أسرار ودلالات رمزية - رمزية الأسد
أمجد سيجري
الحوار المتمدن
-
العدد: 6060 - 2018 / 11 / 21 - 22:04
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
رمز الأسد :هو من أكثر الرموز المستخدمة على نطاق واسع حول العالم في مختلف الثقافات والحضارات إما عن طريق استخدامه كمنحوتات أو لوحات أو حتى تماثيل ورايات وأعلام .
إن أقدم تصوير للأسود يمكن أن نجده في العصر الحجري القديم الأعلى في كهف لاسكو وكهف شوفيه في فرنسا حيث يرجع تاريخ رسومات هذه الأسود من 15000 إلى 17000 سنة.
كما تم العثور على أقدم نحت عاجي لرأس لبوة في كهف فوغليهيرد في منطقة ألب شفابن في جنوب غرب ألمانيا ويطلق عليه اسم "ليونينش" أي "الأسد الإنسان " يرجع تاريخ النحت إلى ما لا يقل عن 32000 عامًا .
- قدم المصريون القدماء العديد من ألوهيتهم كأسود نذكر من هذه الألهة على سبيل المثال لا الحصر :
"باخت" كانت تمثل كلبوة و"سخمت" كانت تمثل كلبوة و"تفنوت" لبوة و شقيقها "شو" كأسد
وأبو الهول بجسم اسد و رأس بشري
-كما كان الأسد رمزاً بارزاً في حضارة سوريا والعراق فنجد وجوده القوي في المئات من النقوش والمنحوتات والتماثيل والصروح وذلك في كلٍ من سومر و بابل و أشور والممالك الأرامية وفي فينيقيا وفي المملكة الحيثية في شمال سوريا .
ومن أهم إستخداماته في سوريا والعراق كان إستخدامه كرمز ومرافق أحياناً للأله إنانا " عشتار" و رمزاً للإمبراطورية البابلية الحديثة " الكلدانية " التي وحدت سوريا والعراق في دلالة على عظمتها وقوتها حينها.
إذاً بعد هذا الإستعراض السريع والمختصر لبعض إستخدامات الأسد الرمزية في العالم القديم ما هو هذا السر في إستخدامه الواسع وماهي دلالاته وماهي أسرار هذا الرمز :
-يعتبر الأسد رمزاً للنبل و الشجاعة والقوة اللانهائية والسيادة كما يعتبر رمزاً مهماً لليقظة وضبط النفس والتوازن بالتالي كان رمزاً مهماً إستخدموه للتعبير عن الملوك الذين إتصفوا بقوة الشخصية والصلابة .
- كما يعتبر الأسد أحد الرموز المهمة الممثلة للطاقة الشمسية وهذا بديهي لكون رأس الأسد يشبه قرص الشمس والشعر المحيط برأسه يشبه أشعة الشمس لذلك تم تقديسه في المجتمعات الزراعية في سورية والعراق التي كانت تعي تماماً دور الشمس في الحياة الزراعية والمواسم فكان الأسد أحد الرموز المهمة للسيادة على العالم السفلي فكما كان العقاب هو ملك الجو وممثلاً للسمو الروحي والسيادة في الجو كان الأسد ملكاً للارض والعالم المادي بالتالي كان رمزاً للموت والقيامة التي كانت مرتبطة تماماً بقصة حب تموز وعشتار لذلك نجد الأسود بكثرة مرتبطة بعشتار والتي تظهر في كثير من التصويرات مع الأسود في دلالة على القيادة والسيادة التي تحظى بها في المجتمع الزراعي كونها تقدم الأرض الخصبة وتمزجها بالطاقة الشمسية الروحية الخفية الممثلة بالأسود التي تطلق النباتات من بذورها فتكون هذه الاشعة هي الروح التي تحمل معها قيامة تموز من بين الأموات في العالم السفلي لتقوم معه بزواج مقدس يجلب معه وفرة للمحاصيل والخيرات لهذا المجتمع الزراعي.
- كما تتضمن رمزية الأسد التفاني والعطف تجاه الذين يظهرون له الإهتمام والعناية و الرحمة كما يظهر الأسد دائما في تمثيل السيادة والقيادة كما ذكرنا سابقاً لذلك نجده غالباً ما يظهر في التصويرات الخاصة بالأشخاص الذين يعملون على إستعادة دورهم القيادي الذي فقدوه في الحياة فعندما يصاحبهم الأسد في حياتهم وعملهم على إستعادة هذا الدور فإنهم سيشعرون بقوة هذه الأسود بالتالي سينبذون الخوف ويعبرون أكثر عن ذاتهم بالتالي يتعاملون مع قدراتهم المكبوتة بداخلهم بفعالية أكثر نتيجةً لما تقدمه مرافقة الأسود لهم من ثقة عالية بأنفسم بالتالي إستخراج قدراتهم المكبوتة.
-تم وضع منحوتات الاسود على جانبي الأبواب والبوابات في المعابد والقصور فكان شعاراً يمثل الوصاية الإلهية على تلك الصروح وهنا جميعنا نتذكر معبد عين دارة في الشمال السوري وما فعلته ألة الإرهاب التركية بتلك الأسود العظيمة التي كانت تتربع على باب المعبد و التي دمرها هذا العدوان الغاشم مع معبدها عن بكرة أبيها وأصبحت أنقاضاً تبكي تاريخاً محاه مجرمٌ همجي نكايةً وغلاً من هذه الأرض التي تعتبر أول من عرف الحضارة على وجهة الأرض ويحاول أن يمحو أي أثر يثبت أن جنوب دولته هو إمتداد لسوريا الأم وان ما يوجد فيه من آثار تعود لعمق التاريخ و يتغنون بها هي بالحقيقة آثار سورية من ذات الحضارة الأم التي يحاولون بتدميرها حيناً وسرقتها حيناً أخرى .