مراجعات وأفكار ١٥
محمود يوسف بكير
الحوار المتمدن
-
العدد: 8120 - 2024 / 10 / 4 - 00:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المراجعات
١ المجتمعات تستطيع أن تحيا مع الكفر طالما كان هناك عدل، ولكنها لا تستطيع أن تحيي مع الظلم حتى ولو كان هناك إيمان. ولعل هذا هو السبب في سعي شبابنا للهجرة من أوطانهم للعيش في الغرب الذي ينعته شيوخنا بالكفر والفجور والسبب أنهم لا يرون من الغرب سوى فضلاته ولا يرون جامعاته ومراكز أبحاثه وتقدمه المذهل في العلوم والتكنولوجيا والديموقراطية وحقوق الإنسان التي ينعم بها حتى الأجانب وهذا أحد الأسباب لاندفاع شبابنا نحو الهجرة. وكما نقول دائما فإن رجال الدين في عالمنا العربي يتحملون جزءا كبيرا من مسؤولية تردي أوضاع وحقوق الناس ليس فقط اقتصادياً، ولكن أيضا سياسيا واجتماعيا بسبب الاستبداد والظلم والفساد المتزايدين دون أن يكون لهم وللأديان التي يهبون لها ويغضبون لعدم تطبيقها في توافه الأمور أي دور، وفي ذات الوقت يلتزمون الصمت إزاء عظائم الأمور وهم يتعايشون بمنتهي الأريحية مع كل ما حولهم من طغيان وفساد ونهب لثروات الشعوب.
للأسف الحياة لم يعد يحكمها مفهوم الحق أو الأخلاق والمبادئ والمثل العليا ولكن ما يحكمها الآن هو القوة والنفوذ والعلاقات والذكاء والتكيف مع الواقع أين كان لأن حقك لن تحصل عليه إلا من خلال ما سبق ذكره. أي أن تنضم إلى أحد أطراف الـتحالف الجهنمي بين السلطة والمال والدين.
ورحم الله الإمام محمد عبده الذي كان يقول ما معناه إن الواجب الإول للدين ورجاله هو حراسة الدولة والشعوب من الاستبداد وتوحش السلطة التنفيذية.
2-في تسعينيات القرن الماضي ومع زيادة بشائر العولمة كانت حياة المسلمين العرب في أوروبا وأمريكا سهلة وبدون أي مضايقات أو خوف لأن غالبية الجيل القديم من المهاجرين تمكنوا من الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة بشكل معقول مع الاحتفاظ بتقاليدهم بشكل غير مستفز للمضيف. وقتها لم نكن نرى النقاب والجلباب الأبيض والذقون المخيفة في شوارع أوروبا ولم يكن هناك أمثال أبو حمزة المصري وغيره من الدعاة المتطرفين الذين يدعون بشكل علني لأسلمة أوروبا ورفع العلم الأسود على قصر باكنجهام. وهو ما دعا الأوروبيون إلى البدء في التساؤل عن السبب في هجرة هؤلاء المتطرفين إلى أوروبا طالما إن نمط الحياة بها لا يروق لهم ولماذا لا يعودون لبلادهم وحتى أوائل القرن الحالي لم يكن هناك ظهور ملحوظ لليمين المتطرف المتنامي ألان في جميع أنحاء أوروبا، وهو تيار سياسي يتسم بالغباء لأنه لا يملك أي رؤية اقتصادية واضحة سوى استغلال معاناة بعض العمال والطبقة المتوسطة من التضخم وانخفاض الدخل للهجوم على العولمة والهجرة وتحميل الحكومات المسؤولية بغرض إسقاطها والوصول إلى السلطة لغلق بلادهم أمام الهجرة والتعاون الدولي في إطار العولمة الاقتصادية، وهو ذات اليمين الذي يكن عداءات شديدا للمهاجرين المسلمين بشكل خاص. وهذا اليمين لم يتعلم شيئا مما حدث لبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وندما على ما حدث فإن بريطانيا تسعى الآن بقيادة حكومة ستارمر لإعادة بناء علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي. وباختصار شديد فإن أوروبا تعاني من الشيخوخة وهي بحاجة ماسة ومتزايدة للمهاجرين الشباب وإلا فإن اقتصادها سوف يعاني من الكساد وانخفاض معدلات النمو في كل قطاعاتها الخدمية والصناعية والزراعية في خلال العقد القادم إذا ما وصل اليمين المتطرف إلى السلطة. وبشكل عام فأن سياسات الانغلاق على الذات ومحاربة العولمة وحرية التجارة الخارجية وتحركات رؤس الأموال والشباب هي معركة خاسرة لأنه لن يكون بمقدور الاقتصاد المحلي المغلق الحصول على الكثير من احتياجاته من مستلزمات الإنتاج والعمالة بأسعار معقولة ومن ثم لن يكون بمقدوره التصدير إلى الأسواق العالمية بأسعار منافسة. ومما سبق يتضح أن اليمين المتطرف ظهر مع ظهور الإسلام المتطرف في أوروبا، وزادت شعبيته بعد قيام تنظيم القاعدة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر ٢٠١١في أمريكا والذي لم نعرف حتى الآن سببها والهدف منها سوى استفزاز الغرب ومنح الإعلام الصهيوني فرصة ذهبية لتشويه الإسلام وتعقيد حياة المسلمين في الغرب وفرض كل أنواع القيود على من يرغب من شباب المسلمين في الهجرة للعمل أو الحصول على منح دراسية في الغرب. وما تلى تنظيم القاعدة من تنظيمات مثل الطالبان، وداعش والشباب والجهاد.. إلخ كان أسوأ لأنهم يسعون لفرض فهمهم الضيق للإسلام على الجميع وبقوة السلاح وهم يرون أن الطريق إلى هذا يبدأ بإذلال المرأة وحبسها في بيتها ومنعها من التعليم والعمل. وهذا النوع من الإيمان والاعتقاد كان سببا لزيادة عداء اليمين المتطرف للمسلمين لان مثل هذه المعتقدات تمثل أسوأ دعاية للإسلام وهي هدية مجانية للصهاينة لم يكنوا يحلمون بها لتشويه سمعة الإسلام والمسلمين أكثر وأكثر. الإسلام السياسي لا يؤمن بالمرة بمكونات الحداثة الأساسية وهي العقلانية والحرية الفردية والإيمان بالطبيعة لأنه لازال يعيش في الماضي البعيد ولذلك سيواصل مهمته في تدمير الدول الإسلامية مثل ما يحدث الآن في أفغانستان وليبيا، واليمن والصومال وغيرها.
٣أيام جمال عبد الناصر كانت شعارات القومية والوحدة العربية والعيش المشترك والأغاني الوطنية لا تتوقف عن البث وكانت جامعة الدول العربية في حالة نشاط وحتى وإن كانت الثمار قليلة بسبب حالة عدم الثقة بين الممالك الخليجية وبين النظم الجمهورية بالرغم من كوّنها جميعأ أنظمة استبدادية. أما الآن فإن الشعارات القديمة اختفت تماما وحل محلها دعاوى الديانة الإبراهيمية ومشاريع التحالف مع أمريكا وإسرائيل ضد إيران بعد أن أصبحت الأخيرة العدو الأكبر للدول العربية. وللأسف لم يعد هناك أي دور للجامعة العربية على المستوى الدولي أوحتى في فض النزاعات بين الدول العربية. ولكن أن يصل الانهيار إلى مستوى أن يتم السكوت وغض الطرف عن العدوان الإسرائيلي المتوحش على كل من غزة ولبنان، فإننا أمام مهزلة مخجلة، حتى بيانات الشجب والإدانة أصبحت خجولة وتصاغ بعناية فائقة من أجل الاستهلاك المحلي. وإزاء هذا فإننا ننصح الحكومة المصرية مالكة موقع الجامعة في القاهرة أن تتقدم بمشروع قرار للدول الأعضاء بتصفية الجامعة وعرض موقعها الفريد على ضفاف نهر النيل للبيع وبالتأكيد فإن الأعضاء سوف يعتمدون هذا القرار على الفور لأن ما آلت إليه أوضاع الجامعة إصبح محرجا للجميع. وبالتأكيد فإن كل من السعودية والإمارات سوف يتقدمان بعروض شراء سخية كما يفعلون في الأراضي التي تعرض عليهم في الساحل الشمالي المصري، فكل شيئ أصبح للبيع في عالمنا العربي البائس.
أفكار وتأملات
١إذا أردنا تعلم الصلاة والدين الحق فما علينا سوى قراءة الحوار التالي:
سأله: لا أراك تصلي يا زوربا "اليوناني". رد زوربا: الذي يصلي حقيقة لن تراه "فعلا أنا أشعر أنني أقرب إلي الله عندما أصلي وحيدا".
سأله: وكيف تصلي؟ رد زوربا: أنا لا أصلي صلاة شحات وضيع يتسول إلي الله من أجل أطماعه ومخاوفه؟ أنا أصلي كرجل.
سأله: وكيف يصلي الرجال؟ رد زوربا: بالحب أقف وكأن ربي يسألني ماذا فعلت اليوم؟ فأجيب ساعدت فلانا وخففت من مخاوف فلان واتصلت أطمئن على بعض المرضى.
سأله: ألا تطلب شيئًا من ربك؟ رد زوربا: لا هو يعرف ما أريد ويساعدني كلما كنت بحاجة لاي عون.
٢ مراحل منظومة الحب في كل مكان وزمان تبدأ بنظرة، فابتسامة، فسلام، فكلام، فلمسة، فموعد، فلقاء..
٣الديمقراطية لا تصلح لمجتمع جاهل، لأن أغلبية من الحمير ستقرر مصيرنا.
٤أنت لست ما تفكر فيه أو ما تردده من شعارات، ولكن إنت ما تفعله.
5-وأخيرا قال رجل لبشار بن برد الأعمى: ما أعمى الله رجلا إلا عوضه، فبماذا عوضك الله. فرد بشار: ألا أرى أمثالك.
مستشار اقتصادي