بوب أفاكيان – الثورة عدد 77 : لا يمكن لقتلة أعداد كبيرة من البشر أن يكونوا - محرّرين - متنوّرين


شادي الشماوي
الحوار المتمدن - العدد: 8086 - 2024 / 8 / 31 - 10:24
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

جريدة " الثورة " عدد 868 ، 26 أوت 2024
https://revcom.us/

واقع أنّ كمالا هاريس ، إلى جانب جو بادين و الديمقراطيّين ككلّ – و أيضا الجمهوريّين – يدعمون تمام الدعم و يمكّنون إسرائيل من إقتراف المذابح الإباديّة الجماعيّة ضد الشعب الفلسطيني ينمّ بشيء أساسي جدّا بشأن طبيعة هؤلاء السياسيّين- و حتّى أكثر جوهريّة ، ينمّ عن شيء هام بشأن طبيعة النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يخدمه هؤلاء السياسيّين و يعملون على فرضه .
و هذه الطبيعة لا تتغيّر حينما يتعلّق الأمر بشيء مثل الحرب في أوكرانيا .
أجل ، الغزو الروسي لأوكرانيا سنة 2022 كان و لا يزال عملا إمبرياليّا عدوانيّا . لكن حكّام هذه البلاد ليسوا أقلّ إمبرياليّة لأنّهم يقاتلون منافسهم الإمبريالي الروسي بصفة غير مباشرة ، مستخدمين أوكرانيا ك " وكيلة " لقتال روسيا . و إنّه لواقع لا يجب أبدا نسيانه أو الإستهانة به ، أنّ " النظام العالمي " الذى تقف الولايات المتّحدة على رأسه ، و الذى تبحث روسيا عن تحدّيه ، قد تركّز و تمّ الحفاظ عليه بالعنف الأكثر ترويعا ، فوق كلّ شيء من طرف الولايات المتّحدة – بداية من القصف بالقنابل النوويّة لمدينتين يابانيّتين في نهاية الحرب العالميّة الثانية ، و تواصل ذلك بقتل الملايين من المدنيّين في الفيتنام ، و كوريا قبل ذلك ، و كذلك غزوات أخرى و إنقلابات و أعمال عنيفة أخرى . و منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية، في تركيز و فرض هذا " النظام العالمي " ، تسجّل الولايات المتّحدة أعلى نسب ، و هي في ذلك تتفوّق بكثير عن غيرها ، في غزو أو التدخّل العنيفين في بلدان أخرى . و هذا أيضا لا يجب أبدا نسيانه أو الإستهانة به : يقوم كامل " هذا النظام العالمي " على الإستغلال بلا رحمة للشعوب حول العالم ، بما في ذلك أقصى درجات الإستغلال للجماهير الشعبيّة ، في ظروف شبيهة بظروف العبوديّة ، في بلدان ما يسمّى بالعالم الثالث : أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا .
و في تحديد الطبيعة الأساسيّة لأيّ حرب ، المسألة الحيويّة و المحدّدة ليست " من أطلق النار أوّلا "؟ أو " من بدأ النزاع "؟ لا ، العامل الأساسي هو : ما هي طبيعة الجانبين المتصادمين في هذه الحرب ؟
و على سبيل المثال ، في تمرّد للعبيد ، إنكار عدالة قتال العبيد ، و محاولات سادة العبيد قمع هذا التمرّد غير عادلة .هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، في قتال بين " عائلات " مافيا أو عصابات المخدّرات ، كلا الجانبين غير عادلين بالنظر إلى طبيعتهما – بغضّ النظر عن " من بدأ " القتال .
و كذلك هو الحال مع الحرب في أوكرانيا : كلا الجانبان – كلّ من روسيا و الولايات المتّحدة ، بإستخدامها أوكرانيا ك " وكيل " – إمبرياليّان . و بالتالى ، كلاهما يخوضان حربا غير عادلة .
و مثلما أشرت قبلا ، أسباب تسليح بايدن إسرائيل و دعمها هي ذات الأسباب الجوهريّة لما يفعله بإرسال مساعدات كبيرة و توفير المعلومات المخابراتيّة و التوجّه الإستراتيجي العام ، لأوكرانيا في القتال ضد روسيا . و ليس الأمر أنّ بايدن مجرم إبادي جماعي كبير هنا ، في فلسطين ، و " محرّرا " للشعب ، هناك ، في أوكرانيا .
بايدن يدعم إسرائيل دعما تاما لأنّ إسرائيل تنهض ب " دور خاص" كقلعة مدجّجة بالسلاح لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة في منطقة هامة إستراتيجيّا من العالم ( " الشرق الأوسط " ).
و لقد كانت إسرائيل قوّة مفتاح في إقتراف الفظائع التي ساعدت على الحفاظ على الحكم الإضطهادي لإمبرياليّة الولايات المتّحدة في عديد أنحاء العالم الأخرى .
و هذا – الحفاظ على و فرض الهيمنة الإضطهاديّة المجرمة لإمبرياليّة الولايات المتّحدة – هو الدافع ذاته للماذا يدفع بايدن من أجل المزيد من التصعيد في حرب الوكالة التي تخوضها الولايات المتّحدة ضد روسيا في أوكرانيا ، و كذلك مزيد الإعدادات لحرب مع الصين ، حتّى و إن كان ثمنها المخاطرة بوجود الإنسانيّة ذاته .
و لتكرار هذه النقطة الغاية في الأهميّة ( من رسالتى عدد 7 ) :
" إنّه النظام ! النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يخدمه بايدن . النظام الذى عليه أن يخدمه – النظام الذى على كلّ شخص و أيّ شخص أن يخدمه إذا أراد أن يحتلّ منصبا ، و خاصة منصبا من " المناصب العليا "، مثل الرئاسة في ظلّ هذا النظام. لهذا يفعل بايدن ما يفعله – يفعل كافة هؤلاء السياسيّين ما يفعلونه – فوق و أبعد من مصالحهم الذاتيّة الضيّقة.
إنّه النظام ! هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يجسّد و يفرض تفوّق البيض و التفوّق الذكوري البطرياركي و إضطهاد عنيف آخر – هذا النظام الذى يقوم على إستغلال قاسى يسرق حياة الجماهير الشعبيّة في هذه البلاد و تماما حياة مليارات البشر عبر العالم ، بمن فيهم 150 مليون طفل – كلّ هذا يُفرض بعنف و تدمير شديدين على الشعوب و البيئة بما يمثّل تهديدا حقيقيّا جدّا لمستقبل الإنسانيّة و وجودها . "
و كلّ هذا يؤكّد الأهمّية العميقة لموقفى :
" نحن ، شعوب العالم ، لم يعد بوسعنا أن نسمح لهؤلاء الإمبرياليّين بأن يواصلوا الهيمنة على العالم و تحديد مصير الإنسانيّة . هناك حاجة إلى الإطاحة بهم في أقرب وقت ممكن . و إنّه لواقع علميّ أنّه ليس علينا أن نعيش على هذا النحو . "