في ذكرى القائد الوطني والأممي فؤاد نصار
فهمي الكتوت
الحوار المتمدن
-
العدد: 7386 - 2022 / 9 / 29 - 20:36
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
يصادف اليوم ذكرى وفاة القائد الوطني والأممي المناضل فؤاد نصار الابن البار للشعبين الفلسطيني والأردني، الذي رحل عنا في 30 أيلول عام 1976، والذي كرس حياته دفاعا عن القضايا الوطنية، وعن العمال والفلاحين والفقراء عامة، قاتل المستعمرين الإنجليز والعصابات الصهيونية في فلسطين، وواصل نضاله ضد المستعمرين البريطانيين في العراق والأردن، بعد نكبة 1948 وتشريد الشعب الفلسطيني. وأصبح فؤاد نصار قائدا سياسيا وكاتبا لامعا ومثقفا ثوريا. كرس قلمه لكتابة مئات المقالات في الصحف العربية والعالمية، وكانت كتاباته تلعب دورا كبيرا في تعريف الرأي العام العالمي على نضالات الشعبين الشقيقين الفلسطيني والأردني.
ولد فؤاد نصار في بلودان عام 1914 وعاد برفقة أبويه وإخوته عام 1920 إلى مدينة الناصرة مسقط رأس والديه وعائلته، في عام 1929 شارك في المظاهرات الشعبية ضد الاستعمار البريطاني وضد الاستيطان الصهيوني، واحتجاجا على إعدام الوطنيين الفلسطينيين الثلاثة حجازي وجمجوم والزير، وقد القي القبض عليه وسجن لمدة أسبوع، وكانت بداية حياته النضالية.
شكل فؤاد نصار في عام 1936 مجموعة من الثوار وقاد عمليات عسكرية ضد المواقع البريطانية والصهيونية، وتعرض للاعتقال، ووقف امام المحاكم الاستعمارية بشجاعة متحديا قوات الانتداب البريطاني، وبعد خروجه من السجن عين قائدا للثورة لفلسطينية المسلحة في منطقة القدس والخليل، في اواخر عام 1938، بسبب مرض القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني.
اكتشف فؤاد نصار حقد البريطانيين على الشيوعيين مما دفعه للبحث عنهم، وتعرض بعد ذلك إلى الاعتقال عدة مرات، خرج من سجن عكا وفرضت عليه الإقامة الجبرية في الناصرة ، فر إلى الخليل والتحق بالثورة الفلسطينية من جديد، استدعته القيادة العامة للثورة الفلسطينية في أواخر عام 1938 إلى لبنان ليعود إلى فلسطين قائدا للثورة المسلحة في منطقة القدس والخليل، بعد عودة القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني إلى دمشق بسبب مرضه.
يقول عبد الكريم القاضي (رفيق دربه) قاد أبو خالد عشرات المعارك الضارية ضد قوات الاحتلال البريطاني، وكان أهمها معارك كسلا وعرطوف وام الروس ومار الياس ووادي فوكين وفيها تجلت براعته القيادية في إدارة المعارك واحراز النصر بأقل الخسائر، وذاع صيته في انحاء فلسطين ... ويقول القاضي ان معركتي كسلا وام الروس كانتا مفروضتين فرضا على أبي خالد بعكس بقية المعارك التي كان هو الذي يحدد اوقاتها واماكنها، اذ حاصره ومن معه الجيش البريطاني الذي تتبعه من قرية الطيبة حتى مشارف قرية كسلا، ومن هناك وبعد معارك ضارية حتى خربة ام الروس بالقرب من بيت نتيف.. نجح أبو خالد بعد ان وزع رفاقه لمجموعات من فك الحصار بعد ان فتح جبهة بمئة مقاتل في الساعة الواحدة والنصف ظهرا مباغتا القوات البريطانية مستخدما أسلوب التمويه الخادع لتضليل القوات البريطانية وجرها الى اتجاهات اخرى. تجلت من خلالها شجاعته الفائقة وحنكته العسكرية واخلاصه للقضية الوطنية، اصيب بجروح بليغة في يده اليمنى وفي كتفه.
أصيب بجروح بليغة في يده اليمنى وكتفه في تشرين أول 1939 وفي منتصف كانون أول 1939 انسحب بناء على توجيهات القيادة العامة للثورة، مع مجموعة من رجاله إلى بغداد، عن طريق الأردن التي وصلها مشيا على الأقدام، حيث وفرت له العائلات الأردنية المكان الآمن، ووصل بغداد عام 1940 ودخل الكلية العسكرية في بغداد وتخرج منها بعد 9 أشهر، وفي آذار عام 1941 قامت ثورة الضباط الوطنيين في بغداد ( حركة رشيد عالي الكيلاني ) ضد الإنجليز، واشترك فيها، وانسحب بعد فشل الحركة مع رفاقه الثوار إلى إيران في حزيران عام 1941، لم تسمح لهم إيران في البقاء على أراضيها، فقد استقر به الأمر في شمال العراق، وتعرض خلال وجوده في العراق للمطاردة والاعتقال من قبل السلطات البريطانية، تعرف على قادة الحركة الوطنية العراقية وقادة الحزب الشيوعي العراقي وفي مقدمتهم الأمين للحزب يوسف سلمان (فهد)
عاد فؤاد نصار في بداية عام 1943 إلى فلسطين، وفرضت عليه السلطات البريطانية الإقامة الجبرية في مدينة الناصرة. أعاد اتصاله بالعمال والنقابيين الذين كان قد تعرف عليهم في الثلاثينات، وانضم للحركة النقابية الفلسطينية.
في خريف عام 1943 تم تكوين عصبة التحرير الوطني في فلسطين وانتخب ابو خالد عضوا في اللجنة المركزية بينما كان غائبا وفي عام 1944 انعقد المؤتمر الأول للعصبة واقر برنامجها وانتخب أبو خالد أحد أربعة أمناء للجنة المركزية للعصبة. وفي عام 1945 تم تأسيس مؤتمر العمال العرب في فلسطين وانتخب فؤاد نصار أمينا عاما للمؤتمر ومسؤلا عن تحرير جريدة الإتحاد التي أصبحت لسان حال مؤتمر العمال العرب.
تمتع فؤاد نصار بالحكمة ونفاذ البصيرة واستشراف المستقبل، تنبأ بمصير "لإسرائيل" حين اورد في كراسته " حول القضية الفلسطينية والحركة الصهيونية" الصادرة في اذار عام 1971، "ان زوال "إسرائيل" يتوقف بشكل رئيسي على ما إذا كان حكامها سيواصلون سياستهم العدوانية التوسعية ضد الشعوب العربية" وبهذا الصدد أورد ما قاله الكاتب الألماني برتولد بريشت: " لقد شنت قرطاجنة العظمى ثلاثة حروب، بعد الأولى ظلت قوية، وبعد الثانية بقيت مأهولة، وبعد الثالثة لم تعد موجودة". وفي هذه الأيام تكررت تحذيرات "الإسرائيليين" من زوال "إسرائيل.
اعتبر فؤاد نصار أن النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين والقوات البريطانية في الأردن هدف مشترك للشعبين الشقيقين ولذلك واصل نضاله السياسي في الأردن من اجل استكمال الاستقلال السياسي، وإلغاء المعاهدة البريطانية، وإخراج القوات البريطانية من البلاد، يقول فؤاد نصار أن التماثل بين مصالح الإمبريالية البريطانية والحركة الصهيونية في العالم العربي وعدائهم المشترك لحركة التحرر الوطني العربية كانا من بين العوامل الأساسية التي جعلت بريطانيا تصدر وعد بلفور. و بناء على المستجدات أعلن في عام 1951عن قيام الحزب الشيوعي الأردني وانتخب فؤاد نصار امينا عاما للحزب، وفي نهاية 1951 القي القبض عليه وحكم لمدة عشر سنوات وخفض الحكم لست سنوات ، وبقي في سجن الجفر الصحراوي طيلة هذه المدة، وفي تموز عام 1956 رفضت السلطات اطلاق سراحه، الى ان جاءت الحكومة الوطنية برئاسة سليمان النابلسي، وقررت إطلاق سراحه.
وفي نيسان عام 1957 غادر فؤاد نصار البلاد إلى دمشق بسبب الظروف التي نشأت بعد الانقلاب على الحكومة الوطنية، وتنقل بين دمشق وبغداد إلى أن استقر به المقام في أوائل عام 1960 في ألمانيا الديمقراطية وعاد للبلاد بعد حرب حزيران 1967 قائدا للحزب، وكان على رأس كونفرنس الحزب في نيسان عام 1970 الذي صادق على تشكيل قوات الأنصار للمساهمة في الكفاح المسلح ضد الإحتلال الإسرائيلي.
وفي اطار تقييمه للأحداث المؤسفة التي جرت في ايلول عام 1970 قال ابو خالد" ما جرى في البلاد ليس قدرا، لقد تأخرنا في تشكيل قوات الانصار، لوامتشقنا السلاح مبكرا لتمكنا من القيام بدور رئيس في قيادة حركة المقاومة، وتجنب الاخطاء التي استغلت لتصفية المقاومة."
وفي عام 1972 اختير عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني، وواصل عمله على رأس الحزب في النضال من اجل تحقيق الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، ومن اجل حق الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة وتقرير المصير.