بوب أفاكيان – الثورة عدد 83 :تصويت - الناس - ليس الطريقة الأساسيّة التي تقرّر بها الأشياء في ظلّ هذا النظام الرأسمالي


شادي الشماوي
الحوار المتمدن - العدد: 8105 - 2024 / 9 / 19 - 23:21
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

هذا بوب أفاكيان – الثورة عدد 83 .
إنّه لواقع أنّ سياسات هذا النظام – الذى يزعم كثيرا أنّه " ديمقراطيّة " رأسماليّة – تسمح للناس عادة بالتصويت . لكن إليكم شيء حيويّ : لمن يصوّتون أمر لا يقرّره الناس – تُقرّره الطبقة الرأسماليّة الحاكمة من خلال ممثّلين سياسيّين ( في هذه البلاد ، الحزبان الديمقراطي و الجمهوري ) . أجل ، يعرف هذان الحزبان " انتخابات أوّليّة " من خلالها يختاران مرشّحيهما لسباق " الانتخابات العام " – إلاّ أنّ هذه الانتخابات الأوّليّة ، كذلك ، تُهيمن عليها و تتحكّم فيها الطبقة الحاكمة و قادة أحزابها السياسيّة . عندما يُصوّت الناس ، يُصوّتون للمترشّحين سيُمثّلون مصالح الطبقة الرأسماليّة الحاكمة – مرشّحين أُختيروا من خلال سيرورة تسيطر عليها و في نهاية المطاف تتحكّم فيها تلك الطبقة الحاكمة .
( مثلا ، من قرّر أنّ جو بايدن سيكون المرشّح الجدّي الوحيد في الانتخابات الأوّليّة للحزب الديمقراطي هذه السنة – و تاليا من قرّر أنّ على بايدن أن يتنحّى جانبا من السباق ، و أن يقع تعويضه بكمالا هاريس ؟ )
هناك أزمان – و ما نعيشه الآن زمن من هذه الأزمان – تكون فيها الطبقة الحاكمة الرأسماليّة منقسمة بعمق و النزاع بين مختلف فئات الطبقة الحاكمة للسيطرة على الحكم مرير منتهى المرارة و " يخرج عن حدود " تنافسها " العادي ّ " . لكن هذا النزاع المرير حول ما هي النظرة و ما هو البرنامج ، من هي الفئة من الطبقة الحاكمة ، ستخدم على أفضل وجه تواصل حكم النظام الرأسمالي ،وهو قائم على الإستغلال الخبيث و الإضطهاد القاتل .
من الواضح حال أنّ أيّ شخص ، في ظلّ هذا النظام ، يحاول أن يكون " مرشّحا جدّيا " للمسؤوليّة – لا سيما " المسؤوليّات العليا " ، مثل الرئاسة – يجب عليه أن يحظى بدعم الرأسماليّين ذوى الكثير من المال و التأثير . و إلى جانب هذا ، أي مرشّح كهذا يجب أن يُحكم عليه على أنّه " شرعيّ " من قبل وسائل الإعلام السائدة – التي هي نفسها مؤسّسات رأسماليّة رأسمالها بمليارات الدولارات ، و هي أساسا أدوات دعاية للطبقة الحاكمة ( أو أقسام من الطبقة الحاكمة ) . كلّ من لا يعتبر " شرعيّا " ستُغلق دونه وسائل الإعلام هذه – لن يحظى بتغطية بإستثناء ربّما في شكل هجمات عليهم . و مرّة أخرى ، هناك الواقع الأساسي أن الوسائل " الشرعيّة " : خدمة مصالح النظام الرأسمالي الحاكم .
و يوصلنا هذا إلى النقطة الأكثر جوهريّة : في ظلّ هذا النظام ، أي سياسي و أي برنامج للسياسيّين ، يجب أن يكون في تناغم مع المصالح الأساسيّة و السير الأساسيّ للنظام الرأسمالي – أو ستنجم فوضى و يتوقّف المجتمع عن السير . و إليكم مثال إستخدمته سابقا يمسّ قلب لبّ المسألة : فكّروا في ما سيحصل لو أنّ ، في ظلّ هذا النظام الرأسمالي ، سياسيّين قد أصدروا قانونا يقول إنّه بوسع الناس أن يأخذوا ما يحتاجون إليه لضروراتهم الأساسيّة ، دون ضرورة دفع مقابل لذلك ! كامل النظام بداهة سينهار . ( هذا تعبير عن الواقع الجوهريّ أنّه مع أيّة هيكلة أو أيّ نظام ، الأساس تحدّد الإطار ، و الحدود لما ستكون عليه البنية الفوقيّة – ما تحدّثت عنه في رسالتى السابقة ، عدد 82 ).
في إطار نظام شيوعي فقط يمكن أن تتوفّر الأشياء للناس -الحاجيات الماديّة الأساسيّة و كذلك الحاجيات التربويّة و الثقافيّة إلخ – دون ضرورة دفع مقابل لها . ( كيف و لماذا الأمر كذلك شيء تحدّثت عنه ، بمعنى أساسي ، في مكان آخر – بما في ذلك المقلات على موقع أنترنت revcom.us ، حول الإستغلال ، و وضع نهاية للإستغلال و الإضطهاد ، الذى أشرت له في رسالتى السابقة ).
توفير حياة كريمة للجماهير الشعبيّة ككلّ – متحرّرة من الإنشغال بما إذا ستكون لديها حتّى الضرورات الأساسيّة للحياة – هذا ليس هدفا و لا هو إمكانيّة ، في ظلّ النظام الرأسمالي . و مرّة أخرى ، يُعزى هذا إلى الطبيعة الأساسيّة و سير النظام الاقتصادي الرأسمالي ، بسياسة و إيديولوجيا تنسجم مع هذا النظام و تعزّزه .
خلاصة القول ، النظام في هذه البلاد هو رأسماليّة . إنّه نظام يقوم على الإستغلال و الإضطهاد و " الديمقراطيّة " في ظلّ هذا النظام هو تعبير عن و يخدم تعزيز حكم مستغِلّى الطبقة الرأسماليّة . إنّها ديمقراطيّة تخدم ك " غطاء " و في الوقت نفسه وسيلة لتعزيز الدكتاتوريّة الفعليّة للطبقة الرأسماليّة : إحتكارها للسلطة السياسيّة و خاصة إحتكارها للعنف " الشرعيّ" الذى تمارسه هذه الطبقة الرأسماليّة من خلال ممثّليها و مؤسّساتها السياسيّة للعنف المنظّم ( القوّات المسلّحة و الشرطة إلخ).
و مثلما دلّل التاريخ ( مثلا ، مع الحكم الفاشيّ في ألمانيا و بعض البلدان الأخرى قبل الحرب العالميّة الثانية و أثناءها ) ، خاصة في أوضاع أزمة قصوى و حادة ، يمكن لهذا النظام حتّى أن يتخلّص من " الديمقراطيّة " الرأسماليّة و تعويضه بحكم دكتاتوريّ غير مقنّع للطبقة الرأسماليّة . ( و هذا أساسا ما يمثّله ترامب و الحزب الجمهوريّ اليوم ). لكن ، مهما كانت هذه الفاشيّة متطرّفة فهي شكل متطرّف و غير مقنّع للدكتاتوريّة التي تمارسها عمليّا الطبقة الرأسماليّة طوال الوقت في ظلّ هذا النظام .
و في رسالتى القادمة ، سأتعمّق أكثر في طبيعة النظام الرأسمالي ، و لماذا لا يمكن " إصلاحه " بل يجب الإطاحة به و تعويضه بنظام أفضل بكثير .