عن ( عثمان الفاسد والرسم العثمانى / تليفون هدية / نعمة الله / الربا / الأسر والتبديل )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 7992 - 2024 / 5 / 29 - 22:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

السؤال الأول :
قرأت لك إن النبى عليه السلام هو الذى كتب القرآن الكريم بيده وأن بعض أصحابه كانوا يقومون بإملائه وهو يكتب نسخا منه ، ولهذا ففى كتابة القرآن الكريم سرّا معينا تم إكتشافه فى بعض ما قالوه عن الاعجاز الرقمى فى القرآن الكريم . بالتالى لا وجود لما يسمى بكتبة الوحى ، أو ان النبى كان ( أميا ) أى لا يعرف القراءة والكتابة لأن معنى (أمّى ، أميين ) هى عن العرب الذين لم ينزل عليهم كتاب مثل أهل الكتاب . إقتنعت بهذا ، وإقتنعت أيضا بأن عثمان هو الذى أحرق نسخ القرآن المخالفة لما كتبه النبى ولهذا سمى المصحف الموجود معنا انه بالرسم العثمانى نسبة لعثمان . سؤالى إذا كانت هذه ميزة كبرى لعثمان فى خلافته فلماذا تهاجمه فى كتابك ( المسكوت عنه فى تاريخ الخلفاء الراشدين ) وتصفه بالخليفة الفاسد ؟ وهل يعقل أن يقوم شخص سىء بهذه الخدمة الجليلة للقرآن الكريم .؟
إجابة السؤال الأول :
1 ـ قوله جل وعلا بصيغة التأكيد عن ذاته جل وعلا : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) الحجر ) يعنى إلزما للبشر المعنيين بحفظ النّص القرآنى ، مع إن أكثرهم مشركون . ولا ننسى قوله جل وعلا عن كتابه الكريم : ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) فصلت )
2 ـ الله جل وعلا هو الذى ضمن حفظ القرآن الكريم بنصّه ورسمه ، ووصل الينا بكتابته الفريدة والمختلفة عن الكتابة العربية العادية . والله جل وعلا لم يستخدم الملائكة فى هذا بل إستخدم البشر ، ومنهم المؤمن والكافر . وترى هذا فى ( التفاسير )، يأتون بنصّ الآية القرآنية كما هى ، ثم بعدها يقولون فى ( تفسيرهم ) كل أنواع الكفر . المستشرقون المتهمون بعداء الاسلام والقرآن منهم من قدّم أروع خدمة للقرآن . عندما خرج القذافى برأى يقول بحذف كلمة ( قُل ) من القرآن الكريم سمعت الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر يهاجمه ويردد ( هذا كُفر .. هذا كُفر ) . مع إننى أشهد بأن عبد الحليم محمود كان عريقا فى التصوف ، أى فى الكفر .
السؤال الثانى :
من الاستاذة الثريا عدنان احمد
هل من تقدم بهدية ( هاتف ) لخطيبته تعتبر سحت وحرام؟
إجابة السؤال الثانى :
1 ـ لا يجوز إستحلال الحرام كما لا يجوز تحريم الحلال . الحرام محدد ، وهو إستثناء . ومن يهدى شيئا ليس حراما ( مثل الهاتف ) فليس حراما وليس سُحتا .
2 ـ وعموما فالوسائل والأدوات ليست حراما فى حد ذاتها . يقع عليها حكم الحرام أو المباح أو الواجب فى طريقة إستخدامها . السكين ليست حراما فى ذاتها . يكون مُباحا إستعمالها فى المطبخ مثلا ، ويكون حراما إستعمالها فى الاعتداء ظلما ، وقد يكون واجبا الدفاع الشرعى بها دفاعا عن حق الحياة . وهكذا فى الهاتف . إستعماله تجرى عليه هذه الاحتمالات ، أما هو فليس حراما فى ذاته .
السؤال الثالث :
يقول تعالى ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) النحل )
لماذا قال ( نعمة ) بالمفرد ؟ ولماذا قال ( لا تحصوها ) وليس لن تحصوها ؟
إجابة السؤال الثالث :
قال جل وعلا : ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) النحل ).
( نعمة ) إسم جنس يعنى كل أنواع النعم . ( لن تحصوها ) نفى للمستقبل فقط ، ( لم تحصوها ) نفى للماضى فقط . أما ( لا تُحْصُوهَا ) فهو نفى مطلق بلا تحديد للزمان .
السؤال الرابع من الاستاذ كريم الاندلسى :
ما معنى لا تأكلوا الربا ( أضعافا مضاعفا ) كيف أضعافا مضاعافا ... ؟ وما معنى يتخبطه الشيطان من المس ... ؟ وشكرا
إجابة السؤال الرابع :
جاءت ( اضعافا مضاعفة ) مرتين فقط فى القرآن الكريم . قال جل وعلا :
1 / 1 : فى التبرع لوجه الله جل وعلا : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245) البقرة )
1 / 2 : فى تحريم الفائدة المضاعفة فى ربا التجارة والذى يكون عن تراض ، كما يحدث فى التعامل مع البنوك . ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) آل عمران ). مضاعفة الفائدة جريمة إثمها على من يفرضها ، ولا إثم على الطرف الراضى والمتضرر.
2 ـ قال جل وعلا : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) البقرة ). قوله جل وعلا : ( كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ) هى صورة مجازية بالتشبيه بهدف الوعظ ، أى تشبيه مُدمن الربا بمن يتحكم فيه الشيطان فيصبح يتخبّط فى سلوكه . وهذا فى ربا الصدقة ، أى يأتى فقير لشخص يطلب حقه فى الصدقة فيعطيه مالا بالربا . وهذا ما جاء فى سياق موضوع الربا فى سورة البقرة ( آيات من 262 : 281 ).
السؤال الخامس :
قال تعالى : ( نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً (28) الانسان ) : هل الانسان أسير لله لا حرية له ؟ فلماذا اذن يحاسبه ويعذبه يوم القيامة ؟ وإذا كان الله تعالى قد خلق الانسان فلماذا يهدده بالتدمير ؟
إجابة السؤال الخامس :
أولا :
قال جل وعلا : ( نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ) (28) الانسان ) . للنفس البشرية حرية التفكير وحرية الارادة وبهذا تسير بجسدها تفعل الخير وتعمل السوء ، تطيع وتعصى ، وهى مسئولة عن هذه الحرية يوم القيامة ، إذا إهتدت فلنفسها وإذا ضلت فعليها . هذا عدا الاكراه والاضطرار والنسيان ، أى ما تفعله عمدا . وهناك أيضا الحتميات الأربع التى لا دخل لها بها ، مثل (الميلاد واللون وشكل الخلقة ..الخ )، والمصائب والرزق والموت . لن يحاسبك ربك عن موعد ومكان ميلادك أو موتك ولا لمذا أنت فقير أو مريض . لكن يحاسبك إذا زنيت ( وأنجبت من الحرام ، إذا قتلت ، إذا كسبت رزقا من حرام .. فالإنسان له دخل فى حدوث الحتميات للغير . النفس الانسانية لا تتحكم فى أجهزة جسدها ، فهى تعمل بأمر خالقها ، وتتعطل بأمره وبأمره تتوقف وتعود ، وتموت . لا يستطيع الانسان الهروب من الحتميات والابتلاءات المقدرة سلفا . ولكن له حرية الصبر والشكر أو الرفض والكفر . وفى كل الأحوال لا يستطيع الفرار منها . هنا نفهم قوله جل وعلا : (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ). فهذا الأسر مرتبط بالخلق . خلقك ربك محتاجا للطعام والتنفس والتبول والاخراج ، وقد تصيبك فيها متاعب وأمراض مكتوبة سلفا ، ولا تستطيع منها هربا .
ثانيا :
قوله جل وعلا : ( وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً ) . هذا خطاب للبشر جميعا . ومثله قوله جل وعلا :
1 ـ ( إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً (133) النساء )
2 ـ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20) ابراهيم )
3 ـ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17 ) فاطر ) . الذى خلقنا بإرادته يمكن أن يبيدنا بمشيئته ، ويأتى بخلق جديد . إنه الخالق جل وعلا الذى قدّر بيننا الموت . قال جل وعلا : ( نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ (61) الواقعة ).
ويأتى هذا الخطاب تهديدا لقوم بعينهم .
قال جل وعلا للصحابة :
1 ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38) إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) التوبة )
2 ، ( هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد )
3 ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) المائدة ).
وعمّن يعبد المسيح : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) المائدة ) .