لنطلق غضب النساء كقوّة جبّارة من أجل الثورة : الذكرى الثانية ل- تمرّد جينا - التاريخي في إيران


شادي الشماوي
الحوار المتمدن - العدد: 8104 - 2024 / 9 / 18 - 21:50
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

جريدة " الثورة " عدد 871 ، عدد 16 سبتمبر 2024
https://revcom.us

قبل سنتين هذا الأسبوع ، إنفجر الشعب الإيراني في تمرّد قويّ دام لأكثر مكن أربعة أشهر . و كان متمحورا حول مسألة إضطهاد النساء على نحو لم يشاهد قبل أبدا . و قد تردّد صدى هذا النداء العالي الصوت حول العالم و صار معروفا ب تمرّد " المرأة ، الحياة ، الحرّية " .
إندلع التمرّد غير المسبوق مع قتل مها جينا أميني في السجن ، وهي امرأة كرديّة عمرها 22 سنة أوقفتها " شرطة الأخلاق " الإيرانيّة المقيتة . و كان أمرا قد حدث قبلا – و صراحة مذّاك – في عديد المناسبات في عديد الأماكن . و مع ذلك ، يبدو كما لو أنّه من لا مكان ، كان قتلها كالقطرة التي أفاضت الكأس فأشعل نارا . فالنساء بالآلاف ، ثمّ بالملايين – نزلن إلى الشوارع و بتحدّى كنّ يمزّقن و حتّى يحرقن حجابهنّ الإجبارى حسب النظام في مواجهة العصيّ و الرصاص و السجن . و طالبت النساء بوضع نهاية للقوانين المستندة إلى الدين التي تتحكّم في كلّ أوجه حياتهنّ ، بما في ذلك ما الذى يجب عليهنّ لباسه . و لم يشهد أيّ بلد في التاريخ المعاصر مثل هذا التمرّد الذى فضح و تحدّى الجرح الخام لإضطهاد النساء على هذا النحو المستمرّ و الجماهيريّ .
و إلتحق مئات الآلاف من الرجال بالشوارع ليكونوا إلى جانب النساء . و مئات الآلاف من الناس من الأقلّيات القوميّة المضطهَدَة ( أكراد ، بالوشيّن ، عرب إلخ ) خرجوا كذلك ليطالبوا بوضع نهاية لإضطهادهم . و نهض ملايين من كلّ الخلفيّات مطلب الحرّية الذى إستُلهِم من الغضب الشديد للنساء المقاتلات ضد إضطهادهنّ الوحشيّ . و هذا السيل من السخط و الفرح زعزع أسس النظام الأصولي الإسلامي . شرعيّة حقّ النظام في الحكم وُضعت موضع السؤال و صرخة وضع نهاية له بزغت من عديد أنحاء ذلك المجتمع بما في ذلك من عديد الفنّانين و المثقّفين .
قمع خبيث و جرأة ثابتة :
في نهاية المطاف تمكّن النظام من إجبار هذا السيل إلى خارج الشوارع ، و شهد النضال إنحسارا . في الأشهر و السنوات مذّاك ، إستطاع النظام أن يسجن و يقتل عدد من الذين تحدّوا بجسارة حكمه . بيد أنّ حكّام إيران لم ينجحوا في وأد آمال و رغبات الذين وقفوا ليواجهوه ! يتحدّى عدد كبير من النساء في إيران إجباريّة إرتداء الحجاب بمن فيهنّ نساء جريئات سجينات في سجن أفين ، و هنّ يتعرّضن لأخطار كبرى بالقيام بذلك .
و اليوم إزاء الإعدامات و التعذيب و تشويه وسائل الإعلام الرسميّة المنتشرين ، تستمرّ المقاومة ، و العمليّات الأبرز منها تنظّمها سجينات ضد الإعدامات . و تستمرّ مقاومة النظام بطرق مختلفة مع مثابرة الناس على تحدّى تضييق الخناق على النساء و الفتيات و الهدف هو إعادة تأكيد سيادة الرعب الذى يسلّطه النظام عليهنّ . نضال النساء و الجماهير الشعبيّة العريضة في إيران هو نضالنا . و دمهم هو دمنا و صرختهم من أجل حرّية حقيقيّة و دائمة يتوجّب دعمها و الوقوف إلى جانبها ، و القتال للتقدّم بذات هذا النضال عبر العالم قاطبة . إنهاء إضطهاد النساء جزء لا يتجزّأ من القيام بثورة فعليّة و إنشاء عالم حيث يتمّ تحرير الإنسانيّة تحريرا نهائيّا .
الولايات المتّحدة ليست " صديقة " للشعب الإيراني :
و في الوقت نفسه ، من المهمّ جدّا أن نكون متيقّظين لتهديدات و مكائد إمبرياليّى الولايات المتّحدة ضد إيران . منذ الإطاحة لعميلها الوحشيّ شاه إيران سنة 1979 ، كانت الولايات المتّحدة تنظر إلى إيران كعظم في الحنجرة أمام هيمنتها على تلك المنطقة ( و التصدّى للصين و تأثير روسيا الإمبرياليّة ) . الكثير من الوجوه الرسميّة في الولايات المتّحدة تظاهرت بدعم التمرّد و كذلك سكبت دموع التماسيح بشأن القمع الوحشيّ للنظام الإسلامي بما في ذلك مشاريع قوانين كلام فارغ في الكنغرس . و إضافة إلى الضغوط الإقتصاديّة و الدبلوماسيّة مثل العقوبات الضارة ، يمكن أن تستخدم الولايات المتّحدة وسائلا أخرى منها العمل من خلال إسرائيل و معها ، لمهاجمة إيران و إعادة تركيز هيمنة الولايات المتّحدة . و يجب أن لا يُسمح لهؤلاء الإمبرياليّين أن يخرّبوا الطموحات الثوريّة لشعب إيران خدمة لغاياتهم الرجعيّة الخاصة .
كيف سيكون المستقبل ؟
مضت سنتان و المسألة لا تزال تثار بأكثر حدّة في إيران – ماذا بعدُ ؟ داخل إيران و حول العالم ، هناك فهم مختلف بعمق في ما يتّصل بالمطلوب للتقدّم بالروح الشرعيّة لهذا النضال و عمليّا بلوغ تحرير دائم للمرأة و للشعب كافة . و نحثّ قرّاءنا على التوجّه إلى موقع أنترنت revcom.us من أجل عديد المقالات المفاتيح للحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينينيّ – الماوي ) التي تشير إلى السيرورة و التوجّه الثوريّين اللازمين للإجابة على " ماذا بعدُ ؟ " . لا تزال المسألة المطروحة في 13 سبتمبر في السنة الماضية مسألة حارقة :
صرخة الحرّية أطلقتها حناجر الملايين في إيران – لكن المسألة الحارقة هي ، هل هذه الحرّية للمضطهَدين لإستغلال الإضطراب الذى يمزّق النظام القديم للقيام بالثورة ، و الإطاحة بالنظام و علاقات الإضطهاد و الإستغلال و تعويضها بشيء أفضل بكثير ؟ أم سيكون المستغَلّون و المضطهَدون بشكل أو آخر أحرار ليواصلوا العيش في ظلّ النظام القديم أو يواصلوا الحياة في ظلّ ذات ظروف الإضطهاد و الإستغلال بوجوه جديدة في قمّة السلطة ؟
" ليس بوسعكم كسر جميع السلاسل مستثنين واحدة . ليس بوسعكم التحرّر من الإستغلال و الإضطهاد و أنتم تريدون الحفاظ على إستغلال الرجال للنساء . ليس بوسعكم قول إنّكم ترغبون فى تحرير الإنسانية و مع ذلك تحافظون على نصف البشر عبيدا للنصف الآخر . إنّ إضطهاد النساء مرتبط تمام الإرتباط بتقسيم المجتمع إلى سادة و عبيد ، إلى مستغِلِّين و مستغَلّين و من غير الممكن القضاء على كافة الظروف المماثلة دون التحرير التام للنساء . لهذا كلّه للنساء دور عظيم الأهمّية تنهض به ليس فى القيام بالثورة و حسب بل كذلك فى ضمان أن توجد ثورة شاملة . يمكن و يجب إطلاق العنان لغضب النساء إطلاقا تامّا كقوّة جبّارة من أجل الثورة البروليتارية . "
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 84 ، 8 أفريل 2007
( " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ؛ 3:22 [ و الكتاب برمّته متوفّر بالعربيّة بمكتبة الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي ] )