عن ( الحرق قتلا وتعذيبا / الوزير قرآنيا )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 7996 - 2024 / 6 / 2 - 19:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

السؤال الأول :
أرى إن الحريق سواء بالتعذيب أو بالقتل شىء فظيع . أرجو أن تعطينا فكرة من القرآن عنه .
إجابة السؤال الأول :
1 ـ هناك قتل بالتعذيب ، وهناك تعذيب خالد مستمر فى جهنم . قال جل وعلا عنهما . ( قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) البروج ) . هم اشعلوا النار فى أُخدود وألقوا فيه المؤمنين فقتلوهم حرقا . تألم أولئك المؤمنون من الحرق حتى الموت ، وجزاؤهم نعيم فى البرزخ ضمن من يُقتل فى سبيل الله جل وعلا . ولكن المجرمين سيصلون فى جهنم حريقا خالدا .
2 ـ قوم ابراهيم بعد أن أفحمهم قالوا :(حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ (70 ) ( الأنبياء ) ، لم يتمكنوا من حرقه مع إنهم حاولوا ذلك ، وجعلهم الله جل وعلا ( الأَخْسَرِينَ) وليسوا مجرد ( خاسرين ).! وقال جل وعلا عنهم ( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنْ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) العنكبوت )
3 ـ التبشير بالحريق فى جهنم تقوله ملائكة الموت لكل من يموت كافرأ عاصيا . قال جل وعلا : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (51) الانفال )
4 ـ وفى كل مجتمع وحيث يوجد ( ناس ) : ( فمن الناس ) من يقوم بإضلال غيره ، أنهم شيوخ الضلال المستكبرين الضالين المُضلين ، قال جل وعلا عنهم : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (10) الحج ). شيوخ الضلال سيذوقون عذاب الحريق ، وهم لذلك مستحقون ، فهذا ما قدمته أيديهم .
5 ـ وعموما فنحن يوم القيامة سنكون خصمين مختلفين فى إيماننا بالله جل وعلا . قسم يؤمن بالله جل وعلا وحده بلا شريك معه فى الشهادة وفى الصلاة وفى الحج ، ويكون مخلصا دينه للخالق جل وعلا وحده ، وقسم يؤمن بالله ويجعل له ولدا أو شريكا . قال جل وعلا عن الخصمين أو القسمين : ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) الحج ) هذا عن أصحاب الجحيم ، سيكونون تحت حريق مشتعل لا هروب منه . قال جل وعلا عن القسم الآخر : ( إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) الحج ) .
6 ـ إنّ كل نعيم الدنيا لو تجمّع لشخص واحد فلا يساوى لحظة من حريق الآخرة حيث يصبح أصحاب الجحيم قطعة مشتعلة من نار لا تهدأ ولا تنطفىء .
7 ـ كل منا فى حياته الدنيا له حرية الاختيار .
السؤال الثانى :
ما معنى ان يكون هارون وزير لأخوه موسى ؟ هل هو منصب الوزارة المعروف أم شىء مختلف ؟
إجابة السؤال الثانى :
1 ـ مصطلح وزير جاء مرتين فقط فى قصة موسى عليه السلام ، فى قوله جل وعلا :
1 / 1 : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً (35) فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً (36) الفرقان ).
1 / 2 : ( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24) قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) طه ). أى كان هارون مساعدا لموسى فى مهمته . والتفاصيل فى سورة القصص : ( قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35)) . ليس وزير هنا يعنى منصبا سياسيا ، بل مشاركة فى الدعوة بين موسى وأخيه هارون . ونتذكر أن موسى حين ذهب لميقات ربه ليتلقى الألواح قال لهارون ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) الأعراف ). وتلقى موسى الألواح ولم يكن معه هارون . ومع ذلك كان هارون شريكا له . قال جل وعلا عنهما :
1 / 2 / 1 : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (48) الأنبياء )
1 / 2 / 2 :( وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114) وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنْ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (115) وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمْ الْغَالِبِينَ (116) وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (117) وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (118) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الآخِرِينَ (119) سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121) إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122) الصافات )
2 ـ منصب الوزير ـ دون إسمه ـ جاء فى قصة فرعون موسى . إنه هامان الذى كان الشخصية الثانية بعد فرعون كما يبدو من الآيات التالية :
2 / 1 : ( وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) القصص )
2 / 2 : ( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) القصص )
2 / 3 : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) غافر )
2 / 4 : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِينَ (38) القصص )
2 / 5 : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنْ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ (37) غافر )
كان هذا فى دولة الرعامسة ، وقد أسّست فى مصر دولة عسكرية مركزية تبد ملامحها المسيطرة فى قصة موسى وفرعون ، وهى مختلفة عن دولة الهكسوس ، والتى حدث فى أثنائها قصة يوسف ، ولم يكن فيها ( فرعون ) بل ( الملك ) ، وكان الملأ التابع له يتمتع بحرية نقده ، كما يبدو مما جاء فى سورة يوسف ( وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ (44)). كان الملأ التابع لفرعون يفكّر فيما يريده الفرعون ، ويتماهى معه . وهذا مع وجود هامان . أى فيما يشبه منصب ( الوزير ).