شورى في آشوريا -متعدد الثقافات 19-
لمى محمد
الحوار المتمدن
-
العدد: 8255 - 2025 / 2 / 16 - 22:47
المحور:
الادب والفن
الحب جزء من ماضيك.. وكل مستقبلك..
عندها فقط أنت تحيا.. هذا حال الدول أيضاً.
هل تعلمون لماذا يستخدم الطغاة الجدد لفظ شورى ولا يستخدمون مصطلح ديمقراطية، ببساطة لأن من يتبع الشورى يحدد بديكتاتورية مع من يتشاور، أما في الديمقراطية، فكلّ رأي يحسبُ حسابه.
المواضيع بسيطة بكلها.. لكن البشر يجيدون تعقيد الأمور:
مخططات الدول الكبرى التي ركبت الثورة السوريّة وحوّلتها إلى حرب أهليّة مازالت مستمرة إلى يومنا هذا.. يريدون بلداً ضعيفاً مهزوماً على هاوية الأفغنة والصوملة..
البطل الحقيقي، المنتصر الحقيقي هو من سيحمل راية السلام و ينهي الحرب الأهلية، فيعود الناس بجميع أطيافهم إلى حياة طبيعية.. وتعود مدن سوريا إلى قائمة المدن “ الآمنة التي لا تنام”.
الأنظمة الديكتاتورية لا تصنع أوطاناً بل سجوناً و أعشاش هجرة، كذلك التأسلم السياسي لن يصنع وطناً، بل مكاناً فقيراً وسوقاً للدول العلمانية.
سيأتي يوم يصدح فيه الصوت العربي بأن شعر المرأة ليس عورة، بل جهلها عورات، وبأن رجولة الذكر ليست في لحيته، بل في سلامه وأمان حضوره.
سيأتي يوم على هذه المنطقة من محيطها لخليجها، نذكر زمن السلفيين كزمن عار..
البقاء هو للفكر المتقبل للجميع..الأفكار تنتقل مع أشعة الشمس وذرات الهواء عبر الأمكنة والأزمنة.. لا يمكن أبداً وأد الأفكار..
والعار ليس في أفكار يختلف معها المنافقون، بل في عمالة وبيع الأطفال على أعين ذات المنافقين.
هم يحضّرون لحوار وطني مقنّع.. فالحوار لا يكون وطنياً وقادته من خارج البلاد لم يعشوا قبل الحروب تحدياتها، ولا يعيشون بعد " النصر" بؤسها، وفي لحظة يتحول الملك أو " الخليفة" إلى إله غير قابل للمس، يبدأ التاريخ بإعادة نفسه.. لزمن الأصنام سطوة التكرار.
النظام الحالي في كثير من دول العرب وخاصة، سوريا غير قابل للحياة، ولا للإحياء..
من (يشّبحون) بحمد الأصنام الجدد.. تريدون حلاً؟
انصحوهم، أن يتسع نظامهم ويلمّ الجميع.. ما يتطلبه ذلك: الخروج من الجلد.
**********
خلقتْ امرأة بسيطة من كوخها الصغير مطعماً من الخيال في ريف قرية جوليان الأمريكية الوادعة في كاليفورنيا..
مكانٌ للشاي.. فقط الشاي مع سندويشات صغيرات محددة تقدم للجميع..
الفكرة ليست في الطعام، بل بفن التقديم.. بجمال فنجان الشاي وإبريقها.. برائحة السندويشات التي لا تطلبها، بل تطلبك.. فأنت هنا تحجز لتجلس وتنتقي نوع الشاي فقط.. الباقي على صاحبة المكان وعاملاته.. هنّ من يحددنّه وهنّ من يتكفلنّ بجعل موعدك في هذا المطعم بهجة غريبة بقدر بساطتها.. وهل هناك أجمل من البساطة.. بلا قشور!
لو تحكم النساء العالم.. كنّ ليتكفلنّ بجعل حيواتنا بسيطة، منظمة وسعيدة.. الأمهات خُلِقنّ ليكنّ ربات أوطان…
في سوريا.. وبعد وضع النساء في قارورات، نسينا البساطة.. ونسيتنا.. أصبحنا نطلب الأمان..
كنّا نطالب بنزع النقاب.. اليوم يجب خلع اللثام أيضاً..
جرائم كثيرة يتستر أصحابها الملثمين تحت نقاب الجريمة.. فتضيع الحقوق وتستمر البلد في الرجوع إلى الوراء.
الأغبياء فقط اعتقدوا أنهم كانوا خلف الجميع.. كان خلفكم زمن الجاهلية.. ووأد النساء..لا تعودوا إليه..
في زمن الجاهلية لا مكان للشاي ولا للبساطة..
مكان تكون فيه النساء درجة ثانية، لن يرقى لمستوى مقهى حتى..
بالنسبة لأمريكا.. مع الأشقر، لم يتغير شيء: ما كان يحدث تحت الطاولات في الماضي، أصبح فوقها اليوم.. البائع أصبح معلناً.. ويستطيع شرب الشاي أينما أراد مع المشتري..
وتسألونني عن الحل:
العلم. ادرسوا.. وادرسوا.. وادرسوا.. في هذا الزمن غرباً وشرقاً.. لا شاي.. لا بساطة ولا مستقبل دون علم.
أنتنّ تحديداً: ادرسنّ.. الوضع مؤقت.
**********
هل تعلم كيف تكون وطناً؟
تفاصيل صغيرة.. بسيطة.. خفيفة..
كرائحة الزيت والزعتر في فرصة المدرسة، كأس الشاي الساخن في برد كانون، طقطقة أرغفة الخبز وأنت تفتحهم على ناصية الشارع، صوت جارتكم تنادي ابنها ليدرس، ضجة الأطفال في الحارة.. ياسمينُ المدخل الصغير إلى بناء فيه من كل المكوّنات السورية..
نرجساتٌ على قارعة طريق نمشيها يومياً إلى المدرسة.. حديث البنات همساً عن الحب.. وأحاديث الرجال الطويلة عن المحبوبات..
تفاصيل صغيرة عن حلم هذا، زواج تلك، نقاء هذه وثرثرة ذاك..
تفاصيل صغيرة تلامس القلب.. وتسمى: حياة..
هذه سوريا البسيطة التي أحبها جيلنا أطفالاً.. لنكبر ونعرف أن للأحلام أجنحة وبلادنا تقص الأجنحة حسب المكان وسطوة أصحاب القرار..
وثار السوريون.. من أجل حريّة وعدالة اجتماعيّة…
أرادوا تحويل البلاد من عش للهجرة إلى وطن..
لكن المستفيدين من الشرق والغرب، ركبوا الثورة، يريدون مفردات لم نحارب أو نعتقل أو نهّجر أو نهاجر أو ننفى أو نموت من أجلها:
انتقام، ثأر، تكفير، ذل، عواء، نهب، ترهيب، تشبيح..
مفردات ثرنا كي نوقف بطشها.. فكبكبت دماء الأبرياء فوق التسويّات والخبز و الزعتر…
هذه سوريا التي أحبها.. ولم أفكر يوماً في طائفة صوت بكاء أي إنسان فيها..
قهر أي طفل فيها هو قهرنا كلنا، وجع كل ثكلى وجعنا كلنا، ذل أي إنسان ذلنا كلنا..
.. وللذكريات لعنة تقتضي الوفاء..
أنا مع مظلوميّة أي سوريّ، لا وطن حر وفيه مظاليم..
وكل السوريين بحق في أي مكان من هذا العالم الصغير أوطان بعضهم بعض.
هل تعلم كيف تكون وطناً؟
-اسمع صوت البكاء بلا طائفة.
كل شيء في هذه الحياة مؤقت.. والمد والجزر يحكمان الحياة.. لذلك نحن محكومون بالأمل.
يتبع…