مهامنا العاجلة لإصلاح ما أفسده المشير
محمد منير مجاهد
الحوار المتمدن
-
العدد: 7536 - 2023 / 2 / 28 - 22:11
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
تتعرض مصر لخطر الانهيار الاقتصادي الشامل وتزايد العجز عن مواجهة التهديدات الوجودية المتمثلة في عدم القدرة على حماية مياه النيل وتدفقها كما كانت تفعل لآلاف السنين، وتضاؤل وزنها في محيطها الإقليمي وما يتبع ذلك من ازدياد التدخلات الأجنبية في إدارتها، ويتزامن هذا مع حصار للقوى المدنية وتقزيم لها، والقمع الشديد لأصحاب الرأي من أجل استمرار نظام المشير عبد الفتاح السيسي الذي تسبب في وصول الأوضاع إلى ما آلت إليه وتزداد شراهته للحكم مع مضي الوقت.
ومن ثم فإن المهمة الأساسية هي إصلاح ما أفسده المشير ومنعه من الاستمرار في الاستيلاء على الحكم عبر تعديات على الدستور سهلها مجلس النواب المُهندس أمنيا بتعديل المادة 140 لإطالة فترة الولاية الرئاسية من أربع إلى ست سنوات، واستحداث المادة 241 مكرر الانتقالية لإطالة فترة حكم الرئيس الحالي والسماح له بالترشح للرئاسة لفترة إضافية على سبيل الاستثناء الذي تقرر له وحده دون غيره!!
وما لم يتم الاعتداء مجددا على الدستور بحيث ينص على رئاسة مدى الحياة للرئيس الحالي أو إلغاء النص على عدم جواز تولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين، فسوف تجرى الانتخابات في عام 2024 أي العام القادم.
نظرا لعدم إمكانية حدوث انتفاضة شعبية حاليا فالمطروح حاليا هو استعداد القوى المدنية لمواجهة الرئيس في الانتخابات الرئاسية القادمة ويتطلب هذا:
1- الاتفاق على أسباب رفض ترشح الرئيس السيسي لمدة ثالثة على سبيل الاستثناء!
2- الاتفاق على برنامج حد أدنى لإصلاح ما أفسده المشير والعمل على تحقيق آمال وطموحات المصريين في العيش الكريم واستقلال القرار الوطني والحريات السياسية.
3- الاتفاق على مرشح واحد تلتف حوله الحركة المدنية
وسوف أحاول فيما يلي عرض مقترحاتي التي تحتمل الخطأ والصواب وتقبل التعديل بالحذف والإضافة.
أولا: لماذا نرفض ترشح الرئيس السيسي لمدة ثالثة على سبيل الاستثناء
1- لقد تم انتخاب الرئيس طبقا لأحكام دستور 2014 والذي حدد في المادة 140 أنه "يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالى لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة"، وتضمن نصا محصنا في المادة 226 ينص على أنه "لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة إنتخاب رئيس الجمهورية، أوبمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات"، ومن ثم فإنه اعتبارا من انتهاء فترة رئاسته الثانية في يونيو 2022 يصبح مغتصبا للسلطة وساعيا لاغتصاب السلطة لستة سنوات قادمة على الأقل لأن التعديات الدستورية شملت تغيير القيد من "لا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة" إلى "لا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين"، وهو ما يفتح الباب لتكرار نموذج بوتين- ميدفيديف في مصر، أو تغيير النص الاستثنائي إلى نص استثنائي آخر يسمح له بتولي رئاسة الجمهورية مدى الحياة على غرار ما فعله الحبيب بورقيبة ومافعله الرئيس السادات بتعديلات 1980 على دستور 1971 .
2- يحكم الرئيس حكما مطلقا دون أي خبرة عمليا في المجالات المختلفة التي يتطلبها حكم دولة مركزية كمصر، ورغم أنه لا يوجد رئيس لأي دولة يفهم في كل شيء فإنه يتم تعويض هذا بمستشارين خبراء في المجالات المختلفة لكن في حالتنا فإن المشير السيسي يأتي بضباط ممن عملوا تحت رئاسته كي يقوموا بدور المستشارين ويشيرون عليه بما يرغب بالفعل في عمله فرأينا ضباطا سابقين يقومون بدور خبراء تخطيط المدن بل وحتى خبراء في الاستزراع السمكي وغيرها من المجالات التي لا تمارسها القوات المسلحة. ونتيجه لهذا فقد وقع الرئيس السيسي "إعلان المبادئ حول مشروع سد النهضة" عام 2015 من تلقاء نفسه تنازل فيه عن الحقوق التي كفلتها الاتفاقيات الدولية السابقة، كما أدخل البلاد في دوامة القروض لتمويل مشروعات يراها ضرورية دون أي دراسات للجدوى مما أوصلنا للوضع البائس الحالي وانهيار قيمة الجنيه المصري والاقتراض لسداد فوائد القروض السابقة.
3- أساء الرئيس لقضية مكافحة الإرهاب باستخدام تهمة الإرهاب لكل من يعارضه مما أدى عمليا لتبرئة ساحة الإرهاب في الضمير العام وتمييع القضية وأدى تسييس القضاء والتلاعب بالقانون وتحويل الحبس الاحتياطي إلى عقوبة تنزل بالمعارضين إلى الشك في عدالة الأحكام القضائية التي صدرت بحق الإرهابيين من مستخدمي العنف.
4- أساء الرئيس للقوات المسلحة وأدخلها طرفا في الحكم وفي الاقتصاد بشكل يعيد غلى الأذهان ما كان سائدا قبل حرب 1967 وأدى إلى هزيمة عسكرية ساحقة، والآن هم مسئولون عن الفشل في الإدارة المحلية لأن إدارة الحياة المدنية تختلف عن إدارة الوحدات العسكرية، وقد أجبرت القوات المسلحة على تنظيم جنازة عسكرية لحسني مبارك الصادر بحقه حكم نهائي بات بأنه لص ومختلس وقضى عقوبة بالسجن، ناهيك عن أنه الرجل الذي أطاح به الشعب لفساده وعدم كفاءته.
ثانيا: الاتفاق على برنامج حد أدنى لإصلاح ما أفسده المشير
طبعا يصعب على شخص واحد تحديد قسمات مثل هذا البرنامج ولكنني أشير أدناه إلى ما أعتبره هاما وبالطبع يمكن تعديله بالحذف والإضافة.
1- إلغاء التعديلات غير الدستورية التي أجريت عام 2019 واتخاذ التدابير التي تضمن ديمقراطية الحكم ومدنيته.
2- إعادة هيكلة جهاز الشرطة وإصلاحه وعزل كل من تورط في الاعتداء على حقوق المواطنين سواء الإنسانية أو القانونية بفبركة قضايا و/أو التعذيب والإخفاء القسري
3- إصلاح القضاء والنيابة وعزل كل من تورط في الاعتداء على حقوق المواطنين سواء الإنسانية أو القانونية بتحوبل الحبس الاحتياطي من إجراء احترازي إلى عقوبة للتنكيل بالمعارضين السلميين.
4- الفضاء على الفساد بتعدبل النظم واللوائح بحيث تضمن الشفافية والرقابة والمعاقبة الصارمة للفاسدين والمفسدين كي يكونوا عبرة لكل من يفكر في الانحراف.
5- سحب توقيع مصر على إعلان المبادئ حول مشروع سد النهضة وإلغاء التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير بالمخالفة لحكم المحكمة الإدارية العليا ومعاقبة كل من تآمر على وحدة أراضي مصر وخان الالتزام الدستوري الذي أقسم على احترامه.
6- اتخاذ التدابير اللازمة لسداد ديون مصر مع تحمل الأثرياء العبء الأكبر في السداد واتخاذ إجراءات تقشفية صارمة للحد من الاستبراد وتبديد الموارد بما في ذلك تقييد السفر للسياحة والحج والعمرة.
7- تطبيق الضرائب التصاعدية وضم الصناديق الخاصة لميزانية الدولة
8- تعديل الدورة الزراعية بما يضمن توفير القمح والحبوب والمحاصيل الزيتية وعدم الاعتماد على الاستيراد.
9- تعميق التصنيع المحلي ونقل التكنولوجيا وخاصة الصناعات الثقيلة والعسكرية .
10- إعطاء أولوية قصوى للتعليم والصحة بما يؤدي إلى تعليم داعم للمواطنة فائم على العلم والقضاء على تعدد أنظمة التعليم وما يؤدي إليه من تعدد الولاءات والقيم، وتمتع جميع المصريين بالخدمات الصحية المجانية
11- أن يقتصر دور القوات المسلحة على حماية الوطن من أي اعتداء عليها وأن تبتعد عن أي دور سياسي أو اقتصادي أو تجاري.
ثالثا: الاتفاق على مرشح واحد تلتف حوله الحركة المدنية
وأقترح بداية أن يكون شابا وألا نكرر أخطاءً سابقة بنزول عدة مرشحين يتنافسون على الخسارة، هناك عدد من السياسيين يمكن الاختيار من بينهم ولن أدخل في مغامرة تسمية أسماء بعينها، ولكن أؤكد ضرورة الاتفاق على مرشح واحد تصطف خلفه كل الأحزاب المدنية تحت شعار:
معا لإصلاح ما أفسده المشير والانطلاق نحو المستقبل
وأن يتم انتهاز فرصة هذه المعركة في توسيع المشاركة الشعبية والتصاعد بها، وطبقا للقانون فالمطلوب للترشح أن يحصل على تزكية 20 نائبا أو 25 ألف مواطن فى 15 محافظة، وأقترح ألا نلجأ للبديل السهل بالحصول على تزكية 20 نائبا حتى لو كان متيسرا في مجلس النواب المُهندس أمنيا، إذا يجب حشد شباب الحركة المدنية وانتشارهم في كل محافظات مصر وليس فقط 15 محافظة وجمع مليون تزكية من عامة المواطنين وليس فقط الـ 25 ألف تزكية المطلوبة والترويج لبرنامج الحركة المدنية ومنح الناس الأمل في التغيير والخلاص من الكابوس ومحاسبة المتسببين في الكارثة الوطنية التي أوصلنا إليها الحكم الحالي على جميع الأصعدة .