رجال ذوو ماضي -متعدد الثقافات 18-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 8247 - 2025 / 2 / 8 - 22:20
المحور: الادب والفن     

غيمة الظلم تكبر فوق سوريا مجدداً.. و أرواح الأبرياء تحيط بالمكان من جهة القبلة.. مطرها هذه المرة سيكون عباباً.

للأسف، نحن شعوب لا تعرف كيف تحترم أبطالها.. لكنها تتقن صناعة الآلهة والشياطين.

لماذا هو مقدّر لشعوبنا، أن تُبتلى برجالٍ لهم ماضي؟
تحتاج البلاد الضعيفة رجالاً يحملون سلال الأحلام فوق ظهورهم لا سلاسل الماضي، إلى متى ستبقى البلاد رهينة أحكام صدرت على أفراد وجماعات؟
********

“ درهم حكومة، يحتاج قنطار تحرر” .. تذكروها…

ما يحدث الآن من انفلات أمني في سوريا وخاصة في قرى الأقليات سببه أن الفصائل الغريبة برعاية داعش تتمرد على الجولاني وتقاتله بتحريك طبخة الحرب الأهليّة، هذا لأنها تريد الخلافة قبل الانتقام!
السوريون في مفترق طرق مصيري، إما أن ينادوا:
"انتهت المظلوميّة السنيّة وتستمر المظلوميّة العلوية.".
أو أن يصيح أصحاب العقل فيهم:
"لن نسمح بأن تستمر المظلومية السوريّة".

تفاجئ البعض؟ اسمعوني -للتاريخ-:
الكاتب الحق يخبرّكم عن الحقيقة الكاملة، حتى لو لم تواتِ أنصاف الحقائق التي تريدون تصديقها.
تم تجنيد الفصائل الغريبة و المتأسلمة تحت شعار " إسقاط النظام النصيري الكافر"، ليس من أجل ثورة الكرامة والحرية.
لهذا نسمع فيديوهات يصيح صوتها قبل قتل المجندين البسطاء من الأقليات -وخاصة العلويين-:
" سبحان من أحلّكَ للدبح".
في ثقافة المتأسلمين: "الأقليّات والسنة مستخدمي العقل حلال للذبح"!
الصامت على فعلتهم اليوم يؤكد كون نظام الأسد البائد على حق في تخويفه للأقليات وللعلمانيين، يؤكد أن الحرب طائفية، أن التسوية كانت خدعة، وأن شريعة الغاب هي من يحكم.
وأعود لأؤكد ما يحدث من خطف، قتل، تشبيح، ترويع وترهيب.. لا يشبه الطائفة السنيّة..
لا يجوز مطلقاً وضع مشروع الحرب الأهلية -الذي بدأ بالأعمال الفردية، ثم مريمين ثم فاحل، ثم أرزة- في خانة صراع سنيّ علويّ، بل هو عمل دخلاء متأسلمين يحلمون بدولة شريعة بلون واحد، هذه الدولة لا تناسب الطائفة السنيّة المسلمة قبل أيّ مكون سوري آخر.
السوريون جميعهم اليوم أمانة في أعناق الوطنيين من كل مكونات المجتمع السوري، الوطنيون هم الأكثرية، وليس عندي شك في حفظهم للأمانة.
أما لأصحاب القلم: فسموا الأشياء بمسمياتها، في الطب النفسي: "عندما تشتعل الغرائز، فتعاملوا معها بمسمياتها، التصعيد لا ينفع.".
العقوبات مستمرة وإن رفعوها.. شبحها يهدد بلاداً يحكمها الماضي.
********

"لجأ الفقير إليك، فجعلته يعوي".. تذكروها…

في زمن الافتراض والعولمة، الإنترنت و محاولات السكن في الفضاء.. مازال هناك أغبياء يعتقدون أن صراعاتهم يجب أن تكون طائفية.
الصراع اليوم على العقول، على المال، وعلى المياه.
ومن دون أن تحموا بعضكم بعضاً وتكبروا ببعضكم بعضاً ستظلون مثلنا مهاجرين ولو لم تغادروا المكان.

هل صرنا نحتاج أن نفهمكم الوصايا العشر في كل الأديان؟ هل بدأنا بجاهلية تستوجب شرح البديهيات؟
الخطف، الترهيب، إذلال الناس، ذلهم، التشبيح عار..عار.. عار.. ويجب أن يتوقف.
القتل قتلٌ أيّاً كان الجاني، وأيّاً كان المجني عليه.. وأن تقتلوا تبرروا في القرن الحادي والعشرين لجريمة كبرى لم تمر في التاريخ دون حروب أهليّة، هل مازال في وطنكم متسع لخراب أكثر؟
عاركم كبير وأنتم تشبحون اليوم كما شبّح أذناب النظام السابق.. و تقولون كما قالوا تماماً.. ولكأن الزمان يعيد نفسه؟ إن كنتم مثلهم تماماً، فهل كانت القضية حسد وحقد وحب انتفاع؟

مازلتُ متفائلة بسوريا، بعقولها وقلوبها الطيبة.. و صدقوني تفاؤلي سببه أن هذا الحكم المتزمت ذو اللون الواحد سيزول.. مهما طال.
لقد قلتها مليون مرة للبائد وسخروا مني.. ورواية علي السوري تشهد وتشهد.
إلى من يصنف الناس حسب عملهم ومساعدتهم للغير لا حسب أطر موروثة.. إلى السوريين الحقيقيين اعملوا ولا تصمتوا والغد عندها حتماً أجمل.
********

“ اعملوا، ادرسوا وانجحوا.. هذا هو الحل”. . لا تنسوها…

عندما يعتقد العنصريون من البيض أنهم أصحاب المكان في أمريكا، يبتسم الهنود الأصليون.. وأنا..وأنجح.
عندما يعتقد العنصري الشيعي في العراق أنه صاحب الدولة يبتسم السومريون.. وأنا.. وأنجح.
وفي سوريا عندما يعتقد العنصري السني أنه صاحب المكان، يبتسم الآراميون.. وأنا.. وأنجح.
وعندما يعتقد العنصري المتأسلم في مصر أنه صاحب الوطن، يبتسم النوبيون.. وأنا.. وأنجح.
تستطيع أن تكون إنساناً يعمل، يساعد الناس ويدرس ليل نهار، فتنجح وتبدع رغم أنف العنصريين في أية بقعة من هذه الأرض.
ليس مهماً من يحكم دولتك ولا مكانك.. المهم كيف يحكم، والأهم من هذا أن تستمر بالعمل المجدّ وحياكة الأحلام..
ولو كنت جائعاً، فقيراً، مظلوماً، حزيناً، مُستبعداً.. لا قوة في الأرض ستوقف قدرة الله فيك على خلق فرص جديدة وإبداع فريد..
المهم هو ألّا تكون ظالماً، ولا منافقاً.. ولا صيّاد أحلامِ غيرك.
الطيبون الصادقون في مركب واحد، أينما كانوا.. هم السكان الأصليون لمستقبل أحفادنا..
وبينما تتحارب الدول العظمى على المياه والغاز، لن نسمح لأحلامنا أن تغرق في ظلام التعصب، قماءة الاستغلال، ولا مستنقع العنصريّة.

يتبع…