|
كيف تخلَّقَ عالم اليوم
فؤاد النمري
الحوار المتمدن-العدد: 3214 - 2010 / 12 / 13 - 12:05
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
كيف تَخَلَّقَ عالم اليوم عبثاً نحاول إدراك ميكانزمات عالم اليوم قبل أن نتعرّف على كيف تخلّق هذا العالم فكيمياؤه هي من ذات خلقته. نحن عندما نقول عالم اليوم فإنما نقصد العالم الماثل الآن معزولاً عن عالم الأمس، بل عندما نقول العالم بداية فإنما نقصد علاقة الإنسان بالطبيعة، بكوكب الأرض، تلك العلاقة التي اقتضتها حاجة الجنس البشري لانتاج حياته من الطبيعة كيلا ينقرض. ومن هنا فإن الفرق بين عالم اليوم وعالم الأمس هو حصراً الفرق في وسائل الإنتاج، كيف ينتج الإنسان حياته من خلال تلك العلاقة التي يقيمها مع الطبيعة. عالم الأمس حددته وسائل الإنتاج لتلك الحقبة حيث اقتصر العالم القديم المعروف في التاريخ على عالم الشرق الأوسط معزولاً عن العالم الصيني والعالم الأفريقي والعالم الأميركي . كانت العوالم صغيرة ومتعددة نظراً لفقر أدوات الإنتاج. مع الإنتقال إلى أدوات الإنتاج الرأسمالية التحمت العوالم الصغيرة المتعددة مع بعضها البعض وشكلت عالماً كبيراً واحداً. ولذلك لاحظ كارل ماركس أن النظام الرأسمالي هو أول نظام عالمي يبنيه الإنسان عبر التاريخ ويحتضن العالم كله، وبناءً عليه نادى بثورة اشتراكية واحدة في العالم كله. وهكذا فإننا نرى العالم ونتعرّف عليه من خلال وسائل الإنتاج السائدة في كل مرحلة من مراحله التاريخية المختلفة.
اليوم ينطلق عامة المحللين للإقتصاد السياسي والتطور الإجتماعي من فرضيات خاطئة تقول أن وسائل الإنتاج السائدة اليوم في العالم هي وسائل الإنتاج الرأسمالي المنبعثة من جديد فيما يسمونه بالعولمة، وأحياناً بالرأسمالية المتوحشة التي تخلت عن انتهاج مبادئ الكينزية لصالح الليبرالية الجديدة، بعد أن أثبتت هذه الرأسمالية أنها الأصلح للبقاء في صراعها ضد وسائل الإنتاج الإشتراكي. بغض النظر عما يعاني هؤلاء المحللون من قصور سواء في تشخيص النظام الرأسمالي والتعرّف على عناصره الجوهرية، أو في التحليل العلمي ل " الإقتصاد " الإستهلاكي (Consumerism) المنافي بطبيعته للإقتصاد الرأسمالي ــ والعالم اليوم يشهد نهاية مرحلة الإقتصاد الإستهلاكي ودولة الرفاه المرافقة ــ ويقصرون تقصيراً لافتاً في التعرّف على أسباب انهيار المعسكر الإشتراكي ومركزه الإتحاد السوفياتي بادعاء أن انهيارة كان جرّاء قصوره في المواجهة مع المعسكر الرأسمالي الإمبريالي، بغض النظر عن كل تهويمات هؤلاء المحللين التي لا يربطها أي رابط مع الوقائع على الأرض، ينبغي علينا أن نتتبع مراحل تخلّق النظام الرأسمالي منذ أول ظهور له وحتى آخر سكرات موته كشرط مسبق للتعرف على طبيعة النظام الماثل اليوم في العالم ومقاربة مفاعيله بصورة علمية لا تنقصها الدقة.
بدأ الإنتاج البورجوازي في الظهور في المدن البورجوازية (البورغ) بين مفاصل النظام الإقطاعي في أوروبا فيما قبل القرن السادس عشر حين أخذت هذه المدن في غرب أوروبا، وخاصة في بريطانيا في عهد الملكة أليزابيث الأولى 1558 ـ 1603، تؤسس لنظام رأسمالي جنيني يتمثل بالرأسمالية التجارية (الميركانتيلية Mercantilism) ــ ما يشد الإنتباه هنا هو ظهور النظام الرأسمالي في عهد أليزابيث الأولى في بريطانيا وانهياره في عهد أليزابيث الثانية ــ وكان لاختراع النول البخاري واستخدامه في مصانع كبرى للنسيج (Cotton Mills) دور كبير في تطور النظام الرأسمالي ونشوء طبقة البروليتاريا خلال القرن الثامن عشر وما رافق ذلك من تطور في وسائل النقل. وكان لتطور صناعة الفولاذ آنذاك دور حاسم في إحداث نقلة نوعية في تطور واختراع أدوات إنتاج جديدة كالقاطرة وسكة الحديد والسفينة البخارية. الثورة الصناعية الكبرى وتطور نظام الإنتاج الرأسمالي بكامل بنيته ومنها تبلور طبقة بروليتاريا عريضة في المجتمع إنما كان بفعل ظهور أدوات إنتاج جديدة مختلفة. إذّاك دعا كارل ماركس وفردريك إنجلز في بيانهما الشهير 1848 (المانيفيستو) عمال العالم ليتحدوا في وحدة واحدة كي يقوموا بالثورة لتفكيك النظام الرأسمالي في وقت مبكر وبناء نظام اشتراكي مختلف في العالم كله.
النمو السريع للنظام الرأسمالي في بريطانيا عبر الثورة الصناعية الكبرى في أواسط القرن الثامن عشر سرعان ما تعمم في غرب أوروبا ليغدو هذا الغرب مركز العالم كله، ويعود إليه تقرير مصائر العالم. النظام الرأسمالي امتاز عن الأنظمة السابقة له بالإعتماد على أدوات إنتاج حديثة مختلفة ذات مردود عالي في الإنتاج وهذا ما استدعى كل القادرين على العمل للإنخراط في عملية الإنتاج من أجل كسب أرزاق أوفر. سرعان ما تحقق فوائض في الإنتاج في مراكز الرأسمالية في بلدان غرب أوروبا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وغرقت أسواقها المحلية بفائض إنتاجها الأمر الذي اضطرها إلى البحث عن أسواق خارجية تطرح فيها مثل هذه الفوائض المتراكمة باستمرار والتي كان من شأنها إغراق نظام الإنتاج في مركزه وخنقه حتى الموت. وهكذا وصل النظام الرأسمالي خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى أعلى مراحله ألا وهي مرحلة الإمبريالية. في مطلع القرن العشرين كان كل سطح الكرة الأرضية تقريباً مقسماً كأسواق بين بضعة مراكز رأسمالية. في العام 1914 اقتضى النمو غير المتكافئ في مراكز الرأسمالية إشعال الحرب العالمية الأولى لإعادة تقسيم المستعمرات. انتهت تلك الحرب في العام 1918 إلى تفكيك ثلاث امبراطوريات كبرى شكلت ما سمي بقوى المركز المهزومة، وهي الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية والإمبراطورية العثمانية بالإضافة إلى تفكيك الإمبراطورية الروسية وهي من قوى التحالف وخروجها نهائياً من معسكر الرأسمالية بعد ثورة أكتوبر البلشفية 1917.
كانت ألمانيا دائماً محط آمال الشيوعيين لقيادة الثورة الإشتراكية العالمية؛ ومن هنا آلت قيادة الأممية الثانية بعد رحيل إنجلز في العام 1895 إلى الإشتراكيين الألمان فكان قائدها كارل كاوتسكي مؤسس الحزب الإشتراكي الألماني (ماركس وإنجلز ألمانيان أيضاً). بقيادو كاوتسكي أعلنت الأممية الثانية في مؤتمرها العام في شتوتغارت 1907 أن البروليتاريا الأوروبية ستقوم بالإستيلاء على السلطة حال إعلان أية حرب استعمارية في أوروبا، وتتكفل الأحزاب المنضوية إلى الأممية بتحويل مثل تلك الحرب إلى ثورة اشتراكية عالمية. نفس هذه الأممية ونفس هذه القيادة عادت في مؤتمرها العام في بازل 1912 لتسحب ذلك القرار بحجة أن الإشتراكيين ملزمون بالدفاع عن أوطانهم. وفي معارضة مثل ذلك القرار الذي أباح مشاركة الإشتراكيين في الحروب الإستعمارية انسحب حزب لينين، حزب العمال الإشتراكي الديموقراطي في روسيا، من الأممية الثانية. بلاء الحركة الشيوعية المزمن الذي لم تتخلص منه منذ تشكيل الأممية الأولى 1864 وحتى اليوم هو استيلاء مثقفي طبقة البورجوازية الوضيعة على قيادة الأحزاب الشيوعية. كارل ماركس لم يجد علاجاً لهذا الداء القاتل سوى حل الأممية الأولى عام 1873. القائدان التاريخيان للحركة الشيوعية، لينين وستالين عملا بعزم وحزم لا يلينان لتطهير الحركة الشيوعية من طاعون البورجوازية الوضيعة ومع ذلك فما إن رحل ستالين في مارس 1953 حتى آلت القيادة إلى البورجوازية الوضيعة في أكتوبر من ذات السنة. البورجوازي الوضيع كارل كاوتسكي يقود الأممية الثانية والحزب الإشتراكي الألماني ويعلن بكل وقاحة البورجوازية الوضيعة قائلاً .. " الرأسماليون أقرب إلي من لينين ومن البلاشفة " !! نواب الحزب الإشتراكي الألماني الذين وافقوا على إعلان الحرب في البرلمان في العام 1914 هم رفاق المرتد والبورجوازي الوضيع كارل كاوتسكي.
هزمت ألمانيا في الحرب دون أن يتعظ كاوتسكي ورفاقه من ذلك، بل العكس تماماً كانت النتيجة فقد انقلب هؤلاء الإشتراكيون من رفاق كاوتسكي ليكونوا حراساً مجرمين قتلة للنظام الرأسمالي. هؤلاء القتلة وعصاباتهم من المتطوعين لحراسة نظامهم (Freikorps) قاموا بثورة مضادة دموية وحشية وحطموا الدولة السوفياتية التي قامت في بافاريا في نوفمبر 1918 واغتالوا بخسة ونذالة تدمغان الحزب الاشتراكي الألماني موئل الخيانة للبروليتاريا وللإنسانية عبر التاريخ، اغتالوا القائدين البارزين للبروليتاريا الألمانية والأوروبية كارل ليبكنخت وروزا لكسمبورغ في 15 يناير 1919. هزمت ألمانيا ومع ذلك ظل قادة الإشتراكية العمالية ومنهم فلاديمير لينين يعتبرونها مركز وطليعة الثورة الإشتراكية رغم خيانة كاوتسكي ورفاقة في قيادة الحزب الإشتراكي. مطالبة لينين باستيلاء سوفيتات العمال والجنود وفقراء الفلاحين على كل السلطة في روسيا في نيسان 1917 لم تكن في منأىً عن قرار الأممية الثانية في بازل 1912 الذي كلف الإشتراكيين الروس بإنجاز الثورة البورجوازية استناداً إلى هشاشة البورجوازية الروسية وعجزها عن إنجاز ثورتها. عوّل لينين كثيراً على ثورة اشتراكية في ألمانيا، ومن المفترض جدلاً أن قيام ثورة اشتراكية ناجحة في ألمانيا في نوفمبر 1918 قد لعب دوراً مساعداً في انتصار البلاشفة الروس في الحرب الأهلية. كما أن هزيمتها في يناير 1919 قد لعب دوراً أيضاً في إعلان لينين على أن روسيا قد غدت مركز الثورة الإشتراكية العالمية وأن البروليتاريا الروسية قد برهنت على أنها الأكثر تقدماً في وعيها الطبقي؛ وفي هذا الإعلان نقد مستبطن لغفلة قائدي الثورة في ألمانيا كارل لبيكنخت وروزا لكسمبورغ، الغفلة التي سمحت بهزيمة الثورة وباغتيالهما على يد عصابات المتطوعين في حرس الحزب الإشتراكي. لم تميز لكسمبورغ بين الديموقراطية البورجوازية والديموقراطية البروليتارية. ليس هناك ما يحول دون اعتبار ذلك القصور في الوعي الطبقي لدى لكسمبورغ ورفيقها لبيكنخت السبب الرئيسي لما آلت إليه مصائر البروليتاريا العالمية وأخيراً الأزمة الراهنة التي يعاني منها عالم اليوم. فما عساه يكون حال العالم اليوم لو لم تنهزم الثورة الإشتراكية في ألمانيا في يناير 1919؟؟
الحزب "الإشتراكي الديموقراطي" جداً اغتال ثورة البروليتاريا الألمانية بقيادة الشيوعيين السبارتاكيين ليقيم جمهوريته الديموقراطية، جمهورية فيمار 1919 ــ 1933. حكومة هذه الجمهورية الهجينة استخدمت كامل قواها القمعية ضد البروليتاريا وسحقت ثورتين بروليتاريتين أخريين في عامي 21 و 23 ، وانعكس كل ذلك القمع الطبقي بتراجع التنمية واستمرار نسبة نموها في السالب دون انقطاع وهو ما انعكس في تضخم نقدي مريع حيث غدا عشرات ألوف الماركات في العام 1923 لا تساوي ماركاً واحداً في العام 1919 والذي بات يساوي عشرات ملايين الماركات في نهاية العشرينات مما اضطر الحكومة إلى سك المارك الجديد وقد وصلت نسبة البطالة إلى ما يزيد على 30% من قوى العمل. في انتخابات العام 1933 سلّم قادة الحزب الإشتراكي الديموقراطي الذين ما زالت أيديهم ملطخة بدماء عشرات الألوف من طلائع البروليتاريا، سلموا السلطة للحزب النازي بقيادة أدولف هتلر الذي كان يؤكد أن رسالته الإجتماعية الأولى هي اجتثاث الشيوعية.
ثمة جديد في الحركة النازية لم يسبق أن أشار إليه باحث في حدود ما نعلم. وضع النازيون أيديهم على حقيقة تقول أن التنمية الرأسمالية تقود حتماً إلى الشيوعية؛ ولذلك ليس من خطة لاجتثاث الشيوعية دون التخلي نهائياً عن التمنية الرأسمالية. من هنا كان برنامج هتلر يتلخص في إعادة العالم إلى ما قبل الحضارة عندما كانت القبائل أو التجمعات السكانية تكسب عيشها عن طريق الحروب ونهب ثروات الأمم الأخرى، ولذلك أعلن هتلر الرايخ الثالث لألف عام وسيادة الجنس الآري ولم يخفِ عداءه للنظام الرأسمالي وكان يفاخر في أن أسباب نجاح حزبه هي عدم امتلاك برنامج اقتصادي وعدم التقيد بأية خطة اقتصادية. كل هذه الشروط لا تتوفر إلا في دولة بطريركية عنصرية تعتاش على ما تنهبه من الشعوب الأخرى بوساطة الحرب دون أن تمارس نمطاً معيناً من الإنتاج وهي أشبه ما تكون بالدولة الرومانية وبالخلافة العربية والعثمانية التي كانت تتوسع بالإحتلال لتصنع خبزها من دماء الشعوب الأخرى. كذلك كان برنامج الفوهرر إذ جند كل قوى العمل المتاحة في الصناعات العسكرية؛ دفع بكل العمال العاطلين عن العمل وعددهم يزيد عن 6 ملايين إلى العمل في الصناعات العسكرية وبذلك ازدادت نفقات الدولة دون أية مداخيل بالمقابل حيث لا تذهب المصنوعات العسكرية إلى المبادلة في السوق، الأمر الذي استأنف التضخم النقدي بالمارك الجديد وبحدة أشد. العلاج الوحيد لمثل ذلك النمط من الإقتصاد هو احتلال البلدان الأخرى ونهب ثرواتها وهو ما فعله هتلر باحتلال النمسا بداية ثم باحتلال منطقة واسعة من تشيكوسلوفاكيا (السوديت) وقام بخرق اتفاقيات ميونخ مع بريطانيا وفرنسا في سبتمبر 38 واحتل محميتهما بولندا في سبتمبر 39 وهو ما أثار الحرب العالمية الثانية. في الحرب تمكنت الجيوش النازية والفاشية من احتلال كامل القارة الأوروبية باستثناء سويسرا المحايدة والاتحاد السوفياتي الشيوعي. منذ إعلان الحرب في الأول من أيلول 1939 وحتى الإعتداء على الاتحاد السوفياتي في 22 حزيران 1941 عاش الشعب الألماني في بلهنية لم يعرف مثلها أبداً من قبل إذ كانت جيوشه الغازية تنهب ثروات الأمم الأخرى وتوزعها للإستهلاك على الشعب الألماني. ما نود أن نؤكده في هذا السياق هو أن الإقتصاد النازي ليس كما وصف بصورة عامة على أنه إقتصاد الإحتكارات الرأسمالية الذي يصب في نهاية الأمر في طاحون البروليتاريا، بل هو اقتصاد الإمبراطوريات القديمة القائم على الغزو والنهب. فالنهب الإمبريالي يحتفظ بحد أدنى من أشكال العدالة والديموقراطية طالما أنه يتحقق من خلال مبادلة السلع المصنعة بالمواد الأولية مبادلة غير عادلة، أما النهب النازي فهو مصادرة ثروات الشعوب الأخرى بمختلف أشكالها وبدون أدنى مقابل.
الخريطة العامة التي رسمها هتلر لنفسه كما في مخططه النازي ترسم كل العالم امبراطورية من العبيد يعملون في خدمة الإمبراطور الآري. وكان هتلر قد عبّر عن مثل هذه الأطماع في اقتراحه على ستالين أثناء محادثات اتفاقية عدم الإعتداء مولوتوف ــ ربنتروب في أغسطس آب 1939 يعرض فيه تطوير إتفاقية عدم الإعتداء لتكون تحالفاً بين الدولتين يستهدف احتلال بريطانيا واقتسامها مع مستعمراتها بين الطرفين. ما يُرجّح هو أن إهمال ستالين لاقتراح هتلر هذا، وكأنه لم يكن ولم يسمع به، هو ما دفع هتلر إلى احتلال بولندا بعد أسبوع واحد من توقيع اتفاقية عدم الإعتداء توطئة لاحتلال الإتحاد السوفياتي رغم أنه كان قد تعهد في مؤتمر ميونخ 1938 لكل من بريطانيا وفرنسا بالمحافظة على سيادة واستقلال بولندا. احتلال بولندا استوجب من بريطانيا وفرنسا إعلان الحرب الصوتية (Phony War) على ألمانيا. أعلنت الحرب في الأول من سبتمبر 1939 لكنها لم تبدأ فعلياً إلا بعد تسعة شهور في 10 مايو 1940 حين شنت ألمانيا هجوماً كاسحاً على فرنسا بعد أن تجمعت فيها جيوش الحلفاء البريطانية والفرنسية والبلجيكية. لم تقاوم جيوش فرنسا أكثر من خمسة أيام وسقطت باريس بعد خمسة أسابيع وتشتت شمل الحلفاء وحوصرت الجيوش البريطانية في منطقة دنكرك وهربت مهزومة لا تلوي على شيء عبر المانش . في الواقع أن مواجهة الحلفاء للجيوش الألمانية على أرض فرنسا لم تكن معركة حقيقية بقدر ما كانت هروباً من المواجهة انتهت بهروب جيوش بريطانيا العظمى من دنكيرك. وفي حال اعتبار تلك المواجهة معركة حقيقية فستكون إذّاك المعركة الوحيدة التي خاضها الحلفاء الغربيون ضد ألمانيا، حيث أن الجيوش البريطانية والجيوش الأميركية ومعها فلول الجيوش الفرنسية انشغلت طيلة الحرب بمحاربة جيوش إيطاليا المتخلفة (30 فرقة) في شمال أفريقيا وسواحل أوروبا الجنوبية. ترتب على تلك المواجهة البائسة احتلال هتلر لكل القارة الأوروبية وهو ما أضاف لقوة ألمانيا الحربية قوة هائلة أخرى.
فيما قبل الثاني والعشرين من حزيران 1941 بدا مشروع الرايخ الثالث لألف عام قيد التحقق وفي متناول يد هتلر. فبريطانيا لا حول لها ولا قوة، ترتجف مذعورة وراء المانش تنتظر غزواً هتلرياً عاصفاً ليس بوسعها مقاومته، والاتحاد السوفياتي محيّداً، والولايات المتحدة معزولة وغير معنية بقضايا العالم القديم. ماذا لو لم يصغِ هتلر إلى شيطان التهوّر وإلى تروتسكي ويوجه جيوشه المؤلفة من مائتي فرقة نحو الغرب لاحتلال بريطانيا بدلاً من الشرق للهجوم على الإتحاد السوفياتي؟ هل ثمة من شك في أنه كان سيحتل بريطانيا دون عوائق ذات شأن؟ كان تشرتشل في رسائله الكثيرة لستالين يعترف بأن الجيوش البريطانية حتى ومعها الجيوش الأميركية ليس بمقدورها مواجهة جيوش ألمانيا على الإطلاق وهو ما ثبت عملياً في تطويق كامل قوى الإنزال النورماندي في جبال الآردنز من قبل عشرين فرقة ألمانية فقط لا غير في يناير 1945. أما كان يعني احتلال هتلر لبريطانيا سقوط حوض البحر المتوسط في قبضته وصولاً إلى منابع النفط في العراق وإيران بدل خطته "بربروسا" التي اقتضت احتلال روسيا وأوكرانيا وصولاً إلى منابع النفط في القفقاس؟ ما من شك في أنه لو لم يصغٍ هتلر إلى شيطانه المتهور بأذنه اليمين وإلى تروتسكي بأذنه اليسار لكنا اليوم نعيش في عالم مختلف تماماً، لربما كان كما في خريطة هتلر، عالم من العبيد يكدحون لخير ورفاه الرايخ الثالث لقرون طويلة قادمة قال هتلر أنها عشرة قرون، ولربما عالم شيوعي متحرر من كل قيود العبودية حتى الرأسمالية منها، هذا إذا ما قام الإتحاد السوفياتي بقطع الطريق على هتلر بعد احتلال بريطانيا والقضاء عليه قبل وصوله إلى شرق المتوسط. إما هذا أو ذاك ولكن بالتأكيد ليس في العالم الذي نعيش فيه والماثل أمامنا اليوم .
أُغوِيَ هتلر وتوجه بكل جيوشه (180 فرقة) نحو الشرق في 22 حزيران 1941 ليحتل موسكو قبل حلول فصل الشتاء. منذ ذلك الإنقلاب الصيفي بدأ هتلر يصحو من حلمه الغبي وبدأ يتعرّف على طبيعة النظام الإشتراكي وقواه التي لا قاع لها. لقد جند كل قوى ألمانيا النازية وقوى القارة الأوروبية بمجملها واستنفذت قبل وصولها إلى موسكو. في مساء السادس من نوفمبر وكانت جيوش هتلر تبعد عن موسكو 40 ميلاً فقط وقف ستالين يحتفل بذكرى ثورة أكتوبر الرابعة والعشرين ويهدد بالقول .. " أرادها هتلر حرب إبادة فليتلقَ إذاً " وفي صباح السابع من نوفمبر استعرض ستالين قطعات من الجيش الأحمر في الساحة الحمراء وأعطى أوامره بتوجهها رأساً إلى ساحة المعركة. في ذلك الشتاء الموعود لقنت الدولة السوفياتية هتلر درساً قاسياً وأنزلت بجيوشه الجرارة المحيطة بموسكو أول هزيمة تتلقاها في الحرب العالمية الثانية. وفي الشتاء التالي 1942 تعرض هتلر لأقسى هزيمة في ستالينغراد. وفي الثامن من أيار 1945 هدم الجيش الأحمر الرايخستاغ على رأس هتلر ورفع الجندي السوفياتي عبد الحكيم اسماعيل علم المطرقة والمنجل على قبة الرايخ.
إذاً من حال دون تحقيق خريطة هتلر، خريطة الرايخ الثالث لألف عام، هو الجيش الأحمر بقيادة ستالين تحديداً وهو ما أكده ونستون تشيرتشل في رسالته لستالين في السادس من إبريل 1943 إذ قال .. " أنا أعي تماما العبء الهائل الذي تتحمله الجيوش الروسية ومساهمتها التي لا توازيها أية مساهمة أخرى في العمل لقضيتنا المشتركة "، كما أكد في مؤتمر طهران وفي مؤتمر يالطا وعيناه تدمعان .. " أول ما أقوم به بعد أن أستيقظ كل صباح هو الصلاة للرب بأن يحفظ ستالين سالماً معافى لأنه الوحيد القادر على توطيد السلم في العالم ". عالم النصف الثاني من القرن العشرين هو عالم ما بعد الحرب (Post-war World) وهو ما يعني أن جغرافيته السياسية رسمتها الحرب التي قرر نتائجها الجيش الأحمر بقيادة ستالين. كل التغيّرات العميقة والنوعية التي حدثت في العالم، عالم ما بعد الحرب، إنما هي من تداعيات نتائج الحرب. خروج الإتحاد السوفياتي من الحرب كأقوى قوة في الأرض بعد انهيار أكبر إمبرطوريتين إستعماريتين في العالم، بريطانيا وفرنسا، في مواجهة ألمانيا الهتلرية هيأ الظروف المؤاتية لتفجر ثورة التحرر الوطني في العالم في حماية المظلة السوفياتية، فتحررت كافة الدول المستعمرة في العالم فيما بين العام 1946 والعام 1972 وأعلنت لجنة تصفية الإستعمار التابعة للأمم المتحدة انتهاء الإستعمار نهائياً من كل فجاج المعمورة في العام 1972 وهو ما اقتضى انحلال اللجنة. مراكز النظام الرأسمالي نفسها وجدت إذاك أن نظامها الرأسمالي في الإنتاج لم يعد يعمل بعد أن فقدت محيطاتها حيث كانت تتخلص من فائض إنتاجها. إنسداد دورة الإنتاج الرأسمالي اقتضى بالضرورة التخلي عن هذا النظام الأمر الذي عالجته الدول الخمس الغنية (G 5) في أول مؤتمر لها في قلعة رامبوييه/باريس في نوفمبر 1975 واتخذت قرارات منافية للنظام الرأسالي وتطعنه في الصميم، أهمها تثبيت قيمة عملاتها في أسواق الصرف وهو ما يعني مباشرة انحلال عملاتها من أية أغطية لها، وفي هذا القرار الغريب طعنة قاتلة للنظام الرأسمالي حيث يعتمد إنتاجه البضاعي على مبادلته في السوق بقيمته من النقد الحقيقي. إعلان رامبوييه سلخ عملات الدول الخمسة المشاركة من كل غطاء حقيقي وترك كفالتها عائمة جرّاء تحول الدول الخمسة الغنية إلى مضاربين في أسواق العملات فلا يسمح هؤلاء المضاربون بسقوط أي من عملاتهم من خلال الإسراع بشراء الكميات اللازمة منها في أسواق المال. هذا ليس كفالة بل هو استنفاذ بطيء لقيمة العملات؛ ولذلك تضاعف سعر برميل النفط خلال العقود الأربعة الأخيرة عشرين ضعفاً وسعر أونصة الذهب تضاعف 40 ضعفاً. تعهد الدول الخمسة بضمان أسعار عملاتها في البورصات لا تشكل كفالة مليئة؛ فسعر البضاعة لا يدل على القيمة دائماً وخاصة إذا دخل السوق مضاربون كبار بحجم الدول الغنية الخمسة. إعلان رامبوييه نعى وفاة النظام الرأسمالي وأسس لإقامة مجتمع الطبقة الوسطى الطفيلية. تلاشت الدولة الرأسمالية في كافة مراكز الرأسمالية وحلت محلها دولة الطبقة الوسطى أو ما سمي بدولة الرفاه (Welfare State). الدولة الرأسمالية كانت تستغل شعبها قبل الشعوب الأخرى وبذلك تراكم الثروة، أما دولة الطبقة الوسطى، دولة الرفاه، فهي تحدب على رفاه شعبها على حساب الشعوب الأخرى وتراكم الديون. لذلك ترى الدول الأكثر رفاهاً هي الأكثر مديونية في جدول الديون الدولية الصادر عن صندوق النقد الدولي، فالولايات المتحدة وبريطانيا يحتلان المركزين الأول والثاني في جدول الديون وقد أخذت ديونهما الفلكية تشكل أكبر خطر يهدد أمن وحياة شعوب العالم. وها هو العالم اليوم يكابد انهيارات نقدية واقتصادية كبرى لا منجاة منها.
مشروع لينين في الثورة الإشتراكية العالمية المتجسد بقيام الإتحاد السوفياتي هو ما حال دون تحقيق هتلر لطموحاته العنصرية المتخلفة، مشروع الرايخ لألف عام، وهو ما سمح بتفجير ثورة التحرر الوطني وتحرير كافة المستعرات من ربقة الإستعمار الذي أدى إلى انهيار النظام الرأسمالي. لكن كل ذلك ما كان لينتهي لمثل ما انتهى إليه اليوم لولا الآثار السلبية القاتلة التي خلفتها الحرب على المجتمع الإشتراكي السوفياتي. فناهيك عن تدمير العمران الذي لحق بالبلاد السوفياتية واستنفاذ الثروات التي راكمتها الدولة السوفياتية خلال عقدين، وعن الخسائر الفادحة جرّاء تحويل الصناعة من الصناعة المدنية إلى الصناعة العسكرية، ناهيك عن كل هذا فقد لعب العدوان الهتلري على الإتحاد السوفياتي دوراً حاسماً في الصراع الطبقي المحتدم بين البروليتاريا من جهة والبورجوازية الوضيعة من جهة أخرى. الحرب التي قررت مصير الإتحاد السوفياتي ومكنته من الإنتصار على النازية أنتجتها شريحتان رئيسيتان من البورجوازية الوضيعة، الجنود الذين قاتلوا العدو في المقدمة والفلاحون في المؤخرة الذين موّنوا الجنود. في الحرب الطاحنة التي استمرت أربع سنوات وقررت مصير المشروع اللينيني تراجع دور البروليتاريا وتقدم عليه دور البورجوازية الوضيعة بشقيها الرئيسيين، الجنود والفلاحين. فيما بعد الحرب كانت سياسة ستالين إبعاد العسكر عن مراكز صنع القرار دون الحد من تطوير القدرات العسكرية خاصة وأن الولايات المتحدة كانت قد استخدمت القنبلة الذرية في اليابان، ومن جهة ثانية بدأ ستالين يستعد لمحو طبقة الفلاحين نهائياً خلال بضع سنوات وكانت الخطة الخماسية التي أقرّت في المؤتر العام للحزب في أكتوبر 52 تقضي بقصقصة الريش في أجنحة الفلاحين. لو عاش ستالين ثلاث سنوات أخرى فقط حتى اكتمال إنجاز الخطة الخماسية، التي عطّلها خروشتشوف والعسكر في أكتوبر 53، لما سمحت البروليتاريا السوفياتية للبورجوازية الوضيعة باغتصاب سلطتها والرجوع عن الإشتراكية كما جرى منذ العام 54 وحتى السقوط المدوي للإتحاد السوفياتي في العام 91. التراجع عن الثورة بدءاً من قيام العسكر بحمل خروشتشوف إلى منصب الأمين العام للحزب الشيوعي في العام 54 أفضى إلى انهيار النظام الرأسمالي لصالح الطبقة الوسطى وليس لطبقة البروليتاريا كما يحكم مسار التاريخ. كما أفضى أيضاً إلى فشل ثورة التحرر الوطني العالمية وانهيار المشاريع الإقتصدية المستقلة في الدول المتحررة حديثاُ في العالم الثالث، وانحطت الدولة فيها بالتالي من دولة البورجوازية الكبيرة الدينامية إلى دولة البورجوازية الوضيعة التي لا تمتلك أية خطط تنموية حيث أن وسيلتها المعتمدة للإنتاج هي حصراً خدماتية. المرتدون السوفيات شنوا هجوماً عنيفاً على الحزب الشيوعي الصيني وصل حد الإعتداءات العسكرية على الحدود وهو ما ساعد دنغ هيساو بنغ الموصوف بخروشتشوف الصين بقيادة انقلاب على الحزب وعلى الإشتراكية في أكتوبر 76 وقيادة الصين إلى ما وصلت إليه الآن كمساعد للبورجوازية الوضيعة الأميركية في نهب العالم وكذلك العمال والفلاحين الصينيين.
عالم اليوم تحكمه الطبقة الوسطى، طبقة البورجوازية الوضيعة، من أقصاه إلى أقصاه، تستنزفه ولا تضيف إليه شيئاً؛ عالم لا ينتظره إلا السقوط في هوّة لا قرار لها حفرتها الولايات المتحدة والدول الخمس الغنية بحفار الدولار المفرغ من كل قيمة. ما يثير الحنق والغيض الممزوجين بالإزدراء هو أن المفلسين سياسياً والمتخلفين فكرياً ما انفكوا يتحدثون بلغة خمسينيات القرن الماضي، لغة الرأسمالية والإمبريالية والتحرر الوطني، وكأن النصف الثاني من القرن العشرين بكل منعرجاته وأحداثه العميقة لم يكن ولم ينقضِ !!
فؤاد النمري www.fuadnimri.yolasite.com
#فؤاد_النمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- المسألة الستالينية - !!
-
العدو الرئيسي للعمل الشيوعي اليوم
-
الحزب الشيوعي اللبناني يطلّق الماركسية
-
ثورة أكتوبر لم تفشل
-
- حفّار التاريخ - يسأل أسئلة صعبة
-
صيحة الديموقراطية الكاذبة
-
البورجوازية طبقتان متايزتان (في البورجوازية العربية)
-
الليبراليون لا يعرفون معنى الليبرالية (الحرية)
-
تنويراً لأنصاف الماركسيين
-
ليس في الماركسية ما يفشل ... لماذا؟
-
الإشتراكية السوفياتية ليست رأسمالية الدولة
-
رسالة من ستالين إلى الرئيسين روزفلت وتشرتشل
-
الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (5)
-
الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (4)
-
الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (3)
-
الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (2)
-
الرسائل الثلاث ودلالاتها . . .
-
الرسالة الثانية . . ردٌّ على ردّ
-
جواب قيادة الحزب الشيوعي الأردني على رسالتي
-
رسالة قديمة إلى قيادة الحزب الشيوعي الأردني
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|