الخوف (السوري) في الطب النفسي - متعدد الثقافات 9-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 8183 - 2024 / 12 / 6 - 23:04
المحور: الادب والفن     

نحن أبناء الياسمين الذي ذرته الريح يمّ الشرق والغرب.. وعندما اختار البقاء في أرضه مات عطشاً أوتكفيراً…

أنا لا أصلح للتحزب ولطالما رأيت القصة الكاملة، وحكيتها بكلها، و لهذا أعمل ليل نهار في تأمين لقمة العيش، بينما يتحصّل المنتفعون على امتيازات القطعان وأموال تقبيل الأيدي.
ولهذا أيضاً تقرؤون ما لا يعجب إلا الندرة في كل موقف يستدعي انفعال التطرف، لا أكترث بالسباب ولا بنقد القبائل، فرسالتي علمتني أن التطرف عدو الطب النفسي و ألد أعداء الدين الحق.


لو كنت في سوريا لكنت الآن صامتة.. بسبب الخوف، أجل، الخوف من النظام ومن (المعارضة).. وهذا جزء من سبب دفاعي عن (الحياديين).. وعن هؤلاء(الشجعان) الذين يخافون المنشورات الجماعية.. فيحددون وصول صفحاتهم في دائرتهم الضيقة…

الخوف من أنبل المشاعر البشرية لأننا غالباً نخاف على من حولنا لا علينا، ولأن من مَلَكَ الخوف وتحكم به، مَلَكَ الشجاعة.
أشجع الشجعان هو من نصر الحقيقة الكاملة، التي لا تعجب بكلها أحداً.

السوريون بغالبيتهم، احترفوا أنصاف الحقائق، فصارت القبائل حدوداً جديدة...
الخوف والشجاعة يتناوبان دائماً.. كما الشهيق والزفير، النوم واليقظة، الحزن والفرح… وإن اختفى الخوف، اختفت الشجاعة، فاستفحل التسلط والتطرف وساد حكم القبيلة.

الحياة في بلاد العم سام لأكثر من خمسة عشر عاماً علمتني أنهم يعتبرون بلداننا بكلها وببساطة شعوبها سوق استهلاك تدفع ثمن رخاء الغرب، وأن تاريخ المنطقة العربية بوجهه المشرف، علمه، أدبه، شعره وحكاياه تمّ وأده كرمى لعيون شعبهم المختار غير قابل للمس - حتى في الفضاء الأزرق-
خائف أنت الآن أم شجاع.. لو كتبتَ ما تكتب، لن يصل منشورك إلا إليك، فكن ذكياً، الذكاء والعلم لوحدهما سيرجعون بنا إلى حقبة تاريخ مشرّف…
*************

أي بلد عربي أو أجنبي يسافر شبابه يمَ الشرق والغرب من أجل تحصيل علم وحياة كريمة هو بلد يستحق سقوط نظامه، أي بلد يهدده الجوع من كل الاتجاهات هو بلد وجب سقوط نظامه…
لكن الشجعان الأشاوس من سكان الدول العربية جريئون جداً فيما يتعلق ب سوريا والعراق وأجبن من عليها إن اقترب الأمر من أصنام ملوكهم.. أو من قضيتهم المستلبة!
من (يحرر) سوريا اليوم هو من (حرر) العراق قبل ثعلب الصحراء.. والثعلب الجديد ينتظر اليوم الخرفان السورية..
يا أعزائي الموضوع أبسط، لكن أكثر إيلاماً مما -لا- تتخيلون:
نحن العرب بغالبيتنا الساحقة خارج ركب الحضارة، يستخدموننا في تضميد خدوش رُكَبِ حضارتهم بعد حوادثهم الطفيفة على دراجاتٍ كهربائية…
نحن يا أخواتي وأخوتي ألحان حزينة لمعزوفات لم تكتمل لأن السجانين-على اختلاف مللهم- كرهوا كلماتٍ تعارضهم..
نحن القصائد التي ماتت بين أوراقِ شاعر نبيل لم يقوَ على نصب الشعر في زمن الخيام..
نحن الأرقام التي تدفع ضرائب عودة الشعوب المختارة إلى أوطان كانت لنا..
وإن عقدنا العزم يوماً على الحياة.. كان الأمر مرتبطاً حتماً بتغيير جغرافيتنا ومسقط رأسنا..
ابتُلِينا بتاريخ مزوّر يزوّر.. واخترنا جغرافيا تزوّر أحلامنا وتمحوَ ذكرياتنا…
وحق العودة، لن نعود أبداً.. ولو عُدنا…
كلكم تشاهدون ما يحدث في سوريا اليوم، قلة ترى مستقبل البلد..
الجوع، استمرار الحرب الأهلية أو بلد متأسلم مستحدث بعد أن خرجت السعودية من تحت إمرة جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن ( المنكر)…
نحن مهد الأديان.. ومناصب مشانقها إلى أن يخرج متثاقفونا عن حكم قبائلهم و يدخلوا فكرة الوطن…
*************

ما لا يريده السوريون -حتى الآن- وبعد كل هذه الدماء الاقتناع بوجود حرب أهلية.. ستستمر حتماً إن استمر النظام أو انتصر الإسلام السياسي..
وفيما لا حل قريب، يبقى صوت العقل والسلام للمثقف السوري الذي أخفته النظام ولعنته الأسلمة هو الحل على المستوى السوري والعربي.

بلدان العرب بكلها يجب أن تعرف أن تاريخ المنطقة العربية بوجهه المشرف، علمه، أدبه، شعره وحكاياه تمّ وأده كرمى لعيون الشعب المختار..
الضوء المسّلط على الوجه الدموي لهذا التاريخ، قد دمغ كل قوميات المنطقة (العربية) ومعتقداتها عالمياً.. فالحرب الحقيقة ليست في سوريا وما حولها وحسب -وإن كانت تلك البلدان تدفع اليوم كل الضرائب- .

نحن مهد الأديان.. ومناصب مشانقها إلى أن يخرج متثاقفونا عن حكم قبائلهم و يدخلوا فكرة الوطن…
نحن أبناء الياسمين الذي ذرته الريح يمّ الشرق والغرب.. واختار الرحيل…

يتبع...