أليس المال المنهوب من أموال الشعب، وحقا لخزينة الشعب.....1
محمد الحنفي
الحوار المتمدن
-
العدد: 8134 - 2024 / 10 / 18 - 02:25
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
إن الاشتغال على النهب، من خلال ممارسة مسؤولية معينة، يعتبر جريمة في حق الشعب المغربي. والناهب، لا يمكن أن يكون شيئا آخر، غير كونه ناهبا، والنهب، لا يكون إلا من أموال الشعب المغربي، التي ترصد للمشاريع المختلفة، التي ترصد الدولة قيمتها، من خزينة الشعب، لتصير تلك القيمة مستهدفة بالنهب الكلي، أو الجزئي. وكل المسؤولين الذين يتباهون بالنهب، وما حصدوه من أموال بالنهب، والنهب سيد الموقف، وسيد تكوين البورجوازية المغربية، وسيد تكوين الإقطاع المغربي، وسيد تكوين التحالف البورجوازي الإقطاعي المغربي المتخلف، وسيد اختلال التوازنات المختلفة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
وإذا اختفى النهب بموجب القانون، فإن الناهبين يعودون إلى واقعهم الأصلي. ونحن عندما نواجه الناهب، نجد أنفسنا، وجها لوجه مع الناهبين، الذين ينهبون ليل نهار، ومن أجل أن يصيروا من الأثرياء الكبار، لا بإقامتهم مؤسسات إنتاجية، تشغل الآلاف من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؛ بل بانخراطهم في شراء العقار الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.
وما يهمنا هنا: أن النهب، الذي لا يكون إلا من أموال الشعب، هو حق لخزينة الشعب. وما دام الأمر كذلك، فإن على الدولة، أن تضع يدها على أموال كل الذين أثروا من النهب، باعتبار ما صار لهم، هو من أموال الشعب، وهو للشعب، وليس لأي فرد من أفراد الشعب. والملكية التي صارت غير مشروعة، فإنها تؤول: جملة، وتفصيلا، إلى الشعب، عن طريق تحويلها إلى خزينة للشعب، لترصد مرة أخرى، إلى المشاريع التي يستفيد منها الشعب؛ ولكن هذه المرة، لا يمكن أن تتعرض للنهب الجزئي، أو الكلي، كما حصل في المرة السابقة، بل إن الدولة، قد أقرت وضع قانون:
من أين لك هذا؟
وعملت على تفعيله، في مختلف المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أن يتم استرجاع كل الأموال المنهوبة، إلى خزينة الشعب، التي توظف أموالها، لإيجاد مشاريع اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، في خدمة الشعب.
والمال المنهوب، عندما يصير من أموال الشعب: جملة، وتفصيلا، مهما كان، وكيفما كان، فإن على المسؤولين: أن يعملوا على استرجاعه إلى خزينة الشعب؛ لأن كل واحد، مهما كان، وكيفما كان، إذا كان مسؤولا، عليه أن يدلي في بداية تحمله للمسؤولية، بكل ممتلكاته، قليلة كانت، أو كثيرة، حتى لا تدخل في إطار ما تسترجعه الدولة لخزينة الشعب، التي صارت تسعى لتفريخ البورجوازيين، والإقطاعيين، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، الأمر الذي يجب أن يتم الوقوف عنده، لمعرفة الأسباب، التي تؤدي إلى ممارسة النهب، من أجل أن يصير الناهب بورجوازيا، أو إقطاعيا، أو تحالف بورجوازي إقطاعي متخلف، فإن على الدولة أن تعمل على إنشاء هيأة تشبه إلى حد كبير، المجلس الأعلى للحسابات، تكون مهمته: تفعيل قانون:
من أين لك هذا؟
بالنسبة للأفراد الأثرياء، الذين لا أصل لثرائهم، والذين اشتهروا بنهب الثروات العامة، والارتشاء، أو التمتع بامتيازات الريع المخزني، أو الاتجار في الممنوعات، أو التهريب، من، وإلى المغرب، سعيا إلى جعل الثراء غير المشروع، في الواقع المغربي، منعدما، أو يكاد يكون منعدما، لا لأننا نرى أن السؤال:
من أين لك هذا؟
لا بد أن يكون له أثر في الواقع المغربي.
وإذا اعتبرنا النهب مصدرا للثراء غير المشروع، فإن على الذين يتحملون المسؤوليات المختلفة، أن يتجنبوا أن يصيروا أثرياء بطريقة غير مشروعة، وخاصة، عن طريق النهب، الذي لا يتم إلا من أموال الشعب. وأموال الشعب لا تقع بين أيدي المسؤولين، إلا باعتبارهم أمناء عليها. والأمين، هو من لا نتصور أنه ينهب. فإذا قام بالنهب، فعلى الدولة أن تسحب من بين يديه المشاريع، التي تقع تحت مسؤوليته، وأن تلغي تكليفه بالمسؤولية، وتعين مسؤولا أخر، يتصف بحفظ الأمانة. وإذا تمت مناقشة عملية النهب، التي أقيل بسببها، فإن عليه أن يتحمل مسؤولية ما جرى.
وإذا تعلق الأمر بالمسؤولين عن الجماعات الترابية، فإن الإخلال بمسؤولياتهم، لا يمكن أن يعني إلا إقالتهم من مسؤولياتهم، ويستدعى أعضاء الجماعة الذين انتخبوه، لانتخاب رئيس جديد، مسؤول عن الجماعة، على أساس مناقشة عملية النهب، التي أقيل بسببها، حتى يدرك أن النهب، يمكن أن يؤدي إلى إقالة أي رئيس، يحل محله، أو أن أي مسؤول سلطوي، في إدارة السلطة المغربية، يضع تحت مسؤوليته المشروع الممول، من أموال الشعب المغربي، إذا لم يكن أمينا عليها.
والأمانة، تقتضي أن يحافظ عليها المسؤول، أي مسؤول، مهما كان، وكيفما كان، وفي أي مكان من المغرب، وأن أن يعتبرها مقدسة، شاء، من شاء، وكره، من كره، حتى تتحقق على أرض الواقع، وبجودة عالية.
فما هو النهب؟
وهل يصير الناهب ثريا بطرق غير مشروعة؟
وما هو الفرق بينه وبين الارتشاء؟
ولماذا النهب من أجل الإثراء؟
أليس ذلك سببا في تخلف هذا الوطن، الذي نعيش فيه؟
أليس وسيلة تحول دون تقدم الشعب المغربي، وتطوره؟
وما هي العقلية التي تحكم الناهبين؟
وما مصير المشاريع المنهوبة جزئيا أو كليا؟
ومن هو الناهب الذي يصير ثريا بطرق غير مشروعة؟
وما هو الفرق بينه وبين الثري، الذي يحصل على الثروة، بمشروعية اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية؟
وفي ماذا يوظف الناهب الثروات التي ينهبها؟
ولماذا لا يوظفها في إيجاد مشاريع صناعية، وزراعية؟
وهل يقبل الناس التعامل مع الناهب، الذي يصير ثريا؟
ولماذا؟
وهل يمكن التخلص من النهب؟
وما هي العوامل التي تجعل النهب مختفيا، وإلى الأبد، من الواقع؟
وما العمل من أجل أن تصير الجماعات الترابية المغربية بدون نهب؟
وهل يمكن أن نعتبر ما يكسبه الناهبون من ثروات، وسيلة للتقدم، وللتطور؟
وهل يمكن أن نحقق شعارا جماعاتيا، وبإرادتنا، بدون نهب، حتى نتقدم، ونتطور، كباقي الشعوب المتقدمة، والمتطورة؟
ولماذا نجد أن الضرورة، تقتضي محاربة النهب؟
إن النهب، هو النهب، باعتباره تصرفا غير مشروع، في الأموال التي يستأمن عليها المتصرف المسؤول عنها، مما يعتبر إخلالا بحفظ الأمانة، وعدم ضياعها: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا؛ لأن التقدم، والتطور، قائم على حفظ الأمانة، كما هو قائم على صرف الأموال، المؤمن عليها، فيما رصدت له، وبإخلاص، حتى يقف المسؤولون، في مستوياتهم المختلفة، وراء التقدم، والتطور، ووراء ازدهار الوطن، والشعب، ووراء تحرير الإنسان، والأرض، والاقتصاد، من العبودية، ومن الاحتلال الأجنبي، ومن التبعية، ومن خدمة الدين الخارجي.
وحفظ الأمانة، وعدم التصرف فيها، لا يقوم به إلا مسؤول وفي لعمله، مهما كان، وكيفما كان هذا العمل، مما يجعل حفظ الأمانة، من إخلاص المسؤول إلى دولته، وإلى الشعب الذي ينتمي إليه، وفي مهمته، التي يمارسها على جميع المستويات. وهذا الإخلاص، لا يهم المسؤولين فقط، وإنما يهم كذلك المسؤولين عن التنفيذ، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، مما يجعل حفظ الأمانة، جزء لا يتجزأ من التربية المؤدية إلى بناء شخصية سليمة، لا يهمها إلا بناء الوطن، والنهوض به، كما لا يهمها إلا سعادة الشعب، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، حتى يصير عدم إخلاص المسؤولين إلى الوطن، وإلى الشعب، في ذمة التاريخ، من أجل العمل على تقدم الشعب المغربي، وتطوره، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهو ما يقتضي القول: بأن تقدم، وتطور الأوطان، والشعوب بيد المسؤولين، الذين قد يكونون مخلصين للشعب، وللوطن، فيتقدم، ويتطور الشعب، والوطن. وقد يكونون غير مخلصين للشعب، والوطن، فتتدهور حالة الشعب، وحالة الوطن.
والفرق بين النهب، والارتشاء، أن النهب يستهدف الاستيلاء على أموال الشعب، جزئيا، أو كليا، ليبقى الشعب محروما من المشاريع، التي تخدم مصالحه: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يحافظ على تخلفه، ومن أجل أن لا يتعمق ذلك التخلف، مقابل الثراء الفاحش، الذي يصير بيد المسؤولين، في مستوياتهم المختلفة، وكأن المسؤولين، من حقهم أن يتصرفوا في الأمانة، كيفما شاء لهم التصرف فيها، فينهبونها كليا، أو جزئيا، بعد إعداد الأوراق التي تؤكد: أن المشروع قد تم إنجازه، وبجودة عالية، كليا، أو جزئيا.
أما الارتشاء، فيستهدف ما بجيوب المواطنين، أو ما يعلق بها، حتى يذهب كل شيء إلى جيوب الموظفين، أو المستخدمين في أجهزة الجماعة الترابية، أي جماعة ترابية، أو في أجهزة الدولة الفاسدة، التي من علامات فسادها، فساد إدارتها، وفساد موظفي إدارتها، مما يجعل الارتشاء، هاجسا يحكم الموظفين، في مختلف الإدارات الجماعاتية، والدولتية.
وهذا الفرق القائم بين النهب، والارتشاء، نجد أنهما لا يختلفان إلا في مصدر الثراء:
هل هو المشاريع؟
هل هو جيوب المواطنات، والمواطنين؟
ففي النهب، تستهدف المشاريع، وفي الارتشاء، تستهدف جيوب المواطنات، والمواطنين.
والنهب، عندما يمارسه مسؤول مؤتمن على المشروع، وعلى أي مشروع آخر، مهما كان، وكيفما كان، فإن الغاية منه، هي تحول المسؤول، من إنسان لا يملك إلا راتبه، الذي يتلقاه في أخر كل شهر، إلى صاحب ممتلكات، بسبب النهب الجزئي، أو الكلي، الذي يمارسه على أي مشروع، أو على المشاريع التي تقع تحت إشرافه، مما حوله إلى ثري كبير، لا يعرف حدودا للثراء، وقد يراجع موقفه من النهب، فيصير مقتنعا بأجرته العادية، في أخر كل شهر، ولا ينهب ما يرصد للمشروع، أو للمشاريع التي تقع تحت تصرفه، ليصير بذلك نزيها، ووفيا لمهمته التي ينجزها، من خلال المسؤولية، التي يمارسها لدولته، وللشعب المغربي، الذي يصير في طريقه إلى التقدم والتطور.
والنهب، الذي يمارسه المسؤولون، هو الذي يقف إلى جانب إنتاج التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي أصبح يلازم الشعوب، ويصير ملازما لها، ولا يعتبر أبدا من طبيعتها؛ بل إن ما يمارس من نهب للمشاريع المختلفة، التي تنهبن فلا يستفيد الشعب منها، ولا تصير، أبدا، في خدمته، فلا يتقدم، ولا يتطور. ويصبح التقدم، والتطور، مرتبطان بإنجاز المشاريع، التي تقرر: إما على مستوى الجماعة، أو على المستوى المركزي، فيتقدم الشعب، ويتطور، إذا كان المسؤولون أو فياء للشعب المغربي، أو يتخلف، ويتراجع، إذا كان المسؤولون، لا يرون إلا أنفسهم، ولا يهتمون بغيرهم.
وكذلك الأمر، بالنسبة للمشاريع، التي يتم نهبها جزئيا، أو كليا، فتقف وراء التخلف الذي أصبح سائدا: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، فيوصف الشعب، أو الوطن، بأن التخلف ملازم له، ولا أحد يذكر: بأن المشاريع تم نهبها، لتنتج لنا ما نراه من تخلف: اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي. فالتقدم، والتطور، ينتجه المسؤولون الأوفياء، والتخلف، والتراجع، ينتجه المسؤولون، الذين لا يعرفون للوفاء طريقا. والشعوب، والأوطان، تبقى ضحية النهب، الذي يمارسه المسؤولون، الذين لا يعرفون للوفاء طريقا. والدولة المغربية لا تحاسب المسؤولين، ولا تطرح على كل واحد أو كل واحدة منهم، ومنهن السؤال:
من أين لك هذا؟
مع أن هذا السؤال، يفرض نفسه، نظرا لتفاقم الأمور: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.
والعقلية التي تحكم الناهبين، هي عقلية التخلف، التي تقتضي، بأن يصير العام، في خدمة الخاص، بينما كان يجب أن تكون لديهم عقلية التقدم، والتطور، التي تقتضي بأن يصير الخاص، كل خاص، في خدمة العام؛ لأن ذلك، هو الذي يؤدي إلى التقدم، والتطور، الذي يمكن أن يعرفه أي شعب. أما عندما يصير العام في خدمة الخاص، فإن التخلف، والتراجع، هو الذي يسود، فيتخلف الشعب، ويتراجع، ويتخلف الوطن، ويتراجع إلى الوراء.
ومصير المشاريع المنهوبة جزئيا، أو كليا، هو النسيان، ويتم تقريرها من جديد، فينهبها نفس المسؤولين، أو ينهبها مسؤولون آخرون، ولا أحد يبحث في الأرشيف، فيجد أنه تم تقرير المشاريع المذكورة مرة، أو مرتين، وتم رصد قيمتها من أمول الشعب المغربي، ولم تنجز، فتحاسب المسؤولين عن النهب، حتى وإن كانوا أمواتا؛ لأن عقبهم، الذين ورثوا ثروته، لا زالوا قائمين. ولذلك، كان يجب وضع قانون:
من أين لك هذا؟
منذ استقلال المغرب، لحماية ثروة الشعب من النهب، حتى تنجز كافة المشاريع، التي يتم تقريرها على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؛ لأن الشعب لا يختار التخلف، والتراجع، ولا يختار أن يكون متخلفا، ومتراجعا. والوطن لا يختار التخلف، والتراجع، ولا يختار أن يكون متخلفا، ومتراجعا؛ لأن المسؤولين، في مستوياتهم المختلفة، الذين يقررون التقدم، والتطور، وهم الذين يقررون التخلف، والتراجع.
والناهب، لا يمكن أن يصير إلا ثريا، بطرق غير مشروعة، باعتباره مسؤولا، يقع تحت مسؤوليته، ما تم تقريره من مشاريع: اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، فينهب منها ما شاء، جزئيا، أو كليا، ليصير ثريا بالنهب غير المشروع، الذي يمارسه كليا، أو جزئيا، فيصير سببا في تخلف منطقة بأكملها، وكأنها لا تنتمي إلى هذا الوطن، وكأن الشعب لا يفكر، وكأن تفكير الشعب، لا ينتج إلا التخلف، الذي يلحق الأضرار الكبيرة بالشعب نفسه.