عقد إجتماعي معاصر أم وصايا الدين


محمد حسين يونس
الحوار المتمدن - العدد: 8260 - 2025 / 2 / 21 - 11:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

القتل .حرام .. كل الأديان القديمة بتعتبرة من الكبائر التي تستوجب الحرمان من الجنة ..و الخلود في النار و كل القوانين الحديثة تراه جريمة تؤدى لسجن مطول أو إعدام ..و العقاب يشتد إذا كانت الضحية مسالمة ..و لم تمثل تحدى أو خطرا علي القاتل .فإذا ما أمر مستر برزيدانت .. وزير حربة بإطلاق صاروخ يحمل راسا نووية .. ليصيب مدينة أو مكان علي بعد الأف الكيلومترات ..و يقتل مليون بشرى لا يعرفهم سيادته ..و لا يحملون سلاحا ..و لا يهددونه .. فمن المجرم الذى يستحق حرمان فردوس الاخرة .. و عقاب أهل الدنيا..
هل هو الرئيس أم الوزير أم الجنرال أم الشخص الذى وجه الصاروخ .. أم الذى ضغط علي زر الإطلاق .. أم الذى صنع سلاح الدمار أم الذى صممه أم العالم الذى وضع النظريات التي أدت لتصميمة و إنتاجه و قصفة و تدميرة في دقائق لضحايا تجاوزوا .. أضعاف أضعاف من ذبحهم جنكيز خان أو هولاكو طول غزواته و فتوحاته و حروبه ..و نزواته .
من الذى سيقف أمام محكمة السماء و توجه له التهمة .. أم لكونها مشتركة بين اطراف متعددة ستضيع دماء مليون مسالم هدر .
السرقة حرام ..كل المواثيق .. تجعل أموال الناس أمنة لا تمس ..و من يستولي عليها أو يحتال لسرقتها أو يتسبب في ضياعها .. يعاقب .
عندما يأمر سيادة الرئيس وزير ماليتة بتخفيض قيمة الجنية وقوته الشرائية من الذى ستعاقبه السماء علي إفقار الخلق و الإحتيال للإستيلاء علي مدخراتهم ..
الرئيس أو رئيس الوزراء أم الوزير أم مسئول البنك المركزى أم اعضاء البرلمان الذين وافقوا علي هذه السياسة .. أم خبراء صندوق النقد الذين أصدروا التعليمات أم الخواجة الكبير اللي بيحرك كل دول لصالح كرتيلاته .
طيب واحد .. خبيث .. عرف المعلومة ..و قبل تخفيض قيمة الجنيه جمع كل الدولارات اللي في السوق .. مليار أو إتنين ..و في الصباح تغير سعر الجنيه فكسب من لاشيء ثروة مهولة .. هذا الرجل يعتبر حرامي .. سرق دولارات الناس الغالية القيمة و أعطاهم بدلا منها جنيهات مخفضة أم شاطر و فالح و تاجر مفيش زيه .... امام محكمة السماء هل سيدان بالخداع و السرقة .. أم سيفلت من العقاب لانه لا يوجد نص يجرمه .
الغش حرام .. هل المقصود به الغش في الميزان و الكيل و نوع البضاعة أم أن إبن الدكتور فلان عندما تصله الإمتحانات و حلولها في البيت .. قبل م يدخل اللجنة و ياخد النمرة النهائية ..مش حرام
طيب الواد الحمار دة .. بقي دكتور و إستاذ مبيفهمش و عمل مصايب ملهاش أول من أخر .. دة حلال و لا حرام .و مين الي يتعاقب .. اللي أعطاه شهادة لا يستحقها أم حضرته
الافندى اللي طالع في التلفزيون يقول كلام .. مش صحيح غشاش ..و لا محترف شاطر .. المسئول اللي بيوعد الناس بالرخاء و الإزدهار لو صبروا ..و هو عارف إن الطريق طويل ..و مش حيشوفوا الخير خلال عمرهم .. غشاش و لا بيؤدى عمله لتهدئة الناس .. خطيب الجمعة أو الاحد اللي شايف بؤس الناس و تضررهم ..و يحكي عن أن كل الامور ستصبح في خير حال لو اطاعوا ولي الامر .. كلامة يودية الجنة و لا النار
في الزمن الحديث تغيرت قياسات كثيرة ..تزيد عن الوصايا العشر لاتهتم الأديان بضمها للكبائر و الاثام .. في حين أن الضمير الإنساني يدينها بشدة ..و يحاربها و يعتبرها .. جرائم مجتمعية (( الرشوة ، إستغلال النفوذ ، فرض ضرايب مبالغ فيها ،تعذيب الناس و إرهابهم ، تدمير الاثار ،زيادة الأسعار و إحتكار السوق ، نشر الجهل و المعلومات غير الصحيحة ، خداع الناس بشتي الطرق و اخذ ثرواتهم و إستبدالها بخرز زجاج كما فعل الأوربي مع سكان أمريكا الاصليين )) ..
بمعني الشاب اللي واقف في مواجهة متظاهرين ..و نشن علي عين واحد منهم فأتلفها .. وسمع زميلة يقوله برافو يا باشا عميت الواد .. هل هذا يؤدى واجبه و ياخد نيشان أم يدان لانه مجرم تسبب في العمي لشخص مسالم يطالب بحقوقة .. بتوع الامن المركزى اللي ضربوا المعوقين المحتجين علي إن الحكومة أخذت سياراتهم .. اللي دفعوا فيها كل مدخراتهم دول قاموا بأعمال توديهم الجنة ..و لا النار .
منظومة الاديان لا تغطي مثل هذه الاثام ..سواء بالنص أو بالتشابه .. بل اتحدى حضراتكم .. أن تعدو الوصايا التوراتية العشر دون الرجوع للكتب و النيت .
و قد اكون شبه متأكدا أن أغلبنا .. لا يعرف التفرقة بين الأعمال التي تجعلة مذنبا و تدخله جهنم .. من تلك التي تضعة في مصاف الابرار .. غير أداء الطقوس ..و التضييق علي زى النساء .
الست المتدينة الحاصلة علي الدكتورا في الفقة .. بتعمل حاجات مش مضبوطة .. سألتها إيه اللي بتقولية لمريداتك عن هذه الخطايا .. ردت دون تردد بقول لهم (( الله غفور رحيم )) .. يعني إيه ..يعني مش كل الخطايا و الرزايا اللي بنعملها بتودى النار .. لو توبنا و إستغفرنا .. توبه نصوح .. و قبلها المولي عز و جل .. فباب التوبة مفتوح .. لان ((كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.)) .
لقد حاولت .. منذ دقائق أن أحصر تلك الاعمال ألتي تلوث صفحتي و تدينني و اعمل نموذجا للمحاكمة الاخروية ..
A Prototyping Model.
فلم أعرف ..هل الكذب من الكبائر و أى نوع منه ...( يقولون أن الصدق الذى يؤدى لخراب البيوت إثم ) .. هل قبلة لجارتك برغبتها من الكبائر حتي لو لم تحمل شهوة.. هل قبول هدية من عميل . هل إغتياب سيرة رئيسك.. هل اكل لحم الخنزير المطهو جيدا أو شرب كاس ويسكي .. أعمال تدخل النار
في نفس الوقت هل بيع العملات في السوق السودا وجني الاموال منها حلال بصفتها تجارة ...و هل إغتيال اللي يشاور عليه الشيخ حلال بوصفه جهاد ..و زواج عيلة عندها تسع سنين عين الحلال ..و أخذ عمولة علي إستيراد معدات للحكومة عمل طبيعي لا يحاسب عليها مرتكبها في يوم الدين .
حد فهم حاجة .. معلهش خدوني علي قد عقلي .. إيه الأعمال اللي تدخل النار ( غير إنكار وجود الله سبحانه و تعالي و عدم أداء الطقوس و عرى النسوان )
.. و إيه الاعمال اللي تفتح ابواب الجنة علي مصراعيها ..( غير الجهاد ..و قتل المخالفين و تعذيبهم .. و طاعة أولي الامر ) ..
لأني بجهز دفاعاتي . عن الاخطاء و المصايب التي إرتكبتها طول حياتي وبحضر مستندات البراءة في عقلي .. يمكن تنفع يوم الحساب ... بالطبع جنب التوبة و الإستغفار .. و الندم .