ثلاث إضاءات على مجموعتي القصصية (وجع مر)
صلاح زنكنه
الحوار المتمدن
-
العدد: 8138 - 2024 / 10 / 22 - 00:15
المحور:
الادب والفن
1- صناعة الدهشة لدى صلاح زنگنه
علي حمودي الخفاجي
يتمتع القاص صلاح زنگنه المُدجّج بأدواته القصصية, بقدرة فنية عالية التأثير في صناعة المفاجأة, ففي (الوجع المُر) أخر مجموعة قصصية له, يرينا اشتغاله الذي دأبَ عليه في غالبية قصصه عبر مباغتة ذهنية القارئ ومن زوايا مختلفة وعبر مناخات متعددة في استدراجه الى نهايات لا يتوقعها, ليقوده الى مراميه في التوصيل والتأثير والتي اتخذها كومضة قصصية مثلما يفعلها الشاعر الحاذق في أواخر أبيات قصيدته.
صلاح زنگنه الملاصق لواقعه لا ينفّكُ من التقاط مواضيع يتخذها عناويناً لقصصه واقفاً مع ضحايا (الثورة البيضاء!!؟) من اليساريين المتقاطعين مع جلاديهم المتضامنين مع بقية المعارضين وهم كُثرٌ. ليقدم لنا توثيقاً لأحداث قد يكون الكاتب عاشها دون أن نعلم.
ذلك المنهج المُتْقَنْ تنفيذهُ عبر مواضيع قصصه من خلال لغة أليفة ودودة تُعاشق روحية المتلقي عبر مفردات غنية قد تكون مُرّة في وجع صلاح - المُر- وغيرها من مجاميعه لكنها تملك قيمة فنية في تقديمها لذيذة ساخنة لمن يتذوقها من قُرّائه مكونا لنفسه أسلوبا متمايزاً عن غيره.
لقد قرأت الكثير من (الوجع المُر) من ثنايا قصصه الفريدة في مواضيعها المختلفة في أسلوبها والمتفقة مع حاجات القارئ الى نص يحتويه ويعبر عن دواخله.
هنا لا يمكن أن أختزل كل الجمال الإبداعي في الوجع المُر بهذه الكلمات البسيطة, شفيعي في ذلك الاشتغال القصصي الجميل والمُمتع لأترك الباب مفتوحا أمام القارئ النبه في استكشاف زوايا فنية أخرى فاتتني الإشارة اليها.
شكراً لصلاح الذي قدّم لنا شيئا جديداً, شكراً لهذا التمايز.
2- وجع الواقع العراقي
سالم قنديلة
(وجع مر) المجموعة القصصية الأخيرة لصلاح زنكنه والصادرة من دار السرد / بغداد, هي اشتغال نوعي على مجمل مجاميعه القصصية السابقة بدءا من مسيرته السردية التي اشتملت على (كائنات صغيرة, وصوب سماء الأحلام, وثمة حلم ثمة حمى، والصمت والصدى, وعائلة الحرب, وحكايات حميمة) وانتهاءً بهذا الوجع المر.
(وجع مر) قصص كتبت بتقنية عالية, وعرض متميز لرؤى محاذية لأوجاع العراق من جنوبه لشماله, هو الكردي ذو الحرف العربي الناصع.
صلاح زنكنه يستحق درع الابداع العالمي بجدارة وامتياز, كونه حافظ على نكهة القصة العراقية بعد الجيل الستيني والسبعيني, وهو من الجيل الثمانيني الذي انبثق من مخاض الحرب والحصار, حيث كان يحمل القلم والبندقية (زمن الحرب الضروس) ليرسم معالم لطريق آخر للعراق, طريق يخلو من الدم والمآسي والويلات.
وهذا ما فعله في هذه المجموعة عبر الغور في الواقع العراقي المتلاطم, ليشخص معانته وتموجاته وصخبه, ويسجل ادانته لكل ما يمس كرامة الإنسان العراقي.
علما بأن مجموعته الأولى (كائنات صغيرة) كانت متميزة ومثيرة للجدل والأفكار والاهتمام, وقد حظت بعشرات المقالات النقدية التي أشادت بهذا المنجز القصصي آنذاك.
3- بساطة اللغة ودهشة الوجع المر
ريسان الخزعلي
مجموعة (وجع مر) لصلاح زنكنه, اعتمدت بساطة اللغة بقصدية، لا لغة البساطة, فقد كان فيها التنوّع السردي واضحا ًومُهيمناً، مما منح المجموعة فضاء ً أوسع َ لأن تتقدم إلى مجسّات التلقّي بارتياح .
حمل بعض القصص, بُعدا ًدراميا ً بحوارات تشي إلى الوجع المر, ورغم هذا الوجع، إلّا أن َّ الدهشة التي تبدأ بها القصص وتنتهي تُثير البهجة.
زنكَنه صانع حكايات قادمة من يومياته (المعروفة) على الأعم، لا يتردد من فضح الحشمة.
لقد كانت الأطياف الحسيّة جسدا ً لسرديّاته.