جغرافية واحداث متشابهة فهل نسلم بأن التاريخ يكرر نفسه بذات الشكل أم نشك أن في الأمر تلاعبا ما؟ هل يمكن أن نصدق التاريخ الذي يدعي أنه حقيقي حول ما حصل على أرضها قبل دخول البريطانيين إليها علما وأن الجماعات البشرية التي سكنتها لم تترك كتبا تحكي تاريخها ولا تأريخا بالأرقام محددا للأحداث التي وقعت فيها قبل 1770 ثم ما مدى نسبة التخمينات والافتراضات في كل ذلك؟ طبعا لا يمكن تحديد عمر الصخور والمنشآت المعمارية بالكربون 14 كما أن تحديد عمر المواد العضوية أيضا ليس قاطعا بنسبة 100 بال100 حيث إن قطعة خشب مستعملة في البناء على سبيل المثال لا الحصر من الممكن أن تكون أقدم بكثير من زمن استعمالها كيف يمكن إذا أن نثق بما درسناه في كتب التاريخ الرسمية ونحن لا نمتلك ما يكفي من الأدلة العلمية لتأكيد أن حدثا ما حصل في عصر محدد وفي مكان جغرافي دون آخر خصوصا لو عدنا إلى الوراء ماءات السنوات فما القول لو كان ذلك قبل ألف سنة أو أكثر؟ أليست مجرد تخمينات استند محرروها على لقي أثرية فعلية أو مصنوعة بكل حذافيرها كما سنرى في مقبرة توت غنج آمون أو مخطوطات قديمة أو أريد لها أن تنال صفة القدم ثم أضافوا إليها جزء كبيرا من الأساطير والحكايات المنقولة شفهيا والقصص الخيالية تم جمعوها وبعد ذلك ملئوا الثغرات فيها وصاغوا تأريخا افتراضيا لأحداث وحضارات وشخصيات فاعلة ثم توزيعها على عصور مختلفة وجعلها تتناسب مع احداث اخرى في دول اخرى ثم ربطت بين هذه الدول علاقات مصطنعة ليكتسب التاريخ مصداقية مما يجعل التاريخ ضبابيا غير مؤكد وبالنهاية مجهولا؟ ثم ما الدور الذي قام به "ديونيزوس بيتافيوس" Dionysius Petavius وهو لاهوتي يسوعي وعالم لغوي ولد في نيو اورليانز 21 أغسطس 1583، وتوفي 11 ديسمبر 1652 في باريس وهو أيضا أول من وضع جدولا زمنيا بعصور وتواريخ محددة للتاريخ البشري و"جوزيف اسكاليجير" Joseph Justus Scaliger (1540 - 1609 م) وهو مستشرق وفيلولوجي كلاسيكي، فرنسي تتلمذ على كيوم بوستل ومن أهم آثاره كتاب بعنوان: «في إصلاح الأزمنة» de emendatione temporum الذي ظهرت الطبعة الأولى منه 1583 م في باريس والذي حدد ان الامبراطور اوغيست Auguste قد مات في نولا Nola قرب نابولي Naples يوم 19 اوت لسنة 19 بعد الميلاد بعد الظهر حوالي الساعة الثانية او الثالثة عصرا في صياغة التاريخ الرسمي المعتمد اليوم ثم لصالح من أو تحت رعاية من قاما ومن معهما من الكتبة بذلك ؟ كل هذه الدقة التي قدمها سكاليجير من أي الوثائق المدعمة استمدها وهل أن المغالطات التاريخية التي قام بها مع بيتافيوس لم تتكرر فيما بعد مع من كتبوا تاريخ نابوليون الذي (للغرابة) غادر فرنسا إلى مصر في بعثة عسكرية في حين كانت الحرب قائمة في بلده ثم بعد ذلك مع سيطرة بريطانيا على نصف العالم وتدخلها في شؤون البلدان المحتلة وتسطير تاريخها بل صناعته ثم ظهور مخطوطات قمران قرب البحر الميت والتي تتوافق (للغرابة أيضا) مع سنة 1948 تاريخ تأسيس دولة إسرائيل دون أن يثبت احد أن تلك الوثائق قديمة وتعود للزمن الذي قيل أنها تنتمي إليه ثم ما فعل وماذا يفعل المتحكمون بالعالم منذ مائة سنة من تزوير في التاريخ الحديث ذاته ؟ فولتير الفرنسي كان من أوائل المنتقدين للتاريخ القديم وإسحاق نيوتن من بين من شكك في دقة التاريخ الرسمي معتبرا انه أقل بكثير مما هو عليه والانجليزي ادوارد جونسون 1890, l’anglais Edward Johnson مؤرخ الأديان وأول من تحدث عن المغالطات التاريخية فهل يمكن أن يكونوا مخطئين في حين أن كتبة التاريخ الرسمي على صواب مع علمنا انه قبل ظهور المطبعة لم يكن هناك تسلسل زمني ولا تـأريخ باعتماد الأرقام للأحداث ؟ ثم مع علمنا انه يوجد في استعمال مواز للتقويم الزمني الرسمي عدد كبير من التقويمات الزمنية المستعملة في العالم مثل التايلندية والتي توافق تقريبا الآن (2559 بعد موت بوذا) والتقويم القمري العربي (الذي يعطي 1437) واليومية اليهودية والتي توافق الآن حوالي 5782 منذ بدأ الخليقة وتقويم الانكا وغيرها من الرزنمات الزمنية التي تبلغ ال40 تقريبا ومع معرفتنا ايضا ان الإغريق يقسمون الشهر إلى ثلاث أجزاء تتكون من 10 أو تسع أيام وان الرومان ينطلقون في حساب الأيام من يوم محوري هو بداية الشهر يسمى "الكالوند" calendes و"الإيد أو العيد "ides الذي يأتي في وسط الشهر مع اكتمال القمر و"النون" nones والذي يحل قبل تسع أو سبع أيام من "الايد أو العيد" ومع معرفتنا أن التقويم الميلادي أو تقويم غريغوري نسبة إلى البابا غريغوريوس الثالث عشر بابا روما في القرن السادس عشر الذي قام بتعديل نظام الكبس في التقويم اليولياني ليصبح على النظام المتعارف عليه حاليًا يعود لسنة 1545 فقط ووقع الاتفاق عليه خلال المجمع التريندي الذي عقد في مدينة تورنتو في إيطاليا، وتعتبره الكنيسة الكاثوليكية المجمع المسكوني التاسع عشر لمعالجة التأخير المتراكم لعدة قرون مما جعل الانقلاب الربيعي لا يوافق 21 مارس بل يأتي قبله ب10 أيام ويقول البابا أن هذا التراكم بدأ منذ مجمع نيقية لذلك أمر بحذف عشرة أيام علما وانه استعمل في تصريحه ذاك التقويم الروماني وطلب من أقاربه وأصدقائه القيام بالأمر في حين أن في تلك الفترة كان "كوبرنيك" قد نشر بحوثه وكان يوجد فلكيون وأكاديميون آخرون أكفاء في روما ذاتها أو في ايطاليا لو علمنا كل ذلك علينا أن نتساءل كيف كان القدماء في التواريخ الرسمية السحيقة كانوا يؤرخون للأحداث الكبرى وانجازات الشخصيات المهمة في بلدانهم أو المجموعات البشرية التي ينتمون إليها وأين تم حفظ تواريخهم في حين انه لم يكن هناك ارشيفات ولا كانت هناك مكتبات محمية من اعتداء المحتل الذي يقتل البشر ويحرق الزرع فما بالنا بالكتب والمخطوطات للدول التي يستعمرها ثم كيف تم التوفيق بين كل تلك التواريخ لصناعة تاريخ بشري موحد منح كل حدث زمن محددا في توافق غريب لدقته المذهلة؟ ألا يبدو جليا أن هناك الكثير مما يثير الشك في كل ما تعتبره المؤسسة الرسمية تاريخا رسميا وأن قدر الخداع والتلاعب والصناعة فيه ابرز من نار على علم؟ لمن لا يزال في نفسه شك حول صحة التاريخ الرسمي العالمي الذي درسنناه ولا يزال يدرس في المؤسسات التعليمية لنأخذ كمثال بسيط مقبرة توت غنج آمون ونرى كيف يمكن أن يُصنع التاريخ وكيف يُمكن أن يتم خداع العالم بكذبة تصير حقيقة لا مراء فيها بالتقادم معدة في الواقع في دواليب الحكومات وممولي المشاريع الاستثمارية فالآثار من أكبر موارد الربح في العالم.
في الرابع من نوفمبر لسنة 1922 أعلنت الصحف البريطانية عن اكتشاف مقبرة الملك توت غنج آمون هذه الشخصية التي كانت تعتبر حتى ذلك التاريخ أسطورية إذ لا شيء يشير إليها باستثناء الاسم المنقوش دون لقب ملكي على قطعتين أثريتين. حتى ذلك التاريخ، أغلب الباحثين كانوا يعتقدون انه ليس ملكا وانه على أكثر تقدير نبيل فرعوني بسيط. سنة 1917 لم يعد الاركيولوجيون يجدون في وادي الملوك إلا قطعا بدون أية قيمة تذكر كما اجمعوا كلهم انه لم يعد يحوي أي شيء مهما وقد أكد الاركيولوجي الألماني "كارل ريكارد ليبسوس" قبل ذلك انه لم يعد يوجد في وادي الملوك حبة رمل لم يتم التنقيب تحتها لثلاث مرات على الأقل وكارتر كان يعلم بكل ذلك ورغم ذلك بدأ البحث. وكارتر الذي اكتشف المقبرة هو هاو مغمور وصار باكتشافه ذلك عالم المصريات رقم واحد في العالم وقد كان مشروعه الأساسي إيجاد مقبرة توت غنج آمون وحسب. الآن بعد 100 سنة من ذلك الاكتشاف يفترض بعض المختصين في الآثار الفرعونية أن اكتشاف كارتر لم يكن سبقا مبهرا بل مغالطة عظيمة. طيلة عشر سنوات قام كارتر لا بالبحث عن كشف أثار فعلية بل على صناعتها جملة وتفصيلا. أولا بدأ كارتر سنة 1917 البحث في الوادي بداية في المكان الذي سيجد فيه بعد خمس سنوات المقبرة ثم في بقية وادي الملوك شبرا شبرا ليعود لنقطة البدء في النهاية ويعلن بسرعة مذهلة عن اكتشاف المقبرة سنة 1922 . بعد اكتشافه للمقبرة لم يسمح لزملاء بدخولها ليتحققوا من أمرها وبقيت البوابات مغلقة بل وأمر بطمر المقبرة وأجّل تاريخ فتحها حتى قدوم الممول لكل الحملة اللورد "كارناروف" وهذا اللورد البريطاني هو أحد الهواة المتحمسين والذي كان على استعداد لتمويل بعثات كارتر الاستكشافية. كارتر الذي أصبح، لاحقا المسئول عن كل أعمال التنقيب لكارنافون وقبل اكتشاف المقبرة كان هذا اللورد غير راض عن النتائج وعن فشل استثماراته، وفي عام 1922، أعطى كارتر موسما واحدا أخير لإكمال أعمال التنقيب وهو العام الذي توج بهذا الاكتشاف المذهل. عندما تمكن الاركيولوجيون من الدخول اكتشفوا أن المدخل كان قد فتح مرتين قبل ذلك وأغلق بعدهما مما يعني أن سارقي الآثار قد مروا من هناك ورغم ذلك وجد الاركيولوجيون أشياء كثيرة ثمينة ومن بينها الحلي الذهبية. بعد ذلك اتخذ كارتر إجراء مثيرا تمثل في إعادة إغلاق المقبرة بدل مواصلة البحث في محتوياتها وسافر إلى القاهرة ليعاد فتحها ثانية في نهاية ديسمبر 1922. الأمور الغريبة: 1) من الغريب أن الغرفة كانت مليئة بأشياء ذهبية ثمينة لم تطلها أيدي السارقين ولم يقدم احد شرحا لعدم اعتداء سارقي الآثار عليها ولا لماذا لم يفتحوا التابوت الذي كان مغلقا بلوح مذهب. كل الأشياء الموجودة كانت في حالة جيدة رائعة القطع الذهبية كانت لا تزال تحتفظ بتألقها وتبدو جديدة رغم مرور 3 ألاف سنة ولم تكن مغطاة بالغبار 2) النقطة العجيبة الأخرى هي وجود نقود ذهبية في أكياس من الجلد والجلد لا يصمد ل3 ألاف سنة لكنها كانت سلمية 3) بعض الأشياء كانت تحمل أثار نشر بالات عصرية في حين أن الفترة الفرعونية ( عصر البرونز) لم يكن من الممكن فيها استعمال المعادن لقص الأشياء الصلبة: في المدخل هناك عربة ملكية لا يمكن إدخالها من البوابة وقد تم قطعها بمنشار 4) لأسباب مجهولة كان قد تم وضع سكة تصل حتى مدخل المقبرة. لماذا وضعت تلك السكة إن لم يكن من اجل حمل الأشياء الموضوعة في القبر إلى ذلك المكان؟ 5) العمل في المقبرة أخد فترة زمنية طويلة مقارنة ببقية المقابر حيث استغرق العمل خمس سنوات فهل يتطلب جرد الموجودات في مساحة 80 مترا مربعا كل تلك الفترة الزمنية 6) التابوت يختلف عن بقية التوابيت الموجودة في وادي الملوك 7) في كل المقابر الأخرى السقف له شكل بيضاوي في حين أن غرفة توت غنج آمون لها شكل متوازي الأسطح وكل الزوايا مستقيمة 8) النقوش على خلاف بقية القبور الملكية حيث توجد على كل الجدران وحتى على السقف إلا أنها توجد فقط في غرفة توت غنج آمون ولا توجد في السقف ولا في الأماكن الخارجية. النقوش تبدو في الصور ذهبية لكن لونها في الواقع مختلف عنه في بقية المقابر الأخرى. 9) المومياء كانت في حالة سيئة جدا على خلاف المومياءات الملكية الأخرى المحفوظة بشكل جيد 10) مقبرة توت هي الوحيدة التي يمنع فيها التصوير منعا باتا على السياح بعد كل هذه المعطيات أسأل : ألم تتعاون الحكومة المصرية كارتر ومن المحتمل اللورد أيضا لصناعة المقبرة خاصة وأن قليلا فقط من الموجودات في القبر عادت للمتاحف المصرية في حين بيعت البقية لمتاحف العالم مقابل مبالغ خيالية مما يعوض كل المصاريف التي دفعت في سبيل تلك الخدعة الكبرى؟ لماذا لم يكشف أي من أعضاء فريق كارتر ومن زملاءه الذين شاركوه حقيقة الخديعة؟ لنتذكر كإجابة أسطورة لعنة الفراعنة. مات كل من له صلة بالاكتشاف وحيثياته موتا غريبا ومشكوكا فيه (لقد كانت على الأغلب جرائم مرتبة من طرف المخابرات المصرية) ولم يبقى من بينهم إلا كارتر الذي مات بعد ذلك بسنوات كثيرة موتا طبيعيا في فراشه بعد أن عاش حياة مترفة.
مودتي
#رويدة_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دهشة الملائكة : هيفي
-
دهشة الملائكة 1 : لاجئ إيزيدي
-
بعض مما روي عن الصبايا
-
خربشة على أسوار ذاكرة مهدرة
-
وهم الثورة وجنون الرعاع
-
وكان لولادة الآلهة أنبياء صاغوا نيرا من اوهام
-
وكانت الحكمة تاجا من اشعة شمس داستها نعال الجهلة
-
الحاكم بامر ربه : صنعت فوضى اللعبة السياسية الها كونيا جديدا
-
الحاكم بامر ربه (فصل ثان من رواية)
-
الحاكم بامر ربه - بشار الاسد (فصل من رواية)
-
نبش في تاريخ منسي - الكاهنة - رواية ج. الاخير
-
نبش في تاريخ منسي - الكاهنة - رواية ج 4
-
نبش في تاريخ منسي - الكاهنة - رواية ج 3
-
نبش في تاريخ منسي - الكاهنة - رواية ج2
-
نبش في تاريخ منسي ديهيا - رواية
-
صلوات في هيكل حب - السجدة الثانية
-
اسلاميون الافاضل تعالوا نتقصى ملابسات مقتل عثمان بن عفان بين
...
-
صلوات في هيكل حب .. السجدة الاولى
-
عثمان بن عفان حاكم ظالم ام سلف صالح
-
حضور الغياب .. وقفة سياسية
المزيد.....
-
هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية
...
-
المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله
...
-
الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي-
...
-
أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ
...
-
-حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي
...
-
شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل
...
-
-المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|