عن ( مخلصا بكسر اللام وفتحها / معيار الحكم على البشر )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 7998 - 2024 / 6 / 4 - 14:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

السؤال الأول :
لاحظت ان فى القرآن ( مخلصا ) باللام المفتوحة ، و ( مخلصا ) باللام المكسورة . هل هما بنفس المعنى أم يختلف المعنى ؟ . أرجو الاجابة وشكرا جزيلا .
إجابة السؤال الثانى :
هما مختلفان . ونعطى تفصيلا :
أولا : ( مخلص ) باللام المكسورة :
تعنى إخلاص الدين للخالق جل وعلا .
قال جل وعلا :
أمرا للناس :
1 ـ ( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ ( 2 ) الزمر )
2 ـ ( هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ( 65 ) غافر )
3 ـ ( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) ( 5) ( البينة )
4 ـ ( وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) 29 ) الأعراف )
عن المؤمنين المخلصين :
1 ـ ( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ ) ( 11 ) الزمر )
2 ـ ( قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي ) ( 14 ) الزمر )
3 ـ ( قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ ) 139 )البقرة )
عن حال البشر عند أزمة تهدد حياتهم فيدعون الله جل وعلا مخلصين له الدين ، ثم بعد نجاتهم يعودون للعصيان :
1 ـ ( هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) ( 22 ) ( يونس )
2 ـ ( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ )( 65 )( العنكبوت)
3 ـ ( وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ) ( 32 ) ( لقمان )
ثانيا : ( مخلص ) باللام المفتوحة :
الذى يكون ( مخلصا ) باللام المكسورة سيكون ( مخلصا ) فى الجنة :
1 ـ فهى تعنى أهل الجنة ، أو الذى سيكون من أهل الجنة ، فلن يدخل الجنة إلا المتقون ،قال جل وعلا :( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ( 33 ) لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ ( 34 ) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ( 35 ) ( الزمر). فالمتقون هم الرسول الذى جاء بالصدق والذين صدّقوا به ، وهم لهم سيئات ولكن سيكفّرها الله جل وعلا ، ويجزيهم الجنة ، أو يخلّصهم من النار . أى هم ( مخلصون ) بفتح اللام .
2 ـ يؤيد هذا قوله جل وعلا :
2 / 1 : وصفا لآصحاب الجنة : ( إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ( 40 ) أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ ( 41 ) فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ ( 42 ) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ( 43 ) عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ( 44 ) يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِن مَّعِينٍ ( 45 ) بَيْضَاء لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ ( 46 ) لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ( 47 ) وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ( 48 ) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ) ( 49 ) (الصافات )
2 / 2 : وصفا لمن سينجو من النار :
2 / 2 / 1 : ( فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ( 127) إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ) ( 128) الصافات ). ( المُحضرون ) هم الذين سيؤتى بهم للجحيم .
2 / 2 / 2 : ( وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (167 ) لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْرًا مِّنْ الأَوَّلِينَ (168 ) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ) ( 169) الصافات ). هذا عن أصحاب النار ، يتمنون لو آمنوا .
2 / 3 : عمّن سينجو من إضلال إبليس :
2 / 3 / 1 : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ( 39 ) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) ( 40 ) ( الحجر )
2 / 3 / 2 : ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ( 82) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) ( 83 ) ( ص )
3 ـ جاء وصفا لبعض الأنبياء . قال جل وعلا عن :
3 / 1 : يوسف عليه السلام : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ )( 24 )( يوسف )
3 / 2 : موسى عليه السلام : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا )(51 ) مريم )
4 ـ عن آخرين ، قال جل وعلا :
4 / 1 :( إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ) 74 ) الصافات )
4 / 2 : ( إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ) 160 ) الصافات )
السؤال الثانى :
انا شخص مثير للجدل ، هناك من يرانى شخص ايجابى وهناك من يرانى شخص سلبى . وهذا من أقرب الناس لى وأصحابى ، وآراءهم تصل لى ، وأحيانا يقولونها لى مباشرة . منهم من يمدحنى ومن ينتقدنى . وأنا أيضا لى ملاحظات على كل واحد منهم ، ولكن لا أواجههم بها سواء فى المدح او الانتقاد . أعتقد ان الموضوع لا علاقة له بالدين لأن من أصحابى من هم أقباط ، ولهم أيضا آراء مختلفة حولى ، ولى فيهم نفس الآراء المختلفة. هو إختلاف فى الحكم على الشخصية . وأعتقد انه ليس هناك معيار موحد لنا . ولأنك صاحب تجربة عريضة فى الحياة وباحث تاريخى ومفكر اسلامى أرجو أن تضع المعيار الذى تحكم به على الناس .
إجابة السؤال الثانى :
1 ـ لا شأن لنا بالسرائر وما تخفيه الصدور ، فالحكم عليها لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور . المعيار هو بالتصرفات الظاهرة والسلوكيات المرئية . والمعيار عندى هو : النجاح فى العمل ، والعطاء للاهل والأقارب والمحتاجين .
2 : هناك :
2 / 1 : شخص ناجح فى عمله وكريم مع أسرته وعائلته وأقاربه وأصحابه والمحتاجين .
2 / 2 : شخص فاشل وأنانى ولا خير فيه لنفسه ولا لغيره .
2 / 3 : شخص ناجح فى عمله وأنانى لا خير فيه لغيره .
2 / 4 : شخص متقلّب ، لا يثبت على حال .
3 ـ بهذا التقييم أُنظر لنفسك أولا ، تحاول إصلاحها . وإحتكم الى ضميرك ( الأنا الأعلى / النفس اللوامة ) ، وتذكر قوله جل وعلا : ( بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) القيامة ). وطالما يعيش الانسان فعليه إصلاح نفسه بالتقوى . وإذا مات متقيا إنطبق عليه قوله جل وعلا : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) النازعات ).